ضغط التحصيل الدراسي... وأعراض الاكتئاب لدى المراهقين

نتيجة التعارض بين الرغبة في التفوق والخوف من ضعف الأداء

ضغط التحصيل الدراسي... وأعراض الاكتئاب لدى المراهقين
TT

ضغط التحصيل الدراسي... وأعراض الاكتئاب لدى المراهقين

ضغط التحصيل الدراسي... وأعراض الاكتئاب لدى المراهقين

من المعروف أن فترة الدراسة الأكاديمية تُعدّ فترة شديدة الخطورة لزيادة احتمالية الإصابة بالأمراض النفسية المختلفة. وهي تشمل على وجه التقريب المراحل الدراسية كافة، بداية من رياض الأطفال، ونهاية بالجامعة لأسباب مختلفة.

وهناك عديد من الدراسات التي تناولت العلاقة بين التحصيل الأكاديمي والإصابة بالأعراض النفسية وأهمها الاكتئاب، وناقشت الطرق المُثلى لتفادي حدوثها والحفاظ على الصحة النفسية للطلاب؛ لأن بعض الحالات تكون شديدة الخطورة وتصل إلى محاولات الإقدام على الانتحار.

على الرغم من وجود كثير من الإجراءات والجهود التي تقوم بها المدارس لجعل البيئة المدرسية غير ضاغطة، عن طريق توفير أنشطة لا ترتبط بالدراسة بشكل مباشر؛ مثل الرحلات الترفيهية والمسابقات الرياضية، فضلاً عن توفير عناية نفسية في معظم المدارس وعلاج سلوكي معرفي، فإن غالبية هذه الأساليب فشلت في كثير من الأحيان في تخفيف حدة أعراض الاكتئاب والقلق.

الإنجاز والاكتئاب

أوضح علماء النفس أن الطلاب يتعرّضون لخطر الاكتئاب؛ بسبب ما تُسمى «أهداف الإنجاز (Achievement goals)» بمعنى توجيه السلوك لتحقيق إنجاز كبير معين وهو (النجاح) بجانب إنجاز آخر وهو (التفوق على الآخرين)، ما يجعل الطالب مهتماً بالتعلم وتطوير مهاراته الإدراكية. ولكن في المقابل فإنه يعاني الخوف من عدم القدرة على الاستيعاب بشكل مناسب وبالتالي يعاني من الفشل؛ ما يضع المراهق تحت ضغط نفسي؛ بسبب التعارض بين الرغبة في النجاح والتفوق على الأقران، والخوف من ضعف الأداء والظهور بعدم الكفاءة.

وفي الأغلب فإن معظم الذين يعانون من الاكتئاب يركزون بشكل أساسي على التفوق على الأقران، وفي حالة عدم تحقق ذلك يشعرون بعدم القيمة وتنخفض ثقتهم بنفسهم ويحدث تدنٍ في النظرة إلى الذات. وفي المقابل فإن الذين يركزون على النجاح يصبحون أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب ويسعون لتعلم مزيد من المهارات التي تساعدهم على مواجهة الصعوبات؛ لأن قيمتهم الذاتية لا تعتمد بشكل أساسي على التفوق على الآخرين، ولكن قدرتهم على التكيُّف بشكل إيجابي مع التحديات المختلفة.

ضغط دراسي

حذّر العلماء من الاستهانة بالضغط الدراسي بوصفه عاملاً مهماً لتردي الصحة النفسية في اثنتين من الدراسات الاستقصائية الكبيرة التي تم إجراؤهما في عامَي 2014 و2019 (Fildes et al 2014 - YoungMinds 2019)، حيث أشار المراهقون إلى الضغط الأكاديمي بوصفه واحداً من أهم المؤثرات في صحتهم النفسية. وربما يلعب المعلمون دون قصد دوراً في زيادة وطأة هذا الضغط على الطلاب.

وينطبق هذا الأمر على الطلبة المتفوقين والمتعثرين دراسياً. ويكفي أن نعرف أنه في دراسة كبيرة عن حالات الانتحار في المملكة المتحدة كان الضغط الأكاديمي واحداً من أهم الأسباب التي تم الإبلاغ عنها في تحقيقات الطب الشرعي.

وحسب «رابطة الكلية الأميركية للصحة (American College Health Association)» يعاني الطلاب من الضغوط؛ نتيجة لأسباب عدة؛ أهمها العامل الزمني، بمعنى أن المواعيد المحددة سلفاً للعام الدراسي تجعل الطلاب في «سباق ضد الزمن (rush against time)» ويستخدمون مزيداً من الطاقة لإنجاز مهمة معينة، وهو الأمر الذي يحتاج إلى تركيز مكثف يسبب ضغطاً عصبياً عليهم.

ويشكل الإفراط في المهام الدراسية عاملاً من عوامل الضغط. وعلى وجه التقريب يقضي الطلاب نحو 16.5 ساعة أسبوعياً في أداء الواجبات المنزلية فقط، بجانب الوقت الذي يقضيه الطلاب في المدارس، وهو ما يعادل تقريباً العمل ليوم كامل في أي مهنة أخرى. ولكن الدراسة تحتاج إلى مجهود ذهني مضاعف.

