ما الطريقة المختلفة التي يتبعها الآباء الذين يربون الأطفال الأقوى والأكثر مرونة؟

الآباء الذين يقومون بتربية أطفال أقوى يخلقون بيئة تسمح لهم بارتكاب الأخطاء (رويترز)
الآباء الذين يقومون بتربية أطفال أقوى يخلقون بيئة تسمح لهم بارتكاب الأخطاء (رويترز)
TT

ما الطريقة المختلفة التي يتبعها الآباء الذين يربون الأطفال الأقوى والأكثر مرونة؟

الآباء الذين يقومون بتربية أطفال أقوى يخلقون بيئة تسمح لهم بارتكاب الأخطاء (رويترز)
الآباء الذين يقومون بتربية أطفال أقوى يخلقون بيئة تسمح لهم بارتكاب الأخطاء (رويترز)

يضرّ الضغط المرتبط بالإنجازات في المجتمع بأطفالنا بشكل متزايد. كصحافية وكاتبة وأم لـ3 مراهقين، أرادت جنيفر بريهيني والاس أن تفهم الضغط الذي يشعر به الأطفال والآباء، ومن أين يأتي ذلك.

لذا، في عام 2020، أجرت استطلاعاً وطنياً هو الأول من نوعه حول الأبوة والأمومة بمساعدة باحث في كلية الدراسات العليا للتعليم بجامعة هارفارد، وفقاً لتقرير لشبكة «سي إن بي سي».

أحد أكثر الأشياء الرائعة التي تلت ذلك كان يتعلق بأسلوب تربية معين يؤذي ثقة الأطفال واحترامهم لذاتهم.

الأبوة والأمومة الناقدة قد تؤدي إلى «الذات الزائفة»

قالت والاس إن الآباء الأكثر نجاحاً لا يتبعون أسلوباً نقدياً في التربية.

وتابعت: «عندما ينتقد أحد الوالدين الطفل (لماذا لا يمكنك أن تكون مثل أخيك؟)، أو عندما يبدو الحب مشروطاً (أتوقع كل شيء كما الحال في هذا الفصل الدراسي!)، يبدأ الطفل في الشعور بالعيوب».

للتعامل مع تلك المشاعر المؤلمة، يتعلم الطفل إخفاء هويته الحقيقية حتى يصبح الشخص الذي يعتقد أن والديه يريدانه أو يحتاجان إليه، بحسب والاس.

وهذا يمكن أن يؤدي بالأطفال إلى تطوير ما يسميه علماء النفس «الذات الزائفة»، وهي شخصية مصطنعة تعمل بمثابة استراتيجية تأقلم للحصول على الحب والدعم الذي يحتاجه الطفل للبقاء على قيد الحياة. والنتيجة هي أنه يشعر بالخجل، وبأنه غير معروف وغير محبوب.

مع مرور الوقت، يمكن أن تؤدي الذات الزائفة إلى اختيار الأصدقاء أو الشركاء أو الوظائف الخطأ، لأن هذه الشخصيات تعيش حياة فرد آخر بشكل أساسي، وفق ما أوضحته والاس.

ما الذي يفعله الآباء الناجحون بشكل مختلف؟

الآباء الذين يقومون بتربية أطفال أقوى وأكثر مرونة يخلقون بيئة تسمح لهم بارتكاب الأخطاء وعدم الخوف من الفشل، بحسب والاس.

لا يزال بإمكانك أن تحب الشخص، لكنك لا تحب الفعل. عندما نكون قادرين على الفصل بين الاثنين بوضوح، فإن الطفل لا يربط قيمته بسلوكه، سواء أكان «جيداً» أم «سيئاً».

هذا لا يعني أنه لا يمكنك أن تكون لديك توقعات بشأن سلوك طفلك. عليك فقط أن تنتبه إلى كيفية التعبير عن هذه المخاوف. عندما يتصرف طفل بطرق لا تتفق مع قيمنا أو آمالنا، فإننا لا نزال بحاجة إلى الإشارة إلى الدفء حتى أثناء التعبير عن خيبة الأمل.

