الحمى المالطية... عدوى حيوانية شائعة

تحدث للأطفال من خلال تناول الألبان واللحوم الملوثة

الحمى المالطية... عدوى حيوانية شائعة
TT

الحمى المالطية... عدوى حيوانية شائعة

الحمى المالطية... عدوى حيوانية شائعة

مرض البروسيلا أو الحمى المالطية، حسب التسمية القديمة، عدوى حيوانية المصدر تسببها بكتيريا البروسيلا (Brucellosis). وهو ينتقل من الحيوانات إلى البشر عن طريق تناول المنتجات الغذائية المصابة، وفي الأغلب الألبان، أو بسبب الاتصال المباشر بحيوان مصاب، أو عن طريق استنشاق الرذاذ.

وهو مرض قديم عُرف بأسماء مختلفة، مثل حمى مالطا (Malta fever) والبحر المتوسط والحمى المعوية المرتجعة (gastric remittent fever). وعلى الرغم من أن الإنسان ليس العائل الأساسي لهذه البكتيريا، فإن المرض لا يزال يمثل مصدر قلق كبير للصحة العامة في جميع أنحاء العالم، ويُعد أكثر أنواع العدوى الحيوانية المنشأ شيوعاً.

ميكروب حيواني

ميكروب البروسيلا يوجد في الأعضاء التناسلية للحيوانات العائلة، ما يسبب لها الإجهاض والعقم، ولذلك يوجد بأعداد كبيرة في إفرازات هذه الحيوانات، مثل البول واللبن والسوائل الأخرى. وعلى الرغم من وجود عدة فصائل منه، لكنّ هناك 4 أنواع توجد في حيوانات معينة، مثل البقر والخنازير والأغنام والكلاب، فلها قدرة كبيرة على إصابة الإنسان.

طريقة العدوى: تتسبب البروسيلا في إصابة أكثر من نصف مليون شخص سنوياً على مستوى العالم على وجه التقريب. وفي الأغلب تحدث العدوى للأطفال من خلال تناول الألبان من دون غليها، واللحوم الملوثة واستنشاق الهواء الملوث بالميكروب. ومن الممكن أن يدخل الميكروب إلى جسم الإنسان من خلال الندوب والجروح في الجلد والأغشية المخاطية وملتحمة العين والجهاز الهضمي أيضاً، وليس على سطح الجلد السليم. والمرض موجود في جميع أنحاء العالم، وينتشر بشكل خاص في حوض البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي وشبه القارة الهندية وأجزاء من المكسيك وأميركا الجنوبية.

بمجرد دخولها إلى مجرى الدم، تمتلك البروسيلا قدرة فريدة على غزو خلايا مناعية معينة (cells phagocytic) وتستطيع البقاء على قيد الحياة داخل هذه الخلايا، من خلال إيجاد طريقة لتجنب عمل الجهاز المناعي. وهذه القدرة هي التي تجعل من البروسيلا مرضاً يمكن أن يصيب كل أعضاء الجسم تقريباً. وتتركز بشكل خاص في الطحال والكبد والغدد اللمفاوية ونخاع العظام، ويقوم الجسم بتكوين أجسام مضادة ضدها، تستخدم في تأكيد تشخيص الإصابة، ويمكن أن تلعب دوراً في المناعة طويلة الأمد لاحقاً.

الأعراض والمضاعفات

• الحالة المرضية: تبدأ الأعراض في الظهور بعد فترة من أسبوعين إلى شهر من التعرض للميكروب. وعلى الرغم من أن المظاهر السريرية تختلف بشكل كبير، فإن معظم الحالات في الأغلب تتضمن 3 أعراض رئيسية، هي ارتفاع درجة الحرارة وآلام أو التهاب المفاصل، مفصل الفخذ في الأغلب، وتضخم الكبد والطحال (hepatosplenomegaly). وفي بعض الأحيان، تظهر الأعراض على شكل حمى مجهولة المصدر بجانب آلام البطن وصداع وإسهال وطفح جلدي وتعرق ليلي وقيء وسعال والتهاب في البلعوم.

ومن بين الأعراض الشائعة لدى الأطفال: رفض تناول الطعام والإرهاق وضعف النمو. وعند الكشف الطبي على الطفل، باستثناء تضخم الكبد والطحال والتهاب المفاصل وارتفاع درجة الحرارة في الأغلب، لا يظهر الفحص الظاهري أي علامات أخرى.

في الحالات غير المعقدة من المرض، تتحسن أعراض الحمى والتعب وكثير من المظاهر الأخرى بسرعة مع الراحة في الفراش. وفي المقابل، يمكن للنشاط البدني أن يطيل من فترة المرض.

وعادة ما يحدث تحسن كبير في المرحلة الحادة من المرض في غضون بضعة أسابيع مع علاج بسيط للأعراض، وفي معظم الحالات يحدث شفاء كامل في فترة تتراوح بين شهرين و6 أشهر.

