من الصعب على كاتبٍ مثلي أن يكتب لكم في يوم العيد، فاليوم عيد الأضحى المبارك، وهو يوم فرح، والناس سيكونون مشغولين بأمور عدة؛ أهمها أمران: تكملة مناسك الحج بالنسبة إلى الحجاج، والأضحية لغير الحجاج، إضافة إلى استعدادات العائلات وتجهيزات العيد؛ للاحتفال بالعيد مع الأُسر، كما أن الصغار ينتظرون هذا اليوم للحصول على هدايا العيد.
المهم أنه يتجه إلى مكة المكرمة مئات آلاف الحجاج قادمين من جميع أصقاع الأرض، ومن شروط صحة الحج أنه لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج.
فرفع الشعارات الخارجة عن شعائر الحج مدعاة للجدل والفسوق، ووقفها أمر مهم، ومن أراد رفع الشعارات، فليرفعها في بلاده. للأسف هناك من يحاول تسييس التجمعات؛ بدءاً من التجمع الرياضي، وحتى التجمع الديني.
ومن الأفضل لنا جميعاً أن تتجه جهودنا لمساندة قضايانا في الساحات التي تنفع فيها المساندة، مثل الأمم المتحدة وغيرها من المنابر التي تعود على قضايانا بالخير والمنفعة، بدلاً من تشتيت الجهود فيما لا يفيد.
السعودية لا تستفيد من الحج هللةً واحدة، فهي تصرف على الحج وعلى المشاعر المقدسة مليارات الريالات، ولا تنتظر العائد... انظر من محطة قدومك حاجّاً إلى الطرق التي أنشأتها السعودية لتوصلك إلى مكة المكرمة... انظر إلى وسائل المواصلات؛ فمن الحافلات، إلى القطار، إلى سيارات الأجرة، إلى غير ذلك مما يحتاجه الحاج؛ بدءاً بالطعام، وانتهاءً بالصحة، فالحاج يعالَج مجاناً، ويُصرف له الدواء مجاناً، والإسعافات تجوب المشاعر المقدسة لتنقل المصابين إلى مراكز العلاج.
وحجاج البَرّ أمّنت لهم السعودية مدناً نسميها «مدن الحجاج»، يستريح فيها الحجاج من عناء السفر، وقد نُصبت لهم الخيام، وأُمّنت لهم دورات المياه؛ ليأخذوا قسطاً من الراحة بعد عناء السفر، وبعد ذلك يبيعون ما لديهم من بضائع. وأذكر أن الناس كانوا يشترون العسل والسجاد من حجاج الاتحاد السوفياتي قبل التفكك، أي من حجاج الدول الإسلامية بعد التفكك، وبعد أن يبيع الحجاج ويشتروا، فهناك متطوع سعودي من الكشافة يركب حافلة الحجاج ليدلّهم على الطريق الصحيحة إلى مكة المكرمة حتى لا يتوهوا في المدينة.
الحج يجعل السعودية تستخدم موظفين من جميع الدول الإسلامية؛ لشغل آلاف الوظائف المؤقتة في الحج، مثل سائقي الشاحنات وغيرهم، لخدمة ضيوف الرحمن. كما أن المواطنين يخدمون الحجاج عبر تقديم ما يستطيعون من جهد تطوعي، وعبر تقديم المياه الباردة للحجاج في المشاعر؛ نظراً إلى صعوبة حمل الحجاج المياه خلال تأديتهم مشاعرهم، هذا غير مياه زمزم التي تُهيأ للحجاج في الحرم الشريف وغيره... فالحكومة السعودية وشعبُها يُسَخِّران كل الإمكانات لخدمة الحجيج. ودمتم.