عبير مشخص
صحافية وكاتبة سعودية في مجال الفنون والثقافة
TT

خير جليس في الزمان .. كتاب ليس إلكترونيا

لفترة طويلة تعودنا على سمع أصوات تقول إن الإنترنت قضت على الوسائل التقليدية لكل شيء، الأفلام، الأغاني، الصحف، الإذاعة، التدريس والكتب.. وغيرها. ومع التغيير بدأنا بالتخلي عن أشياء كثيرة تعلمناها وأحببناها، فأصبحنا نسمع الأغاني على تطبيقات سبوتيفاي ودكستر وىبل ميوزيك وغيرها، أما الأفلام فكثير منا هجر قاعات السينما ليتفرج على الأفلام على نيتفليكس وأمازون وسكاي، فكأننا لا نستطيع الهرب من الشاشات الصغيرة في يدنا.
وأعترف أني كغيري من ملايين الناس تعودت على الإمساك بهاتفي وتصفح الأخبار ومواقع التواصل ومشاهدة الأفلام والمسلسلات عليه، ولكن شيئا واحدا فقط لم أستطع "رقمنته" وهو الكتاب. حتى مع انتشار أجهزة القارئ الإلكتروني وصدور معظم الكتب بصيغة رقمية وحماسة بعض الأصدقاء لها، لم أنجح في إكمال أكثر من ثلاث صفحات من أي كتاب إلكتروني. وبالأمس ورد خبر على الوكالات عن توصل فريق من العلماء لتقنية تسمح بقراءة الكتب وهي مغلقة، لاغية بذلك متعة التصفح ولمس الورق، وكأن التكنولوجيا تكن عداء للكتاب الورقي..
وحتى لا أكون خارج العصر قررت التجربة مرة أخرى خاصة مع ظهور اتجاه جديد في الرواية جربه عدد من الكتاب في بريطانيا وهو إصدار تطبيق خاص يحمل اسم الرواية، ويتم تنزيل فصل جديد كل أسبوع، ويمكن للقارئ شراء الفصول منفصلة عبر خاصية الشراء على التطبيق، أو شراء الرواية كلها وينتظرها لتنزل على هاتفه كل أسبوع. "حسنا"، قلت لنفسي، "ربما تكون هذه الطريقة مشوقة أكثر"، وقررت بالفعل قراءة رواية بهذا الشكل للمؤلف البريطاني جوليان فيلوز بعنوان "بلغرافيا". وبدأت بالفعل في قراءة الفصل الأول فالثاني وما أن وصلت للثالث حتى وجدتني أفقد الاهتمام، رغم أن الرواية مشوقة والمؤلف بارع في الحبكة، ومضى أسبوع تلو الآخر والفصول الجديدة تتراص على هاتفي دون أن أشعر للحظة أني مهتمة بها. في تلك الفترة تلقيت كتابا ورقيا هدية، بدأت القراءة ومعها عادت متعة تحسس الصفحات وتقليبها والانغماس في القصة والشخصيات، والغرق لساعات بين صفحات الكتاب بدون ملل. ما الفرق؟ لا أعرف.. ولكني متأكدة أكثر من أي وقت مضى أن "خير جليس في الزمان" كتاب ورقي وليس إلكترونيا.