مقاطع فيديو تظهر الضربات الأميركية على أهداف في سوريا والعراق

أظهرت مقاطع فيديو ما يبدو أنه آثار الضربات الأميركية على أهداف في مدينة القائم بالعراق، بما في ذلك المواقع التي يسيطر عليها «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني». ونشرت وسائل إعلام أميركية مقاطع من الغارة الجوية الأميركية التي استهدفت مستودعاً للصواريخ في منطقة القائم الواقعة عند الحدود العراقية مع سوريا.

ونشر الحساب الرسمي للقيادة المركزية الأميركية عبر «إكس» لقطات من الضربة الأميركية الجوية على أهداف في العراق وسوريا. ونقل الحساب عن قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريلا قوله إن «(فيلق القدس) التابع لـ(الحرس الثوري الإيراني) والفصائل المرتبطة به يمثلان تهديداً مباشراً لاستقرار العراق والمنطقة وسلامة الأميركيين. سنواصل التحرك والقيام بكل ما يلزم لمحاسبة من يهددون سلامة مواطنينا».

وأظهرت لقطات أخرى مقاطع منتشرة عبر موقع «إكس»، تظهر ضرب مستودعات إضافية على طول الحدود السورية والعراقية.

وشنت الولايات المتحدة ضربات على 85 هدفاً على منشآت في العراق وسوريا ليل الجمعة/ السبت، رداً على غارة بطائرة دون طيار في الأردن أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة العشرات الآخرين.

ومن جهته، قال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن: «هذه بداية ردنا. لقد أصدر الرئيس إجراءات إضافية لمحاسبة (الحرس الثوري الإيراني) والميليشيات التابعة له على هجماتهم على القوات الأميركية وقوات التحالف. سوف يتكشف ذلك في الأوقات والأماكن التي نختارها». وأضاف أوستن أن القوات العسكرية الأميركية نفذت ضربات على 7 منشآت داخل العراق وسوريا، يستخدمها «الحرس الثوري الإيراني» والميليشيات التابعة له لمهاجمة القوات الأميركية، حسب شبكة «أيه بي سي نيوز» الأميركية اليوم (السبت). وشدد أوستن على أن الولايات المتحدة لا تسعى للصراع في الشرق الأوسط، لكن الهجمات على أميركا لن تمر دون رد. واختتم قائلاً: «سوف نتخذ جميع الإجراءات الضرورية للدفاع عن الولايات المتحدة وقواتنا ومصالحنا»، حسبما أفادت «وكالة الأنباء الألمانية».

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم (السبت)، مقتل 18 عنصراً وتدمير 26 هدفاً في الضربات الأميركية.

المرصد: مقتل 18 عنصراً وتدمير 26 هدفاً في الضربات الأميركية

قالت وزارة الدفاع السورية إن الهجمات التي شنتها القوات الأميركية فجر اليوم (السبت)، على مواقع وبلدات في شرق البلاد قرب الحدود العراقية أسفرت عن مقتل عدد من المدنيين والعسكريين وإصابة آخرين بجروح، فيما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 18 عنصرا وتدمير 26 هدفا في الضربات الأميركية.

وقال المرصد، ومقره لندن في بيان نشره في الساعات الأولى من اليوم (السبت): «نفذت الطائرات الأميركية جولات من الاستهدافات الجوية على مواقع بطول نحو 130 كيلومترا من مدينة دير الزور وصولا للحدود السورية - العراقية مرورا بالميادين».

وقال المرصد: «استهدفت خلال تلك الجولات 26 موقعا هاما للميليشيات الإيرانية، ففي مدينة الميادين قصفت مواقع في كل من حي التمو وقاعدة عين علي بالقرب من قلعة الرحبة وحي الشبلي والحيدرية وصوامع الحبوب».

وأشار إلى أنه «في البوكمال قرب الحدود السورية - العراقية استهدفت عدة مواقع في الهجانة والهري، وفي مدينة دير الزور استهدفت مواقع للميليشيات الإيرانية بالقرب من كلية التربية سابقا، ومحيط المطبخ الإيراني،

وقرب الرادارات وطب هرابش وحويجة صكر ومستودعات عياش». وحسب المرصد، «أسفرت الضربات عن مقتل 18 عنصرا من الميليشيات في حصيلة غير نهائية لتلك الضربات».

ومن جهتها، أعلنت وزارة الدفاع السورية في بيان عسكري أن الهجمات ألحقت أيضا أضرارا كبيرة بالممتلكات العامة والخاصة. وذكرت الوزارة في بيان أن المنطقة التي استهدفتها الهجمات الأميركية هي منطقة يحارب فيها جيشها بقايا تنظيم «داعش»،

واعتبرت هذا دليلا على أن «الولايات المتحدة وقواتها العسكرية متورطة ومتحالفة مع هذا التنظيم، وتعمل لإعادة إحيائه ذراعا ميدانيا لها».

وأضافت أن سيطرة القوات الأميركية على أجزاء من الأراضي السورية «احتلال لا يمكن أن يستمر»، حسبما نشرت «وكالة أنباء العالم العربي». وكان الجيش الأميركي شن غارات الليلة الماضية على أكثر من 85 هدفا في دير الزور والميادين والبوكمال بسوريا والعراق، ردا على الهجوم المميت الذي شنته ميليشيات موالية لإيران وأسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن.

بايدن: أمرتُ القوات الأميركية بضرب منشآت في سوريا والعراق

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، مساء الجمعة، أنه أمر الجيش الأميركي بمهاجمة أهداف في سوريا والعراق، رداً على مقتل ثلاثة جنود أميركيين الأحد الماضي في قاعدة أميركية بالأردن.

وقال بعد مشاركته في استقبال جثامين الجنود في قاعدة دوفر الجوية بولاية ديلاوير: «هذا المساء وبناء على توجيهاتي نفذت القوات الأميركية ضربات على منشآت في العراق وسوريا يستخدمها الحرس الثوري الإيراني والفصائل المتحالفة معه في مهاجمة القوات الأميركية».

وأضاف: «ردنا بدأ اليوم وسيستمر في الأوقات والأماكن التي نحددها». وأكد في الوقت نفسه أن «أميركا لا تسعى لصراع في الشرق الأوسط أو أي مكان آخر في العالم».

قبل ذلك، أعلن الجيش الأميركي أنه نفذ ضربات جوية في العراق وسوريا استهدفت «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني وجماعات مسلحة متحالفة معه. وأوضح أن الضربات شملت أكثر من 85 هدفاً.

وأفادت القيادة الوسطى الأميركية بأن قاذفات استراتيجية بعيدة المدى أقلعت من الولايات المتحدة شاركت في القصف الذي أُطلقت فيه 125 قذيفة دقيقة التوجيه. وأضافت أن الأهداف تضمنت مقرات قيادة وسيطرة، ومراكز استخبارات، ومخازن للصواريخ والمسيرات والذخائر والإمداد اللوجيستي تتبع للمليشيات و«الحرس الثوري»، وكلها «سهّلت هجمات على قوات أميركية وقوات التحالف» الدولي.

وجاء شن الضربات فى سوريا والعراق ردا على مقتل ثلاثة جنود أميركيين في قاعدة أميركية بالأردن.وعُلم أن مراكز لـ«الحشد الشعبي» في مدينة القائم العراقية تعرضت للقصف.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 13 مسلحاً من الفصائل الموالية لإيران قتلوا وأصيب آخرون في الغارات الجوية.

وأضاف أن القوات الأميركية في قاعدة حقل كونيكو بريف دير الزور وُضعت في حال تأهب وأُطلقت صفارات الإنذار.

وتحدث التلفزيون السوري عن سقوط قتلى وجرحى في «عدوان أميركي» على عدد من المواقع في بادية سوريا وحدودها مع العراق.

وقال الجيش الأميركي، الأحد الماضي، إن ثلاثة عسكريين أميركيين لقوا حتفهم وأصيب ما لا يقل عن 40 في هجوم بطائرة مسيرة مفخخة على قوات أميركية في موقع على الحدود الأردنية السورية، وهو أول هجوم يوقع قتلى في صفوف القوات الأميركية منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة.

غارات على أهداف إيرانية في سوريا

مع استقبال الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس (الجمعة)، جثامين الجنود الذين قُتلوا في الهجوم على قاعدة «البرج 22» في الأردن، تضاربت الأنباء ليلاً عما إذا كانت الولايات المتحدة قد بدأت فعلاً غاراتها الانتقامية المنتظرة على أهداف مرتبطة بإيران في سوريا والعراق. إذ نقلت محطة «أيه بي سي نيوز» عن مسؤول أميركي إن الغارات بدأت، لكنها تراجعت لاحقاً عن الخبر وسحبته. وزاد اللغط في خصوص الغارات أن محطة «فوكس نيوز» نقلت أيضاً عن مسؤول أميركي أن الغارات بداية لحملة طويلة.

من جهته، ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن طائرات مجهولة أغارت على مواقع في الحيدرية والشبلي بدير الزور ومعبر القائم على الحدود العراقية، أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى.

