حتى بمعايير الشرق الأوسط، كانت السنة الماضية حبلى بالمفاجآت؛ فقد تسبب هجوم مباغت لم يتوقعه أحد شنته جماعة «حماس»، في أشد الأيام دموية لليهود منذ المحارق.
تبدو سياسة الرئيس الأميركي جو بايدن في الشرق الأوسط أمام اختبار. مفاوضات وقف النار في غزة وصلت إلى مرحلة حرجة. والهجمات التي يشنها الحوثيون في اليمن تعيق حركة.
تُصعّد الولايات المتحدة الحرب التكنولوجية الباردة مع الصين عبر فرض عقوبات جديدة بهدف الحد من تدفق أشباه الموصلات ومعدات تصنيعها إلى بكين.
لا تتركوا الأسطورة التكنولوجية تخدعكم: نظراً لأن مجتمعات عصر المعلومات المتقدمة تعتمد على أشباه الموصلات، تسعى الولايات المتحدة إلى عرقلة الدينامية الاقتصادية الصينية والقدرة العسكرية على حد سواء. تعد سياسة واشنطن الجديدة تحذيراً لبكين حول المدى الطويل للقوة الأميركية في ظل اقتصاد معولم.
باتت الحرب في أوكرانيا أشبه بسباق استنزاف قاسٍ وطاحن. فمع استمرار الصراع أثير التساؤل: هل الوقت في صالح روسيا أم أوكرانيا؟ تراهن كييف على أن نفوذها سيزداد مع مواجهة روسيا المعزولة التي تواجه دماراً اقتصادياً وعسكرياً، ويكمن رهان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قدرته على تدمير أوكرانيا حتى مع وجود جيش ضعيف، بينما يستخدم تهديد الفوضى الاقتصادية العالمية لقطع شريان الحياة الذي يربط كييف بالعالم الخارجي.
بالنسبة لغالبية الغربيين، قد تبدو الأخبار عن إرسال روسيا قوات لقمع انتفاضة شعبية في كازاخستان وكأنها حدث صغير في ركن بعيد من العالم. لكن بالنظر إلى سياق حكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإخضاعه أوكرانيا، فإن ذلك يتخذ أهمية وبعداً أكثر شراً.
فبعد ثلاثين عاماً من الانهيار السوفياتي الذي اتضحت تداعياته في حقبة ما بعد الحرب الباردة، صاغ بوتين رؤية - أطلق عليها «عقيدة بوتين» - تهدف إلى إنهاء تلك الحقبة بشكل حاسم.
تتجلَّى رؤية بوتين بشكل أوضح في مسودات المعاهدات التي اقترحتها حكومته ثمناً لعدم غزو أوكرانيا مرة أخرى.
يواجه الرئيس جو بايدن مشكلة كبيرة تتمثل في ردع روسيا عن غزو أوكرانيا وتأجيج حرب برية في أوروبا منذ عام 1945، وفي محاولة لتهدئة الوضع، عقد بايدن اجتماعاً افتراضياً دام ساعتين مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء الماضي.
ورغم ذلك، يواجه بايدن مشكلة أكبر تتمثل في أن إحدى ركائز سياسته الخارجية تنهار بالفعل. بايدن ليس أول رئيس يأمل أن يهدأ العالم حتى تتمكن الولايات المتحدة من التركيز على آسيا.
يا ترى كيف سيبدو الحال إذا شرعت دولة ما في الاستعداد لتحطيم فترة السلام الطويلة بين القوى الكبرى التي تمتعت بها البشرية منذ عام 1945؟ ربما سيبدو شبيهاً للغاية بالضوضاء المشؤومة الصادرة عن بكين اليوم.
الملاحظ أن التصريحات الصادرة في الفترة الأخيرة عن الحزب الشيوعي الصيني تحمل طابعاً عسكرياً لافتاً. على سبيل المثال، خلال احتفالات الحزب بالذكرى المئوية لتأسيسه، حذّر الرئيس شي جينبينغ من أن أي شخص سيحاول إعاقة مسيرة «التجديد الوطني» - تعبير لطيف يقصد منه صعود الصين إلى قمة الترتيب الهرمي العالمي للدول - سيجد «رأسه مغطى بالدماء في مواجهة سور فولاذي عظيم».
قبل خمسين عاما، وجهت الولايات المتحدة ضربة إلى الاتحاد السوفياتي، ولكنها ساعدت أيضا في خلق وحش جيوسياسي جديد.
يشهد هذا الشهر مرور 100 عام على ميلاد الحزب الشيوعي الصيني، وهي الذكرى المئوية التي احتفل بها الرئيس شي جينبينغ بالتعهد بأن أعداء الصين سوف «تتحطم رؤوسهم دامية على جدار فولاذي ثقيل».
هناك تحدٍ حقيقي للولايات المتحدة متعلق بألمانيا، فخلال الحرب الباردة، كانت ألمانيا الغربية هي الحليف الأوروبي الأساسي لأميركا، واليوم، تقود برلين كتلة أوروبية يمكنها الإدلاء بأصوات جيوسياسية متأرجحة في المنافسة بين الولايات المتحدة والصين.
ومع ذلك، فإن حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تسعى إلى تحقيق تساوٍ بدلاً من المواءمة الاستراتيجية، ومن خلال القيام بذلك، فهي تخلق قدراً من عدم اليقين بشأن تحالف العالم الحر الذي تحتاجه أميركا.
ولدى ألمانيا أهمية استراتيجية هائلة، فصحيح أن برلين ليست قريبة من بكين، ولكن في المواجهة بين أميركا والصين، فإن أوروبا تمثل أكبر تركيز متبقٍ للقوة الاقتصادية وال
يجمع اندفاع الصين للسيطرة بين الطموحات الأبدية وأساليب القرن الحادي والعشرين الحديثة. ولا يتجاوز الأمر أبعد من سعي الحكومة الصينية الحثيث لحيازة المزيد من مجالات السيطرة والنفوذ. وعلى غرار عدد لا يُحصى من القوى العظمى السابقة، تهدف الصين راهناً إلى صياغة مجالها المحيط والسيطرة عليه.