عادل عصام الدين
صحافي سعودي
TT

النفس القصير!

تستفزني المقولة التي تتردد كثيرا في وسطنا الرياضي: «هذا الفريق لن يفوز بالدوري لأن نَفَسه قصير».
والحقيقة أن حكاية النفس القصير ليست جديدة، وهي جزء من ثقافة كرة القدم عندنا، وكلما انتفض فريق متوسط المستوى رغبة في منافسة الكبار قالوا إن نَفَسه قصير ولن يحقق البطولة، بل إن العبارة التصقت بفرق كبيرة أيضا. الاتحاد في نظر البعض كان نَفَسه قصيرا ثم قيل عن الأهلي الكلام ذاته، وفي السنوات الأخيرة قالوا إن نفس النصر قصير. والأغرب أن العبارة ترددت في الموسم الماضي أكثر من أي وقت مضى، لأن الفريق الصغير (الفتح) تصدر من البداية.. وظلت العبارة متداولة ملتصقة بهذا الفريق، وتحوم حوله إلى أن أسكتهم وصعقهم بالفوز ببطولة الدوري السعودي لكرة القدم.
النفس القصير كلام غير مقنع ولا مكان له من الإعراب في عالم اللعبة، والمسألة في واقع الأمر تتعلق بالإمكانات (الإدارية والتدريبية واللاعبين) بشكل عام، وتتعلق بمقدرة الفريق على مواصلة الإعداد الجيد في كل جوانب اللعبة، خاصة الجانب البدني.
الفرق المتوسطة أو الصغيرة تبدأ بحماس ثم تتراجع، لأنها لا تملك الخبير المتمكن في الجانب النفسي. وتفاجئ الجميع بالسرعة واللياقة البدنية العالية، ثم ما تلبث أن تتراجع لأنها لا تملك الخبير المتمكن في الجانب البدني، ثم إن الفرق الصغيرة عادة لا تملك ترسانة من البدلاء ولا زخما عناصريا يساعدها على مواصلة المشوار بالإيقاع نفسه. من يبدأ بقوة يستطيع أن ينهي المشوار بالقوة نفسها لو كانت لديه الإمكانات الجيدة.
في دوري عبد اللطيف جميل لكرة القدم في السعودية، كان فريق التعاون يواصل تقدمه بامتياز، بيد أنه ترنح في المحطات الأخيرة، لأن إعداده البدني لم يكن في القمة، ناهيك عن التراجع على مستوى الحماس.
وفي دوري الدرجة الأولى، تسيّد فريق الوحدة وتصدر معظم الأسابيع وتراجع في النهايات، ثم فقد فرصة الصعود وتلاشى حلم إدارته الجديدة المتحمسة، لأن الفريق افتقر للحماس.. وتراجع بدنيا، الأمر الذي يؤكد أن الفريق وصل للفورمة.. ولذروة المقدرة البدنية قبل فترة طويلة من انتهاء الموسم.
ولأن التفوق في اللعبة خلاصة المقدرة والعطاء والظروف المحيطة، فمن المؤكد أنه من غير المنطق أن نلصق «النفس القصير» بفرق معينة، والتنافس في نهاية الأمر متغير ولا مكان للثابت.
والفريق الذي يملك إمكانات تحقيق الإنجاز يستطيع الوصول لمراده بشرط أن يعمل. وحين تتساوى الإمكانات، فإن الحسم يكون من خلال العطاء.
فريق النصر الذي فاز ببطولتين لم يكن صاحب نَفَس طويل، بل صاحب إمكانات وعطاء أفضل. وفريق الهلال الذي تسيد لسنوات لم يكن نفسه طويلا، بل كانت إمكاناته أفضل من كل منافسيه.

[email protected]