الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

تقرير يدين استهداف المدنيّات في الصراعات وارتفاع الاعتداءات الجنسية

بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)
بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)
بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

حالكاً كان المشهد العام بالنسبة إلى المرأة خلال العام الماضي في مناطق الصراعات المسلحة والأزمات الإنسانية، التي شهدت تضاعف عدد الضحايا من النساء مقارنة بالعام السابق عليه، ولن يكون أحسن حالاً خلال هذه السنة التي تشرف على نهايتها، كما يتبيّن من التقرير السنوي الذي يعدّه مكتب الأمين العام للأمم المتحدة بشأن حماية المدنيين في ظروف الحرب.

يرسم هذا التقرير، الذي صدر منذ أيام، صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، حيث شكّلن 40 في المائة من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف ما بلغته هذه النسبة عام 2022، فيما كانت نسبة الأطفال الذين قضوا في هذه النزاعات 30 في المائة، أي 3 أضعاف العام السابق عليه.

مدنيو غزة... 70 % من إجمالي الضحايا

سيدة فلسطينية تتفقد الدمار في حي الدرج بعد غارة إسرائيلية يوم 22 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

كما يفيد التقرير بأن عدد الضحايا المدنيين في المدة نفسها ارتفع بنسبة 73 في المائة، حتى بلغ 34 ألفاً من القتلى غير المحاربين، وذلك بسبب نشوب نزاعات مسلحة جديدة، خصوصاً الحرب في قطاع غزة والضفة الغربية، حيث كانت نسبة الضحايا في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 في المائة من مجموع القتلى الذين سجلتهم وكالات الأمم المتحدة.

يقول بابلو كاستيّو، وهو خبير دولي في شؤون المرأة شارك في إعداد التقرير الأممي بشأن المرأة والسلم والأمن، إن «نسبة النساء الضحايا ارتفعت في جميع الحروب، وإن السبب في ذلك هو عدم احترام القانون الدولي والمواثيق الإنسانية في ظروف الحرب؛ الباردة والساخنة، بين القوى العظمى، وأيضاً بسبب المناخ الجيوسياسي العام وزعزعة النظام الدولي متعدد الأطراف». ويحذّر كاستيّو بأن «ثمة تنامياً لمنحى مهاجمة كل ما يمكن تعريفه أنثوياً، والمشهد العام بالنسبة إلى وضع المرأة تدهور إلى حد اقتضى عودة الأمم المتحدة إلى استخدام سرديتها السابقة، وإدانة استهداف النساء في تقاريرها».

وينبّه التقرير إلى أن «العالم بات رهينة دوامة مخيفة من النزاعات وعدم الاستقرار والأزمات المسلحة، التي بلغ عددها 170 نزاعاً في العام الماضي، و612 مليوناً من النساء والبنات يعشن على مسافة لا تتخطى 50 كيلومتراً من مناطق القتال، أي بزيادة 150 في المائة على العقد السابق».

الاعتداءات الجنسية

من المعلومات الأخرى المقلقة التي يكشف عنها التقرير أن حالات الاعتداءات الجنسية في مناطق الصراعات المسلحة والأزمات ارتفعت بنسبة 50 في المائة، وأن عدد البنات اللاتي يتعرضن لحالات اغتصاب خطرة قد ازداد بنسبة 35 في المائة. وتقول كريستين غارنت، الخبيرة في «الارتباط بين الحرب والنوع الاجتماعي»، إن «هذه الأرقام ليست وليدة الصدفة؛ لأن العنف الجنسي كان ولا يزال من الأسلحة المستخدمة في الحروب، ليس فحسب لدفع السكان إلى النزوح القسري، بل أيضاً للمقايضة بين الجماعات الإرهابية وسبيلاً لتمويل أنشطتها».

