الشرق الأوسط
TT

الصين.. التفكير في ما وراء الحدود

بينما تستعد الصين لعقد اجتماع مهم لقيادتها، يسعى المجتمع الدولي إلى الإجابة عن سؤالين: الأول هو ما إذا كانت القيادة الجديدة في ظل تشي جينبينغ، المنتخبة لعشر سنوات كما جرت العادة، قادرة على تطوير وفرض استراتيجية جديدة تتمكن من إعادة توجيه الاقتصاد الصيني. والثاني هو ما إذا كانت نهضة الصين كقوة اقتصادية عظمى قادرة على لعب دور أكثر فاعلية في السياسة الدولية. سؤال مهم في وقت تعاني فيه الأمم المتحدة من الشلل نتيجة لاختلال عمل مجلس الأمن، واتخاذ الولايات المتحدة مسارا انعزاليا.
لا يزال الاجتماع المزمع عقده في نوفمبر (تشرين الثاني)، والمعروف باسم الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، يمثل تقليدا بدأ في عام 1978 عندما أسفر اجتماع مماثل عن تغيير تاريخي لمسار السياسة الاقتصادية باعتماد نظام «السوق الاجتماعية».
وقد منح الرئيس تشي عاما لتعزيز موقعه، تمكن خلاله من التغلب على التحديات التي يمثلها فصيل الحزب الذي يحن للسير على خطى ماو، وقام في الوقت ذاته بكبح جماح بعض الفساد الذي ارتبط بالجيل الجديد من «الأمراء الحمر». وقد عززت محاكمة بو شي لاي، رئيس الحزب السابق في تشونغتشينغ، وإصدار الحكم عليه بالسجن مدى الحياة، من موقف الرئيس تشي.
هذا الاهتمام باحتمالية إسهام الصين بشكل أكبر في النظام العالمي ينبع من عاملين: الأول هو زيادة اعتماد الصين على التجارة الخارجية بما في ذلك ازدياد واردات الطاقة، حيث يتوقع أن تتجاوز الصين، في مرحلة ما من العام المقبل، الولايات المتحدة كأكبر مستورد للطاقة، وهو ما يعني بدوره اهتماما جيوسياسيا أكبر بالهلال الغني بالنفط الذي يمتد من شمال أفريقيا إلى إندونيسيا، والذي يشهد، ليس من قبيل المصادفة، بعض أكثر الصراعات حدة في العالم. والعامل الثاني هو أن الصين محاطة بجيران معادين أو على الأقل غير ودودين في سياق المطالبات التحريرية الوحدوية والادعاءات المضادة. وهو ما يعني أن الصين بحاجة إلى أصدقاء خارج بيئتها الجيوسياسية الحالية.
تمتلك الصين، كقوة اقتصادية وعسكرية كبيرة، الإمكانات التي تؤهلها للقيام بدور قيادي في الشأن الدولي، وبمقدورها استغلال الفرصة التي نتجت عن التراجع الأميركي، وعدم شعبية روسيا والضعف الأوروبي.
ولم يتبين ما إذا كانت الصين تمتلك الرغبة في القيام بمثل هذا الدور، فيذكر التاريخ أن الصين قوة تتوخى مصالحها الذاتية، وتحرص دائما على تجنب المشكلات خارج حدودها، وربما كان ذلك السبب وراء قيام الصينيين ببناء آلاف الكيلومترات من الجدران للانعزال عن باقي العالم.
بيد أنه، سواء شاء الصينيون أو أبوا، فإننا نعيش في عالم تتداعى فيه كل الجدران الحقيقية أو المجازية. وعندما يعقدون لقاءهم في القريب العاجل سيحسن القادة الصينيون صنعا بأن يضعوا ذلك في أذهانهم.