غالية قباني
كاتبة وروائية سورية مقيمة في بريطانيا من اسرة «الشرق الأوسط»
TT

«العيد القادم في القدس.. أم في دمشق وحلب»!

ما عدت أكتب هنا كثيرًا، لشعوري بعبثية ما يجري في سوريا وبلا مبالاة العالم حيال الخراب والقتل وإنهاء المكان ومن عليه معًا.
لكن هذا الإحباط لا يجعلني أفقد الأمل في أن زمنًا آخر سيأتي على سوريا بحكم مختلف وبشر آخرين يرثون التركة الوطنية ويديرونها بشكل أفضل منا.
وبهذه المناسبة أقول للسوريين جميعًا في سوريا وخارجها:
كل سنة وأنتم أقوى، والعيد القادم في البلاد، نعم «في البلاد»، كما يردد أصدقاؤنا الفلسطينيون منذ سبعة عقود بلا ملل: «والعيد القادم في القدس»، ولم يكفوا عن حلم العودة إلى وطن اغتصبه المغتصبون، والذين باتوا يحملون في سوريا أسماء وصفات أكبر من أن تجمع بصفة (الصهيوني)، مجموعات من الخارج مثلما بعضها من الداخل، ملأوا مساحة الوطن بأسلحتهم وجرائمهم ضد المدنيين وضد الأرض السورية نفسها التي يستهدفونها بلا رحمة، فيغيرون ملامحها وتضاريسها ويقتلعون سكانها منها لإحكام السيطرة على روح المكان الذي كان سوريًا منذ آلاف السنين محفوظًا بتعدد الألسنة والقوميات والثقافات.
هذه الصورة المرفقة لأطفال سوريين يلهون فوق الدمار، بكل تحد، ربما لأنهم يثقون عبر مجسات أرواحهم بأنهم هم من سيعمر المكان؛ لأنه سيكون لهم في المستقبل وليس لمن يدمرها الآن، كائنًا من كان المخرب، أسوأهم النظام وداعموه مرورًا بـ«داعش» و«النصرة» والإخوة الأعداء لهما.
لا أذكر في أي منطقة في سوريا هي الصورة؛ لأنني احتفظت بها منذ فترة، لأطفال سوريين في العيد، منشورة على مواقع ولم تبثها وكالة أنباء. لا يهم أين هي فوق أرض سوريا هذه الصورة.. لأن الدلالة في فحواها لا في التفاصيل الأخرى الصغيرة.
بسبب هؤلاء الصغار، أثق بقدوم العيد يومًا ما في ظرف أفضل. أقول العيد القادم في دمشق، وفي حلب وحمص وحماه ودرعا والقامشلي، وفي تدمر والرقة ودير الزور، واللاذقية وبانياس وطرطوس، وإدلب.