لقاح جديد للفيروس المخلوي التنفسي

الحقن بالبروتين الموجود على سطحه يمنح الأطفال المناعة

لقاح جديد للفيروس المخلوي التنفسي
TT

لقاح جديد للفيروس المخلوي التنفسي

لقاح جديد للفيروس المخلوي التنفسي

انتشر اسم الفيروس المخلوي التنفسي respiratory syncytial virus أو اختصاراً RSV بشكل كبير نهاية العام الماضي نظراً لكثرة الإصابات بالمرض وسط مخاوف من إمكانية أن تتحول هذه الإصابات إلى حالة وبائية عامة تعيد إلى الأذهان جائحة «كورونا» التي كانت قاربت على الانتهاء تماماً على وجه التقريب.

التهاب القصبات

ورغم أن المرض يعتبر من الأمراض البسيطة التي تصيب الجهاز التنفسي (التهاب القصيبات الهوائية) فإنه يمكن أن يسبب مضاعفات خطيرة في بعض الأحيان خاصة في الأطفال الذين يعانون من نقص المناعة لسبب أو لآخر مثل الأمراض المزمنة أو الأورام وكذلك كبار العمر. وتقريباً يتسبب المرض في وفاة حوالي 300 طفل كل عام في الولايات المتحدة ولم يكن هناك تطعيم واق من المرض حتى نهاية العام الماضي.

وفى منتصف شهر مايو (أيار) من العام الجاري اجتمعت لجنة من خبراء الصحة في إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA وصوتت بالأغلبية (10 أصوات موافقة ضد 4 أصوات رافضة) على إجازة اللقاح المقدم من شركة فايزر ضد المرض الذي يحمل الاسم التجاري Abrysvoويعتبر الأول من نوعه الذي يتم استخدامه في الرضع لحمايتهم من المرض ويتم التطعيم به أثناء فترة الحمل من خلال إعطاء اللقاح للأمهات عن طريق الحقن في الفترة من الأسبوع 24 إلى الأسبوع 36، وبعد ذلك يقوم اللقاح بتحفيز إنتاج الأجسام المضادة للفيروس في جسم الأم التي تمر بعد ذلك عبر المشيمة إلى الجنين وتعمل على حمايته بعد الولادة.

فكرة اللقاح

تعتمد فكرة اللقاح الجديد على منح الجسم المناعة عن طريق الحقن بالبروتين الموجود على سطح الفيروس الذي يسمى بروتين F، بعد أن تم تصنيعه مختبريا والذي يقوم بالاتحاد بخلايا المريض ومن ثم غزوها وهو الأمر الذي يسبب أعراض المرض ولكن بشكل مخفف. وبعد ذلك يكتسب الجسم المناعة من خلال الإصابة بالبروتين المخلق وعند إصابة الطفل لاحقاً بالفيروس الحقيقي يكون الجسم قد قام بالفعل بتكوين الجيش المناعي اللازم لمقاومته عن طريق الأجسام المناعية المكتسبة من الأم بجانب الآليات المناعية الأخرى في جسم الرضيع مما يخفف من الأعراض ويمنع المضاعفات بشكل كبير.

تبعاً للتجارب التي تم إجراؤها على سلامة اللقاح كان هناك ارتفاع طفيف في معدل حدوث الولادات المبكرة مقارنة بالمجموعة الضابطة control group ومع ذلك كان هذا المعدل لا يزال أقل من مثيله لدى عموم السكان حيث كان معدل نسبة الولادات المبكرة بين 7400 أم مشاركة في التجربة 5.7 في المائة للنساء اللاتي تناولن اللقاح مقارنة بـ4.7 في المائة ممن تلقوا علاجاً وهمياً o و10 في المائة في عموم الولادات. ويحمل العقار الوهمي المستخدم في التجارب الدوائية نفس شكل العلاج أو اللقاح ولكن من دون أي فاعلية طبية لمجرد التأثير النفسي على المريض. والجدير بالذكر أن الشركة المصنعة للقاح البالغين (غلاكسو) كانت أوقفت تجربة لقاح للرضع العام الماضي بسبب ارتفاع معدل المواليد المبتسرين (الخدج) أي المولودين مبكرا.