يشير التقرير في مواقع عدة إلى «حرب ضد النساء»، وإلى تعرّض المرأة لأشكال شتّى من المعاناة، فضلاً عن القتل والاغتصاب. فهي مثلاً تواجه صعوبات متصاعدة للحصول على العناية الطبية، وأيضاً ما لا يقلّ عن 500 امرأة وبنت يلقين حتفهن كل يوم في مناطق النزاعات المسلحة بسبب المضاعفات الصحية الناجمة عن الحمل و الولادة، «كما حدث في غزة المدمرة أواخر العام الماضي، حيث كانت تسجل 180 حالة ولادة يومياً، جلّها من غير عناية طبية أو مستلزمات صحية أساسية».

وتقول ماري فيكس، رئيسة فريق «أطباء بلا حدود» في السودان، إن «امرأة ريفية حاملاً اضطرت إلى الانتظار 3 أيام لتجمع المال الكافي كي تحصل على العناية الطبية، لكن عندما وصلت إلى المركز الصحي وجدت أن الأدوية والمستلزمات الأساسية لم تكن متوفرة، وعادت إلى منزلها حيث تدهورت حالتها في انتظار المساعدة إلى أن فارقت الحياة بسبب التهاب بسيط كانت معالجته سهلة».

«غياب الوعي العالمي»

نساء مُصطفّات للحصول على مساعدات غذائية بجنوب السودان في 13 نوفمبر الماضي (أ.ب)

يتضمّن التقرير أيضاً، لأول مرة، انتقاداً مباشراً لما يسميه «غياب الوعي العام الأساسي بخطورة هذه المظالم»، ولضعف التغطية الإعلامية لهذه الحالات: «تضاعفت كمية الأنباء المتداولة على وسائل الإعلام حول الحروب 6 مرات في السنوات العشر الماضية، لكن نسبة 5 في المائة منها فقط تناولت أوضاع المرأة ومعاناتها الناجمة عن الصراعات».

منذ سنوات تتوالى الاتهامات حول استخدام العنف الجنسي سلاحاً في الصراع الدائر بجمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث سجّلت الأمم المتحدة وقوع 123 ألف حالة اغتصاب في العام الماضي وحده؛ أي بزيادة 300 في المائة على عام 2020، لكن من غير أن يتعرض أي من المرتكبين للإدانة القضائية. والأغرب من ذلك، أن السنوات الماضية شهدت تراجعاً في تمويل المنظمات الناشطة ضمن برامج المساواة والحد من تداعيات الحروب والنزاعات المسلحة على النساء والبنات، في الوقت الذي ازدادت فيه الهجمات والانتقادات التي تتعرض لها هذه المنظمات. ويفيد التقرير بأن السلطات المحلية والوطنية في بلدان، مثل العراق وليبيا واليمن، منعت استخدام مصطلحات مثل «النوع الاجتماعي»، فيما شهدت بلدان كثيرة ازدياداً في الاعتداءات على المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والفنانات.

في أفغانستان، يشير تقرير الأمم المتحدة إلى حالة «آبارتهايد» تتعرض لها المرأة؛ المحرومة منذ 3 سنوات من حقها في التعليم بعد الثانية عشرة من العمر، وإلى أن محاولات الانتحار تزداد بنسبة خطرة بين النساء منذ صيف عام 2021 عندما عادت «طالبان» إلى الحكم. ويدعو التقرير إلى اتخاذ تدابير عاجلة لمعالجة وضع المرأة في أفغانستان «قبل فوات الأوان».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأفريقي: الحرب السودانية «أسوأ أزمة إنسانية في العالم»

شمال افريقيا صورة تم توزيعها في يناير 2024 تظهر نساء وأطفالاً في مخيم زمزم للنازحين شمال دارفور بالسودان (رويترز)

الاتحاد الأفريقي: الحرب السودانية «أسوأ أزمة إنسانية في العالم»

وصف مسؤولون في الاتحاد الأفريقي الحرب الأهلية السودانية بأنها «أسوأ أزمة إنسانية في العالم»، وحذّروا من أنها تترك مئات آلاف الأطفال يعانون سوء التغذية.

