طنين الأذن... أحد الاضطرابات السمعية الأكثر حدوثاً

تلف خلايا الأذن الداخلية واحد من الأسباب الشائعة للإصابة

طنين الأذن... أحد الاضطرابات السمعية الأكثر حدوثاً
TT

طنين الأذن... أحد الاضطرابات السمعية الأكثر حدوثاً

طنين الأذن... أحد الاضطرابات السمعية الأكثر حدوثاً

تظل المعاناة من «طنين الأذن» هي الأعلى من بين أعراض الاضطرابات السمعية. وتفيد نتائج الإحصائيات الطبية العالمية في الولايات المتحدة وأوروبا أن نحو ١٥ في المائة من البالغين يُعانون من «طنين الأذن».
عند تعريف «الطنين»، تذكر معاجم اللغة العربية أن: «الطنين هو صوت الذباب والطرق على الطَست. والبطة تَطِنُ إذا صوَتت، والطَست من الآنية المعروفة». وفي التعريف الطبي: «الطنين هو الشعور المزعج بسماع أصوات الرنين أو الضوضاء حينما لا تكون هناك أصوات خارجية مسببة لسماع ذلك». ووفق ما تشير إليه المصادر الطبية، تشمل أعراض الطنين سماع المرء «ضوضاء شبحية» Phantom Noises، أي لا يوجد مصدر خارجي حقيقي لها، ذات أشكال صوتية عدة، مثل الرنين أو الأزيز أو الزئير أو النقرات أو الفحيح. كما قد تتفاوت شدة ضوضاء الطنين من زئير غليظ النغمة إلى صفير حاد، وفي بعض الحالات، قد يكون الطنين متواصلاً أو متقطعاً كما يمكن في بعض الأحيان أن يكون صوت الطنين مرتفعاً لدرجة تعيق قدرة المرء على التركيز أو سماع الأصوات الحقيقية.

طنين الأذن
وتضيف المصادر الطبية أن «طنين الأذن» Tinnitus ليس مرضاً بحد ذاته، بل هو عَرَض وعلامة مرضية له علاقة بعدد من المسببات وبعدد من العوامل التي تزيد من آن لآخر في شدته وشدة المعاناة منه. وقد يكون في أذن دون أخرى أو في الأذنين كلتيهما. ورغم انتشار المعاناة منه، إلاّ أن من النادر أن يكون طنين الأذن علامة على وجود مرض خطير بالجسم أو في منطقة الأذن.
ووفق المراجعات العلمية، ترتفع معدلات المعاناة من الطنين في الأذن على وجه الخصوص بين الذكور والمدخنين ومرضى السكري ومرضى ارتفاع ضغط الدم واضطرابات الكولسترول والذين تتطلب أعمالهم التعرض للضجيج. ومع التقدم في العمر، ترتفع نسبة الإصابات بطنين الأذن إلى ٣٠ في المائة فيما بين منْ تجاوزوا عمر ٦٠ سنة.
ومن بين الذين لديهم طنين في الأذن، تتطلب حالة ٢٠ في المائة منهم ضرورة تلقي المعالجة الطبية للتخفيف من شدته ومن تأثيراته المتعددة على قدرات عيشهم في الحياة اليومية براحة وكفاءة. ورغم أن حالة طنين الأذن قد تسوء مع التقدم في العمر، إلاّ أنها حالة يمكن أن تتحسن بتلقي المعالجة الصحية. وفي بعض الأحيان، قد تتحقق الفائدة بعلاج العنصر المسبب له، إذا تمت معرفته وتحديده.

أنواع وتداعيات
وبالنسبة لتداعيات طنين الأذن على الراحة في عيش الحياة اليومية، تُقسّم منظمة الصحة العالمية تلك التداعيات إلى أربع فئات، وهي التأثيرات على المشاعر والعواطف، وعلى قدرات السمع، وعلى النوم، وعلى قدرات التركيز الذهني والتفكير. وكمثال، فإن اضطرابات النوم تُصيب نحو نصف منْ يُعانون من الطنين الشديد في الأذن.
وهناك تقسيمات عدة للمراجع العلمية إزاء أنواع طنين الأذن، منها تقسيمه إكلينيكياً إلى «طنين شخصاني» و«طنين موضوعي».
> الطنين الشخصاني أو الذاتي Subjective Tinnitus هو ذلك الطنين الذي لا يسمعه سوى المرء الذي يُعاني منه، وهو النوع الأعلى انتشاراً. وفي الغالب، يرجع السبب في نشوء هذا النوع من طنين الأذن إلى وجود مشكلات في الأذن الخارجية، أو الأذن الوسطى، أو الأذن الداخلية. كما يمكن أن ينتج عن وجود اضطرابات في الأعصاب السمعية أو في أجزاء الدماغ المسؤولة عن ترجمة الدماغ للإشارات العصبية (القادمة من الأذن بواسطة الأعصاب) إلى أصوات مسموعة في ذهن الإنسان.
> أما الطنين الموضوعي Objective Tinnitus فهو نوع من الطنين الذي يتمكن الطبيب من سماعه عند فحص المريض، وهو نوع نادر يرجع سببه في الغالب لوجود مشكلة في أحد الأوعية الدموية القريبة جداً من الأذن، أو اضطرابات عظمية في عظام الأذن الوسطى، أو نتيجة حصول انقباضات عضلية في إحدى العضلات القريبة من الأذن.
ووفق مدى معرفة السبب وراءه وإمكانية معالجته، هناك طريقة عملية أخرى في تقسيم أنواع طنين الأذن إلى: «طنين أساسي»Primary Tinnitusمجهول السبب Idiopathicولا يُمكن معالجته، و«طنين ثانوي»Secondary Tinnitusمعروف سببه العضوي وثمة فرص لإمكانية معالجته.

