أفادت نتائج دراسة فلندية حديثة بأن بقول الفول هي الأعلى في الاحتواء على البروتينات من بين عدد من أنواع المنتجات الغذائية الشائعة التناول في العالم، والتي شملها الباحثون في دراستهم هذه. وقال الباحثون في مقدمة دراستهم إن «ارتفاع تناول البروتينات الحيوانية المصدر، مرتبط بزيادة خطر الإصابة بالنوع الثاني من السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية وسرطان القولون والمستقيم والوفاة المبكرة، في حين أظهرت نتائج دراسات أخرى أن لتناول البروتينات النباتية تأثيرات وقائية كبيرة، ولذلك فإن هناك حاجة ملحة للتحول نحو تغذية أكثر اعتمادا على البروتينات النباتية».
- تقييم أنواع البروتينات
ووفق ما تم نشره في عدد 2 مارس (آذار) الماضي من مجلة «التغذية النباتية للأطعمة البشرية» Plant Foods Human Nutrition، قام الباحثون من معهد الموارد الطبيعية في توركو بفنلندا بدراسة مكونات العناصر الغذائية في عدد من أنواع المنتجات النباتية، مثل البروتينات وأنواع الأحماض الأمينية، والسكريات، والمعادن، والألياف الغذائية. وقال الباحثون: «من الناحية الغذائية، فإن أهم جوانب تقييم مصدر البروتين هي محتواه من الأحماض الأمينية وعلى وجه الخصوص محتواه من الأحماض الأمينية الأساسية، وأيضاً بنية التركيبة البروتينية وقابليته للهضم. ومصادر البروتين النباتية تقدم أيضاً عناصر غذائية أخرى وكذلك تقدم مركبات كيميائية نشطة بيولوجياً»، في إشارة منهم للألياف ومضادات الأكسدة والمعادن والفيتامينات والدهون غير المشبعة وغيرها من العناصر الغذائية الصحية.وأضاف الباحثون أنه «لا تزال هناك معرفة غير كافية من البيانات التركيبية لمنتجات غذائية نباتية مثل الفول والترمس وبذور الكتان والحنطة السوداء والكينوا، فضلا عن تأثيرات المعالجة الإنتاجية عليها، وكان الهدف من هذه الدراسة هو تحديد العناصر الغذائية المختلفة في المنتجات التجارية لهذه المحاصيل».
والبروتينات بالتعريف العلمي هي «مواد كيميائية كبيرة الحجم ومعقدة التركيب، يجمعها أنها تحتوي على عنصر النيتروجين»، ويتم تشكيل بناء أنواع البروتينات من مزيج لـ«الأحماض الأمينية» Amino Acids. وعليه فإن الأحماض الأمينية هي أشبه بالطوب الذي يُستخدم في بناء أنواع مختلفة من البروتينات. والبروتينات، في داخل جسم الإنسان، هي بمثابة العنصر الهيكلي الرئيسي لأنسجة العضلات ولتراكيب أنسجة أخرى في أعضاء مختلفة من الجسم. وبالإضافة إلى هذا الدور البنائي والهيكلي للبروتينات، يستخدم الجسم البروتينات لإنتاج عدد من أنواع الهرمونات والإنزيمات إضافة إلى إنتاج الهيموغلوبين في خلايا الدم الحمراء.
ورغم أن البروتينات ليست الخيار الأساسي للجسم كمصدر لإنتاج الطاقة، فإن الجسم يملك القدرة على استخدام البروتينات كمصدر لإنتاج الطاقة عند الاضطرار إلى ذلك، وعند عدم توفر السكريات أو الدهون. ولكي يتمكن الجسم من إجراء هذه الاستخدامات المتعددة للبروتينات، يعمد الجسم إلى تفتيت البروتينات إلى أبسط أشكالها، أي يفتتها إلى أحماض أمينية.
- أحماض أمينية
ووفق ما تشير إليه المصادر العلمية، ثمة 20 نوعاً من الأحماض الأمينية التي تم تحديدها داخل الجسم البشري، والتي هي ضرورية لنمو الجسم وتكوين أنسجته وإجراء العمليات الكيميائية الحيوية التي تتطلب وجود البروتينات. ومن هذه الـ20 نوعاً من الأحماض الأمينية، هناك 12 نوعا يُصنف بأنه «غير أساسي»، أي ثمة 12 نوعا من الأحماض الأمينية غير الأساسية» Nonessential Amino Acids. وكونها «غير أساسية» لا يعني أنها «غير مهمة»، بل يعني أن بإمكان الجسم البشري صنعها وليس بالضرورة الحصول عليها من الغذاء.
وفي المقابل، لا يستطيع الجسم إنتاج أي نوع من «الأحماض الأمينية الأساسية» Essential Amino Acids، ولذا يتعين على الجسم الحصول عليها من الطعام، أي إنها أشبه بالفيتامينات التي هي مركبات كيميائية يحتاجها الجسم ولا يستطيع صنعها وعليه الحصول عليها من الغذاء. وعليه فإن نقص توفر أي نوع من الأحماض الأمينية الأساسية يُهدد قدرة الجسم على النمو أو إصلاح أي تلف يعتري أنسجته.
- تناول البروتينات
وكمية البروتينات التي يحتاجها الجسم هي 0.8 غرام بروتين لكل كيلوغرام في وزن الجسم. أي إن شخصاً بوزن 75 كيلوغراما يحتاج حوالي 60 غراما من البروتينات في اليوم على أقل تقدير، وله أن يزيد في ذلك لو شاء أو لو استدعت حالته الصحية ضرورة رفع كمية البروتينات، كما هو الحال بعد الوعكات الصحية أو حال ما بعد العمليات الجراحية.
