جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

شكرا

هل أحصيتم يوما النعم التي لديكم؟ وهل سبق أن فكرتم كم مرة تقولون فيها «شكرا» في اليوم؟
إذا كان الجواب «نعم»، فأنتم تنعمون بحياة أفضل بكثير من الذين جاوبوا بـ«لا» والسبب هو أنه فعلا صدق من قال بأن «القناعة كنز لا يفنى».
أعزائي، أرجو منكم المعذرة، لأني اخترت اليوم موضوعا يهمني أنا شخصيا، وآمل أن تتفهموني وأن توافقوني الرأي.
في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، احتفلت بـ11 عاما في صحيفة «الشرق الأوسط»، وأنا لا أبالغ إذا قلت إنني عندما أسافر بداعي العمل أشتاق إليها، كما أشتاق أيضا لمن فيها من زملاء وأصدقاء.
كنت أفكر منذ يومين بالموضوع الذي أود أن أتطرق اليه في هذه المساحة الجميلة، التي تمنحني إياها الصحيفة للتعبير عن رأيي، وأجمل ما فيها هو تفاعل القراء مع أفكاري، الأمر الذي يفرحني كثيرا، وأتحدى من يعتقد أن «أمتنا لا تقرأ»، ولكن وبنفس الوقت أشعر بمسؤولية أكبر، لأن أهم ما في عملنا الصحافي هو «الفكرة» وهو تحويل كل ما تلتقطه أعيننا إلى موضوع يشد القارئ ويثقف ويستفيد منه.
وأردت التكلم عن احتفالي بهذه المناسبة، لأني أؤمن بأهمية الاعتراف بالشكر والعرفان بالجميل، فيجب على المرء أن يقدر ما يملكه، وما وهبه إياه الخالق، هذه الفكرة جاءت بعد قراءتي المتكررة لكتابي «ذا سيكريت» و«ذا ماجيك» اللذين يشددان على أهمية الامتنان وشكر وحمد الرب على نعمه، من دون أن ننسى أن نحصي النعم. هذان الكتابان هما بمثابة تمرين يومي، تقوم به ليساعدك على تذكر الإيجابيات التي لديك لكي تتمكن بالتالي من تحويلها إلى طاقة إيجابية توزعها من حولك.
وبعد الصحة أعتقد أنه من المهم أن تعمل في المهنة التي تعشقها، وكم هو رائع بأن تشعر بالفرح وأنت تقوم بعملك، ولكن الفضل يعود دائما إلى شخص ساهم في تسهيل الأمور من حولك فلا تنكر فضله، فأنا لا أنكر فضل «الشرق الأوسط» والمسؤولين فيها. صحيح أني أعمل جاهدة على خلق مواضيع جديدة، كما أن دماغي لا يتوقف عن التفكير، فكل ما أراه من حولي لا يمر مرور الكرام، لأن العمل في بالي باستمرار حتى ولو كنت في عطلة شخصية.
فاليوم أعترف بأن أهم شيء في الحياة، هو أن تقوم بعمل تعشقه، فأنا أعشق الصحافة والكتابة والتلفزيون، التي سرقتني منه الصحيفة، ولكني لست نادمة، لأن العمل في المكان المناسب يغنيك عن أشياء كثيرة إضافية أخرى قد تجدها في مكان لا يمنحك الأمان.
على مدى أحد عشر عاما، التقيت بالكثير من الطهاة الذين تركوا وراءهم دراسات جامعية وشهادات في عالم الاقتصاد ومسيرات عمل طويلة في أهم مصارف العالم، وتبعوا حدسهم وتركوا كل شيء من أجل عشقهم الأول والأخير، ليتحولوا إلى طهاة، واستبدلوا المكاتب والحاسوب الإلكتروني بالمطبخ الذي يعتبر بالنسبة إليهم الملاذ الأفضل.
ولكن أعود إلى النقطة الأهم في الموضوع، ألا وهي الامتنان والشكر والاعتراف بالجميل.
وقد أكون من القليلين الذين يحتفلون بتاريخ بدئهم وظيفة ما، ولكني فعلا أشعر كل عام بأني محظوظة كوني أقوم بمهنة أحبها، كما أني في المكان المناسب ووظيفتي هواية أجمل ما فيها أنها لا تعرف حدودا عندما يتعلق الأمر بالابتكار والأفكار.
أخيرا لا يسعني إلا القول «شكرا» والحمد للرب على جميع نعمه.