في التجارب الإكلينيكية التي تم إجراؤها على اللقاح وتم نشرها في شهر أبريل (نيسان) الماضي في مجلة نيو إنغلاند الطبية New England Journal of Medicine انخفض خطر إصابة الأطفال بمضاعفات خطيرة بنسبة 82 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى بعد الولادة ثم انخفضت النسبة إلى 69 في المائة فقط خلال ستة أشهر كما انخفض خطر إصابة الأطفال الرضع بأمراض الجهاز التنفسي الشديدة التي تتطلب زيارة الطبيب بشكل عام بنسبة بلغت 51 في المائة وهو الأمر الذي يشير إلى أن تطعيم الأمهات يعتبر جزءا أساسيا في الوقاية من المرض خاصة أن المناعة تنتقل إلى الأطفال في أول 6 شهور من حياتهم وهي الفترة التي تكون فيها معدلات الخطورة للمضاعفات كبيرة جداً. وعلى سبيل المثال فإن معدلات حجز الأطفال في المستشفيات جراء الفيروس المخلوي في الفترة العمرية من شهر وحتى 5 شهور ضعف الفترة العمرية من 6 وحتى 11 شهراً.

أوضحت إدارة الغذاء والدواء أن التطعيم يعتبر آمنا بشكل كبير والأعراض الجانبية الناتجة من الحقن طفيفة ولا تتعدى نفس الأعراض الناتجة عن التطعيم بأي لقاح آخر وأهمها الإرهاق والصداع وآلام العضلات وألم في موضع الحقن. ومخاطر الولادة المبكرة لا تعتبر كبيرة حيث كانت هناك 200 حالة فقط في 18 دولة حول العالم من أصل 7400 حالة تم إجراء التجارب عليهن وفي المقابل كانت هناك 169 من اللاتي تناولن العقار الوهمي.

كما وضحت شركة فايزر أن الموافقة النهائية على العقار سوف تصدر في شهر أغسطس (آب) المقبل، والاستخدام الفعلي للقاح الجديد ربما يستغرق بضعة شهور أخرى حتى نهاية العام ثم يتم طرحه في الأسواق بعد التأكد التام من فاعليته ومدى الأمان الذي يتمتع به خاصة أنه تمت الموافقة خلال هذا العام أيضاً على لقاح آخر لنفس المرض ولكن يتم استخدامه في البالغين فوق عمر 60 عاماً. ويعتبر الأطفال وكبار العمر من الفئات ذات الخطورة العالية لحدوث مضاعفات المرض ولذلك يجب تطعيمهم. والحرص على أن يتمتع اللقاح بأعلى قدر من الأمان وأقل نسبة مضاعفات خاصة مضاعفات الجهاز العصبي في الأطفال. ومن أهم المخاوف التي تجعل الآباء يحجمون عن تطعيم أطفالهم إصابتهم بمرض التوحد وهي مخاوف لا أساس لها من الصحة.


مقالات ذات صلة

كيف يؤثر السفر إلى الفضاء في جسم الإنسان؟

صحتك قضاء وقت في الفضاء يُشكّل تحدياً جسدياً حقيقياً (رويترز)

كيف يؤثر السفر إلى الفضاء في جسم الإنسان؟

إن قضاء وقت في الفضاء، مع انعدام الجاذبية، وانعدام ضوء الشمس، ومستويات الإشعاع المختلفة، يُشكّل تحدياً جسدياً حقيقياً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يطالب الولايات المتحدة «إعادة النظر» في الخفض الحاد لمساعداتها المخصصة للقطاع الصحي (أ.ف.ب)

«منظمة الصحة العالمية»: خفض المساعدات الأميركية قد يتسبب في خسارة أرواح الملايين

دعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الولايات المتحدة، الاثنين، إلى «إعادة النظر» في الخفض الحاد لمساعداتها المخصصة للقطاع الصحي.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
صحتك أعشاب إكليل الجبل تحتوي على مركب يمكن أن يساهم في علاج مرض ألزهايمر (أ.ف.ب)