وتشير إرشادات التغذية بشكل تقريبي إلى أن البروتينات تشكل حوالي 25 في المائة من كامل طاقة السعرات الحرارية للطعام اليومي. ولذا للأشخاص الذين تجاوزوا عمر الأربعين عاماً، ومع بداية تكون حالة «ساركوبينا» (ضمور كتلة العضلات) Sarcopenia، فإن الحاجة إلى تناول البروتينات ترتفع لتقارب حوالي غرام لكل كيلوغرام في وزن الجسم. وأيضاً يحتاج الأشخاص الذين يُمارسون الرياضة اليومية إلى تناول كمية أعلى من البروتينات، بما يُعادل 1.5 غرام من البروتينات لكل كيلوغرام في وزن الجسم.
ومن الناحية الصحية، تُوصف حالة «الإفراط في تناول البروتينات» عندما تتجاوز الكمية المتناولة من البروتينات غرامين لكل كيلوغرام من وزن الجسم. ولكن في حالات الأشخاص البدينين أو ذوي الوزن الزائد فإن من الضروري استشارة المتخصص في التغذية الإكلينيكية لتحديد كمية البروتينات التي يحتاجها بشكل يومي، وعليه ألا يعتمد على مقدار وزن جسمه في حساب كمية البروتينات التي يحتاجها جسمه.
ومن أمثلة مصادر الحصول على البروتينات وكميتها فيها، تشير بيانات التغذية القومية الصادرة عن وزارة الزراعة الأميركية إلى أن ثلاث أونصات (الأونصة نحو 29 غراما) من سمك التونا أو السلمون على سبيل المثال تحتوي على 21 غراما من البروتينات. وتحتوي ثلاث أونصات من لحم الدجاج أو الديك الحبش على 19 غراما من البروتينات. وهناك 17 غراما من البروتينات في ست أونصات من لبن الزبادي، وأربعة عشر غراماً من البروتينات في نصف كوب من الجبن الأبيض، وثمانية غرامات من البروتين في نصف كوب من الفاصوليا المطهوة وفي كوب من الحليب أو كوب من المعكرونة، وستة غرامات من البروتين في البيضة الواحدة.
- علاقة تناول البروتينات بالشهية ووزن الجسم
> ثمة علاقة بدأت تتضح لدى الأوساط الطبية حول علاقة تناول البروتينات في الطعام اليومي وبين وزن الجسم والشعور بالشبع والجوع. ولاحظت عدة دراسات طبية أن تناول كميات أعلى من البروتينات، أي أعلى من كمية 0.8 غرام بروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم، يُسهم في ضبط وزن الجسم، كما يُسهم في تشكيل هيئة شكل الجسم بشكل ليجعله أكثر تناسقاً في المظهر.
وتشير غالبية تلك الدراسات إلى أن السبب بالعموم ربما هو تأثير البروتينات الغذائية بعد تناولها على مستوى الشهية والشعور بالشبع، ما يُؤدي إلى تدني الرغبة في تناول الطعام وخفض كمية الطعام التي يتناولها المرء. وتضيف تلك الدراسات إلى وجود عوامل أخرى ذات صلة بتأثيرات الإكثار من تناول البروتينات على ضبط وزن الجسم وضبط مستوى الشهية Appetite والشعور بالشبع Satiety. ومن تلك العوامل نوعية البروتينات الموجودة في الطعام، ووقت تناولها وكميتها.
وتناول وجبة طعام غنية بالبروتين له تأثيرات «محلية» في الجهاز الهضمي، وتأثيرات «أبعد» في الدماغ. وفي الجهاز الهضمي، يُخفض تناول وجبة طعام غنية بالبروتينات، من إفراز هرمون غرلين Ghrelin، أو الهرمون المحفّز للشعور بالجوعHunger - Stimulating Hormone، ويرفع من مستوى إفراز هرمونات الشعور بالشبع Satiety Hormones، مثل هرمون «بي واي واي» PYY وهرمون «جي إل بي - 1»GLP - 1.
وإضافة إلى التأثيرات «المحلية» في الجهاز الهضمي، يُؤثر تناول وجبة طعام غنية بالبروتينات على الجهاز العصبي عبر عدة آليات، أهمها إثارة إرسال إشارات عصبية تعدّل من «الشراهة الدماغية المركزية لتناول الطعام» Central Food Cravings، وتعدّل كذلك من «سلوك الأكل المدفوع بالمكافأة» Reward - Driven Eating Behaviour.
وللتوضيح، ثمة في الدماغ عدة مناطق تعمل على تكوين ما يُعرف علمياً بـ«نظام المكافأة» Reward System الدماغية، وذلك كتعزيز إيجابي لعدد من السلوكيات البشرية الطبيعية مثل تناول الطعام للحفاظ على الحياة ونمو الجسم وعمله بطريقة صحية وإبعاد الإصابة بالأمراض. وهذا النظام الدماغي ينشط في مناطق محددة في الدماغ وله مسارات عصبية تنظم طريقة عمله. ووفق ما أشارت إليه دراسات عدد من الباحثين فإن مناطق الدماغ ذات الصلة بشراهة تناول الطعام ومكافأة تناول الطعام تقع في كل من منطقة قرن أمون الدماغية Hippocampus، ومنطقة الفص الجذيري Insula، والمنطقة المتاخمة لقرن أمون Parahippocampus. وتناول وجبات غنية بالبروتينات يُعدّل من النشاط في نظام المكافأة الدماغية لسلوك تناول الطعام، ويُقلل من فرص النشوة واللذة التي تعتري المرء حال إكثاره من تناول الطعام.
البروتينات الغذائية... تأثيرات على الشعور بالجوع والشبع
ضرورة تنويع مصادرها في الطعام اليومي
البروتينات الغذائية... تأثيرات على الشعور بالجوع والشبع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة