الوعود الزائفة لحبوب زيت السمك

لم يثبت أي دليل على «فوائدها المرتبطة بالقلب»

  صورة تعبيرية لحبوب زيت السمك
صورة تعبيرية لحبوب زيت السمك
TT

الوعود الزائفة لحبوب زيت السمك

  صورة تعبيرية لحبوب زيت السمك
صورة تعبيرية لحبوب زيت السمك

يتناول الملايين من الأميركيين - بمن فيهم واحد من كل خمسة أشخاص فوق سن 60 عاماً – حبوب (مكمّلات) زيت السمك الغذائية، وغالباً ما يفترضون أن هذه الكبسولات تساعد في الوقاية من أمراض القلب.

من يمكنه لومهم؟ خصوصاً أن ملصقات المنتجات تقول أشياء مثل «تعزيز صحة القلب» و«دعم مستويات الكوليسترول الصحية وضغط الدم».

انتفاء الأدلة الصحية

يقول الدكتور بريستون ماسون، عضو هيئة التدريس في قسم القلب والأوعية الدموية في مستشفى بريغهام والنساء التابع لجامعة هارفارد، الذي يدرس الدهون الفريدة الموجودة في زيت السمك، المعروفة باسم أحماض «أوميغا 3» الدهنية: «يقول الناس في كثير من الأحيان (أنا لا أحب تناول الأسماك، لكنني أعرف أنها جيدة بالنسبة لي. وبالتالي فإنني آخذ هذه المكملات بدلاً من ذلك). إليكم النتيجة: توصلت الدراسات التي تعود لأكثر من نصف قرن إلى أن الأشخاص الذين يتناولون الأسماك الدهنية يُرصد لديهم انخفاض معدلات الإصابة بأمراض القلب. ولكن على مدى العقدين الماضيين، لم تظهر العديد من التجارب العشوائية - التي تضع زيت السمك في مقابل دواء وهمي - أي دليل على الفوائد المرتبطة بالقلب من مكملات زيت السمك الغذائية. في حين أن المكملات الغذائية توفر أحماض (أوميغا 3) الدهنية، فهناك طرق أفضل للحصول على هذه الدهون الأساسية من نظامك الغذائي (راجع ثلاثية أوميغا 3 الرئيسية)».

صورة تعبيرية لحبوب زيت السمك

ثلاثية أوميغا-3 الرئيسية

تعد الأحماض الدهنية أوميغا 3 Omega-3 fatty acids «ضرورية»، ما يعني أنه يجب على المرضى الحصول عليها من نظامهم الغذائي أو من مصادر أخرى. كما أن الأسماك الدهنية مثل السلمون والتونة والسردين والماكريل تعد مصادر جيدة لاثنين من أحماض «أوميغا 3»:

* حمض إيكوسابنتاينويك eicosapentaenoic acid (EPA)

*وحمض دوكوساهيكسانويك docosahexaenoic acid (DHA).

* حمض ألفا لينولينيك alpha-linolenic acid (ALA) وهو أوميغا 3 آخر، يوجد في العديد من النباتات، بما في ذلك البذور والمكسرات وبعض الخضراوات الخضراء.

يمكن لجسمك أن يحول كمية صغيرة - نحو 8 في المائة - من حمض ألفا لينولينيك (ALA) الغذائي إلى حمض إيكوسابنتاينويك (EPA) وحمض دوكوساهيكسانويك (DHA).

يشتبه خبراء التغذية في أن أحد أسباب إصابة آكلي الأسماك بنوبات قلبية «أقل» هو أنهم يتناولون كميات أقل من اللحوم الحمراء أو اللحوم المصنعة، وكلاهما يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب. يمكن للنباتيين (الذين لا يأكلون الأسماك) والنباتيين (الذين يتجنبون جميع الأطعمة الحيوانية) تأمين متطلبات «أوميغا-3» من خلال تناول الكثير من الأطعمة الغنية بحمض ألفا لينولينيك (ALA)، مثل بذور الكتان، والجوز، وبذور اليقطين، وفول الصويا، أو زيت الكانولا.

والأشخاص الذين يتبعون هذه الحميات الغذائية التي تركز على النباتات لديهم معدلات أقل من أمراض القلب مقارنة بالأشخاص الذين يضمون الأطعمة حيوانية المصدر في أنظمتهم الغذائية.

ادعاءات صحية مربكة

ماذا عن الدعايات المضللة؟ ترى إدارة الغذاء والدواء الأميركية جميع المكملات الغذائية، بما في ذلك زيت السمك، «أطعمة» وليست «أدوية».

وعلى عكس الشركات التي تصنع الأسبرين ومضادات الحموضة والأدوية الأخرى المتاحة من دون وصفة طبية، لا يُطلب من مصنعي المكملات إجراء أي اختبارات إكلينيكية صارمة أو الخضوع لأي رقابة على الإنتاج، كما أوضح الدكتور ماسون.