أعشاب شهيرة قد تساعد في علاج ألزهايمر

كشفت دراسة جديدة أن أعشاب إكليل الجبل (الروزماري) الشائعة تحتوي على مركب يمكن أن يساهم في علاج مرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مرض باركنسون هو حالة تنكس عصبي تتضمن أعراضها التصلب والرعشة وبطء الحركة (أرشيفية- أ.ف.ب)

الشلل الرعاش قد ينتج عن تحور في بروتين بالمخ

توصلت دراسة جديدة إلى أن مرض باركنسون (الشلل الرعاش) ينتج عن تحور في بروتين حميد بالمخ.

«الشرق الأوسط» (سيدني (أستراليا))
صحتك عدَّاء يبرّد نفسه بالماء في سكوبيه شمال مقدونيا (أرشيفية - رويترز)

دراسة جديدة تربط بين الطقس الحار وأمراض القلب

توصل الباحثون في أستراليا إلى وجود صلة بين أمراض القلب والأوعية الدموية والطقس الحار.

«الشرق الأوسط» (سيدني )

كيف يؤثر السفر إلى الفضاء في جسم الإنسان؟

قضاء وقت في الفضاء يُشكّل تحدياً جسدياً حقيقياً (رويترز)
قضاء وقت في الفضاء يُشكّل تحدياً جسدياً حقيقياً (رويترز)
TT

كيف يؤثر السفر إلى الفضاء في جسم الإنسان؟

قضاء وقت في الفضاء يُشكّل تحدياً جسدياً حقيقياً (رويترز)
قضاء وقت في الفضاء يُشكّل تحدياً جسدياً حقيقياً (رويترز)

بعد تسعة أشهر من بقائهما عالقَين في محطة الفضاء الدولية، بدأ رائدا فضاء أميركيان رحلة العودة إلى الأرض على متن مركبة «سبيس إكس كرو دراغون»، وفقاً للقطات مباشرة بثتها وكالة الفضاء الأميركية «ناسا».

ومن المتوقع أن يهبط الرائدان بوتش ويلمور وسوني ويليامز، في المياه قبالة سواحل فلوريدا نحو الساعة السادسة مساءً بالتوقيت المحلي (22:00 بتوقيت غرينتش)، اليوم (الثلاثاء).

وكان الرائدان قد وصلا إلى المحطة في بداية يونيو (حزيران) على متن أول رحلة تجريبية مأهولة لمركبة «ستارلاينر» التابعة لشركة «بوينغ». وكان من المفترض أن تستمر مهمتهما 8 أيام فقط، إلا أن مشكلات فنية كثيرة في المركبة أجبرتهما على البقاء في الفضاء لمدة أطول.

لكن كيف يؤثر الفضاء في جسم الإنسان؟

إن قضاء وقت في الفضاء، مع انعدام الجاذبية، وانعدام ضوء الشمس، ومستويات الإشعاع المختلفة، يُشكّل تحدياً جسدياً حقيقياً.

وذكر تقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية، أبرز المخاطر الصحية التي يواجهها الرواد في الفضاء، وهي:

الإشعاع الفضائي

يتعرض رواد الفضاء لإشعاعات عالية الطاقة في الفضاء، على عكس الأرض، حيث يُوفّر الغلاف الجوي والمجال المغناطيسي للأرض درعاً واقياً منها.

ويقول الخبراء إن هذا قد يؤدي إلى تلف الحمض النووي، وزيادة خطر الإصابة بالسرطان، وتأثيرات تنكسية عصبية، ومشكلات في القلب والأوعية الدموية، واضطراب في الجهاز المناعي.

وقد يوفر الغلاف المغناطيسي للأرض بعض الحماية لرواد محطة الفضاء الدولية، نظراً لقربهم منه نسبياً، إذ يبعدون مسافة 400 كيلومتر تقريباً.

لكن عندما يسافر رواد الفضاء أبعد من ذلك، كما هو الحال في رحلاتهم إلى القمر الذي يبعد نحو 383 ألفاً و400 كيلومتر، يتعرضون لجرعات إشعاعية أعلى بكثير.