كيف تُظهر التقدير لأطفالك؟

يتكون جزء كبير من حياة الآباء في جعل الأطفال يفعلون أشياء لا يريدون القيام بها، وتعليمهم الدروس، وإعدادهم لتحقيق النجاح في المستقبل. لكن شيئاً ما يضيع عندما لا تتضمن علاقاتنا وقتاً كافياً للاستمتاع بعضنا ببعض، والابتهاج بما هو محبوب بطبيعته في أطفالنا.

يقول غوردون فليت، أستاذ علم النفس بجامعة يورك، إنه من المهم الانتباه إلى «الممارسات الدقيقة» التي تستخدمها مع أطفالك، وتابع: «هل تستمتع عندما يسير أطفالك في الغرفة أم تمطرهم بالأسئلة؛كيف كان أداؤكم في الاختبار؟، لتخفيف قلقك؟».

ولتحقيق هذه الغاية، توصي عالمة النفس سوزان باورفيلد بتحية أطفالك مرة واحدة على الأقل يومياً: «بفرح كامل بلا خجل. وهذا يشمل أن تكون حنوناً جسدياً، ومرحاً».

وأظهرت دراسة أجرتها جامعة نوتردام أن الأطفال الذين نشأوا في أسرة حنونة جسدياً أفادوا باكتئاب وقلق أقل ومستويات أعلى من التعاطف عندما أصبحوا بالغين.


مقالات ذات صلة

منظمات أممية: السودان قد يفقد جيلاً كاملاً من الأطفال بسبب سوء التغذية

شمال افريقيا السودان يواجه خطر فقدان جيل كامل من الأطفال بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)

منظمات أممية: السودان قد يفقد جيلاً كاملاً من الأطفال بسبب سوء التغذية

حذرت منظمة «اليونيسف» وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية في بيان مشترك اليوم الخميس من أن السودان يواجه خطر فقدان جيل كامل من الأطفال.

صحتك تأثير الإجهاد الحراري على الأطفال

تأثير الإجهاد الحراري على الأطفال

رغم أن التعرض للشمس ودرجات الحرارة المرتفعة يمر، في الأغلب، من دون مشكلات صحية كبرى، فإن بعض عواقبه يمكن أن تكون وخيمة وتؤدي إلى الوفاة

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
يوميات الشرق تركيز معظم الفتيات على مظهرهن واهتمامهن بأن يكن جميلات يبدآن في سن صغيرة جداً (أ.ف.ب)

اهتمام الفتيات بمظهرهن يبدأ في سن صغيرة جداً

أكدت دراسة جديدة أن تركيز معظم الفتيات على مظهرهن واهتمامهن بأن يكن جميلات يبدآن في سن صغيرة جدا، قبل حتى تعلمهن القراءة أو الكتابة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الأبوة تجعل الرجال أكثر عرضة للإصابة بمشاكل القلب والأوعية الدموية (رويترز)

الأبوة تؤثر سلباً على صحة قلب الرجال

أظهرت دراسة جديدة أن الإنجاب قد يؤثر سلباً على صحة الآباء، حيث يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بمشاكل القلب والأوعية الدموية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا جانب من فعاليات «قمة الاتزان الرقمي (سينك)» التي أقيمت في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) بالظهران شرقي السعودية وفي (الإطار - يمين) عبد الله الراشد مدير المركز (الشرق الأوسط)

الراشد: أكثر من نصف مستخدمي التقنية يشكون من تأثيرها السلبي

حذّر عبد الله الراشد، مدير مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، من تأثير الإفراط في استخدام التقنية على الأطفال.

