مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

اللحوم النباتية

استمع إلى المقالة

نجح باحثون يابانيون في تفادي سلبيات الجهود البحثية السابقة للحوم المزروعة مختبرياً، وحصلوا على عينة لحوم بحبيبات وملمس لحم الحيوانات الحقيقية.

وظهرت الحاجة إلى اللحوم المزروعة مختبرياً مع التحضر العالمي وزيادة عدد السكان، حيث أصبحت اقتصاديات تربية الحيوانات غير مستدامة، وهناك وجهة نظر بيئية جاء فيها أن تكاليف الأراضي والمياه لتربية الماشية الضخمة الحديثة لا يمكن تحملها، وكذلك انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن التربية، بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف أخلاقية ضد الاستغلال البشري للأنواع الصغيرة جداً من أجل الغذاء.

هذه الكلمات ليست جملاً من صنع الخيال، إنما حقيقة بدأت فكرتها في أواخر السبعينات الميلادية حين تبنت إحدى كبريات شركات البترول فكرة تصنيع اللحوم من البترول بعد أن ارتفع سعر البترول وقلت المواد الغذائية وبالذات اللحوم، فكما هو معروف أن أصل البترول مواد هيدروكربونية ناتجة في الأغلب عن تحلل النباتات والحيوانات.

فإذا كانت هناك مئات، بل آلاف المنتجات منشؤها البترول والغاز الطبيعي، مثل مستحضرات التجميل والصابون والأدوية والعلكة والجيلاتين ومواد التنظيف والبلاستيك واللدائن والمطاط والملابس وأطقم الأسنان والأسمدة العضوية والمبيدات وغيرها كثير، إذن: لماذا لا نصنع الغذاء؟

اليوم، وبعد نحو 40 عاماً، يعود البترول ليشاركنا غذاءنا ويكون مكوناً رئيسياً فيه، فمشكلة نقص الغذاء العالمي تتفاقم، خصوصاً مع زيادة أعداد البشر التي تقدر بحلول 2050 بنحو عشرة مليارات نسمة يتطلبون على الأقل 70 في المائة بروتينا أكثر مما هو متاح الآن. فمن أين سيوفر لهم الغذاء مع انخفاض حجم الرقعة الزراعية.

والآن أنتقل معكم إلى فكرة أكثر واقعية، وفحواها:

إن هناك قصاباً هولندياً اسمه كوريتفخ تخلّى عن اللحم -رغم نجاحه وأرباحه منقطعة النظير- وأسس شركته الخاصة بهدف توفير بدائل نباتية لمحبي اللحوم، ظن أقرباؤه أنها مجرد صيحة عابرة، لكن جهود هذا المزارع الهولندي كللت بالنجاح وباع مؤسس (القصاب النباتي) شركته لعملاق الصناعات الغذائية (يونيليفر) 2018، وبحسب جي بي مورغان، قد تبلغ سوق اللحوم النباتية المصدرة 100 مليار دولار في غضون 15 عاماً.

وأبرمت الشركة التي تباع منتجاتها في نحو 20 ألف نقطة بيع في 30 دولة بحسب يونيليفر عقداً مع سلسلة برغر كينغ لتوفير نسخة نباتية من البرغر الشهير في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، ويتدرج شراء يونيليفر لشركة القصاب النباتي في جملة المبادرات التي اتخذتها المجموعة العملاقة، نزولاً عند رغبة المستهلكين الذين باتوا أكثر حرصاً على البيئة وعلى صحتهم.