مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

روسيا: سوريا حلال لنا فقط

الأمر في سوريا لا يحتاج إلى تهويل الروس باندلاع حرب عالمية ثالثة، في حالة لم «يخضع» العالم كله لوجهة نظر بوتين للحل.
هذا ليس إلا تهديدا فجًّا، وإكمالا بالكلام لجهود الطيارين الروس والخبراء والمدفعية والصواريخ.
ماذا يريد ميدفيديف، رئيس الوزراء الروسي، الذي نشط مؤخرا بالتصريحات العدوانية، حين يقول إن أي تدخل بري في سوريا يعني قيام حرب عالمية ثالثة؟
هو يقصد حصرا تدخلا تركيا أو سعوديا، يعني بعبارة أخرى، أنه يحق لإيران، البعيدة جغرافيا وطائفيا ولغويا، أن تزج بحرسها الثوري، وميليشيات طائفية سوداء وصفراء وخضراء من أفغانستان للعراق للبنان، ولا يكون هذا التدخل البري «الفج» من وجهة نظر روسيا مشعلا للحروب الكبرى!
التدخل الروسي هدفه بالضبط كما قال الوزير الثلجي لافروف «قلب المعادلة» لصالح نظام بشار الأسد، وليس حرب «داعش» كما يدعون.
هل يجوز ترك الوضع كما هو، بعد «التدخل» الروسي لسوريا، وتركيز العمل العسكري الروسي، كما الإيراني من قبل، على ضرب المعارضة السورية الحقيقية لنظام بشار؟
اتفاق ميونيخ لوقف الأعمال القتالية في سوريا للسماح بوصول المساعدات الإنسانية مات قبل أن يولد، بسبب الإصرار الروسي على مواصلة القصف في شمال حلب، لتمكين الميليشيات الكردية من السيطرة على الشريان التركي السوري، والحيلولة دون اتصال المعارضة السورية بتركيا. وهذا كله طبعا لصالح نظام بشار.
تدخل روسيا هو الخطير والمثير في سوريا، ومثلا، هذا روبرت كولفيل المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان يدين الضربات الجوية الروسية – السورية. التي استهدفت مستشفيات ومدارس في شمال سوريا.
هجمات روسيا الأخيرة تسببت بهجرة 50 ألف سوري وسورية للحدود التركية، وهذا هدف آخر من التدخل الروسي وهو الضغط على تركيا. والأخطر «تفريغ» الشمال السوري لصالح تصورات سكانية طائفية.
تركيا لن تسكت على هذه المخاطر الوجودية، كما لن تسكت السعودية، ولذلك قال الأتراك إن تصميم أنقرة على هزيمة هذا الخطر في الشمال السوري يعني الذهاب التركي لأقصى حد. وطبعا لا بد أن يكون التدخل بمظلة دولية وقيادة أميركية.
الخبراء الروس يفخرون بأنهم نجحوا في عزل المعارضة الوطنية المسلحة جنوب البلاد، على حدود الأردن، وأيضا الآن في الشمال.
الخوف الأكبر، والأخطر، هو في ترك المخطط الروسي الإيراني يمضي للنهاية في سوريا، وليس التخويف بحرب عالمية ثالثة.
ترك سوريا لروسيا وإيران يعني تسليم المنطقة لمسدس بوتين وخناجر الحرس الثوري، وهذا بالضبط ما سيكون السبب الرئيسي لاشتعال الحرائق المهولة في المنطقة حقبة من الدهر، فلن ينام الغالبية الساحقة من سكان المنطقة على ضيم موسكو وطهران.
[email protected]