مايك إسحاق وشيرا فرينكل وكيت كونغر
خدمة «نيويورك تايمز»
TT

«ميتا»... جهود للتوافق مع عصر ترمب

استمع إلى المقالة

الشهر الماضي، استعان مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا»، بمجموعة منتقاة من كبار المسؤولين التنفيذيين بمجال السياسة والاتصالات وآخرين، لمناقشة نهج الشركة تجاه الخطاب عبر الإنترنت. وقد قرر زوكربيرغ، بالفعل، إجراء تغييرات شاملة بعد زيارته الرئيس المنتخب دونالد ترمب، في مار إيه لاغو في فلوريدا.

وعلى مدى الأسابيع القليلة التالية، ناقش زوكربيرغ وفريقه المختار بعناية كيفية تنفيذ ذلك عبر اجتماعات «زووم» والمكالمات والدردشات الجماعية في وقت متأخر من الليل.

وبحلول السنة الجديدة، كان زوكربيرغ مستعداً للإعلان عن التغييرات، بحسب 4 موظفين ومستشارين حاليين وسابقين في «ميتا» على دراية بالأحداث، لكن غير مسموح لهم بالتحدث علانية عن المناقشات السرية.

وبدت العملية بأكملها استثنائية، ذلك أن «ميتا» عادة ما تبدل سياساتها الحاكمة بتطبيقاتهاـ بما في ذلك «فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتسآب» و«ثريدز»ـ عبر دعوة موظفين وقيادات مدنية وآخرين للمشاركة بالنقاشات. بوجه عام، تستغرق أي تحولات شهوراً. ومع ذلك، حرص زوكربيرغ على تحويل هذا الجهد الأخير إلى سباق قصير مدته 6 أسابيع، ما أدَّى إلى مفاجأة حتى الموظفين في فرق صياغة السياسات والنزاهة داخل الشركة.

وعلم معظم موظفي «ميتا»، البالغ عددهم 72000 موظف، بخطط زوكربيرغ مع بقية العالم. وأعلنت الشركة العملاقة، التي يوجد مقرها في «وادي السيليكون»، أنها تعمل على إصلاح الخطاب السائد عبر تطبيقاتها، عبر تخفيف القيود المفروضة على كيفية حديث الناس عن القضايا الاجتماعية المثيرة للجدل، مثل الهجرة والجنس. كما أوقفت الشركة برنامج التحقق من المعلومات، الذي كان يهدف إلى الحد من انتشار المعلومات المضللة، وقالت إنها ستعتمد، بدلاً عن ذلك، على المستخدمين أنفسهم لمراقبة الأكاذيب. ولاقت هذه التحركات استحسان ترمب والمحافظين، وانتقادات من الرئيس جو بايدن، وسخرية من مجموعات التحقق من المعلومات والباحثين عن المعلومات المضللة، بجانب مخاوف من المجموعات المعنية بالمثليين، التي تخشى أن تؤدي التغييرات إلى تعرض مزيد من الأفراد للمضايقات عبر الإنترنت وخارجها.

داخل «ميتا»، انقسمت ردود الأفعال بشكل حاد. واحتفل بعض الموظفين بهذه التحركات، بينما صُدم آخرون، وانتقدوا التغييرات علانية على لوحات الرسائل الداخلية للشركة. وكتب كثير من الموظفين أنهم يخجلون من العمل في «ميتا».

واستمر تحول «ميتا»، الجمعة، عندما أخبرت الشركة الموظفين بأنها ستنهي جهودها بمجالات التنوع والمساواة والإدماج. كما ألغت منصب كبير مسؤولي شؤون التنوع، وأنهت أهداف التوظيف التي دعت إلى توظيف عدد معين من النساء والأقليات، وقالت إنها لن تعطي الأولوية للشركات المملوكة للأقليات عند التعاون مع شركات أخرى بمجال البيع.

وصرح بايدن، من داخل البيت الأبيض، أن قرار زوكربيرغ التخلي عن التحقق من المعلومات عبر «فيسبوك» و«إنستغرام»، يعد «مخزياً».

وعبر مقابلات أجريناها، وصف أكثر من 12 موظفاً ومديراً تنفيذياً ومستشاراً لزوكربيرغ حاليين وسابقين، تحوُّله بأنه يخدم هدفاً مزدوجاً، فهو يدفع بـ«ميتا» في قلب المشهد السياسي الحالي، مع صعود السلطة المحافظة في واشنطن، وتولِّي ترمب منصبه في 20 يناير (كانون الثاني). علاوة على ذلك، تعكس التغييرات وجهات نظر زوكربيرغ الشخصية حول كيفية إدارة شركته البالغ قيمتها 1.5 تريليون دولارـ والتي لم يعد يرغب في إخفائها.

وأفادت المصادر بأن زوكربيرغ، 40 عاماً، تحدث بانتظام إلى عدد من الأصدقاء والزملاء، بمن في ذلك مارك أندريسن، المستثمر وعضو مجلس إدارة «ميتا»، حول المخاوف من أن التقدميين يفرضون رقابتهم على الكلام. كما عبَّر عن انزعاجه مما يراه من مواقف مناهضة للتكنولوجيا من قِبَل إدارة بايدن، وتأثر بما يراه من تقدميين في وسائل الإعلام وداخل «وادي السيليكون» - بما في ذلك في قوة العمل داخل «ميتا» - ما دفعه إلى اتخاذ موقف صارم تجاه ضبط الخطاب، على حد قولهم.

ورفضت شركة «ميتا» التعليق.

في مقابلة مع مقدم البودكاست جو روجان، الجمعة، قال زوكربيرغ إنه حان الوقت «للعودة إلى مهمتنا الأصلية»، عبْر تمكين الناس من «المشاركة». وقال إنه شعر بتعرضه لضغوط من قِبَل إدارة بايدن ووسائل الإعلام «لفرض الرقابة» على محتوى معين.

جدير بالذكر أنه جرى تحفيز التغييرات الأخيرة بفوز ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني). في ذلك الشهر، سافر زوكربيرغ إلى فلوريدا للقاء ترمب. وبوقت لاحق، تبرعت «ميتا» بمليون دولار لصندوق حفل تنصيب الرئيس المنتخب.

داخل «ميتا»، بدأ زوكربيرغ في الاستعداد لتغيير سياسات الخطاب عبر المنصات المملوكة للشركة. ولعلمه أن أي تحركات ستثير الجدل، حرص على جمع فريق لا يزيد عدده على 12 مستشاراً.

وغيرت الشركة اسم السياسة التي تحدد ما يجب فعله مع الإهانات والتهديدات ضد المجموعات المحمية وغيرها من المحتوى الضار على تطبيقاتها، إلى مناهضة «السلوك البغيض».

وقد أدى هذا فعلياً إلى تحويل محور التركيز في القواعد بعيداً عن الكلام، ما قلل من دور «ميتا» في مراقبة المحادثة عبر الإنترنت.

من بين تغييراتها، خففت «ميتا» صرامة القواعد حتى يتمكن الأشخاص من نشر بيانات تقول إنهم يكرهون أشخاصاً من أعراق أو ديانات أو توجهات جنسية معينة، بما في ذلك السماح «بإعلان ادعاءات المرض العقلي أو الشذوذ على أساس الجنس أو التوجه الجنسي»، كما ألغت قاعدة كانت تحظر على المستخدمين قول إن أشخاصاً من أعراق معينة مسؤولون عن نشر فيروس «كورونا».

* خدمة «نيويورك تايمز»