• تطور الحالة: بشكل عام، يتحسن معظم الحالات بشكل نهائي. وعلى الرغم من أن الأعراض الأولية للمرض يمكن أن تسبب تعباً شديداً للطفل، فإنه إذا تم علاجها بشكل مناسب خلال الأشهر القليلة الأولى، لا تترك أثراً يذكر، ولا تحدث انتكاسات وتقل احتمالية أن يصبح المرض مزمناً.

إلا أن المرض يمكن أن يتطور بشكل سيئ في حالة الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في القلب. لذلك، يجب أن يتم التعامل معهم بحرص واهتمام. ويمكن أن تستمر الأعراض لفترات طويلة في الأطفال الذين يعانون من قصور شديد في المناعة.

التشخيص والعلاج

• التشخيص: يعتمد التشخيص على التاريخ المرضي للطفل، وهل تعرض للحيوانات بشكل مباشر أو غير مباشر، والسؤال عن تناول اللبن، وهل يتم تعقيمه عن طريق غليه أو بسترته أو يتم تناوله بشكل مباشر للأطفال الذين يقطنون في الأرياف، لأن الأعراض تتشابه مع كثير من الأمراض، مثل التهاب المفاصل ومتلازمة التعب المزمن عند المراهقين وحمى التيفويد. لذلك، فإن الاهتمام بالتاريخ المرضي يكون بداية الطريق للتوصل إلى تأكيد الإصابة.

وبالنسبة للتحاليل، يمكن عمل عدّ كامل لكريات الدم (CBC)، وفي 20 في المائة من الحالات يمكن أن تظهر قلة كريات الدم البيضاء (leukopenia) وكثرة الخلايا المناعية (lymphocytosis) وأنيميا. ويمكن عمل إنزيمات للكبد. ولتأكيد التشخيص يمكن أخذ عينة من النخاع العظمي (bone marrow biopsy) لعزل الميكروب.

• العلاج: الهدف من العلاج الطبي هو السيطرة على الأعراض في أسرع وقت ممكن، لمنع حدوث مضاعفات وانتكاسات، ويكون الخط الرئيسي في العلاج هو استخدام أكثر من عائلة من عائلات المضادات الحيوية لمنع تكرار الإصابة. وفي الأغلب، تكون عائلتا الدوكسيسيكلين والجنتاميسين. ويفضل أن يستمر العلاج لفترة تصل إلى 6 أسابيع لضمان عدم حدوث انتكاسة. وبالنسبة للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 8 سنوات فإن إعطاء ريفامبين لمدة 6 أسابيع يكون هو الأفضل.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

نصائح للتغلب على الهوس بتحقيق الكمال

صحتك سر السعادة في العمل التركيز على التقدم بدلاً من الكمال مما يؤدي إلى تحقيق قدر أكبر من الرضا (رويترز)

نصائح للتغلب على الهوس بتحقيق الكمال

نصحت الدكتورة في مركز جامعة بوسطن لدراسات الاضطرابات والقلق إلين هندريكسن، بضرورة التمييز بين السعي إلى الكمال والشعور الدائم بعدم الرضا عن النفس

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تحتوي بعض أنواع الأخشاب على تركيزات عالية من المركبات المضادة للميكروبات الطبيعية (أرشيفية - شبكة «إيه بي سي»)

هل الطهي بالملاعق الخشبية آمن لصحتنا؟ وهل تحبس البكتيريا؟

يختلف متابعون حول مدى صحة استخدام الملاعق الخشبية في الطهي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا يسعى العلماء إلى إعادة تعريف كيفية إدارة الحالات المزمنة مثل السكري مما يوفر أملاً لملايين الأشخاص حول العالم (أدوبي)

الذكاء الاصطناعي لتحديد الأنواع الفرعية لمرض السكري

يقول الباحثون إن هذه التكنولوجيا مفيدة للأفراد في المناطق النائية أو ذات التحديات الاقتصادية.

نسيم رمضان (لندن)
صحتك العيون قد تكشف عن الإصابة بالسكتة الدماغية

العيون قد تكشف عن الإصابة بالسكتة الدماغية

قال موقع «ساينس أليرت» إن دراسة حديثة خلصت إلى أن الفحوصات التي تُجرى للعيون قد تكشف عن الإصابة بالسكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم الأطعمة فائقة المعالجة قد تتسبب في ظهور أسنان بارزة لدى الأطفال

الأطعمة فائقة المعالجة قد تتسبب في ظهور أسنان بارزة لدى الأطفال

تقود إلى عيوب في ابتسامة الطفل تعرضه للتنمر

د. عميد خالد عبد الحميد (الرياض)

نصائح للتغلب على الهوس بتحقيق الكمال

سر السعادة في العمل التركيز على التقدم بدلاً من الكمال مما يؤدي إلى تحقيق قدر أكبر من الرضا (رويترز)
سر السعادة في العمل التركيز على التقدم بدلاً من الكمال مما يؤدي إلى تحقيق قدر أكبر من الرضا (رويترز)
TT

نصائح للتغلب على الهوس بتحقيق الكمال

سر السعادة في العمل التركيز على التقدم بدلاً من الكمال مما يؤدي إلى تحقيق قدر أكبر من الرضا (رويترز)
سر السعادة في العمل التركيز على التقدم بدلاً من الكمال مما يؤدي إلى تحقيق قدر أكبر من الرضا (رويترز)

نصحت الدكتورة في مركز جامعة بوسطن لدراسات الاضطرابات والقلق إلين هندريكسن، بضرورة التمييز بين السعي إلى الكمال والشعور الدائم بعدم الرضا عن النفس ومن ثم العمل على تحقيق المزيد من النجاحات للتغلب على هذا الشعور.

