مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

عبد العزيز الأسود... لا بواكي له

المراهق اليمني ابن الحديدة، عبد العزيز الأسود، 18 عاماً، كان هو المشهد الأكبر في اليمن خلال الأيام الماضية، لكنه مشهد مستفز حزين.
صورته باللباس الأزرق منهاراً وهو يشاهد رفاقه الثمانية، يلفظون أنفاسهم الأخيرة، تحت رصاص ميليشيات الحوثي في ميدان التحرير بصنعاء، صارت حديث الناس.
كان الحوثيون ألقوا القبض على عبد العزيز قبل 4 سنوات يعني كان عمره وقتها 14 عاماً، واتهموه بالتورط في مقتل صالح الصماد، رئيس مجلسهم السياسي، الذي لقي حتفه بغارة مستحقة في أبريل (نيسان) 2018 ليلقى الفتى الصغير حتفه الاحتفالي السبت الماضي، وهو يشاهد الثمانية أشخاص قبله يتلقون الرصاصات حتى حان دوره.
المقبوض عليهم من أهالي الحديدة بتهمة المشاركة في قتل الإرهابي صالح الصماد، هم عشرة أشخاص، لكن التقارير تتحدث عن وفاة أحدهم في غرف التعذيب الحوثية، فلك أن تتخيل ماذا لقي التسعة الباقون خلال هذه السنوات قبل أن يلعلع الرصاص في أجسادهم.
طبعاً جل المراقبين، حتى من بعض المحسوبين على المعسكر الحوثي، ممن بقي له بقية من عقل وضمير، استهجن هذه المحاكمات الصورية واعتبر ما جرى هو أوامر قتل مباشر. حسب تقرير لصحيفة «الشرق الأوسط».
معمر الإرياني وزير الإعلام في الحكومة اليمنية الشرعية قال في حسابه على تويتر إن ما جرى «لا يختلف عن جرائم الإعدام الميداني التي تنفذها التنظيمات الإرهابية (القاعدة) و(داعش)».
وطالب الوزير اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة، والمبعوثين الأممي والأميركي، بالضغط على ميليشيا الحوثي لوقف تنفيذ الجريمة... لكن سبق السيف العذل وآذان المجتمع الدولي أصابها الصمم.
علق الناشط الحقوقي المسؤول بالتحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن (رصد)، رياض الدبعي، لصحيفة «الشرق الأوسط»: «لن يقف الحوثيون عند هذا الحد، بل سيرتكبون ما هو أشنع وأفظع، ولن يتم حتى استنكار جرائمهم لأن الشعب اليمني قد سقط منذ فترة طويلة من حسابات صناع القرار الدولي».
بجولة سريعة لي على بعض المنصات الإعلامية الغربية، لا نرى أثراً «كبيراً» ومستمراً وملح التكرار حول جريمة قتل المراهق المعاق عبد العزيز الأسود ورفاقه بدم بارد وعلنية وحشية... ومحاكمة صورية.
أين الميديا الغربية عن جريمة قتل عبد العزيز الأسود ورفاقه بهذه الطريقة؟ ماذا لو كانت دولة عربية أخرى، لا سمح الله، قامت بهذه الفعلة الشنعاء؟ كيف سيكون رد «واشنطن بوست» و«سي إن إن» و«بي بي سي»؟ ألن تخرج نانسي بيلوسي على منصة الكونغرس تدلي بالتصريحات النارية وتزبد وترعد؟
نعم نسيت... ردة فعل نمطية وباردة من الأمين العام للأمم المتحدة البرتغالي غوتيريش دعا فيها الحوثي للحوار السياسي، ثم دعا جميع الأطراف والسلطات إلى اتخاذ قرار بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام بشكل عاجل... وكفى الله المؤمنين القتال!
لولا المواقف الغربية في الأزمة اليمنية - ولست أهمل الفساد السياسي اليمني الداخلي وسوء النوايا من يمنيين - لانتهت مأساة عبد العزيز الأسود منذ زمن مديد.