علي القطان (الظهران)

«شو يا قشطة» مسرحية في بيروت لدسّ الملح في الجرح

الممثلات في أقفاصهنّ قبل الخروج لإعلان الرفض (الشرق الأوسط)
الممثلات في أقفاصهنّ قبل الخروج لإعلان الرفض (الشرق الأوسط)
TT

«شو يا قشطة» مسرحية في بيروت لدسّ الملح في الجرح

الممثلات في أقفاصهنّ قبل الخروج لإعلان الرفض (الشرق الأوسط)
الممثلات في أقفاصهنّ قبل الخروج لإعلان الرفض (الشرق الأوسط)

تحوّلت مُجسّمات تُشبه الصندوق، محاطةً بأضواء يمكن التحكّم بها، لتطويعها بين النور والعتمة، إلى ما يشبه الأقفاص. فيها تؤدّي ممثلات مسرحية «شو يا قشطة» أدوارهنّ المؤثّرة. يظلّ الصندوق رفيق نصّ مُحاك بالإبرة والخيط (كتابة وفاء حلاوي ورياض شيرازي)؛ يمرّ على الإشكالية بجرأة ومسؤولية. نصٌّ بصوتٍ عالٍ ولغة متمكّنة، يوقظ الصوت الآخر المُختنِق، أو المُصادَر، أو المُجبَر على السكوت لجهوزية التصنيف الاجتماعي، وانقضاضه فوراً على المرأة، لتحميلها الذنب والتهمة ولاعدالة العقاب.

ممثلات مسرحية «شو يا قشطة» يؤدّين أدوارهنّ المؤثّرة (الجهة المنظّمة)

في بيروت، لا يزال ثمة مسرح يُمرّر الوعي برتبة فنّية. مسرح يَقِظ، مثقّف، مهموم بقضايا الإنسان. يتجاوز الهمس إلى الصرخة، والتحايُل إلى تصويب الإصبع مباشرة على الجرح. هكذا هو «مسرح مونو»، مقدّماً عرضاً بطلاته 4 نساء، ونصّ، وإخراج (رياض شيرازي)، وواقع حمَّال أوجه، رخو حين يتعلّق بإنصاف المرأة.

مقاربة إشكالية التحرُّش تتّخذ هنا قالبها، وتُحدِث التماهي، والأهم، تُحذِّر، وتستبق الأحداث، وتمنح متلقّيها قوّة الردع. تتعامل مع الوعي بالدرجة الأولى، فحين تُحفّزه، وتُنهضه من سباته، وتُلحِقه بالواقع، تقطع نصف الطريق حيال التمادي المعزَّز بمرارة الإفلات من العقاب وهزلية القانون.

الممثلات الأربع اختزالات لقصص حدثت وآلام معاشة: سنتيا كرم، سلمى شلبي، وفاء حلاوي، وكايتي يونس؛ أداء ماهر وتلبُّس مقنع للأدوار ومؤثّر للحالة. تملك المسرحية (إنتاج ميشيل فينيانوس ووفاء حلاوي) ما يكفي من الملح لرشّه على الجرح رفضاً لتسكينه واللفّ حوله على طريقة الترقيع والطبطبة. مسائل منها العلاقة الزوجية حين تُحوّل المرأة إلى «شيء» (Object)، والخيبة، والتحطيم... تُقاربها سلمى شلبي بوجع الداخل المُهشَّم والكيل الطافح. أمام سنتيا كرم بدور المُعالِجة، تَحدُث اعترافات، فيُقال ما لا يجرؤ كثيرون على قوله خوفاً من الضريبة. لكلّ ممثلة قصة، والقصص مرايا. لا مفرّ من أن يلمح المرء نفسه، وإنْ تراءى الشكلُ ظلاً أو طيفاً أو خيالات مارَّة. لا التواء ولا مواربة، بل الأشياء بأسمائها، والإشارة إلى الفعل لا ترضى بأقل من حجمه الطبيعي: «التحرّش جريمة، وهو ليس ما يقتصر على اللمس، بل اللفظ والنظرة والغمزة، وكل ما لا تريده المرأة ويحصل رغماً عنها».