وقالت هندريكسن، لشبكة سي إن إن الأميركية، إن الكمال يمكن أن يبدو وكأنه "السعي إلى التميز من أجل التميز، ووضع معايير عالية، والعمل الجاد، والاهتمام العميق" وهذه صفات إيجابية، وتعد مميزات للعديد من المهن- مثل الطيارين أو الجراحين لكنها يمكن أن تنقلب إلى سلوك غير صحي.

وأضافت أنه في بعض الأحيان قد يكون الحل لتحسين الصحة سواء العقلية أو العاطفية أو الجسدية هو القيام بعمل أقل وتعلم التخلي، حتى ولو قليلاً عن تحقيق النجاحات.

السعادة تقل عند مقارنة نفسك بالآخرين (أرشيفية - رويترز)

وقالت إن الرغبة في الكمال لها عدة مصادر: يمكن أن تكون وراثيًة، أو من الأسرة أوالثقافة الغربية، حيث تهيمن الرأسمالية والاستهلاك ووسائل التواصل الاجتماعي، وأضافت أن جائحة كورونا جعلت الأمر أسوأ.

وذكرت أن " الرغبة في الكمال نتيجة للوجود في نظام اقتصادي عازم على تجاوز القدرات البشرية"، ولفتت إلى أن الدراسات أظهرت أن معدلات الرغبة في الكمال آخذ في الارتفاع، وخاصة بين الشباب.

وقالت هندريكسن إنه ليس عليك خفض معاييرك أو أن تكون أقل حماسة لتحقيق الكمال لتخفيف الضغوط النفسية.

وقدمت نصائح للتغلب على الهوس بالكمال.

قيمتك ليست بإنجازاتك

حيث أكدت هندريكسن أن قيمة الإنسان تتجاوز ما يحققه من إنجازات.

وقالت: "نحن جميعًا نحدد أنفسنا بأدائنا، وبالطبع نكون فخورين بالدرجات الجيدة، أو الحصول على وظيفة ممتازة، أو تحقيق أهداف التمرينات الرياضية، ومن الطبيعي أن نشعر بالسوء أو خيبة الأمل عند عدم تحقيق الأهداف لكننا في نهاية المطاف، لا يتم تعريفنا فقط بأدائنا".

وأضافت أن خلط الأداء بالقيمة الذاتية يُسمى المبالغة في التقييم، والذي يمكن أن يؤدي إلى تقليل تقدير الذات "الذي يحدث عندما يصبح كل أداء استفتاءً على القيمة".

الناس يشعرون بعدم الثقة جرّاء ضغوط في العمل (أ.ف.ب)

خفف من الانتقادات الذاتية

نصحت هندريكسن بالتقليل من أهمية الانتقادات الداخلية، وقالت إن "أولئك الذين يهدفون إلى تحقيق أهداف عالية، ويعملون بجد، ويهتمون بعمق يأخذون الأمور على محمل الجد لكن هذا يعني أننا نأخذ أفكارنا على محمل الجد أيضًا، فعندما نشعر بأفكار مثل "أنا لست جيدًا بما فيه الكفاية، أو أنا مقصر، نفترض أن هذه الأفكار صحيحة ولكن في الواقع، إنها مجرد أفكار".

تعاطف أكثر مع ذاتك

قالت هندريكسن إن التعاطف مع الذات يوصف غالبًا بأنه "التحدث إلى نفسك كصديق جيد"، وأضافت أن التعاطف يمكن التعبير عنه بكلمة واحدة أو عبارة مثل "أنت بخير" أو أفعال مثل طلب مساعدة، أوتخصيص وقت للراحة أو الاستمتاع بالقهوة في الصباح أو قراءة رواية قبل النوم، ويمكن أن يكون بعدم القيام بكل الأشياء التي تتوقعها من نفسك.

الضغوط النفسية تضر يالصحة (رويترز)

لا تقمع كسلك الداخلي

نصحت هندريكسن بأن تتجرأ على أن تكون غير منتج، وقالت: "افعل الأشياء التي تحبها، وليس لأنك يجب أن تفعلها، مثل أن تشاهد فيلمًا كوميديًا أو قضاء ساعة في عدم القيام بأي شيء سوى الغناء لقطتك".

أداء العمل وفقا للمعايير

تنصح هندريكسن بالحفاظ على أداء العمل بمعايير عالية، لكن مع التركيز على العمل، وليس نفسك، وقالت: "لا تعجل ذلك يشبه الاستفتاء على شخصيتك".