أمراض السرطان... التشخيص والعلاج

ندوة طبية بمناسبة افتتاح أول مركز متخصص في علاج الأورام شرق السعودية

أمراض السرطان... التشخيص والعلاج
TT

أمراض السرطان... التشخيص والعلاج

أمراض السرطان... التشخيص والعلاج

السرطان هو السبب الرئيسي الثاني للوفاة في العالم، حيث تشهد نسبة الإصابة ارتفاعاً متزايداً في كل دول العالم. لكن معدلات البقاء على قيد الحياة تتحسن لأنواع كثيرة من السرطان بفضل التقنيات العلمية والتطورات الحديثة التي تشهدها طرق الكشف عن السرطان وعلاجه والوقاية منه.
ومن أشهر الأورام التي تم تشخيصها في منطقتنا هي أورام الثدي بالدرجة الأولى، يتبعها أورام القولون والأورام اللمفاوية وبعض الأورام النسائية الأخرى. وبالنسبة للجنس، فقد تم تسجيل سرطان الرئة، والبروستاتا، والقولون على التوالي عند الرجال، أما عند النساء فكانت أشهر الأورام في الثدي والقولون. ويمكننا القول إن إحصاءاتنا بالمملكة لا تختلف عن الإحصاءات العالمية.
ندوة طبية
أقامت مجموعة «مستشفيات المانع» ندوة طبية حول المستجدات في تشخيص وعلاج السرطان، وذلك بمناسبة افتتاح أول مركز متخصص في علاج الأورام في الدمام بالمنطقة الشرقية، الذي سيضم فريقاً متعدد التخصصات مؤلفاً من 70 خبيراً طبياً متخصصاً في علاج أنواع كثيرة ومختلفة من السرطانات. يأتي هذا الافتتاح في إطار رسالة مجموعة «مستشفيات المانع» الرامية إلى تزويد مرضى السرطان بأرقى معايير الرعاية العالمية، وتلبية الاحتياجات المتزايدة لهذه الفئة داخل المملكة. وسعّت مجموعة «مستشفيات المانع» الرائدة نطاق خدماتها لرعاية مرضى الأورام؛ لتتمكن من علاج 5000 مريض إضافي سنوياً.
حضرت «صحتك» هذه المناسبة، وعقدت جلسة حوارية مع المتحدثين في الندوة الطبية حول الأورام السرطانية وأسبابها، والمستجدات في التشخيص والعلاج.
الأسباب وعوامل الخطر
عن أسباب وعوامل خطر الإصابة بالسرطان، يجيب الدكتور حمدان عبد الله السويلميين استشاري أمراض الدم والأورام، والحاصل على البورد الفرنسي في أمراض الدم وأورام الجهاز الهضمي من جامعة مونبلييه، وعلى الزمالة البريطانية في طب الأورام، رئيس مركز الأورام في مجموعة «مستشفيات المانع» أن هناك أسبابا وعوامل خطر متعددة للإصابة بالسرطان، نذكر منها ما يلي:
*حدوث تغيّرات أو طفرات في الحمض النووي داخل الخلايا. يتجمع الحمض النووي الموجود داخل الخلية في عدد كبير من الجينات الفردية، ويحتوي كل منها على مجموعة من التعليمات التي تخبر الخلية بالوظائف التي يجب أن تؤديها، بالإضافة إلى كيفية نموها وانقسامها. ويمكن أن تؤدي الأخطاء في هذه التعليمات إلى توقف الخلية عن أداء وظيفتها الطبيعية، وقد تسمح للخلية بأن تصبح سرطانية.
*دور الوراثة. نسبة الوراثة ضئيلة جداً، وتعتمد على نوعية المرض، وبشكل عام فإن نسبتها تتراوح ما بين 5 - 10 في المائة فقط. وأكثر الأورام التي تمت دراستها من الناحية الوراثية سرطان الثدي وسرطان القولون.
بالنسبة للثدي، هنالك طفرات جينية محددة أصبحت الآن سهلة الكشف والتعرف عليها تسمى فحص جين البراكا 1 و2، ونفس الشيء بالنسبة للقولون فهناك فحوصات جينية أخرى.
