مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

ما هو أبعد من الحرب على ترمب

الحرب المباشرة التي أعلنتها أغلب منصات السوشيال ميديا العملاقة - ما عدا «فيسبوك» - على الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أكبر وأخطر من حصرها في مجرد خلاف بين الطرفين فقط.
لا، بل هي مواجهة عالمية بين تيارين على مدار الكوكب الأرضي كله!
شخص وإدارة ترمب، ليسا سوى واجهة أو تجسيد مادي لهذا الصراع، وكذلك منصات «تويتر» وأخيراً منصة «سناب شات». بعدما تراجعت شركة «تويتر»، تراجعاً شبه كامل، لأسباب قانونية وتجارية أيضاً، ولجت منصة «سناب شات» لميدان المعركة، وكأنهم في لعبة مصارعة جماعية، يخرج المصارع المنهك ليحلّ مكانه المصارع الجديد النشط.
أعلن تطبيق «سناب شات»، الأربعاء الماضي، وقف الترويج لمنشورات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، متهماً إياه بالحض على «العنف والعنصرية».
قائد المنصة الزرقاء العالمية الهائلة «فيسبوك» الملياردير الشهير، مارك زوكربيرغ، ويبدو لأنه أكثر وعياً من نظيره، صاحب «تويتر»، الشاب العجول المغرور جاك دوروسي، خالف سياسة «تويتر»، وقال إنه لا يؤيد فرض رقابة على محتوى الصفحات الشخصية، وقوبل موقف زوكربيرغ بثورة صامتة من كثير من موظفيه، وهذا مفهوم، فهم كلهم نتاج هذه البيئة الرقمية اليسارجية الجديدة.
مارك زوكربيرغ، أعلن رغم ذلك أنه متمسك بقراره بشأن عدم تحدي المنشورات «التحريضية» كما يرونها، للرئيس الأميركي دونالد ترمب، رافضاً التنازل عن رأيه.
السبب المباشر لموقف «فيسبوك» المخالف لموقف «سناب شات»، و«تويتر»، قبل تراجع الأخيرة تراجعاً مشوشاً، يعود للخوف من تفعيل القرار التنفيذي الذي وقّعه الرئيس الأميركي لقانون يفرض محاسبة هذه المنصات على محتواها، وهي كانت قبل ذلك مصانة من هذه المحاسبة، بعدم خضوعها للقانون الإعلامي، الآن بعدما مارست «تويتر» وأخواتها الرقابة والتوجيه والتصحيح للصفحات الشخصية، تغيرت المسألة كلها.
فرض قانونية المحاسبة، للشركة وليس للصفحات الشخصية فقط، يعني فتح أبواب الجحيم على هذه الشركات التي تكسب المليارات، من بيع الهواء والصفحات الافتراضية والحكي... هذا الحكي يمسّ أعراض وذمم وحقوق مئات الملايين من البشر أفراداً وشركات وهيئات وحكومات، وحين تشرع أبواب المحاسبة، للشركة، فقل عليها السلام بسبب التعويضات المالية والفواتير القضائية. لذلك سارع صاحب «فيسبوك» لمحاولة لملمة الغضبة الترمبية، كما أنَّ سبب موقف زوكبيرغ، يعود لضمان تدفق الأموال المهولة، من خلال تزايد المشاركات والحسابات والإعلانات وبيع البيانات... إلى آخر هذه الدائرة الجهنمية.
أندرو بوسورث، أحد كبار التنفيذيين بشركة «فيسبوك»، نشر رسالة داخلية عام 2016 تبرر أي نمو على «فيسبوك»، حتى لو أدَّى ذلك إلى تعرض الأشخاص للضرر أو القتل! وهذا يندرج تحت بند الربح المجنون، الذي أشرنا إليه آنفاً. إذن، ومع هيمنة الجو اليساري الشبابي على مسيّري هذه المنصات، وفرض رأي محدد عليها، رغم دعاويهم عن الحرية، يظل قانون تفعيل المحاسبة، سيفاً مشهوراً عليهم، لمجرد توقيعه رئاسيا، حتى ولو لم يصل للقنوات التشريعية بعد، مجرد إشهاره مخيف. هذه حرب عالمية، بين رؤيتين ومستقبلين، ليست مجرد مشاجرة مقيّدة بموسم انتخابي أميركي أو شخص ترمب وشخص جاك دوروسي، صاحب «تويتر»، بالمناسبة لست أعلم لمَ لمْ يقتدِ دوروسي بزوكربيرغ ويتحفنا بتعيين الإخوانية الموتورة توكل كرمان في مجلس حكماء «تويتر»؟!