وفيما تحدثت مواقع عن استهداف ميليشيات تابعة لإيران، منها «فاطميون» و«زينبيون»، أشارت تقارير إلى أن أسلحة بعيدة المدى استخدمتها قاذفات استراتيجية من طراز «بي1» لاستهداف قواعد للحرس الثوري الإيراني في سوريا، فيما أشارت تقارير أخرى عن استخدام مقاتلات من طراز «إف 15 إيغل». لكن لم يصدر تأكيد أميركي فوري لهذه الأنباء.

وجاء ذلك فيما جرت مراسم استقبال الجثامين في قاعدة «دوفر» الجوية في ولاية ديلاوير، قبل أن يجتمع بايدن بعائلات الجنود الثلاثة، رفقة وزير الدفاع لويد أوستن.

إلى ذلك، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات جديدة على شبكة عابرة للحدود تدعم برامج الصواريخ البالستية والمسيّرات الإيرانية، شملت أربع شركات مقرها إيران وهونغ كونغ.

وأدرجت الوزارة 6 مسؤولين في القيادة الإلكترونية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني على قائمة العقوبات.وفي العراق، أعلنت حركة «النجباء» أنها «لن تعلق الهجمات ضد الأميركيين، وسترد على أي هجوم منهم»، وفقاً لبيان.

وكشفت مصادر موثوقة لـ«الشرق الأوسط»، أن مسؤولين عراقيين أجروا اتصالات مكثفة مع الجانب الأميركي لمحاولة «قياس تأثير الرد الأميركي». وقالت إن «هناك ثلاثة أهداف محتملة للضربة الأميركية كما يقدرها المسؤولون العراقيون، وهي منشآت تضم معدات ولوجستيات أساسية» تابعة للفصائل، و«معسكرات لم تُستهدف سابقاً وتضم عدداً كبيراً من المسلحين وقادة ميدانيين، إلى جانب تصفية الهيكل القيادي للفصائل المسلحة الموالية لإيران».

بدوره، يرى خبير الأمن والدفاع العراقي، سرمد البياتي، أن «الضربات لن تفلح على الأغلب»، مضيفاً أن الفصائل «أخلت مواقعها ونشرت مسلحيها في مواقع جديدة من الصعب رصدها الآن».

إيران: لن نبدأ الحرب في الخليج لكننا سندافع عن أنفسنا

قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اليوم (الخميس) إن بلاده لن تبدأ حرباً في الخليج لكنها بالتأكيد ستدافع عن نفسها في حال حدوث ذلك.
وقال ظريف في كلمة بالمعهد النرويجي للشؤون الدولية: «هل ستنشب حرب في الخليج؟ بمقدوري أن أقول لكم إننا لن نبدأ الحرب... لكننا سندافع عن أنفسنا»، حسب ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.
وتأتي تصريحات ظريف تأتي بعد يوم واحد من تلويح إيراني بإغلاق مضيق هرمز إذا تم تصفير صادرات طهران النفطية.
ولوّح الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس (الأربعاء) بإغلاق مضيق هرمز، مؤكداً أن الممرات الدولية لن تنعم بنفس القدر من الأمان إذا تم تصفير صادرات بلاده النفطية.
وقال روحاني خلال اجتماع مع المرشد الإيراني علي خامنئي: «تعلم القوى العالمية أنه في حالة توقف النفط تماماً وانخفاض صادرات إيران النفطية إلى الصفر فلن تكون الممرات المائية الدولية بنفس القدر من الأمان الذي كانت عليه من قبل»، بحسب الموقع الرسمي لخامنئي. وأضاف: «لذلك فإن الضغط من جانب واحد على إيران لن يكون في صالح هذه القوى، ولن يضمن أمنها في المنطقة والعالم».
وعشية توجهه إلى فرنسا، أشار ظريف من أوسلو إلى أن ثمة «نقاط اتفاق» مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضمن مساعي إنقاذ الاتفاق النووي. وقال: «اتصل الرئيس ماكرون بالرئيس روحاني وعرض عدة مقترحات، والرئيس روحاني كلّفني الذهاب ولقاء الرئيس ماكرون لمعرفة إذا ما كان بإمكاننا وضع صيغة نهائية لبعض المقترحات بما يسمح لكل طرف الوفاء بالتزاماته في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة». وأضاف: «إنّها فرصة لمناقشة مقترح الرئيس ماكرون وعرض وجهة نظر الرئيس روحاني، ولنرى إذا كان بالإمكان الوصول إلى أرضية مشتركة. لدينا بالفعل نقاط اتفاق».

كيف سترد واشنطن على مقتل جنود أميركيين بهجوم في الأردن؟

يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن لحظة محورية في وقت لاحق من مساء اليوم، وهو يدرس خيارات الانتقام لمقتل جنود في هجوم بطائرة مسيرة على الحدود الأردنية-السورية.

وسيقرر بايدن طبيعة الرد من بين الخيارات التي وضعها مستشاريه العسكريين وهي تتتراوح بين الرمزية والعقابية القاسية، في واحدة من أهم القرارات التي يتخذها خلال رئاسته حسبما أوردت «سكاي نيوز».

ويأمل بايدن أن يؤدي اختياره في الساعات المقبلة إلى ردع أي تصعيد، لكن العواقب ليس مؤكدة، في ظل مخاوف من أن تؤدي إلى حرب أوسع.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أمس هوية الجنود الثلاثة الذين قتلوا في الهجوم، فيما تعهّد بايدن، الردّ «بالطريقة الملائمة»، متهماً فصائل مدعومة من إيران بالوقوف وراء الهجوم.

والتقى بايدن أمس (الاثنين)، أعضاء فريق الأمن القومي، وبينهم وزير الدفاع لويد أوستن، ومستشار الأمن القومي جيك ساليفان، وبريت ماكغورغ مستشاره لشؤون الشرق الأوسط، لمناقشة الوضع.

وقال بايدن: «بينما ما زلنا نجمع وقائع هذا الهجوم، نعلم أنّ جماعات مسلّحة متطرّفة مدعومة من إيران تنشط في سوريا والعراق هي من نفّذته». وتابع: «سنواصل التزامنا محاربة الإرهاب. لا يُساوِرَنّكُم شكّ في أنّنا سنحاسب جميع المسؤولين في الوقت المناسب والطريقة التي نختارها»، حسبما نقلت وكالة «الصحافة الفرنسية».

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي في مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، إن الرئيس بايدن «سيرد» على الهجوم «بالطريقة الملائمة»، مضيفاً: «لكننا لا نسعى إلى حرب مع إيران. لا نريد نزاعاً أوسع في الشرق الأوسط». وأكد كيربي أمس (الاثنين)، مجدداً للصحافيين، أن واشنطن «لا تسعى إلى حرب مع إيران».

وفسر كيربي في تصريحات مماثلة لشبكة «سي بي إس»: «نحن لسنا مهتمين بصراع أوسع في المنطقة، نحن لا نبحث عن حرب أخرى، لكننا بالتأكيد سنفعل ما يتعين علينا القيام به لحماية أنفسنا».



وأكّد ناطق باسم البيت الأبيض الاثنين، أن الولايات المتحدة تعمل على الردّ «بالطريقة الملائمة» على الهجوم.

من هم الجنود القتلى؟

وقالت واشنطن إن الهجوم تسبّب بمقتل 3 جنود وجرح أكثر من 40 آخرين. وقد طال الهجوم «برج 22» في شمال شرقي الأردن، وهو قاعدة لوجيستية تقع قبالة منطقة الركبان السورية.

وقالت سابرينا سينغ، المتحدثة باسم «البنتاغون»، إن هذه الحصيلة تضاف إلى 80 شخصاً أصيبوا في أعمال عنف سابقة. وذكرت سينغ أن الهجوم يحمل «بصمة كتائب حزب الله»، وهي جماعة عراقية مدعومة من إيران، اتهمها «البنتاغون» بالوقوف وراء أعمال عنف سابقة.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن القتلى هم الرقيب ويليام ريفرز (46 عاماً)، من كارولتون في ولاية جورجيا، والمتخصصة كينيدي ساندرز (24 عاماً)، من وايكروس في ولاية جورجيا، والأخصائي بريونا موفيت (23 عاماً)، من سافانا في ولاية جورجيا، وفقاً لشبكة «سي إن إن».

الجندية الأميركية كينيدي ساندرز (24 عاما) التي قتلت في هجوم المسيرة في الأردن (رويترز)

وأفادت وزارة الدفاع بأنه تم تعيينهم جميعاً في سرية «المهندسين 718»، وهي وحدة احتياطية تابعة للجيش الأميركي مقرها فورت مور في ولاية جورجيا، حسب سينغ في مؤتمر صحافي.

