إيلي ليك
TT

الماضي السري لإيران في بؤرة الضوء

منذ خمس سنوات، ومع اقتراب أميركا من تحديد التفاصيل النهائية للاتفاق النووي الإيراني، تهاون المفاوضون في طلب رئيسي؛ وهو عدم إلزام إيران بتفسير الأبعاد العسكرية المحتملة لأنشطتها النووية السابقة. جاء هذا الاتفاق ضمن تقرير صادر في ديسمبر (كانون الأول) 2015 عن «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، التي أنهت تحقيقاً طويلاً بشأن برنامج إيران النووي.
مع ذلك؛ يبدو أنه تمَّت إعادة فتح ذلك التحقيق حالياً، حيث ذكرت وكالة أنباء «بلومبرغ» أن «الوكالة الدولية» وبّخت إيران لعرقلتها عمل مفتشين لديهم أسئلة جديدة عن أعمال إيران السابقة في مجال صناعة الأسلحة النووية. وتقول الوكالة إن إيران تمتلك حالياً 1021 كيلوغراماً من اليورانيوم منخفض التخصيب بعدما كان المخزون 372 كيلوغراماً خلال الخريف الماضي.
هذا الخبر مزعج، لكنه ليس مفاجئاً، فقد أعلن النظام الإيراني أنه كان يشغّل عدداً هائلاً من أجهزة الطرد المركزي أثناء فترة التوترات الشديدة التي صاحبت انسحاب الرئيس ترمب من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018، وقيامه بعد ذلك بستة أشهر بتنفيذ الحزمة الثانية من العقوبات على قطاع النفط الإيراني التي كان تم رفعها في السابق طبقاً لاتفاق عام 2015.
الخبر الأهم هو عن برنامج إيران النووي السابق، حيث ذكر تقرير موجّه من الوكالة الدولية للطاقة الذرية للدول الأعضاء أن إيران «لم تسمح للوكالة بدخول موقعين» بحسب «رويترز»، «ولا سمحت لها بخوض مناقشات موضوعية تستهدف الإجابة عن تساؤلات الوكالة المتعلقة باحتمال وجود مواد نووية، وأنشطة خاصة بالطاقة النووية لم يتم الإفصاح عنها».
يبدو كل ذلك مثل إعادة عرض للأزمات المتأججة بين إيران والمجتمع الدولي خلال العقد الأول من الألفية الثانية حين حاول مفتشو الأسلحة دخول منشآت عسكرية ومواقع أخرى. الأمر المختلف هذه المرة هو أن الوكالة لديها خريطة طريق خاصة بأعمال إيران السابقة المتعلقة بالسلاح النووي. وقد نشرت إسرائيل في عام 2018 نتائج عملية اقتحام جريئة لمخزن يقع على أطراف طهران كانت به مخططات ومقاطع مصورة ووثائق أخرى توضح تفصيلاً برنامج السلاح النووي الإيراني السابق. وأطلع الإسرائيليون كلاً من الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية على تلك المعلومات.
يقول آندريا ستريكر، زميل باحث في «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات»: «يوضح كل ما وجده الإسرائيليون في الأرشيف النووي قبل 2004، أن إيران كان لديها برنامج سلاح نووي كامل». وأضاف: «كان النظام يحرز تقدماً، وسعى إلى إخفاء أجزاء من البرنامج عن أنظار العالم».
تلك الحقائق مزعجة بالنسبة لمؤيدي الاتفاق النووي، الذي تم إبرامه عام 2015، فعلى سبيل المثال يركز بن رودس؛ نائب مستشار الأمن القومي السابق للرئيس أوباما، بدلاً من ذلك على مخزون إيران من اليورانيوم، الذي ازداد بمقدار 3 أمثال، محملاً قرار ترمب الانسحاب من الاتفاق، المسؤولية عن التصرفات المارقة الإيرانية الأخيرة.
هذه قصة من السهل روايتها، لكن تلطخ هذه الرواية الأسئلة المتجددة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشأن عمل إيران في الماضي الخاص بتصنيع السلاح النووي. لماذا تتسامح إدارة أوباما مع تاريخ إيران المليء بخداع وتحدي الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟ إذا كانت إيران تخلت بالفعل عن طموحها في تصنيع سلاح نووي، فلماذا تتكبد عناء الاحتفاظ بالخطط والمخططات والرسوم الخاصة بذلك داخل مخزن؟
تلك أسئلة مهمة بالنسبة لترمب، الذي قال إن لديه أملاً في التفاوض مرة أخرى على اتفاق نووي أفضل. أياً كان من سيفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فعليه الحرص على أن يلزم الاتفاق النووي المقبل مع إيران النظام بتوضيح ماضيه النووي السري بشكل كامل.

- بالاتفاق مع «بلومبرغ»