الشرق الأوسط
TT

استحقاق الرئاسة المصري

لا أحد يجادل داخليا أو خارجيا في شعبية المشير عبد الفتاح السيسي في الشارع المصري، كما أن معظم التوقعات ترجح أن يفوز بأغلبية مريحة في انتخابات الرئاسة التي تشكل المرحلة الثانية من تطبيق خريطة الطريق، التي جرى التوافق عليها بعد إطاحة حكم الإخوان، إثر الاحتجاجات الجماهيرية الواسعة التي حدثت في 30 يونيو (حزيران) الماضي.
جاءت كلمة السيسي التي أعلن فيها عزمه الترشح للرئاسة، وتخليه عن الزي العسكري، كخطوة كانت مرتقبة منذ إقرار الدستور الجديد، ووسط رغبة ملحوظة بين قطاعات كبيرة من المصريين في حدوث ذلك. وأيضا في الخارج هناك إقرار حتى بين الدول الغربية التي تعاملت بتحفظ مع التطورات المصرية بعد 30 يونيو، بأن هناك شعبية واضحة للرجل في المجتمع المصري.
الأهم في هذه الخطوة أنها تعني دوران العجلة لإنهاء المرحلة الانتقالية التي تتوج بانتخابات الرئاسة المتوقعة في مايو (أيار) المقبل، ثم انتخابات البرلمان الجديد، بما يستكمل الأطر السياسية اللازمة للجمهورية الجديدة التي ستبحر في مياه صعبة، وسيكون عليها إرضاء التوقعات والطموحات، وإصلاح ما تهدم خلال السنوات الثلاث الماضية.
هذه الشعبية، أو الشعور بالثقة بتجاوب الشارع، ربما يكون سهّل اللغة الصريحة التي استخدمها السيسي في الكلمة التي أعلن فيها ترشحه، بعد تقديم استقالته وزيرا للدفاع، وهي لغة تحتاجها مصر من سياسييها ومسؤوليها في التعامل مع استحقاقات الرئاسة الجديدة، وعملية إعادة البناء الحيوية بعد ثلاث سنوات تقريبا من الاضطراب السياسي الذي أثر بشدة على اقتصاد البلاد.
فأخطر شيء هو اللجوء إلى الشعارات الشعبوية أو دغدغة العواطف بآمال أو توقعات غير واقعية، والقيادة الرشيدة التي تريد أن تنقل مجتمعها إلى آفاق أفضل لا تلجأ إلى بيع الأوهام، لأنه طريق خطر قصير وعادة ما يقود إلى المشاكل.
لذلك لجأ السيسي في خطابه إلى لغة صريحة بتأكيده على أنه لن ينجح وحده، وأن المستقبل يحتاج إلى العمل الشاق من الحاكم والشعب، وأهمية إعادة بناء جهاز الدولة، ليكون أكثر كفاءة في إدارة دولة حديثة ديمقراطية، وذلك فيما يشكل ملامح أولية لبرنامجه الانتخابي، الذي سيصوت عليه الناس في مايو (أيار) المقبل.
ومن شأن إتمام هذا الاستحقاق الرئاسي، وبعده البرلماني، وضع أرضية صلبة لترسيخ الاستقرار. ولا يعتقد أن التصعيد الذي يحدث في المواجهات العنيفة بالشارع أو الأعمال الإرهابية تستطيع أن تعطل ذلك، وعلى العكس، فإن القوى التي لجأت إلى طريق العنف، خسرت أي تعاطف بين الرأي العام، الذي لا يمكن أن يخطئ أحد رغبته في القضاء على المحاولات الدؤوبة لإدخال البلاد في فوضى.