وأعلنت «المقاومة الإسلامية في العراق» المؤلفة من فصائل مدعومة من إيران، أنها نفّذت هجمات «بطائرات مسيرة» فجر الأحد، استهدفت 3 قواعد في الأراضي السورية، بينها قاعدتا التنف والركبان القريبتان من الحدود مع الأردن، وذكرت أن الهجوم في إطار «مقاومة الاحتلال الأميركي بالعراق والمنطقة»، و«الرد على مجازر» إسرائيل في قطاع غزة.

كيف وقع الهجوم؟

نقلت وسائل إعلام أميركية عن مصادر رسمية، أن القوات ربما فشلت في إحباط الهجوم؛ لعدم قدرتها على تحديد ما إذا كانت الطائرة بلا طيار معادية، أم أنها طائرة أميركية «صديقة» عائدة إلى قاعدتها. ولم يؤكد البنتاغون هذا الأمر، قائلاً إن التحقيق لا يزال مستمراً، وفقاً لوسائل إعلام أميركية.

وقال أحد المسؤولين لشبكة «سي إن إن»، إن طائرة مسيرة تبعت الطائرة المسيرة الأميركية أثناء اقترابها، لكن ليس من الواضح ما إذا كانت طائرة العدو قد اتبعت الطائرة الأميركية عمداً، أم أنها كانت مصادفة.

وقال مسؤولون إن الطائرة المسيرة المعادية حلقت أيضاً على ارتفاع منخفض، مما قد يسمح لها بتجنب الدفاعات الجوية للقاعدة. كما لا يزال المسؤولون الأميركيون يقيمون الوضع.

صورة بالأقمار الصناعية لـ«برج 22» والذي يحوي قرابة 350 عسكريا من الولايات المتحدة (أ.ف.ب)

ويضم «تاور 22» (برج 22) نحو 350 عسكريّاً من سلاحَي البرّ والجوّ الأميركيَّيْن، ينفّذون مهمّات دعم لقوّات التحالف ضدّ تنظيم «داعش».

وذكرت شبكة «سي بي إس» أن الضربة هي الأكثر دموية على أفراد الخدمة الأميركية منذ مقتل 13 أميركياً بتفجير انتحاري في كابل عام 2021، مع انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان. فيما عدت وكالة «الصحافة الفرنسية» أن هذه هي المرة الأولى التي يقتل فيها جنود أميركيون بالمنطقة منذ بدء الحرب في قطاع غزة قبل نحو 4 أشهر.

خيارات واشنطن للرد

ونقل موقع «بوليتيكو» الإخباري عن مسؤولين أميركيين لم يسمهم، اليوم (الثلاثاء)، القول إن الرئيس بايدن أمر مستشاريه بتقديم خيارات للرد على هجوم استهدف عسكريين أميركيين في قاعدة على الحدود بين سوريا والعراق، أودى بحياة 3 من عناصر الجيش الأميركي.

وذكر الموقع أن من بين الخيارات المطروحة أمام «البنتاغون»، استهداف أفراد إيرانيين في سوريا أو العراق، أو أصول بحرية إيرانية في الخليج. وتوقعت «بوليتيكو» أن الرد الأميركي على قصف قاعدة التنف سيبدأ على الأرجح خلال يومين من موافقة بايدن، وسيكون على شكل موجات من الهجمات ضد مجموعة من الأهداف.

ومن المرجح أن يكون رد الولايات المتحدة أقوى من الضربات الانتقامية الأميركية السابقة في العراق وسوريا، حسبما قال مسؤولون لشبكة «سي إن إن». وأفادت الشبكة بأن الرئيس بايدن يتعرض لضغوط مزدادة للرد بطريقة توقف هذه الهجمات إلى الأبد.

ونقلت الشبكة الأميركية أن كثيراً من المشرعين الجمهوريين دعوا الولايات المتحدة إلى ضرب داخل إيران مباشرة لإرسال رسالة واضحة.

ويقول السيناتور الجمهوري روجر ويكر إنه «يجب أن نرد على هذه الهجمات المتكررة من قبل إيران ووكلائها من خلال ضرب أهداف إيرانية وقيادتها مباشرة»، حسبما نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال».

وعدّت الصحيفة أن الضربات المباشرة على إيران تخاطر بإشعال حرب إقليمية شاملة، وتوقعت وقوع مزيد من التدابير الاقتصادية كعقوبة محتملة على إيران.

ونقلت «وول ستريت جورنال» عن مسؤول إيراني لم تسمه، أنه لا يتوقع أي ضربات في إيران. وقال: «لكن ستكون هناك هجمات على الميليشيات الموالية لإيران»، محذراً من أن مثل هذه الضربات «ستغذي دورة من الانتقام يمكن أن تخرج عن السيطرة».

ونفت إيران الاثنين، ضلوعها في الهجوم. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني في بيان، إنّ «إيران لا تريد أن يتوسّع الصراع في الشرق الأوسط». وأكد أن «جماعات المقاومة في المنطقة لا تتلقّى أوامر من إيران في قراراتها وتصرّفاتها»، حسبما نقلت وكالة «الصحافة الفرنسية».

وفي السياق، قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن، إن الرد الأميركي «يمكن أن يكون متعدد المستويات، ويأتي على مراحل ويستمر بمرور الوقت»، عادّاً «البيئة في الشرق الأوسط خطيرة»، كما كانت في المنطقة «منذ عام 1973 على الأقل، ويمكن القول حتى قبل ذلك».

ويمكن أن تقرر إدارة بايدن ضرب الجماعات المسلحة في العراق أو سوريا أو كلا البلدين مرة أخرى، ويمكن أن تستهدف أيضاً قيادة الميليشيات الإقليمية. ووفقاً لـ«سي إن إن» في حالة واحدة على الأقل بأوائل يناير (كانون الثاني)، استهدفت الولايات المتحدة عضواً بارزاً في حركة النجباء، وهي أحد وكلاء إيران في المنطقة التي هاجمت القوات الأميركية. وأشار المسؤولون إلى أن الهجوم السيبراني خيار آخر.

وقال مسؤولون إن الهجوم يحمل كثيراً من السمات المميزة للضربات السابقة التي شنها المسلحون المدعومون من إيران، والتي يزيد عددها على 160 غارة - والفرق الوحيد أن هذه الضربة أصابت بنجاح حاوية سكنية في القاعدة الأميركية، عندما كان أفراد الخدمة لا يزالون في أسرتهم، ولم يكن لديهم سوى قليل من الوقت للإخلاء.

ورداً على سؤال حول رد الولايات المتحدة على الهجوم المميت، قال أوليفر ساندرز، والد كينيدي ساندرز، لشبكة «سي إن إن»: «أياً كان ما سيتم تحديده لن يخفف من آلامنا على أي مستوى. لا يزال لدى كينيدي رفاق معركة لا يزالون هناك (...)، مهما حدث لن يغير وضعنا على الإطلاق».

واستُهدفت القوات الأميركيّة بأكثر من 150 هجوماً منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، في سوريا والعراق، وفق وزارة الدفاع الأميركيّة (البنتاغون).

«بوليتيكو»: بايدن أمر مستشاريه بتقديم خيارات للرد على هجوم قاعدة التنف

نقل موقع «بوليتيكو» الإخباري عن مسؤولين أميركيين لم يسمهم، اليوم الثلاثاء، القول إن الرئيس الأميركي جو بايدن أمر مستشاريه بتقديم خيارات للرد على هجوم استهدف عسكريين أميركيين في قاعدة على الحدود بين سوريا والعراق أودى بحياة ثلاثة من عناصر الجيش الأميركي.

وذكر الموقع أن من بين الخيارات المطروحة أمام البنتاغون استهداف أفراد إيرانيين في سوريا أو العراق، أو أصول بحرية إيرانية في الخليج، وفق ما نقلته وكالة أنباء العالم العربي.

وأضاف «بوليتيكو» أن الرد الأميركي على قصف قاعدة التنف سيبدأ على الأرجح خلال يومين من موافقة بايدن، وسيكون على شكل موجات من الهجمات ضد مجموعة من الأهداف.

ونقلت وكالة «إرنا» الإيرانية للأنباء عن ممثل لإيران لدى الأمم المتحدة نفيه أي علاقة لبلاده بالهجوم على القاعدة الأميركية الذي أوقع عشرات المصابين أيضاً.

ونسبت الوكالة للممثل الإيراني قوله، أمس الاثنين، إن هناك ما وصفه بصراع بين القوات الأميركية وفصائل المقاومة في المنطقة. وقال إن تلك الفصائل «ترد بهجمات انتقامية».

إدارة بايدن تحت «نيران إيران»... والجمهوريين

سلَّط الهجوم على القوات الأميركية على الحدود الأردنية - السورية الضوء على الشرخ الكبير في الولايات المتحدة بين إدارة جو بايدن والجمهوريين الذين سارعوا إلى الإعراب عن سخطهم الشديد من سقوط ضحايا أميركيين جراء الهجمات المتتالية من وكلاء إيران في المنطقة.

