حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

سوريا والإبادة وأوباما!

سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة السيدة سامنثا باور معروفة بأنها حادة وجادة ودءوبة في عملها جدا. ونالت مكانة مهمة للغاية لدى الرئيس الأميركي باراك أوباما ونالت ثقته واحترامه وباتت لها مكانة تسمح لها بأن تلقي النصح والرأي والمشورة في مختلف المواضيع السياسية الشائكة.
وللسفيرة باور كتاب لافت ومهم اسمه «مشكلة من الجحيم»، وله عنوان فرعي صغير هو «أميركا في زمن الإبادة». ملخص الكتاب والنقطة الأساسية فيه أنه من غير المقبول لدولة عظيمة مثل الولايات المتحدة وبحكم موقعها ودورها ومسؤوليتها أن «ترى مذابح» تحدث أمامها دون أن تتحرك وتقوم بعمل الشيء الأخلاقي الصحيح والمناسب والمسؤول، وهي تقصد تحديدا إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون عندما أهملت وقصرت في تعاملها مع مذبحة رواندا بأفريقيا والتي راح ضحيتها أكثر من مليون شخص نتاج صراع دموي بين قبيلتين في هذا البلد المدمر. واليوم تمضي الأيام متسارعة على إدارة أوباما والعد التنازلي لنهاية الفترة الرئاسية لم يبق عليه الكثير، وسامنثا باور وغيرها في فريق إدارة أوباما يفكرون جديا في «الكابوس» الذي سيلاحقهم ويبقى في «إرثهم السياسي» بعد خروجهم وهو الإبادة التي ستبقى مستمرة في سوريا وتحديدا حجم الجرائم المهولة التي ارتكبها نظام بشار الأسد في حق الشعب السوري الأعزل لمدة تزيد على الأربع سنوات ولم يوفر فيها أي نوع من الأسلحة ولا الوسائل إلا واستخدمها بوحشية وبلا هوادة.
المسؤولية على إدارة أوباما قائمة ولا شك، فهناك الإحساس بالتقصير وبأن أميركا لم تستخدم كل أدواتها لوضع حد لهذه المسألة وأن التردد والخوف أسهما في تفاقم الوضع الإنساني وزيادة توحش الأسد بحق شعبه، والوقفة الأهم التي يستشهد بها المتابعون والمهتمون بالشأن السوري هي واقعة «الخط الأحمر»، وهي العبارة التي استخدمها الرئيس أوباما بأن استخدام الأسد للسلاح الكيماوي ضد شعبه هو خط أحمر يستدعي العقوبة العسكرية الفورية، وهي المسألة التي لم تتم ولكن استعيض عنها بمسرحية هزلية برعاية روسية اعتبر فيها أنه «سلم» المخزون الذي لديه من السلاح الكيماوي مقابل عدم ضربه، وطبعا كعادة نظام بشار الأسد المجرم الكاذب لم يسلم الكمية كلها وأعادوا استخدام الكيماوي مرة أخرى وفي أكثر من موقع دون أن يعاقب، بل إن ضراوة ووحشية اعتداءاته على المواطنين السوريين العزل زادت بشكل هستيري وجنوني. حجم الإبادة السورية يدخل في إطار اللامعقول وستتحول إلى «لعنة» تطارد المسؤول عن بقائها وتفاقمها.
الإبادة التي حصلت في رواندا وأتعبت ضمير السفيرة سامنثا باور وهي محقة في ذلك ستكون نزهة في الحديقة مقارنة مع الذي يحصل في سوريا والوحشية العظيمة الحاصلة فيها والأساليب الجنونية المتبعة هناك. لم تصل للعالم الصورة الكاملة لوحشية هذا النظام المجرم الذي تعرض بسببه الشعب السوري الكريم إلى غدر وتواطؤ وخديعة الكل يشارك فيها، إذ لا تقع المسؤولية على مجرم كبشار الأسد أو دولة بلا أخلاق كإيران أو زعيم عصابة إرهابي بلا مبادئ مثل حسن نصر الله أو دولة بلا ضمير مثل روسيا، ولكن تقع على كل صامت أو مبرر أو مشكك في عدم دعمه الصريح للشعب السوري المظلوم والذي وقع ضحية لمؤامرة أشبه بالأساطير.
باق سنة ونيف على إدارة أوباما للقيام بعمل أخلاقي أخير أهم من السماح بزواج المثليين واتفاق تجاري مع دول المحيط الهادي، وهو إنقاذ شعب يباد على أيدي ثلة من المجرمين. هذه هي خلاصة الموضوع وإلا سيكون هناك كتاب ثان للسفيرة الأميركية السيدة سامنثا باور عن سوريا لا قدر الله.