مها محمد الشريف
كاتبة سعودية مختصة بقضايا الشرق الأوسط والعالم، كتبت في العديد من الصحف الرسمية السعودية وصحيفة «الرؤية» الإماراتية، وتكتب بشكل دائم في صحيفتَي «الجزيرة» و«الشرق الأوسط». لها اهتمامات بالرسم والتصميم الاحترافي.
TT

منعطفات تاريخية في 2017 تنتهي بانتفاضة الإيرانيين

الزمن بوحداته التكوينية المتتالية يضع البشر كل عام بين نقطتين؛ نقطة البدء ونقطة النهاية، وبينهما تضع الدول كل عام مجموعة سيناريوهاتها وخططها وتصوراتها، وحتى تكهناتها للمستجدات، ويمر العام ويمر فيه العالم في كل مستوياته بموجات هائلة من الأحداث والمتغيرات المختلفة، وتأتي أحياناً بصور غير متوقعة لراسمي ومخططي وجه الأحداث السنوية، نتيجة أنها تدار في بعض الفترات بقناعات قائمة على أنقاض برامج سياسية صيغت بمعطيات استبدل فيها الزمن معطيات الواقع حتى غدت القناعة غير ثابتة، وأصبحت معرضة للدحض، مما يؤدى إلى موجات من التشكيك في كل ما يدور حول الدول والقرارات، فمن تحالف بالأمس اختلف اليوم، وارتبكت رؤيته نحو ما يخبئه المستقبل.
ولا مشكلة في أن الحقائق يشاهدها العالم، ولكن لا يصدقها، فكل أحداث تناقضها أحداث أخرى، وتسقط نسبة اليقين عنها، فتصبح الحقيقة برمتها كارثة يجب أن يتركها، ويتخلى عنها، حتى وإن كانت خياره العقلاني الوحيد في مرحلة ما.
مرّ عام 2017 بمظاهر مختلفة؛ انفجرت العديد من انتفاضات سياسية تمحورت حول الاقتصاد المتذبذب في العالم، وتم انتخاب رؤساء، وكان أشهرهم انتخاب رئيس الولايات المتحدة دونالد ترمب. تراجعت دول وتقدمت أخرى، واشتعل فتيل الحرب في أربع عواصم عربية بمعول إيران، خلالها حدثت استقالات واغتيالات ونزاعات دامية وانقسامات أقاليم أثارت جدلاً واسعاً على المستوى الدولي.
منذ غادر باراك أوباما البيت الأبيض، وفاز دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة استمرت وتيرة الأحداث المأساوية في العالم، حتى بعد قدوم الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي تولى مهامه، فلم يزل الاستعمار الجديد ضمن قواعد السياسة الغربية يستخدم الإشارة عينها إلى منطقة الشرق الأوسط.
وتحدث أحياناً تسمية مختلفة للأحداث عينها، ولكن بنمط وصياغة مختلفة، ولو انفصل التاريخ عن الزمن لأصبحت الأحداث تسير على وتيرة واحدة، وفقدت أهميتها، ورغماً عن هذا التلاشي اللامحدود عاد المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، فالتاريخ يسجل الأحداث، ولكن لا يعيدها، وتعهدت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي بتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، أي بدء الإجراءات الرسمية لانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي.
وفاز مرشح حركة «إلى الأمام» في الانتخابات الرئاسية الفرنسية إيمانويل ماكرون بمنصب رئيس الجمهورية، وما لبثت هذه المحطات تفتح أبوابها حتى تدافع المتحالفون يبحثون عن الوعود الانتخابية، وكل سلطة لها سياسات تخطيطية.
ومع مرور الوقت استجدت أحداث جزء منها كان خامداً مع دولة قطر التي فشلت في تحقيق وعودها وتعهداتها مع كل من المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين، إضافة إلى مصر، مما اضطر الدول الأربع إلى أن تقطع علاقاتها الدبلوماسية وروابط النقل والتجارة معها، لدعمها للإرهاب وتمويله.
أضف إلى أكثر الأحداث أهمية، إصدار الملك سلمان أمراً ملكياً بتعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد، وفي حركة دؤوب من التطور والتقدم أصدر الملك سلمان قراراً يجيز منح تراخيص قيادة السيارات للرجال والنساء من دون تمييز، وسيدخل هذا القرار حيز التنفيذ في يونيو (حزيران) من العام 2018. والخطوة الأكثر أهمية محاربة الفساد في الداخل.
أما عن التطورات في العراق، فقد أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي النصر على تنظيم داعش الإرهابي في الموصل، وانتهاء ما سماه «دولة الخرافة والإرهاب الداعشي».
وننتقل إلى الأضرار التي خلفتها الكوارث الطبيعية، فالإعصار هارفي ضرب ساحل ولاية تكساس بسرعة رياح وصلت إلى 209 كيلومترات في الساعة، متسبباً بفيضانات كارثية قتلت العشرات، ولا ننسى حرائق كاليفورنيا وخسائرها المكلفة.
وقبل الحديث عن الجزء الشرقي من قارة آسيا، حيث تقع كوريا الشمالية، نشاهد منزلة الواقع السياسي والاتجاهات المعاكسة فيه، كوريا التي تجري تجربة نووية جديدة هي الخامسة من نوعها و«الأقوى» حتى ذلك اليوم، تستفز أميركا ورئيسها ترمب بنشاطها النووي، ولن تنتهي الأحداث عند تهديدات الوريث العظيم كيم جونغ - أون، بل استمرت أحداث أخرى في مكان آخر من العالم في إقليم كردستان حيث نظمت الحكومة استفتاءً لتقرير المصير، وصوتت فيه الغالبية لصالح الاستقلال عن بغداد.
إن التاريخ لا ينفك يسجل الوقائع العظام، وكذلك الأقل أهمية، فمن حرب اليمن وميليشيا الحوثي المدعومة من طهران إلى مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، وفي الثامن من ديسمبر (كانون الأول) اعترف الرئيس الأميركي رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل، وكان الحدث الأسوأ على الأمتين العربية والإسلامية.
ولن ينتهي هذا العام حتى ينتهي معه نظام ملالي إيران، فقد انتفض الشعب مطالباً برحيل روحاني وخامنئي، والاهتمام بالداخل الإيراني.