وبعد تأكيد القيادة الوسطى الأميركية سقوط 3 قتلى في صفوف الجيش الأميركي، وإصابة 34 آخرين إثر هجمات بالمُسيرات على قاعدة أميركية في الأردن على الحدود مع سوريا، تهافت المشرعون الجمهوريون في مجلسَي الشيوخ والنواب على انتقاد سياسة بايدن «اللينة» تجاه طهران واتهمه بعضهم بالتسبب في زيادة الهجمات من هذا النوع بسبب عدم اتخاذه قراراً صارماً للرد بحزم وبشكل مباشر على إيران، وهي خطوة يتردد في اتخاذها خوفاً من إشعال فتيل حرب أوسع نطاقاً.

ودعا رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون، الإدارة الأميركية عبر منصة «إكس»، (تويتر سابقاً)، إلى «إرسال رسالة واضحة حول العالم مفادها أن الاعتداءات على قواتنا لن يجري التساهل معها».

وأشار رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مايك مكول، في بيان شديد اللهجة، إلى أن «وكلاء إيران شنوا أكثر من 150 اعتداءً على القوات الأميركية منذ أكتوبر (تشرين الأول)».

لكن حتى هجوم الأحد على موقع ناءٍ يُعرف باسم «البرج 22» قرب الحدود الشمالية الشرقية للأردن مع سوريا، لم تكن الضربات قد تسببت في مقتل جنود أميركيين أو إصابة كثيرين. وأتاح ذلك لبايدن مساحة سياسية لتوزيع وطأة الرد الأميركي بإلحاق خسائر بقوات مدعومة من إيران دون المخاطرة بحرب مباشرة مع طهران.

وقال مكول: «إن سياسة إدارة بايدن الفاشلة في الشرق الأوسط دمَّرت سياسة الردع الأميركية ضد خصومنا في الشرق الأوسط». وقال بنبرة حازمة: «نحتاج إلى إعادة نظر جذرية في سياستنا في الشرق الأوسط لحماية مصالحنا المتعلقة بالأمن القومي واستعادة الردع».

بين الرد المباشر و«استعادة الردع»

واستعرض المشرعون الخيارات الواردة أمام الإدارة للرد على إيران، وأتى الطرح الأكثر «جرأة» على لسان السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الذي دعا البنتاغون إلى «استهداف إيران بشكل مباشر».

وقال غراهام في بيان: «يمكن لإدارة بايدن استهداف كل وكلاء إيران لكنّ هذا لن يوقف الاعتداءات الإيرانية». وتابع: «أنا أدعو إدارة بايدن إلى ضرب أهداف مهمة داخل إيران، ليس فقط للرد على قتل قواتنا بل للردع ضد أي اعتداءات مستقبلية».

ولم يتوقف غراهام عند هذا الحد بل تابع قائلاً: «إن الشيء الوحيد الذي يفهمه النظام الإيراني هي القوة. وإلى أن يدفع النظام الثمن من خلال بناه التحتية وعناصره، فسوف تستمر الاعتداءات على القوات الأميركية».

وقال السيناتور الجمهوري توم كوتون: «لقد ترك قواتنا أهدافاً سهلة... الرد الوحيد على هذه الهجمات يجب أن يكون انتقاماً عسكرياً مدمراً ضد القوات الإرهابية الإيرانية في إيران وفي أنحاء الشرق الأوسط».

كما دعا النائب الجمهوري مايك روجرز، الذي يرأس لجنة الرقابة العسكرية الأميركية في مجلس النواب، إلى اتخاذ إجراء ضد طهران.

وقال روجرز: «مر وقت طويل بالفعل، فليقم الرئيس بايدن أخيراً بمحاسبة النظام الإيراني الإرهابي وحلفائه المتطرفين على الهجمات التي نفّذوها».

وحذّر البعض من أن اعتماد هذه المواقف الحادة من شأنه أن يخلق أزمة متعددة الأطراف تجر الولايات المتحدة إلى صراع شرس في المنطقة، وهذا ما تتخوف منه الإدارة الأميركية التي توعدت على لسان رئيسها جو بايدن، ومستشار الأمن القومي فيها جون كيربي، بالرد في «المكان والزمان المناسبين».

وقال كيربي في حديث لشبكة «سي إن إن»: «الرئيس بايدن سيردّ على الهجوم بالطريقة الملائمة، لكننا لا نسعى إلى حرب مع إيران. لا نريد نزاعاً أوسع في الشرق الأوسط».

وعبَّر وزير الدفاع لويد أوستن، عن أسفه وغضبه لمقتل عسكريين أميركيين في الهجوم، مؤكداً أنه وبايدن لن يتسامحا إزاء الهجمات على القوات الأميركية وسيتخذان «كل التحركات الضرورية» للدفاع عنها.

لكن يبدو أن الجمهوريين اصطفّوا بأغلبيتهم هذه المرة حول أهمية الرد الحاسم والمباشر، فقال زعيمهم في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل: «لقد انعكس الفشل في ردع خصوم أميركا مجدداً على خسارة حياة الأميركيين. لا يمكننا تحمل تكلفة الرد على الاعتداء العنيف هذا من خلال التردد والتدابير الناقصة».

ووصف الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي يأمل في مواجهة بايدن في الانتخابات الرئاسية هذا العام، الهجوم بأنه «نتيجة لضعف جو بايدن واستسلامه».

تحفُّظ ديمقراطي

من ناحيتهم تحفَّظ الديمقراطيون على انتقاد سياسة بايدن ودعم أي رد مباشر بشكل علني فاكتفى زعيمهم في مجلس النواب حكيم جيفريز، بالقول: «يجب أن يُحمّل المسؤولية كل عنصر مسؤول (عن الاعتداءات)».

وعبّرت سياسية ديمقراطية علانيةً عن قلقها من فشل استراتيجية بايدن لاحتواء الصراع بين إسرائيل و«حماس» ضمن نطاق قطاع غزة.

وقالت النائبة الديمقراطية باربرا لي: «كما نرى الآن، الأمر يخرج عن نطاق السيطرة. وبدأ يظهر مثل حرب إقليمية ولسوء الحظ فإن هذا يجعل الولايات المتحدة وقواتنا عرضة للأذى»، وجددت الدعوات لوقف إطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس».

وعارض النائب الديمقراطي سيث مولتون، الذي خدم أربع فترات في العراق جندياً في مشاة البحرية، دعوات الجمهوريين للحرب قائلاً: «الردع صعب والحرب أسوأ».

وقال مولتون: «إلى الصقور الجبناء الذين يدعون إلى الحرب مع إيران، أفعالكم تصبّ في صالح العدو، وأودّ أن أراكم ترسلون أبناءكم وبناتكم للقتال... يجب أن يكون لدينا رد فعل استراتيجي فعّال وفقاً لشروطنا وجدولنا الزمني».

خيارات الرد

يقول الخبراء إن خيارات الرد أمام بايدن يمكن أن تتراوح ما بين استهداف قوات إيرانية في الخارج، وحتى داخل إيران، واختيار تنفيذ هجوم انتقامي أكثر حذراً ليقتصر على استهداف مسلحين مسؤولين عن الهجوم مدعومين من إيران حسب «رويترز».

وقال قائد القيادة الوسطى السابق الجنرال جوزيف فوتيل لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن أي رد يجب أن يكون خالياً من الغموض وأن يُظهر أننا نُحمّل إيران مباشرةً مسؤولية هذا الاعتداء. هذا يعني أن الضربة يجب أن تكون ضد شيء تقدِّره طهران وأن تؤدي خسارته إلى شعورهم بنتيجة هذه الخسارة. قادة (الحرس الثوري) الإيراني هم مثال جيد، لكن هناك أيضاً أمثلة أخرى».

وعارض فوتيل النظرية القائلة بأن رداً أميركياً من هذا النوع من شأنه أن يوسّع رقعة الصراع فقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعتقد أن ردنا يعني اتساع رقعة الصراع أو البدء بحرب ضد إيران».

وأضاف: «هذا الاعتداء على البرج 22 حصل من دون استفزاز، فالقوات كانت هناك بطلب من بلد ذي سيادة بهدف مكافحة تنظيم (داعش)، لكننا لا يمكننا السماح لهذا الاعتداء بالمرور من دون عقاب وعلى ردنا أن يرسل رسالة واضحة ومباشرة لإيران بأننا نُحمّلهم المسؤولية كاملةً عن هذا الاعتداء وغيره من الاعتداءات التي يشنها وكلاؤهم في المنطقة في العراق ولبنان وسوريا والبحر».

ويُحذّر خبراء من أن أي ضربات ضد القوات الإيرانية داخل إيران قد تُجبر طهران على الرد بقوة، بما يصعّد الموقف بطريقة قد تجرّ الولايات المتحدة إلى حرب كبرى في الشرق الأوسط.

وقال جوناثان لورد، مدير برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز الأمن الأميركي الجديد، إن الضرب مباشرةً داخل إيران من شأنه أن يثير تساؤلات لدى طهران بشأن بقاء النظام. وقال: «عندما تفعل الأمور علناً فإن ذلك يشكل تصعيداً كبيراً بالنسبة للإيرانيين».