إن معظم الأورام التي نراها ما هي إلا حالات فردية. بعض الحالات تتطلب دراسة الحالة الوراثية أو الجينية لحماية الأفراد الآخرين في العائلة، وهذا يتطلب بعض الإجراءات الجذرية؛ مثل الجراحة الوقائية (كاستئصال الثديين)، أو إعطاء علاج كيميائي وقائي، أو وضع المريض في برنامج يسمى «برنامج المتابعة» للكشف عن الأورام مبكرا يشمل إجراء مسح للعائلة.
فإذا كان أحد الأقارب من الدرجة الأولى كالبنات والأخوات مثلا لديهن استعداد وراثي، فيتم تصنيفهن ضمن «الكشف المبكر عن السرطان عالي الخطورة»، وفي حالة إن كانت البنت صغيرة السن وتتطلب عمل إجراءات جذرية مثل الاستئصال الوقائي للثدي أو الاستئصال الوقائي للرحم أو المبايض، فيتم الانتظار حتى تكتمل الحالة الاجتماعية للبنت وتنجب، وبعدها يُترك الخيار للمريضة، وتوضيح أن نسبة الإصابة بالورم السرطاني عالية، وتُشرح لها الخيارات المتاحة، ويكون اتخاذ القرار مشاركة بين المريضة والفريق الطبي.
*عوامل الخطر. تشمل: العمر، والعادات الحياتية، والتدخين، والكحول، والتاريخ العائلي الصحي، والبيئة المحيطة ومحتوياتها. ومن الممكن تغيير العادات الخاطئة للحد من خطر الإصابة بالسرطان، مع العلم بأن بعض العادات أسهل في التغيير من غيرها.
التشخيص
يواصل الدكتور حمدان السويلميين حديثه بأن المركز يحتوي على أحدث الأجهزة التشخيصية؛ مثل أجهزة المسح الذري البوزيتروني، وأجهزة الفحص بالرنين المغناطيسي (MRI) وأجهزة تصوير الثدي الحديثة. وكذلك وجود مختبر متكامل يوفر جميع الفحوصات المطلوبة لخدمة تشخيص الأورام. إضافة إلى ذلك توجد وحدة متخصصة اسمها خدمة الأشعة التداخلية يعمل بها متخصصون لأخذ العينات الخاصة بالتشخيص.
وتحدد الفحوصات الجزيئية (molecular testing) وهي فحوصات دقيقة، صفات المرض ما يمكّن من إعطاء المريض حقه العلاجي كاملا. ونتبع في علاج المرضى بالمركز أحدث التوصيات العالمية المبنية على أحدث الأبحاث العلمية التي تقدم الخدمات العلاجية على أساسٍ علمي صحيح معتمد عالميا.
يقدم المركز خدمات خاصة لمرضى العلاج التلطيفي لمن هم في المراحل المتأخرة، وخدمات إضافية أخرى مثل خدمة المعالجة والدعم النفسي من خلال وجود أطباء متخصصين يزورون المرضى ويعطونهم النصح اللازم لتخفيف وطأة المرض عليهم وعلى أهاليهم. ويضاف إلى ذلك الخدمة الاجتماعية للمريض وأهله وخدمة العلاج الروحاني الذي يقدم من قبل الشيوخ، مثل تلاوة القرآن والأدعية والأذكار والتحصينات التي يستفيد منها المريض.
العلاج
> أولا: خطة العلاج. يقول الدكتور حمدان السويلميين: تتم مناقشة كل حالة على حدة من قبل فريق طبي متعدد التخصصات فيما يسمى «بورد أو مجلس الأورام»، حيث يتم التعامل بشكل خاص مع كل حالة من جميع الجوانب، ومنها الجوانب الإشعاعية الدقيقة التي تحدد مراحل المرض، وكذلك التغيرات الجينية التي يمكن أن تكون وراء حدوث هذا المرض، ومن ثم يتم وضع خطة العلاج وفقا لآخر وأفضل التوصيات العلاجية العالمية التي لا تقتصر فقط على إعطاء الأدوية الكيميائية، بل هنالك العلاج الإشعاعي الذي يتمم عمل الوسائل الأخرى، ويخفف من ألم الحالات التلطيفية المتأخرة، والعلاج الجراحي الدقيق للأورام «أورام الغدة الدرقية، وسرطان الثدي، وسرطان عنق الرحم، وسرطان البروستاتا، والقولون، والمستقيم، والكبد، والقنوات الصفراوية».
