عادل عصام الدين
صحافي سعودي
TT

«إرهاق» الأندية السعودية!

كنت أحد أكثر من تحدثوا لسنوات عن مشكلات الإرهاق في الملاعب السعودية. الإرهاق الذي يصيب اللاعب السعودي وحتى العربي في مقتل. لكن معاناتنا اليوم تتحول إلى خارج الملعب.
صرنا نتحدث عن الإدارة وليس اللعب. نسينا طرق اللعب واستراتيجيات المدربين وأساليب اللعب وجوانب الإعداد وتحركات الملعب، وصرنا نتحدث عن المشكلات الإدارية والمالية والتخطيط والإعلام وحروب الإداريين والميزانيات والعقود وتجديدها. باتت هموم خارج الملعب أكثر من هموم داخل الملعب.
وقد كان تحقيق «الشرق الأوسط» عن المشكلات المالية التي تعاني منها الأندية السعودية محور أحاديث الرياضيين في الأيام الفائتة. إنها لغة الأرقام التي منحت التحقيق قوة لفتت الانتباه.
من يصدق أن 18 ناديا، من بينها 12 ناديا ممتازا، أو بالأحرى أندية دوري جميل للمحترفين، تعاني من أزمة ديون خانقة. وقد بلغت الديون 71 مليون ريال. وكنت أتوقع أن الرقم أكبر من ذلك بكثير. وقد وصلت الشكاوى إلى 140 شكوى تقدم بها اللاعبون ووكلاؤهم. تصوروا أن اللاعبين هم مصدر الشكوى، وأنا أعتبرهم سبب نكسة الأندية السعودية، لأنهم أخذوا ويأخذون أكثر بكثير مما يستحقون!!!
المشكلة السعودية باختصار تتمثل في عدم وجود مداخيل، حيث تقلصت الموارد السابقة مثل دعم أعضاء الشرف والرعاية ودخل المباريات والدخل التلفزيوني. وتفاقمت المشكلة لأن اللاعبين وبكل أنانية استغلوا فترة الـ6 أشهر الأخيرة، وبدأت لعبة المساومات ومن ثم عمليات الانتقال.
تضررت كل الأطراف في الاحتراف السعودي، باستثناء اللاعب، بل كان اللاعب هو المستفيد والمدلل والآمر الناهي. ولا شك أن لجنة الاحتراف السابقة ارتكبت أكبر خطأ عندما تركت المجال مفتوحا لإغراء اللاعبين بالملايين، دون وجود سقف، ودون الأخذ في الاعتبار غموض وسوء نظام الأندية السعودية القائم.
رئيس لجنة الاحتراف الحالي يرى أن الأندية ترهق ميزانياتها بسبب العقود الضخمة مع اللاعبين والمدربين. والحقيقة أن عبد الله البرقان لم يأتِ بجديد، لأن معظم المتابعين يعرفون أن الأندية تضيع أموالها وتصرفها على لاعبين لا يستحقون هذه المبالغ، لأن العطاء أقل بكثير من الملايين التي يأخذونها، في وقت لا تملك فيه الأندية بنية تحتية تساعدها على عدم الاعتماد على تبرعات أعضاء الشرف. أرقام فلكية في أرصدة اللاعبين لا توازي المردود الفني، كما يقول خالد المعمر، ولذلك لا بد من تصحيح السوق وتخفيض عقود اللاعبين، وسن قوانين صارمة، من أهمها إعلان الميزانية بدقة وتقديمها لاتحاد اللعبة، على أن تكون الميزانية متوازنة كما يقول الخبراء مع الإيرادات. ومن المهم تقنين عملية الصرف كما يقول مدير التسويق في رابطة أندية المحترفين.
تشدد عبد الله البرقان في هذا الخصوص أمر ضروري إن أردنا التصحيح، لأنه ثمة اتجاه إلى منع الأندية من توقيع عقود احترافية تتجاوز 70 في المائة من ميزانية النادي المعتمدة، وتطبيق توصية أو مقترح ميشال بلاتيني، أما في حال زيادة مبالغ العقود فإن على النادي أن يقدم شيكات مصدقة من المصارف.
كان بالإمكان أفضل مما كان.. لو اهتمت الرئاسة العامة لرعاية الشباب مبكرا بعملية الرقابة المالية في الأندية، ولو وضع سقف أعلى لتجديد العقود.
لا بد من إيقاف العبث المالي في الأندية. وإيقاف تدليل اللاعبين بالملايين، وإيقاف سطوة وكلاء اللاعبين، وفرض رقابة مالية مشددة في كل الأندية. ومطالبة الكبار «في الهلال والأهلي والشباب والنصر والاتحاد» بوضع حد لهذه الفوضى.. وإيقاف المنافسة غير الشريفة.