وقال تشارلز ليستر، من معهد الشرق الأوسط، ومقره واشنطن، إن الرد المحتمل سيكون استهداف موقعاً مهماً أو قيادياً بارزاً في جماعات مدعومة من إيران في العراق أو سوريا.

وأضاف: «ما حدث هذا الصباح كان على مستوى مختلف تماماً عن أي شيء فعله هؤلاء الوكلاء في الشهرين أو الثلاثة أشهر الماضية... (لكن) على الرغم من كل الدعوات لفعل شيء ما داخل إيران، لا أرى أن هذه الإدارة ستبتلع هذا الطعم».

وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية، طلب عدم ذكر اسمه، لوكالة «رويترز» إنه من غير الواضح ما قد تكون عليه التأثيرات الثانية والثالثة التي ستترتب على ملاحقة إيران.

وقال المسؤول: «إذا لم تكن الولايات المتحدة مستعدة لحرب شاملة، فما الذي ستحققه لنا مهاجمة إيران؟».

ويقول الخبراء إن إسرائيل ضربت أهدافاً إيرانية في سوريا على مدى سنوات دون أن يوقِف ذلك إيران، بما في ذلك مقتل أربعة مسؤولين من «الحرس الثوري» في دمشق في 20 يناير (كانون الثاني).

وضربت الولايات المتحدة أهدافاً مرتبطة بإيران خارجها في الأشهر القليلة الماضية. وقال الجيش الأميركي في نوفمبر (تشرين الثاني)، إنه ضرب منشأة لا تستخدمها جماعة مدعومة من إيران فحسب بل (الحرس الثوري) الإيراني نفسه أيضاً.

لكنّ ليستر يقول إن الولايات المتحدة استهدفت إيرانيين خارج إيران من قبل، مثل عملية في 2020 استهدفت مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني، ولم تردّ طهران إلا خلال فترة زمنية محدودة.

وقال ليستر: «لذا إلى حدٍّ ما، إذا وُجِّهت ضربة قوية وعلى مستوى عالٍ بما يكفي، فلدينا سجلّ سابق يُظهر أن إيران يمكنها أن تتراجع أولاً».

تقرير يكشف الحضارة الأطول أمدا؟

كثيرًا ما يُشار إلى مصر القديمة والصين وبلاد ما بين النهرين على أنها حضارات طويلة الأمد استمرت لآلاف السنين. لكن؛ أي من هذه المجتمعات استمر لأطول فترة؟ حيث لا يتفق المؤرخون المحدثون وعلماء الآثار على تعريف واحد للحضارة، بما في ذلك متى تبدأ ومتى تنتهي، ويشك العديد من الخبراء في إمكانية قياس الحضارات بهذه الطريقة. كما مرت جميع الحضارات العظيمة بفترات حكمها (أجانب) كالهكسوس في مصر، مثلا. وأيضا ربما كانت الثقافة القريبة من بداية الحضارة مختلفة عن الثقافة التي كانت قريبة من نهايتها. ونتيجة لذلك، فإن العديد من المؤرخين وعلماء الآثار المحدثين لا يعتبرون فكرة «الحضارة» مفيدة؛ وبدلا من ذلك، يتحدثون عن «ثقافات» و «تقاليد».

ما هي أقدم حضارة في العالم؟

كان الوضع مختلفًا قبل 100 عام عندما كان المؤرخون وعلماء الآثار سعداء بتسمية بعض الثقافات بأنها «حضارات»؛ ففي القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، كان هناك «قبول معقد للتسلسل الهرمي للمجتمعات البشرية»، جزئيًا لتبرير الإمبراطوريات الاستعمارية الأوروبية، وفق ما يقول روان فلاد عالم الآثار بجامعة هارفارد الخبير بنشوء المجتمعات المعقدة في الصين «لم تكن هناك صعوبة بالنسبة للأشخاص الذين قدموا من وجهة نظر أوروبية أو أميركية في تحديد تقاليد معينة وثقافات معينة على أنها حضارية، وأخرى غير متحضرة»، وذلك حسب ما نقل موقع «لايف ساينس» العلمي المتخصص.

الحضارة باعتبارها عملاً من أعمال الإرادة

اشتهرت في الخمسينات والستينات من القرن الماضي أطروحة المفكر الجزائري مالك بن نبي عن «القابلية للاستعمار» وهي ذات جانبين: جانب الضعف البنيوي بحيث يبعث ذلك على إغراء القوى الصاعدة بمهاجمتها - وجانب الأمارة على تلك القابلية بحيث يسود الولع من جانب «المغلوب بتقليد الغالب» بحسب القاعدة الخلدونية المعروفة.
وبذلك فقد كانت رؤية مالك بن نبي هذه آخر صِيَغ تعليل انحطاط الألف عام الذي التقى على القول به المستشرقون ونقّاد التقليد من العرب والمسلمين منذ أواخر القرن التاسع عشر.
وفي الحالتين أو الزمانين ما كانت رؤية الانحطاط هذه بديهية. ففي أواخر القرن التاسع عشر ومطالع القرن العشرين، كانت مظاهر اليقظة والنهوض ومقاومة الاستعمار واسعة الانتشار. وكذلك كان الأمر في خمسينات القرن العشرين، حين تصاعدت حركات التحرر من الاستعمار والتجديد في العالم وإعادة البناء بعد الحرب العالمية الثانية.
وقد اختلفت الأنظار في أسباب الرؤية التشاؤمية هذه. فمنهم مَنْ أعادها إلى السيطرة الاستعمارية خلال القرن التاسع عشر، ومنهم من أعادها إلى تجدد الحيوية الاستعمارية في أعقاب الحرب العالمية الأولى.
بيد أنه كان هناك من لاحظ أنه لا بد من تأمل موقع أو مواقع القائلين من المؤرخين أو منظّري انهيار الحضارة في المجرى العام. فهذا التنظير للانحطاط بالمشرق أو انحطاط المشرق، شابهته رؤى وأفكار بشأن الانحطاط في الحضارة في الغرب. ويذكرون من ذلك مطالعة أوزوالد شبنغلر الألماني عشية الحرب العالمية الأولى بعنوان: انهيار الحضارة الغربية. ونجد نفس الرؤية في أربعينات القرن العشرين في عمل ألكسيس كاريل: الإنسان ذلك المجهول! عند شبنغلر نجد ذاك الاستظهار للروح المأساوي في المسيحية - كما فعل نيتشه - وعند كاريل نجد الاستنتاج أنّ هذا الاختلال يعود إلى تقدم علوم المادة على علوم الإنسان. وما وافق أرنولد توينبي على الرؤيتين، وإلا فكيف ازدهرت الحضارة الأوروبية طوال القرون الثلاثة الأخيرة، أما رؤية كاريل وإن ظاهرتها أهوال الحرب الثانية؛ فإنّ الانتصار على الشذوذ الهتلري انتصارٌ لروح الحضارة الإنسانية في سُنّتها التاريخية بين التحدي والاستجابة.
اشتغل توينبي وفرنان بروديل على حركة التاريخ في المديات الطويلة، بينما اشتغل ألكسيس كاريل ومالك بن نبي ومثلهما شبنغلر على علائق المادة والروح في الدواخل الإنسانية للأفراد والجماعات. وبذلك فإنّ مقاربة كاريل ومالك بن نبي كانت إرادوية، بينما كانت مقاربة توينبي تاريخية.
إنّ هذه العودة للحديث عن مصائر الحضارة سببها النزوع التشاؤمي المتصاعد في المشرق العربي، وفي الغربين الأميركي والأوروبي. في المشرق العربي بسبب تصدع الأنظمة واندلاع الحروب، وفي الغربين بسبب أزمات الرأسمالية وظواهر الشعبويات، وأخيراً الحرب الروسية - الأوكرانية.
كان قسطنطين زريق المفكر المعروف، وفيما يشبه الردّ على مالك بن نبي قد ذهب إلى أنّ قيام الحضارات ليس أمراً إرادوياً بقرار فردي أو جماعي، بل هو في السياقات العالمية، وهي تتمثل في أمرين: حركة التحرر من الاستعمار وقيام الدولة القومية. وما نسي مالك بن نبي «زمن ما بعد الموحِّدين» (آخر الدول القوية بالمغارب، ونحن بالمشرق نذكر الحروب الصليبية والغزوات المغولية)، فاندفع باتجاه «النهضة المصرية» والتحالف الآسيوي - الأفريقي، وحركة عدم الانحياز؛ كل ذلك اعتبره سبيلاً للخروج الممكن من وهدة القابلية للاستعمار، بنفس الإرادوية القائمة على العقيدة والأرض والزمان. بيد أنّ كلا الرجلين عاد لشيء من التشاؤم في السبعينات، فتحدث زريق عن «استحقاق الحق»، وتحدث مالك بن نبي عن صعود الاحتجاجيات المدمرة باسم الدين!
إنّ هذا الإحساس بالفجيعة والوحشة إن وجد بعض التسويغ في أحداث العقدين الأخيرين بالمشرق العربي؛ فالأمر ليس كذلك في حالتي الولايات المتحدة وأوروبا. لكنّ الأميركيين وإلى حدٍّ ما الأوروبيين يشخصون حالتهم بما لا يختلف كثيراً عن تشخيص المثقفين ومفكّري الحضارة لحالتنا. وعماد هذا التصور أنّ الولايات المتحدة يتراجع دورها على رأس الحضارة الغربية التي كانت تتغنى بالانتصار قبل ثلاثة عقود؛ لكنها اليوم تقع تحت عبء التصدي للتفوق والصعود الصيني. ويضاف لذلك أنّ هذا الصعود يتخذ طابعاً عسكرياً في بحر الصين الجنوبي، وفي مساعي روسيا الاتحادية العسكرية لاستعادة ما فقدته بعد عام 1990. وهناك ثالثاً أزمات العولمة التي أطلقت الولايات المتحدة أمواجها لاكتساح العالم باقتصادات السوق؛ فإذا هي تعود عليها بإخفاقات بحيث صارت السوق أسواقاً، وسمحت حريات التنافس للصغار والأوساط بتطور الأحجام ومهاجمة الولايات المتحدة في عقر دارها. أما الأوروبيون، وحتى قبل الحرب على أوكرانيا، فقد روّعهم الخروج البريطاني من الاتحاد، ثم روعتهم إحساسات الحصار بين أميركا والصين وروسيا. وبعد ما يزيد على 70 عاماً على انتهاء الحرب الثانية، تجد أوروبا نفسها في قبضة الإحساس بالحاجة إلى الحماية من جانب الولايات المتحدة، في حين تسيطر على الأميركيين إحساسات السطوة مرة، وإحساسات الانكفاء مرات. وفي زمن الهول نتيجة تراجع الموقع وربما الدور، يريد استراتيجيون أميركيون كثيرون العودة إلى النفس والداخل، للمراجعة وتأمُّل ما حصل ويحصل بعيون الثقافة والحضارة والاستراتيجيا وليس بعين السوق والعسكر وحسْب!
هل يجوز اعتبار ما حصل في المشرق العربي وللمشرق العربي انتكاسة حضارية أو أزمة حضارية؟ ونحن – وليس على سبيل التعزية للنفس – نجد أنّ هذه الأحداث المفجعة (التي بدأت بأحداث عام 2001 على الولايات المتحدة وليس قبل ذلك!)، يمكن أن تُفهم انطلاقاً من فلسفة التاريخ عند أرنولد توينبي في التحدي والاستجابة. ونحن نرى في حِراك النهوض العربي مصداقاً لتلك الاستجابة للتحدي الكبير. لكنّ الأحداث تلك يمكن أن تُفهم باعتبارها ناجمة وبشكلٍ مزدوج عن «تفويتات» الدولة القومية، والانشقاقات الصحوية والعنيفة في التفكير والتدبير في الإسلام الحديث. ويذهب الأستاذان الراحلان جلال أمين وجابر عصفور إلى أنّ هذه الإمكانية الثانية يمكنها أن تفسّر مسألة «التحدي» الذي واجهه العرب في هذه الحقبة، ويضيفان إلى ذلك: السياسات الدولية.
لقد واجهت الدول الوطنية العربية منذ ستينات القرن العشرين وما بعد، مشكلات كبرى مع التحدي الصهيوني، وتحولات الحرب الباردة. وفاجأتنا جميعاً التطورات في التفكير الديني، وفي تصورات البدائل في التاريخ والحاضر. ومن وراء ذلك كلّه ومعه السياسات الدولية التي صارت في النهاية أكبر التحديات.
التفسيرات الثقافية والحضارية لأزمة من الأزمات الحاضرة هي حلولٌ سهلة. وهو الأمر الذي سار فيه المؤرخون والمعلّقون والروائيون العرب والمسلمون. لكنهم ما كانوا منفردين في ذلك؛ بل يسير فيه الاقتصاديون والاستراتيجيون الغربيون في نزوعٍ غلّاب يعتبره البعض تهويلياً، بينما يرى البعض الآخر أنه اتجاهٌ تحذيري مفيد. وفي كل الأحوال، القول ما جاء في المثل المأثور: المياه تكذّب الغطّاس أو تصدّقه!