* تناول الأسماك الدهنية يرتبط بانخفاض معدلات الإصابة بأمراض القلب*

تدقيق المزاعم الصحية للمكملات

ورغم ذلك، يُسمح لهؤلاء بإدراج مزاعم صحية محدودة على ملصقاتهم، كما أن الوعود المتعلقة بالقلب شائعة على مكملات زيت السمك، بحسب دراسة نُشرت في 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في مجلة «جاما» لأمراض القلب. ومن بين أكثر من 2800 ملصق مختلف لمكملات لزيت السمك فحصها الباحثون، ظهر نحو 2000 منها تضم عبارة أو أكثر تتعلق بالقلب. أظهرت معظم هذه الادعاءات الصحية (نحو 80 في المائة) وصفاً عاماً ولكنه غامض لدور أحماض «أوميغا 3» الدهنية في الجسم. كانت معظمها (62 في المائة) ادعاءات تتعلق بالقلب والأوعية الدموية، مثل عبارة: «يساعد في دعم صحة القلب».

منتجات متفاوتة التركيز

إضافة إلى ذلك، حلل الباحثون 255 منتجاً لزيت السمك من 16 مصنعاً رئيسياً، ووجدوا اختلافاً كبيراً في الكميات الفعلية من حمض إيكوسابنتاينويك (EPA) وحمض دوكوساهيكسانويك (DHA) (الحمضان الدهنان الرئيسيان لأوميغا 3) في المكملات الغذائية.

وتؤكد هذه النتائج أبحاث الدكتور ماسون. علاوة على ما تقدم، فإن العديد من مكملات زيت السمك الغذائية المستخدمة على نطاق واسع يتم إنتاجها من خلال عملية صناعية تترك الأحماض الدهنية أوميغا 3 عُرضة للحرارة والأكسجين غير المنضبطين، كما يقول الدكتور ماسون، الذي أضاف: «يؤدي هذا إلى أكسدة هذه الأحماض الدهنية غير المشبعة للغاية، ما يؤدى إلى فقد أي فائدة بيولوجية مرجوة».

ثم أضاف أن الاختبارات المختبرية المتعددة لعشرات المنتجات أكدت هذه النتائج. إذ يرتبط استهلاك الزيت المؤكسد بالتهاب الأوعية الدموية، وهو سبب رئيسي لأمراض القلب والأوعية الدموية.

وصفة طبية خاصة

إذا كنت مصاباً بمرض في القلب، فقد تسأل طبيبك عن عقار «إيكوسابنت إيثيل» الموصوف طبياً، وهو مستحضر بجرعة عالية من حمض إيكوسابنتاينويك (EPA) يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية عند تناوله مع مركبات الستاتين المخفضة للكوليسترول.

وهنا يحذر الدكتور ماسون من أن المكملات الغذائية غير المنظمة المحتوية على زيت السمك والموجودة في المتاجر وعلى شبكة الإنترنت ليست بديلاً فعالاً.

أما إذا لم تكن مصاباً بمرض القلب، فإن تناول حصتين من الأسماك الدهنية أسبوعياً أو اتباع نظام غذائي نباتي غني بالزيوت الصحية والمكسرات والبذور يعد استراتيجية أكثر ذكاء من شراء مكملات زيت السمك الغذائية.

* رسالة «هارفارد» الصحية، خدمات «تريبيون ميديا».

حقائق

نحو 80 في المائة

من معظم الادعاءات الصحية لهذه المكملات تقدم وصفاً عاماً ولكنه غامض لدور أحماض «أوميغا 3» الدهنية في الجسم

حقائق

62 في المائة تقريباً

من ادعاءات هذه المكملات تتعلق بالقلب والأوعية الدموية مثل عبارة: «تساعد في دعم صحة القلب»


مقالات ذات صلة

تغيّرات في صحة الجهاز الهضمي: متى تطلب مشورة الطبيب؟

صحتك تغيّرات في صحة الجهاز الهضمي: متى تطلب مشورة الطبيب؟

تغيّرات في صحة الجهاز الهضمي: متى تطلب مشورة الطبيب؟

نهايات «الجهاز العصبي الثاني» ترتبط بالمعدة والأمعاء.