أسباب الطنين
> أحد الأسباب الشائعة للإصابة بطنين الأذن هو حصول تلف في خلايا الأذن الداخلية، وخاصة في أجزاء الشعيرات الصغيرة والرقيقة جداً لتلك الخلايا السمعية، وهي الشعيرات التي تتحرك كسنابل القمح عند تعرضها للرياح. وهذه الشعيرات تتحرك بتلك التموجات نتيجة لدرجة شدة الضغط الذي يُولده دخول الأمواج الصوتية للصوت المسموع إلى الأذن. وتثير هذه الحركات لخلايا الأذن إطلاق إشارات كهربائية تسري من خلال العصب الخارج من الأذن، والذي مهمته توصيل تلك الإشارات العصبية إلى الدماغ، الذي يتولى ترجمتها إلى أصوات نسمعها في دماغنا. وهذه الشعيرات إذا انثنت أو انكسرت أو تلفت، يحصل نوع من التسريب العشوائي لنبضات كهربائية، شبيهة بتلك التي تنشأ عند سماع الأصوات، رغم عدم دخول الأذن أي أصوات خارجية حقيقية. ما يُؤدي في نهاية الأمر إلى سماع طنين الأذن.
وهناك أسباب أخرى للطنين مثل مشاكل أجزاء مختلفة في الأذن، وعدد من الأمراض المزمنة أو الإصابات أو الحالات التي تؤثر في الأعصاب الموجودة في الأذن أو المركز السمعي في الدماغ، مثل:
> التعرض المزمن للضوضاء العالية الصادرة عن المعدات الثقيلة، والمناشير الكهربائية، وأجهزة تشغيل الموسيقى. أما التعرض المؤقت للضوضاء العالية فقد يتسبب بطنين يزول بعد فترة قصيرة.
> كذلك يؤدي إلى الطنين، انسداد الأذن الخارجية بالشمع، عندما يتراكم الكثير منه، ويصعب التخلص منه بالطريقة الطبيعية، ما يسبب إما تدنيا في قدرات السمع أو تهيج طبلة الأذن، الأمر الذي قد يؤدي إلى الإصابة بالطنين.
> وينتج الطنين أيضاً عن حصول تيبّس عظمي في عظام الأذن الوسطى، أو ما يُسمى بـ«تصلّب الأذن»، وهو ما يُقلل من قدرات السمع ويسبب الطنين.
> كما يمكن أن يكون طنين الأذن مؤشراً مبكراً للإصابة بداء منيير. وداء منيير هو اضطراب في الأذن الداخلية قد يكون سببه اختلال ضغط السائل الموجود في الأذن الداخلية.
> ويمكن أن تتسبب مشاكل المفصل الفكي الصدغي في الطنين، وهو مفصل يقع على جانبي الرأس أمام الأذني، في منطقة التقاء عظمة الفك السفلية بالجمجمة.
> إصابات رضوض الرأس أو الرقبة قد تؤثر في الأذن الداخلية، أو أعصاب السمع، أو وظيفة الدماغ المتصلة بالسمع. ما قد يُؤدي إلى طنين في أذن دون أخرى.
> وفي حالات نادرة، قد ينشأ الطنين نتيجة حصول اضطراب في الأوعية الدموية، ويُسمى «الطنين النابض»، كما في حالات تصلب الشرايين بتراكم الكولسترول في جدرانها، ما يُقلل من مرونتها في التوسع مع كل نبضة للقلب، وبالتالي يغدو تدفق الدم أكثر قوة، مما يسهل على الأذن أن تلتقط صوت النبضات. وكذلك عند ارتفاع ضغط الدم ووجود تضيقات الشرايين الرئيسية في الرقبة.
> وهناك مجموعة من الأدوية التي قد تتسبب في حدوث الطنين أو تزيده سوءاً، مثل بعض أنواع المضادات الحيوية وأدوية إدرار البول وبعض أدوية علاج الاكتئاب وأدوية علاج السرطان.
- استشارية في الباطنية

التعامل العلاجي مع حالات طنين الأذن
> رغم عدم وجود علاج معروف لمعظم حالات الطنين، إلا أن العديد من الأشخاص يمكنهم التعامل معه عبر تقليل وعيهم وإحساسهم بالطنين.
والخطوة العلاجية الأولى هي التعامل مع السبب لو كان معروفاً، مثل إزالة شمع الأذن الزائد أو علاج حالة الأوعية الدموية أو تغيير الأدوية إذا كان أحدها يساهم في المشكلة. ويمكن أن تساعد أجهزة السمع الملائمة، عند استخدامها بشكل صحيح، في معالجة ضعف السمع وخفض شدة الطنين.
وهناك وسيلة «الضوضاء البيضاء»White Noise التي تعمل كقناع للأذن في خفض سماع الطنين وجعله أقل إزعاجا. بالإضافة إلى ذلك، هناك عدد آخر من الخيارات العلاجية الواعدة للتعامل مع طنين الأذن، مثل جهاز علاج إعادة تدريب طنين الأذنTinnitus Retraining Therapy، والذي يتضمن استخدام أجهزة «لتدريب الدماغ» لتجاهل طنين الأذن، والعلاج السلوكي المعرفي، الذي يركز على استبدال الأفكار الإيجابية بأفكار سلبية لتغيير رد فعل المرء على طنين الأذن.
ورغم عدم وجود دواء معتمد لعلاج طنين الأذن، فإن في بعض الحالات قد تفيد بعض من أدوية علاج الاكتئاب في تخفيف شدة الطنين.



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».