هل الصين هي الحضارة الأطول أمدا؟

وفقًا لمعظم المقاييس (استخدام الكتابة وإنشاء المدن في ما تعنيه الحضارة بالأصل) يبدو أن الحضارة الصينية قد تكون أطول عمرًا. مع ذلك، فإن الكيفية التي ينبغي قياسها بها موضع خلاف.

ويوضح فلاد «يعتمد الأمر على كيفية تعريفك للحضارة وكيفية تعريفك للصينية، لأنني أعتقد أن هناك طرقًا متعددة معقولة يمكنك من خلالها تحديد هذين المفهومين. وكمثال على ذلك، في الكتابة الصينية التي يبلغ عمرها 3200 عام تُستخدم أشكال من نفس الرموز اليوم». مضيفا «عندما تفكر في اللغة المكتوبة الصينية، لا يوجد أي خلاف على الإطلاق بشأن استمرار وجودها منذ 3250 عامًا أو نحو ذلك حتى الوقت الحاضر. غير ان نفس المعيار لا يمكن استخدامه في أي مكان آخر. على سبيل المثال، تُنسب أقدم كتابات في الأميركتين إلى الأولمكس بحوالى 900 قبل الميلاد. وكانت الكتابة معروفة أيضًا للمايا بحوالى 250 قبل الميلاد. لكن يبدو أن الإنكا؛ الذين حكموا أجزاء من أميركا الجنوبية لنحو 400 عام حتى الغزو الإسباني في القرن السادس عشر، لم يكن لديهم كتابة (على الرغم من أنهم استخدموا حبالًا معقودة تسمى كويبو أو كيبو لتشفير المعلومات)».

وفي هذا الاطار، يُزعم أحيانًا أن الحضارة الصينية عمرها أكثر من 5000 عام. لكن بعض المؤرخين يرون أن حاضر الصين مختلف للغاية عن ماضيها بحيث لا يمكن اعتبارها حضارة واحدة مستمرة، وفق الدكتورة جوليا شنايدر المؤرخة المفاهيمية بجامعة كوليدج كورك بآيرلندا، التي تبين «لا أعتقد أن ما يحدث اليوم في الصين يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأشياء التي حدثت، على سبيل المثال، قبل عام 1949 (ثورة الصين في عهد ماو تسي تونغ) أو 1911 (ثورة شينهاي التي أنهت آخر سلالة إمبراطورية في الصين)».

وتشير شنايدر الخبيرة في تاريخ الصين، إلى أن السياسيين والمؤرخين الموالين للصين يزعمون أحيانًا أن حضارة الصين هي الحضارة الأطول بقاءً في العالم، باعتبارها «نقطة شرعية». لكن «ما هي الصينية؟فهذه هي المشكلة؛ حيث ضمت المنطقة مساحة شاسعة والعديد من الأعراق المختلفة بأوقات مختلفة، وما حدث في قلب الصين يمكن أن يكون بعيدًا جدًا ثقافيًا عما حدث بجانب الصين».

جدير بالذكر، تعتبر مصر القديمة وبلاد ما بين النهرين الحضارات الأطول عمراً.

وحسب أحد التقديرات، من وقت الفراعنة الأوائل واستخدام الكتابة الهيروغليفية حتى تم استبدال دينها الأصلي بالمسيحية، استمرت الحضارة المصرية القديمة لنحو 3500 عام. غير ان مصر كانت في بعض الأحيان تحكمها سلالات أجنبية، وكان لكل من الهيروغليفية والديانة المصرية أشكال مختلفة في أوقات معينة.

وفي بلاد ما بين النهرين بدأت الكتابة السومرية بحوالى عام 3200 قبل الميلاد، ومن المحتمل أن تكون عبادة آلهة بلاد ما بين النهرين استمرت حتى القرن الثالث بعد الميلاد، وفق الدكتور فيليب جونز أمين المجموعات بالقسم البابلي بمتحف بن فيلادلفيا، الذي يؤكد «من خلال هذا الإحصاء قد يُنظر إلى بلاد ما بين النهرين على أنها حضارة دائمة». لكنه يستدرك بالقول «يجب فهم ما يقصده معظم الناس بكلمة حضارة على أنه تقدير استقرائي رفيع المستوى يميل إلى فقدان التركيز عندما تنظر عن كثب. لكن، مع ذلك، ما لم يُنظر إلى التاريخ على أنه مجموعة لا نهائية تقريبًا من الأحداث الصغيرة، فمن حق الناس أن يتوقعوا أن يحاول المؤرخون تقسيم التاريخ إلى أجزاء أكثر قابلية للإدارة».