والحديث اليوم عن نسب الوفاة بسبب الأورام السرطانية يختلف عما كنا نتحدث عنه قبل 50 سنة، فهنالك حلول كثيرة توصلنا إليها الآن، حتى مع المريض الذي يأتي في مراحل متأخرة من المرض.
لقد أصبحنا، اليوم، نقول إن السرطان هو مرض مزمن، بل هو المرض المزمن الوحيد الذي يمكن الشفاء منه، فمرض السكري مرض مزمن، ولكن لا يمكن علاجه والشفاء منه، بل يظل المريض مريضا به مدى الحياة، ولكن أورام السرطان حتى وإن كانت منتشرة فيمكن للمريض أن يتعافى أو يتشافى منها باستخدام التطورات العلمية الحديثة والأدوية الجديدة.
نحن اليوم نتحدث عن نسب عالية للشفاء تفوق خمس إلى ثماني سنوات في الحالات المتأخرة، ولكن هذا يعتمد على نوع المرض. فهنالك أورام شرسة مثل أورام البنكرياس والمعدة، وأورام الدماغ التي لا تزال مستعصية على العلاج، ولكن المستقبل كفيل بأن يوجد أدوية فعالة لأن تسيطر على مثل هذه الأورام وتؤدي إلى النجاة منها والحياة لفترة أطول تقريبا. مريض السرطان المنتشر كان يعيش ستة شهور فقط، أما اليوم فإن المريض في المرحلة المتأخرة الرابعة يعيش ست وثماني سنوات ويتمتع بصحة جيدة، فالأمور قد تغيرت جذريا عما كانت عليه قبل 20 أو 50 سنة.
> ثانياً: العلاج الإشعاعي. تقول الدكتورة ريم البيش استشارية علاج الأورام الإشعاعي بمركز المانع للأورام، المتخصصة في أورام الثدي والجهاز الهضمي من جامعة «ماكجيل» في مونتريال كندا، إن العلاج الإشعاعي، بشكل عام، هو ليس بعلاج جديد في حد ذاته، وإن هناك نقصا في خدمات العلاج الإشعاعي على مستوى العالم، ومنه مناطق المملكة المترامية الأطراف؛ كالمنطقة الشرقية التي تُعد مراكز العلاج الإشعاعي بها على أصابع اليد الواحدة، وهذا ما يزيد من معاناة المرضى المحتاجين لهذا العلاج، وتتراوح نسبتهم ما بين تقريبا 50 - 60 في المائة من مرضى السرطان. وتنقسم خدمات العلاج الإشعاعي إلى قسمين أساسيين، القسم الأول مرحلة التخطيط للعلاج الإشعاعي الذي يبدأ المريض فيه بأخذ جلسات لبضعة أسابيع إلى أن يكون جاهزا للعلاج، فينتقل إلى القسم الثاني حيث يُعطى له العلاج الإشعاعي المخصص لحالته.
لقد حدثت تطورات كثيرة في العلاج الإشعاعي في السنوات الأخيرة، أهمها حدوث تغير جذري في العلاج الإشعاعي، حيث إنه من خلال عمليات التخطيط أصبح ممكناً تركيز الإشعاع لحماية الأنسجة السليمة المحيطة بالورم بعد تحديد أين تذهب الجرعة العالية والجرعة المتوسطة والأماكن التي نود ألا يصلها الإشعاع بالمرة. وقد تطور أيضا التصوير المقطعي (CT Scan) وإلى التصوير الثلاثي الأبعاد (ثري دي) والرباعي الأبعاد (الفور دي) ما ساهم كثيرا في أن يكون العلاج الإشعاعي أكثر أمانا من السابق، ويتركز ويتمحور حول السرطان نفسه مع محاولة الحفاظ على الأنسجة السليمة المحيطة بالورم. ولا شك أن لمرحلة المرض ومكانه في جسم المريض دورا مهما في تحديد درجة الخطورة.
