«يرتبط عدم الرضا عن الجسم في سن 11 عاماً بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب في سن 14 عاماً»، وفقاً لدراسة جديدة أجراها باحثون من «كلية لندن الجامعية» في إنجلترا.
وتظهر النتائج التي نشرت في دورية «لانسيت للطب النفسي»، (الأربعاء)، أن المخاوف المتعلقة بصورة الجسم تفسر نسبة كبيرة من الارتباط بين «مؤشر كتلة الجسم (BMI)» والاكتئاب لدى الأطفال، خصوصاً لدى الفتيات.
شملت الدراسة أكثر من 13 ألف مشارك من بين الأشخاص الذين ولدوا بين عامي 2000 و2002.
وجد الباحثون أن ارتفاع مؤشر كتلة الجسم في سن السابعة مع زيادة عدم الرضا عن الجسم في سن 11 عاماً، كان مرتبطاً بزيادة أعراض الاكتئاب في سن 14 عاماً، ومنها انخفاض الحالة المزاجية، وفقدان المتعة، وضعف التركيز.
وأوضحت الباحثة الرئيسية للدراسة، الدكتورة فرنشيسكا سولمي، المختصة في الطب النفسي بجامعة كاليفورنيا الأميركية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «يمكن أن يترافق الاكتئاب مع كثير من الأعراض؛ بما في ذلك انخفاض الحالة المزاجية، والتعب، وعدم الاهتمام بالأشياء التي كانت ممتعة في السابق. وقد يعاني الأشخاص المصابون بالاكتئاب أيضاً من تغيرات في أنماط النوم وتناول الطعام».
ووجد الباحثون أن عدم الرضا عن الجسم كان مساهماً رئيسياً في العلاقة بين مؤشر كتلة الجسم في سن السابعة وأعراض الاكتئاب في وقت لاحق، وهو ما يفسر نسبة 43 في المائة من هذا الارتباط. كما كانت هذه الارتباطات أكبر بمرتين لدى الفتيات مقارنة بالأولاد.
وهو ما علقت عليه سولمي: «أصبح الاكتئاب أكثر شيوعاً بين الشباب الذين يعانون من زيادة الوزن وعدم الرضا عن الجسم».
وأضافت: «تعني هذه النتائج أن الحد من عدم الرضا عن الجسم في وقت مبكر من مرحلة الطفولة يمكن أن يكون هدفاً مهماً للوقاية من الاكتئاب في سن مبكرة أيضاً».
ووفق الدراسة، فقد جرى تطوير بعض الاستراتيجيات لاستهداف المخاوف المتعلقة بصورة الجسد في مرحلة المراهقة المبكرة، مثل التدخلات النفسية، والتدريب على محو الأمية الإعلامية التي يمكن أن تعالج احترام الذات والمقارنات الاجتماعية وتأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتحقيق مزيد من الفاعلية، ومعالجة المخاوف المتعلقة بصورة الجسم لدى الأطفال.
وقالت المؤلفة الأولى للدراسة، إيما بلونديل، باحثة علم النفس السريري وعلوم اللغة بجامعة كاليفورنيا: «يسعى كثير من استراتيجيات الصحة العامة إلى تقليل الوزن في مرحلة الطفولة، حيث تجري توعية أطفال المدارس الابتدائية بالسعرات الحرارية وأهمية ممارسة الرياضة».
وأضافت: «يجري وزن جميع الشباب في إنجلترا في المدرسة لتحديد ما إذا كانت هناك حاجة إلى جهود فقدان الوزن. وفي حين أن الترويج لنظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية أمر مهم، فقد تعزز بعض رسائل الصحة العامة الشعور بالذنب أو العار لدى الطفل»، مشددة على أنه «من المهم التأكد من أن أي تدخلات لخفض مؤشر كتلة الجسم في مرحلة الطفولة لا تؤدي؛ عن غير قصد، إلى زيادة عدم الرضا عن الجسم، وتضر بالصحة العقلية للأطفال».
وهو ما علقت عليه سولمي: «يجب الاهتمام بكيفية مناقشة مسألة الوزن مع الأطفال، سواء في المدارس، وداخل الأسرة، وفي البيئات الطبية، حتى لا يستوعبوا أي معتقدات ضارة قد تزيد من عدم رضاهم عن أجسادهم وتؤثر على صحتهم العقلية».
وفيما يتعلق بخطواتهم المقبلة، قالت سولمي: «نعمل حالياً على تكرار هذه النتائج في بيئات مختلفة وبطرق مختلفة. كما أننا بصدد بدء دراسة جديدة للمراهقين تهدف بشكل خاص إلى تحديد العوامل التي تزيد من عدم الرضا عن الجسم لديهم حتى نتمكن من تخطيط تدخلات جديدة لمعالجتها».