مها محمد الشريف
كاتبة سعودية مختصة بقضايا الشرق الأوسط والعالم، كتبت في العديد من الصحف الرسمية السعودية وصحيفة «الرؤية» الإماراتية، وتكتب بشكل دائم في صحيفتَي «الجزيرة» و«الشرق الأوسط». لها اهتمامات بالرسم والتصميم الاحترافي.
TT

الرياض عاصمة الألعاب الإلكترونية

استمع إلى المقالة

إن ما يميز عصر ثورة المعلومات، أنه جاء في الفترة التي تلت العصر الصناعي وارتبط ارتباطاً وثيقاً بالدور الجديد الذي تلعبه العلوم والتكنولوجيا في المجتمع، وأعطى قوة جديدة للثقافة في العلاقات الدولية والأحداث التاريخية، وقوة ناعمة غيرت من شكل العالم بالتدريج، بمثابة قيمة أساسية غيرت من تصور إنسان اليوم وتفاعله وما يقدمه من نتائج، والتقارب بين الشعوب في عالم الدبلوماسية والعلاقات الدولية، بل هو غاية وهدف تسعى من أجله أجيال من المفكرين والسياسيين، وسارت على منواله المنظمات الدولية بنشر خطابات مختلفة ومنها «التنوع الثقافي»، فكيف يمكن أن تغير القوة الناعمة العالم؛ وبخاصة إذا كانت هذه القوة لها أهمية رياضية عالمية، وتحويل الموارد إلى قوة متحققة؟

وفي تقرير عالمي جديد عن القوة الناعمة جاء أن السعودية تقدّمت 5 مراتب عالمياً... مقارنة بتصنيف عام 2022، كما دخلت للمرة الأولى ضمن قائمة الـ20 دولة الأعلى في العالم، وأصدرت «براند فاينانس» تقريرها لعام 2023 عن القوة الناعمة، حيث حققت السعودية المركز الـ19 من بين 121 دولة حول العالم.

وعلى مستوى تقييم تقرير القوة الناعمة وتأثير الشركات السعودية التي احتلت المراتب الأكثر والأعلى من بين شركات الشرق الأوسط، وجدت 5 شركات سعودية في قائمة أعلى 10 شركات قوة في الشرق الأوسط. فعندما تبدو سياستنا مشروعة في عيون الآخرين، تتسع قوتنا الناعمة، والأقوى تأثيراً هنا هو موقعنا على خريطة الاقتصاد العالمي ومكانة المملكة سياسياً واقتصادياً، ثم تأتي أهمية الرياضة والحراك الرياضي بشكل عام والرياضات الإلكترونية بشكل خاص من الناحية الاقتصادية، ومن ناحية قدرتها على الوصول إلى الأجيال الشابة والدخول إلى كل بيت، ومن المتوقع أن تُولد صناعة الرياضات الإلكترونية مقياساً مذهلاً.

واعتبر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن كأس العالم للرياضات الإلكترونية «الخطوة الطبيعية التالية في رحلة المملكة لتصبح المركز العالمي الأول للألعاب والرياضات الإلكترونية»، مشيراً إلى أنها «ستقدّم تجربة لا مثيل لها، تفوق ما هو متعارف عليه في القطاع». حيث تؤكد جل الدراسات أن القوة الناعمة سلاح مؤثر يسعى إلى تحقيق الأهداف عن طريق الجاذبية بدلاً من الإرغام، وإذا أردنا أن نصل إلى دلالة القدرة على التأثير في أمم أخرى وتوجيه الخيارات السائدة والعامة يكون ذلك استناداً إلى جاذبية نظاميها الاجتماعي والثقافي ومنظومة قيمها ومؤسساتها.

لذا، تبقى سيرورة تتغذى من مكونات وعوامل تاريخية ومجتمعية وأنماط جديدة من هذه الجاذبية التي يمكن نشرها بطرق عديدة منها الثقافة الشعبية، والدبلوماسية الخاصة والعامة، والمنظمات الدولية غير الربحية، ومؤسسات المجتمع المدني، ومجمل الشركات والمؤسسات التجارية العاملة.

وستشكل البطولة منصة مهمة تسهم في الارتقاء بقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية الذي يشهد نمواً متزايداً وسترسخ مكانة السعودية بوصفها وجهة رائدة لأبرز المنافسات الرياضية والعالمية. جاء هذا الإعلان خلال «مؤتمر الرياضة العالمية الجديدة»، الذي تستضيفه السعودية، و«بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية هي الخطوة الطبيعية التالية في رحلة المملكة لتصبح المركز العالمي الأول للألعاب والرياضات الإلكترونية، حيث ستقدم تجربة لا مثيل لها، تفوق ما هو متعارف عليه في القطاع»، مؤكداً أن البطولة ستسهم في تعزيز التزامنا بتحقيق مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، بما في ذلك تنويع الاقتصاد، وتعزيز قطاع السياحة وتوفير الفرص الوظيفية في مختلف القطاعات، وتقديم ترفيه عالي المستوى للمواطنين والمقيمين والزائرين على حد سواء.

وستكون البطولة رافداً أساسياً في تحقيق مساعٍ استراتيجية لقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية، والمساهمة في تحقيق أكثر من 50 مليار ريال سعودي (13.3 مليار دولار) للناتج المحلي بحلول عام 2030، وتوفير 39 ألف فرصة عمل جديدة في القطاع، وتحويل مدينة الرياض إلى عاصمة للألعاب الإلكترونية.

فالتقنية بيئة إضافية للإنسان ينتجها العلم وتحول المجتمع إلى مجتمع تكنولوجي وتلعب المصالح الاقتصادية دورها الفعال في هذه السيرورة، حتى تصبح قوة مسيطرة، فإذا كنا في كل مكان نذهب إليه نحرك الأحداث، قطعاً سيصبح الوقت وقتنا والوقت لن ينتهي، وذلك شكل واقعاً مشتركاً بين الناس، وهذا هو التركيز المناسب لاستراتيجية المملكة الجيدة والمؤثرة.