فاليري ميسيكا تحتفي بالحضارة الفرعونية بأضخم ماسة في تاريخها

في جناح من أجنحة فندق «كريون» المطل على ساحة «كونكورد» الباريسية، قدمت فاليري ميسيكا آخر مجموعة من المجوهرات عبر صور وفيديوهات متعددة.
كانت جد فخورة بهذه المجموعة التي تقول إنها الأرقى والأكثر تعقيداً وجمالاً على الإطلاق بالنسبة لها. تطلبت أيضاً وقتاً أطول لتنفيذ تعقيدات «لكن النتيجة كانت تستحق كل الجهد والحب الذي صببناه فيها».
وتتابع: «أردتها أن تعكس مدى أهمية مصر القديمة وحضارتها الغنية».

كانت المجموعة بمثابة رحلة خيالية للمصممة عادت فيها إلى عالم الأساطير

الجديد بالنسبة لميسيكا أنها استعملت، ولأول مرة في تاريخها ماسة ضخمة قُطعت لتنتج 15 ماسة مصقولة بمختلف الأشكال دخلت في صلب هذه المجموعة، لتعطي أطقماً فخمة مثل طقم «آك با كا (Akh-Ba-Ka)» المصمم بالذهب الأبيض، والمرصع بمجموعة مكونة من 15 حجراً استثنائياً مقطوعاً من ماسة خام يبلغ عيارها 110 قراريط، وهي بلون (D)، وخالية من الشوائب. أرادته المصممة أن يكون تحفة تُجسد مفهوم الانتقال إلى حياة جديدة.
فبلغة الفراعنة، تعني كلمة «كا (KA)» جوهر الحياة، بينما تعني كلمة «با (BA)» التحوّل خلال التحليق نحو الحياة بعد الموت. عند اجتماع هاتين القوّتَين، يخلق ما يُعرَف بـ«آك (AKH)»، أي الانتقال نحو النور.

قرطا أذن من مجموعة «آك با كا»

خلف هذه الحكاية المذهلة الماسة الخام التي عُثر عليها في منجم Lucara في بوتسوانا. اشتراها والدها أندريه ميسيكا وابنه إيلان، الرئيس التنفيذي للشركة، قُبيل فترة إقفال البلاد والحدود التي فرضتها جائحة «كورونا» عام 2020. ومن هذه الماسة الخام، أبصرت النور 15 ماسة، منها ماسة استثنائية وزنها 33 قيراطاً.
تتذكر فاليري كيف كان عليها منذ نحو 20 عاماً، إقناع والدها وقطع وعد له بأنها لن تستعمل سوى أحجار صغيرة يزودها بها. لكن شتان بين تلك الفتاة الصغيرة المتحمسة وبين المصممة المحترفة التي حققت نجاحاً كبيراً اليوم، ولم تعد تحتاج إلى إقناع والدها بأنها أصبحت اسماً له شأن في مجال المجوهرات.
تشرح باعتزاز أن هذه أول مرة تستعمل فيها ماسة ضخمة قطعت لتنتج 15 ماسة مصقولة بمختلف الأشكال دخلت في صلب طقم «آك با كا (Akh-Ba-Ka)».
هذه المرة لم يكن والدها هو صاحب الماسة، بل شقيقها الأصغر إيلان، الذي سار على درب والده في تجارة الماس. هو من أخبرها عن الماسة وكيف أنه قام بعملية مقايضة لشرائها. أرسل لها صورها وما ستنتج عنه بعد تقطيعها.


ديفاين إنيغما من الذهب الأصفر مع ماستين بحجم كبير

في البداية ترددت للحصول عليها بسبب كلفتها، لكن بمجرد أن تخيلتها ورسمتها في الطقم حتى ذاب التردد وتأكدت أنها كانت عز الطلب.
تقول: «عندما رسمت الطقم ذهلت، وكأن الماسة تكونت من أجل هذه المجموعة. وكان الأمر رائعاً ومذهلاً بالنسبة لي ولفريق العمل». المجموعة، وهي بعنوان «ما وراء الضوء (Beyond The Light)» تشمل طقم «آك با كا (Akh-Ba-Ka)» ويعني «التحول نحو النور»، استوحي عقده من الجعران المجنّح في أساطير الفراعنة، تتوسطه ماسة عيار 33 قيراطاً. تظهر في المجموعة أيضاً عين حورس الجالبة للحظ، وتمثلت في طقم «أودجات (Oudjat)»، وفيه عقد مرصع بماسة عيار 7 قراريط وخاتم وسوار، بينما كحلت العين بالسيراميك الأسود وصنعت من الذهب الوردي.
تشرح فاليري أنها لم تكن لتتجرأ لطرح مجموعة مستوحاة من مصر القديمة وتكون عادية. فأي شيء يتعلق بمصر القديمة كان يشدها ويثير خيالها.
وتقول إنها كانت مدمنة على مشاهدة الأفلام القديمة التي تتناول هذه الحضارة وتُبرز مدى قوة نسائها واستقلاليتهن. «أكثر ما كان يُبهرني كيف كانت المرأة نداً للرجل، وكيف كانت تستعمل مجوهراتها للتعبير عن قوتها» وتتابع: «كانت المجوهرات عموماً تحمل كثيراً من معاني الحياة الدنيا وما بعدها. هذا ما أردت أن أجسده في هذه المجموعة». طبعاً من يعرف أسلوب ميسيكا يعرف تماماً أن قوته تكمن في عنصر الحركة، وهو ما لم يغب هنا أيضاً. وليس أدل على هذا من عقد «ديفاين إنيغما (Divine Enigma)» المكون من سبعة صفوف من الذهب، يمكن فكُّه والتزين به على شكل طبقة واحدة في النهار بشكل «كول» أو طقم «آك با كا» الذي يمكن تحويله والتزين به بطريقة غير رسمية.
تنهي اللقاء ضاحكة: «انتظروا الجزء الثاني من المجموعة، فما نقدمه اليوم هو مجرد 40 في المائة من المجموعة، وسيكتمل الجزء الثاني بقطع مرصعة بالملكيت والفيروز».

