حمد الماجد
كاتب سعودي وهو عضو مؤسس لـ«الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية». أستاذ التربية في «جامعة الإمام». عضو مجلس إدارة «مركز الملك عبد الله العالمي لحوار الأديان والثقافات». المدير العام السابق لـ«المركز الثقافي الإسلامي» في لندن. حاصل على الدكتوراه من جامعة «Hull» في بريطانيا. رئيس مجلس أمناء «مركز التراث الإسلامي البريطاني». رئيس تحرير سابق لمجلة «Islamic Quarterly» - لندن. سبق أن كتب في صحيفة «الوطن» السعودية، ومجلة «الثقافية» التي تصدر عن الملحقية الثقافية السعودية في لندن.
TT

الزهار و«حماس»... ثناء شاذ لسليماني!

ما رأي قادة «حماس» لو عكسنا المعادلة وافترضنا أن جنرالاً إسرائيلياً تكتيكياً استراتيجياً ساند المقاومة الجماهيرية السورية بالمال، وهَربَ لهم العدة والعتاد، لتخليصهم من نير البطش والتقتيل والتشريد، ثم بعدها أثنى أحد قادة المعارضة السورية على الجنرال الإسرائيلي وعلى وقفته الصلبة معهم، ولما سمع قادة المعارضة السورية بهجوم بعض الفلسطينيين على الثناء على الجنرال الإسرائيلي وصف موقفهم بالشاذ؟ بالتأكيد سترفض «حماس» الثناء «المفترض» الذي أسبغته قيادة المعارضة السورية على القائد الإسرائيلي الإرهابي المتوحش، الذي ساهم في قتل وتشريد الفلسطينيين من ديارهم ومصادرة بيوتهم وأراضيهم وتغيير ديموغرافية السكان لصالح الكفة اليهودية، ولن تلتفت قيادة «حماس» لتصريحات المعارضة السورية في تبرير الثناء على الجنرال الإسرائيلي، كونه دعم وساند المعارضة السورية في مقاومة القتل والتشريد اللذين يمارسهما نظام قمعي وحشي.
كانت التصريحات الأخيرة المستفزة للقيادي في حركة «حماس» محمود الزهار، في تأبين المجرم السفاك الأثيم قاسم سليماني، هي الشاذة، وليس الشاذون هم ملايين السوريين والعراقيين واللبنانيين واليمنيين الذين استهدفهم الإرهابي بالقتل والتعذيب والتشريد، ومعهم مئات الملايين من العرب والمسلمين، كما يُفهم من تصريح الزهار.
ولهذا خلخل ناشط سوري مستقل في تغريدته «التويترية» مبررات المديح والإعجاب والغزل الذي كاله عدد من قادة «حماس»، آخرهم محمود الزهار، في حق رموز الخمينية، خصوصاً المجرم قاسم سليماني، فقال «‏هل ترضى أن نتواصل مع إسرائيل من أجل تحرير دمشق من إيران، ونتفاخر بذلك أمامكم؟»، تساؤل منطقي وحجة داحضة وإلزام ملزم، فإسرائيل مع بالغ الحزن والأسى والأسف أقل دموية ووحشية بمراحل من النظام الإيراني وحلفائه في المنطقة، ومنهم الحزب الإرهابي الطائفي في الضاحية الجنوبية الذي قتل أكثر من مائة ألف سوري وشرد الملايين منهم، وتلاعب بديموغرافية سوريا وجغرافيتها وتاريخها.
ثم إن الانتماء لديانة واحدة لا يصنع فرقاً في مدافعة المعتدي المحتل وشن الحرب عليه، لا فرق أبداً بين الاحتلال الإيراني لسوريا والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، فالمجرم والقاتل والمعتدي تجرم جريمته، ويشنع على مرتكبها، ويُقاتَل ويُقاوَم بكل الوسائل الممكنة قبل التفتيش عن هويته وعرقه وملته ونحلته، تماماً مثل السارق الذي يتسور منزلك بغية السرقة أو القتل، فأنت ستدافعه وتقاتله وتفتك به، ومن الحمق أن تطلب إثباته وكشف ديانته أو مذهبه، فثناء الزعيم «الحماسي» على الخمينيين الذين يدعمون «حماس»، وهم في الوقت نفسه يحتلون أربع دول عربية ويعيثون فيها فساداً، صفاقة وبلاهة لا تُطاق.
إن تصريحات الزهار المستفزة تعد محاولة فاشلة ومعيبة لتغطية سوأة الخمينية التي تعرت في العراق وسوريا ولبنان واليمن عبر مخطط ممنهج لتصدير الطائفية الخمينية لكل الدول الإسلامية، بما فيها قطاع غزة.
لقد علل زعيم حركة «حماس» كيله المديح لإيران، وحرسها الثوري، وقاسمها السليماني، بتمويلها لحركة «حماس» لمقاومة إسرائيل، وهذه سقطة كبرى، فدعوى مقاومة الخمينية لإسرائيل وممانعتها والتصدي لها تحولت عند الجماهير العربية بعد احتلالات «الحرس الثوري» الإيراني وميليشياته للعراق وسوريا ولبنان واليمن إلى مادة للسخرية، فإيران واقعياً صارت لها حدود مباشرة مع إسرائيل في الجنوب اللبناني والجنوب السوري، ولم تطلق من هذه الحدود رصاصة واحدة على إسرائيل، فكيف ستصدق الجماهير العربية أن غاية إيران من دعم حركة «حماس» هي مقاومة الاحتلال الإسرائيلي؟
بلا ريب، إن غاية رموز الخمينية في دعم عدد من الفصائل الفلسطينية هي تعزيز نفوذهم المذهبي والسياسي والعسكري بين الفلسطينيين، و«سَتُبدي لَكَ الأَيامُ ما كُنتَ جاهِلاً *** وَيَأتيكَ بِالأَخبارِ مَن لَم تُزَودِ».