هنالك عدة أنواع للعلاج الإشعاعي، أولها العلاج الإشعاعي الخارجي وهو أبرز الأنواع، ويُعطى بواسطة أجهزة «التسارع الخطي»، وهذا النوع آمن وغير مشع، بمعنى أن المريض لا يشكل خطرا على أهله ومن حوله والحوامل. وثانيها النوع الذي توضع فيه المادة المشعة في الورم أو بجانب الورم مثل أورام البروستاتا وأورام الرحم. هنا يمكن أن يكون المريض مشعا لفترة محددة من الزمن وتُتخذ معه إجراءات وقائية خاصة.
يستخدم العلاج الإشعاعي إما بهدف العلاج الجذري وإما العلاج التلطيفي للمرضى الذين يكون لديهم السرطان منتشرا، فيخفف من أعراض السرطان. يمكن إعطاء العلاج الإشعاعي منفردا وحده، أو متزامنا مع العلاج الكيميائي أو قبله، وفقا لموقع المرض وتطوراته والهدف من العلاج.
إن نسبة الاستجابة للعلاج الإشعاعي كبيرة، خصوصا مع العلاج التلطيفي، فإنه يخفف 70 - 80 في المائة من الألم المتسبب عن انتشار الورم في جسم المريض، ويمكن أن يستجيب المريض وتتحسن جودة الحياة لديه من الناحية العلاجية بنسبة شفاء تصل 80 - 90 في المائة أو أكثر.
العلاج النفسي
> ثالثاً: العلاج النفسي. تحدثت الدكتورة داليا عبد الله عبد الرحمن استشارية طب نفسي سريري، الحاصلة على البورد العربي وعضو الكلية الملكية للأطباء النفسيين في المملكة المتحدة، عن أهمية العلاج النفسي لمريض السرطان، والدعم الأسري الذي يقدم من أول يوم يتم فيه تشخيص المرض ويستمر في جميع مراحل العلاج للوصول إلى جانب الالتزام مع المريض في وضع وسط بين العاطفة والشدة أو القسوة، مما يساعد في تقبل الأسرة للتشخيص والتخفيف من الألم والحزن الذي يخيم عليهم، وذلك من خلال عقد جلسات احتواء المشاعر السلبية التي تنتج عن معرفتهم بالتشخيص.
صوم مريض السرطان
هل يصوم مريض السرطان؟ هل الصيام مضر بمرضى السرطان؟ هل هنالك تعارض بين أخذ العلاج الكيميائي والصيام؟
أجمع الأطباء المتحدثون في الندوة الطبية على أن ذلك يعتمد على الحالة الصحية لكل مريض، ويكون على النحو التالي:
- إذا كان المريض قادرا على الصيام فليصم. للصيام مردود إيجابي على رفع المناعة وتحسين صحة الجسم.
- بعض البروتوكولات العلاجية تتطلب أن يأخذ المرضى سوائل لفترة أطول، هؤلاء ينصحون بعدم الصيام.
- إجمالا ننصح المريض بألا يصوم في اليوم الذي سيأخذ فيه جرعة علاجية، حيث سيحتاج إلى أدوية بالفم أو بالوريد وأخذ مغذيات، وقد يتعرض لبعض المضاعفات؛ مثل الغثيان والاستفراغ.
- ننصح المريض أيضا بالإكثار من تناول السوائل خلال اليومين التاليين لأخذ الكيميائي للتخلص من السمذية، وبالتالي يكون الإفطار أفضل له.
- بالنسبة للمرضى تحت العلاج الإشعاعي، تقول الدكتورة ريم البيش إن هذا العلاج سهل وميسر، حيث يأتي المريض ويذهب بأمان وسلام، ولا يتعارض مع الصيام، إلا إذا كان المريض متعبا جدا، أو كانت لديه أمراض مزمنة كأمراض القلب والشرايين والسكري وارتفاع ضغط الدم، فعندها يدخل في أحكام المريض في رمضان.

* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

كيف يؤثر سكر الدم على صحة الدماغ؟

صحتك شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)

كيف يؤثر سكر الدم على صحة الدماغ؟

تحدث الدكتور أوستن بيرلموتر، أستاذ الطب الباطني في جامعة ميامي، مع موقع «سايكولوجي توداي»، عن كيفية تأثير سكر الدم على صحة الدماغ والمشاكل التي يسببها للمخ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الفاكهة مهمة للصحة (رويترز)

أطباء يحددون كمية الفاكهة التي يفضل تناولها للتمتع بصحة جيدة

استشهدت صحيفة نيويورك بوست الأميركية بمَثل قديم يقول إن تناول تفاحة في اليوم يغنيك عن زيارة الطبيب تعليقاً على إعلان أطباء الكمية التي يفضَّل تناولها من الفاكهة

صحتك طهي الخضراوات على درجات حرارة عالية قد يؤدي إلى تكوين دهون غير صحية (رويترز)

طريقة طهي الخضراوات قد تزيد من خطر إصابتك بأمراض القلب

كشفت دراسة جديدة أن طهي بعض الخضراوات في الزيوت على درجات حرارة عالية يمكن أن يؤدي إلى تكوين دهون غير صحية مرتبطة بخطر الإصابة بأمراض القلب.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك يمكن لممارسة قدر من النشاط البدني «الكافي» أن يبطئ عملية الشيخوخة البيولوجية (رويترز)

دراسة: الأنشطة التطوعية تساعد في إبطاء الشيخوخة البيولوجية

نصحت دراسة جديدة بالمشاركة في الأنشطة التطوعية، حتى ولو لساعة واحدة فقط في الأسبوع، حيث إن ذلك يمكن أن يؤدي إلى إبطاء الشيخوخة البيولوجية، وخاصة بين المتقاعدين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
صحتك تقليل الوجبات بواقع 500 سُعر حراري يومياً هو بداية جيدة لإنقاص الوزن (رويترز)

إنقاص 500 سُعر حراري خلال اليوم يساعد في خفض الوزن

أكد باحثون في الولايات المتحدة أن تقليل حجم الوجبات الغذائية التي يتناولها الشخص كل يوم هو المفتاح الرئيس لإنقاص الوزن بشكل عام

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)

كيف يؤثر سكر الدم على صحة الدماغ؟

شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)
شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)
TT

كيف يؤثر سكر الدم على صحة الدماغ؟

شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)
شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)

يحتاج عقل الإنسان إلى كم كبير من الطاقة لكي يتمكن من التفكير والتصرف واختبار مختلف المشاعر. وبالنسبة لمعظمنا، تأتي هذه الطاقة في شكل سكر الدم (الغلوكوز)، والذي يتم نقله إلى الدماغ وتستخدمه خلايا المخ.

وفي حين أنه من المعروف جيداً أن مستويات السكر في الدم المرتفعة جداً والمنخفضة جداً يمكن أن يكون لها تأثيرات سلبية حادة وكبيرة على وظائف المخ، إلا أن هناك الكثير من الأبحاث التي نشرت مؤخرا والتي تشير إلى أن مشاكل السكر طويلة الأمد قد تلعب أيضاً دوراً مهماً في حالتنا العقلية وخاصة حالتنا الإدراكية.

وفي هذا السياق، تحدث الدكتور أوستن بيرلموتر، أستاذ الطب الباطني في جامعة ميامي، مع موقع «سايكولوجي توداي»، عن كيفية تأثير سكر الدم على صحة الدماغ والمشاكل التي يسببها للمخ، وفقا لما توصل إليه العلم.

وقال بيرلموتر: «يستخدم دماغك ما يقرب من 20 إلى 25 في المائة من سكر الدم الموجود في جسمك كطاقة له. وعندما يكون سكر الدم مرتفعاً جداً أو منخفضاً جداً، فإن الشخص يواجه خطرا عاليا لحدوث تغيرات حادة في حالته العقلية، وفي الحالات القصوى، قد يصل الأمر إلى دخول الشخص في غيبوبة».

وتابع: «يؤدي انخفاض سكر الدم بشكل غير طبيعي إلى نقص واضح في الطاقة اللازمة لتشغيل الخلايا العصبية لدينا، وضعف إشارات الناقل العصبي. وقد يؤدي ذلك إلى تلف الميتوكوندريا، والذي يصيب الشخص في النهاية بالتعب والضعف ومشاكل النمو والسكتات الدماغية وفقدان البصر أو السمع».

وأضاف: «أما ارتفاع سكر الدم فيرتبط بخلل في وظائف المخ وقمع نموها، وحتى الموت في الحُصين (جزء من الدماغ مفتاح الذاكرة طويلة المدى). على سبيل المثال، قد يزيد مرض السكري من النوع الثاني من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر بنسبة تزيد على 50 في المائة، كما أنه قد يضاعف خطر تشخيص المريض بمشكلة تتعلق بالصحة العقلية مثل الاكتئاب، واضطرابات القلق، والفصام، واضطراب الشهية والسلوكيات».

هذا بالإضافة إلى تسبب مرض السكري في زيادة الالتهابات بالمخ، وتلف الأوعية الدموية، بحسب بيرلموتر.

وكشفت دراسة جديدة نشرت الشهر الماضي، أن أكثر من 800 مليون بالغ حول العالم مصابون بمرض السكري. ومن المذهل أن أكثر من 80 في المائة منهم لا يعرفون أنهم مصابون به.