في بيروت لا يزال ثمة مسرح يُمرّر الوعي برتبة فنّية (الجهة المنظّمة)

تُعرّي كايتي يونس، بتميُّز أدائي، القانون اللبناني الفضفاض حيال لجم المتحرّش وعقابه. يبدو المشهد كاريكاتورياً، وهو يُبيّن ثقوبه ويفكك بؤسه. بحضور رئيسة «الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية» كلودين عون، التي شدّدت ميشيل فينيانوس على دورها في مَنْح النصّ «شرعية قانونية»، بعدما سجَّلت «عدم استجابة من جمعيات نسائية جرى التواصل معها من دون تلقّي ردّ»؛ مُلمِحةً، عبر مشهد في المسرحية، إلى «فشل» الثورة حين تهبُّ الحماسات في البداية، ثم تخفت، ولا تبقى في الساحة قبضةٌ مرفوعة.

ميشيل فينيانوس وجهدُ الإضاءة على الوجع (الجهة المنظّمة)

تُطرح علاقة المرأة بجسدها بجانبها التثقيفيّ، فلا يغدو هذا الجسد حبساً، ولا عقاباً، ولا حِملاً يُثقله القهر الاجتماعي، بل يَحدُث التصالح والتقبُّل واللملمة، بعد التشظّي، والدهس، والاستباحة. تتحقّق مواجهة المُغتصِب بجريمته، من دون أن يظهر رجلٌ بدورٍ مكتوبٍ على الخشبة. الرجل حاضر بكثافة، وإن لم يتجلَّ بجسد. يُواجَه، يوضع أمام الفعل - الجريمة، ويُنزَع عنه الستر، ليقف بفجاجة أمام الخراب الذي أحدث، والعطب التي ارتكب، حين اغتصب طفلة -وهو خالُها- وسلبها الأحلام والثقة بالذات والآخر، وإمكان أن تحبّ وتتقبّل الحبّ.

يتساقط المطر وتُفتح الشماسي لتردع شيئاً من وَقْعه البارد وهبوطه المثير للشوق. يستيقظ وحشٌ في داخل النساء، يرفض أن يُقتَل ليحلّ مكانه نموذج الوداعة والطاعة والرضوخ. تتراءى سلسلة شديدة الاتصال، تبدأ بالتربية الأولى حين يُدرَّب الطفل على تقبيل الآخرين من باب اللطافة، وتستمرّ بالنشأة حين يبني الأهل جدراناً تهدُم المصارحة لينمو الخوف. وتتواصل بالزواج المُحطِّم ومحو المرأة، إلى ما لا نهاية حلقاته المتعلّقة بالشارع والأمان المقتول، وبسيارات الأجرة، والأماكن المجهولة والمواعيد المشبوهة، وبيئة العمل واشتراط التنازُل، ونيل الفرص بحجم الاستعداد لدفع الثمن.

رياض شيرازي شارك في الكتابة وأخرج عملاً قيّماً (الجهة المنظّمة)

الممثلات في أقفاصهنّ - أقدارهنّ المكتوبة، يخرجن في اللحظة الأخيرة لإعلان الرفض. السكوت مرفوض، والتواطؤ، والتستُّر، وتحويل اللاعادي إلى عادي. ولا تمرير اللكمات بذريعة «المزاح»، والتنمُّر المبطَّن، والسخرية من أجساد النساء بعد الإنجاب، ونبذها، وزجِّها في إطار. ولا الذنب وقسوة معاقبة الذات لأنّ الآخرين أخطأوا وصوَّبوا الخطأ في الاتجاه المعاكس. النهاية إدانة لكل ما يُحدِث إهماله ضرراً هائلاً وخسائر لا تعوَّض. والمسرحية عزاء للناجيات وتحية لشجاعة المُجاهَرة بالمحظور.