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
مقاتلون من حركة «إم 23» المسلحة يسيرون في شوارع غوما (أ.ف.ب)

قمة أفريقية تستضيفها تنزانيا لإنهاء القتال العنيف في شرق الكونغو

تسعى قمة مشتركة لقادة شرق وجنوب أفريقيا مقامة في تنزانيا إلى التوصل لحل للصراع العنيف في شرق الكونغو؛ إذ يُهدد المتمردون بالإطاحة بالحكومة الكونغولية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
تحقيقات وقضايا تلامذة سوريون يلعبون خلال الاستراحة في باحة مدرستهم في مخيم للاجئين في أعزاز قرب الحدود التركية (غيتي) play-circle 02:16

«المدرسة العالمية للاجئين»: بصيص أمل وسط الحروب والنزوح

وسط الكوارث الناجمة عن الحروب والنزاعات، لا يزال هناك أمل تعيده مبادرات إنسانية لمن فقدوه، منها «المدرسة العالمية للاجئين» التي وفَّرت التعليم لأكثر من 38 ألفاً

«الشرق الأوسط» (عمّان)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي في كييف 15 فبراير 2023 (رويترز)

زيلينسكي: مستعد لإجراء مفاوضات مباشرة مع بوتين

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، استعداده لإجراء مفاوضات مباشرة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين لوضع حد للحرب المستمرة منذ نحو 3 سنوات.

«الشرق الأوسط» (كييف)
يوميات الشرق كلّما أُلقي عليه ضوء صوَّب غسان أبو ستة النظر نحو فلسطين (حساب كارول منصور في «فيسبوك»)

غسان أبو ستة... لن تسكُت الحقيقة

كلّما أُلقي عليه ضوء، صوَّب غسان أبو ستة النظر نحو فلسطين. مع ذلك، ظلَّ بطل الحكاية ومُحرّكها؛ والفيلم تحية له.

فاطمة عبد الله (بيروت)

روته يتفق مع ترمب على زيادة المساواة بين أميركا وأوروبا في مساعدة أوكرانيا

مارك روته الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (أ.ب)
مارك روته الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (أ.ب)
TT

روته يتفق مع ترمب على زيادة المساواة بين أميركا وأوروبا في مساعدة أوكرانيا

مارك روته الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (أ.ب)
مارك روته الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (أ.ب)

قال مارك روته، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، اليوم الأربعاء، إنه اتفق مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على ضرورة تقاسم واشنطن والحلفاء الأوروبيين عبء تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا على نحو أكثر مساواة، وفقاً لـ«رويترز».

ويضغط ترمب على أوروبا من أجل زيادة الإنفاق الدفاعي وتحمل مسؤولية أكبر لدعم كييف في مواجهة الغزو الروسي المستمر منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.

ويدعو ترمب إلى إنفاق ما يصل إلى 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع على الرغم من عدم اقتراب أي عضو في حلف الأطلسي، بما في ذلك الولايات المتحدة، من هذه النسبة.

وذكر حلف الأطلسي، العام الماضي، أن أعضاءه اتفقوا على تقديم مساعدات أمنية بقيمة 40 مليار يورو (41.5 مليار دولار) لأوكرانيا في غضون عام، لكنهم في النهاية أرسلوا أكثر من 50 ملياراً، أسهم الحلفاء الأوروبيون وكندا بأكثر من نصفها. وجاءت المساعدات المتبقية من الولايات المتحدة.

وقال روته للصحافيين في بروكسل قبل تجمع للمسؤولين بغرض مناقشة تقديم مزيد من المساعدات لأوكرانيا: «يرسل هذا إشارة واضحة على التزامنا الثابت تجاه أوكرانيا».

وأضاف: «يمثل هذا خطوة كبيرة في اتجاه ما دعا إليه الرئيس ترمب. وأنا أتفق معه في أننا يجب أن نحدث مساواة أكثر في المساعدات الأمنية لأوكرانيا».

وذكر حلف شمال الأطلسي في الآونة الأخيرة أن الحلفاء في أوروبا وكندا أنفقوا 485 مليار دولار على الدفاع في 2024، وهو ما يمثل زيادة بنحو 20 في المائة عن العام السابق.