هايدي غودمان (كمبريدج (ولاية ماساتشوستس الأميركية))
صحتك من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)

تتبُع الرجفان الأذيني باستخدام ساعة ذكية؟ تجنّبْ هذا الفخ

يعاني الملايين من الأميركيين من الرجفان الأذيني - وهو اضطراب سريع وغير منتظم في إيقاع القلب يزيد من خطر المضاعفات القلبية الوعائية، بما في ذلك السكتة الدماغية

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك هل يمكن التخلص من السعال المستمر؟

هل يمكن التخلص من السعال المستمر؟

يعدّ مزمناً إن استمر 8 أسابيع أو أكثر

مورين سالامون (كمبردج (ولاية ماساتشوستس الأميركية))
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك خاتم «أورا» الذكي

خواتم ذكية تكشف الرجفان الأذيني

الخواتم الذكية - أحدث فئة من الأجهزة القابلة للارتداء - يمكنها القيام بعدد من الأشياء التي يمكن أن تقوم بها الساعة الذكية، بما في ذلك مراقبة معدل ضربات القلب،…

جولي كورليس (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

150 دقيقة رياضة أسبوعياً تُقلّص الوزن الزائد

التمارين الرياضية الهوائية جزء أساسي من نمط الحياة الصحي (رويترز)
التمارين الرياضية الهوائية جزء أساسي من نمط الحياة الصحي (رويترز)
TT

150 دقيقة رياضة أسبوعياً تُقلّص الوزن الزائد

التمارين الرياضية الهوائية جزء أساسي من نمط الحياة الصحي (رويترز)
التمارين الرياضية الهوائية جزء أساسي من نمط الحياة الصحي (رويترز)

كشفت دراسة تحليلية بريطانية أن كل 30 دقيقة أسبوعياً من التمارين الرياضية الهوائية «الكارديو» ترتبط بانخفاض الوزن بمقدار 0.52 كيلوغرام.

وأوضح الباحثون من جامعة «إمبريال كوليدج لندن» أن التمارين، التي تصل إلى 150 دقيقة أسبوعياً بمستويات معتدلة إلى عالية الكثافة، تحقّق تغييرات سريرية مهمة لخفض الوزن، وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية «جاما نت وورك».

وتُعدّ التمارين الرياضية الهوائية جزءاً أساسياً من نمط الحياة الصحي لما تقدّمه من فوائد متعدّدة للصحة الجسدية والنفسية، فهي تُحسّن صحة القلب والأوعية الدموية، من خلال تعزيز الدورة الدموية، وخفض ضغط الدم ومستويات الكوليسترول الضار. كما تُسهم في ضبط الوزن وتقليل دهون الجسم، مما يقلّل مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب.

بالإضافة إلى ذلك، تساعد التمارين الهوائية في تحسين المزاج وتقليل القلق والتوتر. ويمكن لممارستها بانتظام، سواء أكانت المشي السريع أم الجري أم ركوب الدراجة، أن تجعلها أداة فعالة لتعزيز الصحة العامة وتحسين جودة الحياة.

وشملت الدراسة 116 تجربة ضمَّت 6880 مشاركاً من الرجال والنساء البالغين الذين يعانون زيادة الوزن أو السمنة، وقيّمت تأثير التمارين الرياضية الهوائية لمدّة لا تقل على 8 أسابيع.

ووجدت النتائج أن كل 30 دقيقة من التمارين الهوائية أسبوعياً ارتبطت بانخفاض وزن الجسم بمقدار 0.52 كيلوغرام، وتراجع في محيط الخصر بمقدار 0.56 سم، وانخفاض في نسبة الدهون في الجسم بمقدار 0.37 في المائة. كما أظهرت الدراسة انخفاضاً في الدهون الحشوية بمقدار (−1.60 سم²) والدهون تحت الجلد بمقدار (−1.37 سم²).

وأيضاً، ارتبطت التمارين الهوائية أيضاً بزيادة في جودة الحياة البدنية والنفسية. وأظهرت التحليلات أن مقاييس الوزن ومحيط الخصر ونسبة الدهون انخفضت بشكل أكبر مع زيادة مدتها حتى 300 دقيقة أسبوعياً.

وخلصت الدراسة إلى أن التمارين الهوائية، خصوصاً عند ممارستها بكثافة متوسطة إلى عالية لمدة 150 دقيقة على الأقل أسبوعياً، تُعدُّ أداة فعّالة لتحقيق تغييرات صحية ملموسة في الوزن ومحيط الخصر ونسبة الدهون. وشدَّد الباحثون على أهمية الالتزام ببرامج رياضية منتظمة لتحقيق فوائد صحية مستدامة.

من جهته، نوَّه الفريق بأن النتائج تعكس أهمية التمارين الهوائية بوصفها أحد المكونات الأساسية لبرامج تعديل نمط الحياة للتعامل مع مشكلة السمنة. كما تُقدّم معلومات دقيقة حول الجرعة المناسبة من التمارين المطلوبة لتحقيق نتائج صحية ملموسة؛ مما يسهم في تحسين اتخاذ القرارات المتعلقة بالصحة العامة.

وأضافوا أن هذه النتائج تعزز الأدلة القائمة حول فاعلية التمارين الهوائية، وتدعم الإرشادات الصحية العالمية التي تنصح بالالتزام بممارسة الرياضة بانتظام لمكافحة السمنة وتحسين جودة الحياة.