رائدا الفضاء العالقان بوتش ويلمور وسوني ويليامز (أ.ب)

آثار انعدام الجاذبية

تلعب الجاذبية دوراً حاسماً في تنظيم وظائف الجسم، وغيابها له آثار سلبية على صحة الإنسان، وفقاً للخبراء.

وبسبب انعدام الجاذبية، يفقد رواد الفضاء كثافة عظامهم، مما يعني أنها تصبح أضعف وأكثر هشاشة.

ووفقاً لوكالة «ناسا»، تقل كثافة عظام رواد الفضاء بنسبة 1 في المائة تقريباً لكل شهر يقضونه في الفضاء إذا لم تُتخذ الاحتياطات اللازمة.

كما يعاني الرواد أيضاً من ضمور العضلات خلال فترة وجودهم في الفضاء.

وعادةً ما تحدث كثافة العظام وضمور العضلات على الأرض نتيجةً للشيخوخة الطبيعية، ونمط الحياة غير النشط، وبعض الأمراض.

كما يُسبب انعدام الجاذبية انزلاق سوائل الجسم إلى الأعلى، مما يؤدي إلى تورم الوجه وزيادة الضغط داخل الجمجمة، مما قد يؤثر على الرؤية.

كما يُبلّغ عن الصداع على نطاق واسع بين رواد الفضاء. فقد وجدت دراسة نُشرت العام الماضي أن 22 من أصل 24 رائد فضاء شملهم الاستطلاع، والذين سافروا في الفضاء لمدة تصل إلى 26 أسبوعاً، عانوا منه بشكل متكرر في أثناء وجودهم هناك.

الآثار النفسية

من المعروف أن العيش في أماكن ضيقة ومعزولة، مع محدودية التفاعل الاجتماعي، يؤثر سلباً في الصحة النفسية للأفراد، وهذه هي الظروف التي يختبرها رواد الفضاء عند مغادرتهم الأرض.

ووفقاً لأفشين بهشتي، مدير مركز الطب الحيوي الفضائي بجامعة بيتسبرغ الأميركية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى إصابة رواد الفضاء بالتوتر، واضطرابات النوم، وانخفاض الأداء الإدراكي، واضطرابات المزاج.

هل للسفر الفضائي آثار طويلة المدى؟

تشير الدراسات إلى أن معظم رواد الفضاء الذين يقضون فترة في الفضاء يتعافون من معظم آثاره البيولوجية بما يتناسب مع المدة التي قضوها به.

على سبيل المثال، لو بقوا في الفضاء لمدة خمسة أشهر، فسيستغرق الأمر نفس المدة تقريباً للتعافي تماماً من معظم الآثار البيولوجية.

ومع ذلك، قد تستمر بعض المشكلات.

فقد وثّق بحث نُشر عام 2022 فقداناً في العظام لدى 17 رائد فضاء من محطة الفضاء الدولية في مهمات استغرقت في المتوسط ​​نحو خمسة أشهر ونصف.

وأظهر البحث أنه بعد عام من العودة، أظهر رواد الفضاء في المتوسط ​​انخفاضاً في كثافة عظام الظنبوب -إحدى عظام أسفل الساق- بنسبة 2.1 في المائة وانخفاضاً في قوة العظام بنسبة 1.3 في المائة.

وتشير الأبحاث إلى أن بعض رواد الفضاء قد يعانون من ضعف دائم في البصر بسبب تحولات السوائل الناتجة عن انعدام الجاذبية وتغيرات الضغط داخل الجمجمة التي تؤثر في العينين.

وغالباً ما يكون ذلك بسبب حالة تُعرف باسم متلازمة العين العصبية المرتبطة برحلات الفضاء (SANS).

وبالنسبة لأولئك الذين يشاركون فقط في مهمات قصيرة الأمد تستمر لبضعة أيام في مدار أرضي منخفض، يبدو أن نحو 95 في المائة من جميع الأضرار البيولوجية التي لحقت بهم تزول عند العودة.