طفرات الحضارة المعاصرة... بين العلم والتكنولوجيا والفكر

كيف ينشأ العالم التكنولوجي، بتقنياته المبهرة، من أساسيات العلم النظرية؟ كيف يؤدي التطور التقني بدوره إلى طفرات معرفية تدفع العلم الأساسي قدماً؟ وكيف يؤثر ذلك في فكر وتصورات الإنسان؟ اتصال حلقات تلك السلسلة، بعناصرها المؤسسة للعالم المعاصر، ليس دائماً واضحاً في عالمنا العربي، مما يؤزم محاولات التواصل مع الحضارة المعاصرة.
العالم الحديث نشأ من ثورة علمية اندلعت نتيجة تكهنات واكتشافات فلكية، لخصها نيوتن في قوانين عامة ربطت تجوال الكواكب في السماء بحركة الأجسام حولنا (مثل سقوط التفاحة الأسطورية من الشجرة). هذا الربط بين طبيعة الكون كليّاً وبين حياتنا اليومية كان مذهلاً، ليس لكونه غريباً عن فكر الإنسان عامة، فالميثولوجيا التقليدية طالما عرضت أطروحات مماثلة عبر العصور، لكن نظراً لدقة المنهج الجديد، الملخص في معادلات رياضية يمكن اختبار تكهناتها وتنبؤاتها. عندما تكهنت نظرية نيوتن مثلاً بضرورة وجود كوكب مجهول في المجموعة الشمسية، نظراً لتأثيره المرصود على حركة الكواكب المعروفة، بحث لو فيريه عن هذا الكوكب (نبتون) ووجده في المكان نفسه بالضبط، الذي حددته النظرية. في الوقت نفسه، استخدم آخرون النظرية نفسها لحساب كيفية تصويب قذائف المدفعية بدقة نحو العدو.
هذا الربط الدقيق بين الكوني واليومي، كانت له تداعيات فكرية وثقافية واسعة النطاق أسست للعالم الحديث (كما شرحت في مقال 20 - 06 - 2022 على هذه الصفحة). لكن ما الذي جعل من حركة الكواكب بالذات أساساً للثورة العلمية؟ بالإضافة لكونه ساكناً لسماوات مجهولة، فإن نمط تجوال الكواكب فيه شيء جذب انتباه العقل المتأمل منذ الأزل؛ لأنه يجسد ظاهرة التكرار الدوري التي تجعل من السهل نسبياً التنبؤ بالمستقبل. فالعلم الحديث عبارة عن محاولة لتنظيم الكون بتلخيص أنماطه في قوانين رياضية تشرح تتبع الأحداث، والتكرار البسيط المجسد في توالي الليل والنهار ومواسم الصيف والشتاء يشكل بداية سهلة، يمكن من خلالها بدء خوض مشوار التنبؤ الرياضي بواسطة أرقام متكررة دورياً. فبساطة التكرار الدوري التي تتسم بها حركة الكواكب، الذي يجعلها مثل بندول الساعة، تجعل من السهل مثلاً التنبؤ بأن يوم 21 من يونيو (حزيران) سيكون أطول يوم في السنة في النصف الشمالي من الأرض، وتجعل من السهل كذلك التنبؤ بتاريخ وساعة رؤية الكسوف الشمسي أو القمري لمدة قرون طويلة في المستقبل.
ليست كل الظواهر الطبيعية بهذه البساطة. تغير الطقس مثلاً لا يخضع للنمط الدوري نفسه؛ لذلك يمكن التنبؤ فقط بأن درجة الحرارة يوم 21 من يونيو غالباً ما ستكون أعلى من مثيلتها يوم 21 ديسمبر (كانون الأول)، لكن لا يمكن بصفة عامة التنبؤ بدرجات الحرارة نفسها بدقة إلا لمدة بضعة أيام. ذلك رغم أن حالة الجو تخضع، كما تخضع حركة الكواكب، لقوانين رياضية صارمة، محددة وحتمية من حيث المبدأ. لكن طبيعة حلول المعادلات، لاستخراج أرقام منها تشير إلى حالة الطقس، تحتاج إلى تعريف حالته الحالية بدقة متناهية (أي معرفة دقيقة بكميات مثل درجة الحرارة والضغط الجوي وسرعات الرياح وكثافة الهواء في كل مكان على الأرض، في اللحظة الحالية)، وهذا ليس متاحاً بالطبع.
عملياً، تختفي قدرتنا على التنبؤ بمستقبل الجو بعد بضعة أيام؛ لأن تغيراته تأتي باستمرار بمستجدات نعجز عن مواكبتها بمعرفتنا المحدودة، على عكس حركة بندول الساعة التي تكرر نفسها ولا تأتي بجديد. أما حالة الكواكب فهي تشبه البندول لأزمان طويلة جداً، فزمن فقدان المعرفة عنها يقدر بملايين السنين، مما يمكننا من التنبؤ بسهولة ودقة بتعاقب الليل والنهار وحركة الأرض حول الشمس على مدى طويل. أما في حالة الطقس فيمكن التنبؤ بهذا المستقبل فقط إحصائياً - مثل التنبؤ بمعدلات درجات الحرارة في شهر معين في بلد معين - وحتى ذلك يكون صعباً في ظل وجود تغيرات مناخية مثل التي تشهدها الأرض مؤخراً.
وجود الفوضى والعشوائية في نظام طبيعي مثل المناخ، هو الذي يمكننا فقط من التنبؤ بالاحتمالات. تماماً كما، في سياق أبسط، يمكننا التنبؤ فقط بأن قرعة العملة المعدنية ستسفر عن «ملك أو كتابة»، باحتمالية نصف لكل منهما، لكن لا يمكن معرفة إذا كنا سنحصل على نتيجة ملك أو كتابة في تجربة معينة. هذا الجانب الفوضوي العشوائي للعالم الطبيعي هو الذي في أساس ما يسمى القانون الثاني للديناميكا الحرارية، والذي يقر بأن (في غياب المؤثرات الخارجية) الحرارة تنتقل من جسم ساخن إلى آخر بارد، رغم أن قوانين نيوتن (والنسبية وميكانيكا الكم كذلك) تقبل دائماً أن يحدث العكس؛ فإذا تابعت فيلماً لحركة بندول الساعة، لن تتمكن من معرفة إذا كان الفيلم معروضاً في الزمن الطبيعي أو كان معكوساً إلى الوراء، فالحركة في الاتجاهين مقبولة. لكن العشوائية الفعلية التي تجعل الكثير من الأنظمة لا تعمل كالساعة، تعني أن احتمالية تفاعل جزيئات المادة بطريقة تجعل الحرارة تذهب من الأسقع للأسخن غير مرجحة بشكل يجعل رصدها شبه مستحيل عملياً.
علم الديناميكا الحرارية لم يبدأ من تكهنات عن مكاننا في الكون، بل نشأ في إطار عملي بحت، تعلق بعمل محركات البخار التي ظهرت مع الثورة الصناعية في أعقاب الثورة العلمية. لكن سريعاً ما اتضح أن قوانين عمل موتورات القطارات لها تداعيات واسعة النطاق، تتطرق لمفاهيم أساسية لدى الإنسان مثل إحساسه بالزمن. فالقانون الثاني للديناميكا الحرارية هو الوحيد الذي نعرفه عن العالم الطبيعي الذي يصاحبه «سهم زمني»، يشير إلى أن الزمن يتحرك فقط نحو المستقبل كما يؤكد إحساسنا الداخلي.
هذا القانون النابع عن تطورات تكنولوجية، له تداعيات فلسفية؛ ليس فقط على تصورنا لمكاننا في الكون، إنما على تصوراتنا عن مصير الكون نفسه. هكذا اعتقد علماء عظام من بدايات القرن العشرين، مثل السيرين آرثر إدينجتون وجيمس جينز، أن هذا القانون معناه أن الكون «يموت» مثل موتور البخار (أو الإنسان) الذي يستنفد وقوده. وتكهن كذلك إدينجتون بأن هذه الحقيقة هي التي تربط قوانين الفيزياء بإحساس الإنسان الداخلي بالزمن، الممثل مثلاً في مفهوم الـ«مدة» لدى الفيلسوف هنري يرجسون، الذي اعتقد أن طبيعة الدهر مختلفة جذرياً عن طبيعة المكان. فلاحظ إدينجتون أن قوانين الفيزياء ليس فيها ما يحدد اتجاه التغير في المكان، لتناظر القيود التي يفرضها «السهم» النابع من القانون الثاني على الزمن.
أما حقيقة أن يرجسون كان قد أثَّر كثيراً كذلك في الثقافة العامة، بما في ذلك على مارسيل بروست في بحثه الملحمي عن «الزمن المفقود»، فتشير إلى اكتمال السلسلة التي تربط بين نتائج العلم الأساسي وتداعياته التكنولوجية، وتأثير الأخيرة بدورها على تقدم العلم الأساسي وتصوراته، وما ينبثق عن كل ذلك من تداعيات على فكر حضارة الإنسان في العالم المعاصر.
هذه هي السلسلة التي أعتقد أننا نفتقد الكثير من حلقاتها الواصلة. كمثال، كم من بين قراء هذا المقال يربط بين عمل جهاز الحاسب أو الهاتف أو التابلت، الذي قد يقرأ عليه النص وبين التداعيات الفكرية والحضارية الواسعة النطاق النابعة عن ميكانيكا الكم، التي في أساس هذه الأجهزة؟ أو يدرك أن ميكانيكا الكم، بتداعياتها التصورية الثورية، أتت أصلاً نتيجة تطورات عملية جداً في تكنولوجيا تحليل الضوء إلى ترددات وألوان، مثلما يحدث في ظاهرة قوس قزح، في سبيل إدراج بصمات للعناصر الكيميائية؟
في هذا السياق يمكن التساؤل: من أين سيأتي الاكتشاف العلمي الكبير القادم، الذي سيقلب نظرتنا للعالم الطبيعي، ومن ثم تصوراتنا وأنماط حياتنا، رأساً على عقب؟ أعتقد أنه من المرجح أن يأتي من اتجاه لن يتصوره من لا يدرك أهمية تواصل حلقات السلسلة المذكورة؛ لأني أعتقد أنه سيأتي «فلكياً»، كما حدث في بدايات الثورة العلمية ذاتها.
لدينا حالياً نموذج ناجح لتطور الكون ونشأة الأشياء خلاله؛ لكن الأغلبية الساحقة من المادة والطاقة فيه ما زالت في صورة غير معلومة، وتصاحب ذلك معضلات في تفاصيل خواص المجرات. الوضع يشبه حال «إراتوستينس»، مدير مكتبة الإسكندرية القديمة، حين نجح في حساب مدار الأرض، بمقارنة أطوال ظلال الأعمدة في الإسكندرية وأسوان، رغم أنه لم يعرف شيئاً عن أميركا وأستراليا أو المحيطات الشاسعة التي تحيطهما. في سياق العلم المعاصر لدينا كذلك «أعمدة كونية»، نرصدها ونقدر أطوالها بواسطة أجهزة مثل تلسكوب جيمس ويب، الذي أطلقته وكالة «ناسا» الصيف الماضي، وآخر ملقب بـ«يوكليد» (تذكيراً بعبقري آخر عمل في الإسكندرية قديماً، وهو إقليدس)، الذي من المقرر أن تطلقه وكالة الفضاء الأوروبية نحو نهاية هذا العام، لينضم لأسطول هائل من المراصد الكونية العاملة والمزمعة.
أي شرح ملائم لأهمية ما ستأتي به النتائج المرتقبة خلال العقد القادم يحتاج لعدة مقالات. الخلاصة أنها ستسد فجوات مهمة في فهمنا لما ظل مفقوداً في الكون رغم البحث الدؤوب. ومن ثم ربما تشير إلى أننا لم نجده حتى الآن لأن طبيعته أغرب بكثير مما تصورنا. وهكذا ربما تأتي بقوانين ومفاهيم جديدة، ذات تداعيات عميقة قد تقلب عالمنا الفكري، ومن ثم واقعنا الفعلي، رأساً على عقب. كما حدث من قبل.

* مدير مركز الفيزياء النظرية بالجامعة البريطانية في مصر