اختتمت منذ أيام قليلة رحلة ميغان ماركل، دوقة ساسيكس، إلى نيجيريا برفقة زوجها الأمير البريطاني هاري. رحلة قصيرة استغرقت 72 ساعة فقط إلا أنها أشعلت وسائل التواصل الاجتماعي، وفتحت سجالات لا تنتهي بين معجب ومنتقد. هل كانت الدوقة تتوخى لفت الأنظار والرفع من شعبيتها التي تراجعت في الآونة الأخيرة، أم استعملت أزياءها وسيلةً للتحدي؟
الرحلة كانت للمُشاركة في احتفالات العيد العاشر لإطلاق مُباريات «إنفكتوس». زوجها الأمير هاري هو راعي هذه الفعالية، ومع ذلك كان دوره في هذه الرحلة ثانوياً وباهتاً. كل الأضواء سُلّطت على ميغان: أناقتها ورشاقتها. كانت تعرف مسبقاً أن الأنظار ستكون مسلطة على أزيائها لهذا استعملتها للتعبير عن أهدافها ونياتها.
ارتدت في هذه الـ72 ساعة 8 إطلالات قدرت تكلفتها بحوالي 150 ألف دولار. من ناحية الأناقة حققت المراد وكان ثمنها فيها، فضلاً عن أنها حققت تغطيات إعلامية لا تقدر بثمن.
كان واضحاً أن الدوقة فهمت دروساً أخرى وتعلمت من أخطاء الماضي. كانت أكثر قُرباً وتفاعلاً مع الأطفال وهي تلتقط «سيلفيهات» معهم، أو تزور الجمعيات الخيرية المحلية. استحضرت هذه الصور الأميرة الراحلة دايانا وزياراتها إلى أفريقيا مع فارق أن هذه الأخيرة كانت تظهر في بنطلونات عادية وقمصان عملية. بالنسبة لميغان، أوحى اهتمامها الكبير بإبراز جمالها ورشاقتها للبعض أن كاميرات «نيتفلكس» كانت حاضرة تُصوِر كل تحركاتها وحركاتها. بنوا هذه النظرية على الطريقة المحسوبة التي كانت تمشي وتجلس بها. أكتاف عالية ورأس مرفوع وابتسامة مرسومة لا تفارق وجهها. كل لقطة تم تداولها تُظهرها حريصةً أن تأتي موفقة من كل الزوايا. لم يفُت أحداً أن الأزياء تضمنت رسائل مبطنة فيها نوع من التحدي للعائلة البريطانية.
تفاصيل الرحلة، بدءاً من حفاوة الاستقبال إلى البرامج المتنوعة التي تم تنسيقها مع السلطات الحكومية النيجيرية، جاءت منقولة عن الطقوس الملكية التي تمرّدت عليها منذ سنوات، وهو ما يتناقض مع تبريراتها السابقة بأن سبب خروجها عن طوع العائلة البريطانية في عام 2020 كان توقها للعيش في سلام بعيداً عن القيود والأضواء الناتجة عن التغطيات الإعلامية السامة. لكن واقع الأمر بالنسبة لمنتقديها يقول العكس. فهي متمسكة باسم العائلة ولا تريد أن تستغني عن القيمة التي تضيفها إليها. كل ما في الأمر أنها كانت تريدها مفصلة على مقاسها وحسب مزاجها، حسب رأيهم.
كل هذا تمكنوا من قراءته من خلال إطلالاتها. الرسائل التي تضمنتها الرحلة أصابت في بعضها وخابت في البعض الآخر.
ومع أن الأزياء في حد ذاتها لا خلاف عليها، من ناحية أناقتها ونعومتها، فإنها من الناحية الدبلوماسية، قسمت المتابعين إلى فئة تراها مقبولة، وفئة ترى أنها فشلت في قراءة ثقافة البلد المضيف على أساس أنه مسلم ويُفترض احترام تقاليده وعاداته. ظهر هذا من أول يوم، عندما ظهرت بفستان طويل بظهر مكشوف تلته فساتين أخرى إما بفتحات عالية أو صدر مفتوح، فيما كان أغلبها من دون أكمام.
يبدو أن ميغان قرأت هذه التعليقات وتفادتها سريعاً بظهورها في اليوم الثاني بتنورة مصنوعة محلياً أهديت لها. نسقتها مع قميص أبيض من علامة «كارولينا هيريرا».
هذه اللفتة الدبلوماسية ظهرت أيضاً في اختيارات أخرى، مثل الفستان الأحمر الذي كان من تصميم العلامة النيجيرية «أورير»، ويقدر سعره بحوالي 330 دولاراً، وفستان آخر من المصممة جوانا أورتيز بنقشات مستوحاة من الأدغال الأفريقية يقدر سعره بـ2850 دولاراً.
كل هذا لم يقنع الفئة الثانية، التي لم تر في هذه الرسائل الدبلوماسية سوى قذائف مبطنة بالحرير موجهة صوب عائلة زوجها. ذكرتهم حفاوة الاستقبال وطريقة التنظيم بردّها على الملكة الراحلة إليزابيث الثانية بأن «الخدمة عالمية»، أي أنها ليست حُكراً على أحد أو تستثني أحداً، حين اشترطت عليها عدم القيام بأي مشاريع أو أعمال تستغل فيها اسم العائلة المالكة ولقبها كدوقة. كذلك أثار الفستان المكشوف الظهر من المصممة هايدي ميريك ريبتهم بأن اختياره كان متعمداً لإعطاء نفسها شرعية ملكية. فاسمه «وندسور»، وهو اسم العائلة الملكية وأيضاً القصر الذي قوبل طلبها بالسكن فيه بالرفض.
ربما يكون الفستان الأصفر الساطع الذي ظهرت به في اليوم الأخير من هذه الرحلة المكوكية هو الأجمل بتصميمه المنسدل ولونه الذي تناغم مع بشرتها المُسمرة. سلم أيضاً من أي انتقادات، حيث سبق وارتدته ميغان في عيد الميلاد الأول لابنها آرشي في مايو (أيار) عام 2020، وبالتالي يُشجِع تدوير الأزياء.