على الرغم من وجود المنافسة في الأداء في أي مهنة أو لعبة، فإن التنافس الأكاديمي على وجه التحديد يضغط نفسياً على الطلاب بشكل كبير. وبعيداً عن الرغبة في التفوق والخوف من الفشل، يمثل التميز العلمي نوعاً من تشكيل المستقبل للتلاميذ لأن كل درجة يمكن أن تلعب دوراً في التأهل لكلية معينة أو الحرمان منها، خصوصاً مع نظام التعليم الحالي في العالم كله الذي يعتمد على «الدرجة والأداء (grade and performance-based)» في تقييم كل طالب مهما كانت كفاءته.

معظم الذين يعانون من الاكتئاب يركزون بشكل أساسي على التفوق على الأقران

توتر الامتحانات

وتسبب الامتحانات المستمرة، سواء الدورية كل شهر أو في نهاية العام، توتر الطلاب معظم الوقت؛ لأنها تكون بمثابة اختبار لكفاءة كل طالب وتقييم لاستيعابه. وتحدد هذه الاختبارات ما إذا كان الطالب سيتقدم إلى المرحلة التالية في التعليم من عدمه.

وربط عديد من الدراسات السابقة بين التوتر في ليالي الامتحانات والأعراض العضوية نفسية المنشأ مثل الإحساس بالصداع، والشعور بألم في البطن، والغثيان، والقيء، والإسهال، واضطرابات الطعام؛ نتيجة للخوف من الاختبار، وهو الأمر الذي يضاعف من القلق والاكتئاب.

نصحت «الجمعية الأميركية للطب النفسي» الطلاب بضرورة البعد عن التوقعات غير الواقعية ووضع نموذج معين أقرب للكمال في جميع المواد الدراسية؛ ما يشعر الطالب بالفشل في حالة تحقيقه نتيجةً عادية يمكن أن تكون جيدةً. وقالت إن ذلك لا يعني عدم الاجتهاد في الدراسة ولكن يعني أن يدرك الطالب مناطق تميزه ومناطق ضعفه تبعاً لميوله الشخصية، ويعمل على تحسين مناطق ضعفه، ولكن ليس بالضرورة أن يحقق فيها تميزاً ملحوظاً. وحتى العلماء الكبار كانت لهم نقاط ضعف في المواد الأدبية البعيدة عن تميزهم.

وأشار تقرير لـ«المعهد الأميركي للقلق (American Institute of Stress)» إلى أن هناك نسبة 45 في المائة من الطلاب يعانون من التوتر يومياً، وكذلك 61 في المائة من المراهقين؛ وذلك بسبب ضعف الدرجات. ولذا يجب على الآباء أن يقدموا الدعم النفسي غير المشروط لأبنائهم.

• استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)
استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)
TT

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)
استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

وجدت دراسة حديثة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد غالباً في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

وحسب الدراسة التي أجريت في أكتوبر (تشرين الأول) ونُشرت في المجلة الدولية للسرطان، أنه كلما زاد انتشار دهون «أوميغا 3» و«أوميغا 6» بدم المشاركين في الدراسة، انخفض احتمال إصابتهم بالسرطان بشكل عام، فيما أشارت جمعية السرطان الأميركية إلى 14 نوعاً مختلفاً من السرطان، بما في ذلك القولون والمعدة والرئة والدماغ والمثانة، وغيرها.

وأوضح مؤلف الدراسة، الدكتور كايكسونغ كالفين يي، من قسم علم الوراثة بجامعة جورجيا الأميركية، أن هذه النتائج تؤكد ما أشارت إليه الدراسات السابقة، وقال: «كانت هناك تقارير سابقة حول الفوائد المحتملة للأحماض الدهنية (أوميغا 3) و(أوميغا 6) في الحد من الإصابة بالسرطان والوفيات»، وفقاً لما ذكره موقع «هيلث» المختص بأخبار الصحة.

ومع ذلك، أعلن يي أن البحث الجديد حاول تجنب بعض القيود التي فرضتها الدراسات السابقة، مثل الاعتماد على البيانات المبلغ عنها ذاتياً، واستخدام أحجام عينات صغيرة، والحد من عدد أنواع السرطان التي تم فحصها.

وأشار يي إلى أن «الأحماض الدهنية (أوميغا 3) تسهم بشكل أكبر في نمو الدماغ، والوظائف الإدراكية، وصحة القلب والأوعية الدموية»، أما «(أوميغا 6) فتسهم بشكل أكبر في وظائف المناعة وصحة الجلد».

ونظراً لأن الجسم لا ينتج دهون «أوميغا 3» و«أوميغا 6» بشكل طبيعي، فلا يمكنك الحصول عليها إلا من مصدر خارجي مثل الطعام.

وتشمل قائمة الأطعمة الغنية بـ«أوميغا 3»: سمك السلمون، الأنشوجة، السردين، الجوز، بذور الشيا، بذور الكتان وفول الصويا.

فيما تشمل الأطعمة الغنية بـ«أوميغا 6»: زيت عباد الشمس، الجوز، بذور اليقطين، بذور عباد الشمس، صفار البيض واللوز.