مارك ثيسن
كاتب اميركي
TT

أميركا: نظام يسمح بدخول إرهابيين

تصر إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على أنه من الأمان السماح بدخول 10 آلاف لاجئ سوري إلى الولايات المتحدة، لأننا ننفذ «إجراءات فحص مكثفة للغاية؛ تنطوي على عمل أجهزتنا الاستخباراتية، والمركز القومي لمكافحة الإرهاب، ومقابلات واسعة النطاق، وفحص كل المعلومات المتوافرة»، وفقا لما أعلنه نائب مستشار الأمن القومي بن رودس مؤخرا.
لكن رودس تغاضى عن حقيقة واحدة، هي أن إجراءات الفحص هذه محطمة للغاية، لدرجة أنها - بحسب ما توضحه سجلات وزارة الخارجية الأميركية - تسمح بدخول أربعة أضعاف نسبة الإرهابيين المشتبه بهم الذين تمنعهم من الدخول.
واعترفت وزارة الخارجية الأميركية أمام الكونغرس مؤخرا بأنها ألغت تأشيرات 9500 شخص منذ عام 2001، يُعتَقد أنهم إما تورطوا في أنشطة إرهابية أو مرتبطون بتنظيم إرهابي. فكّر في ما يعنيه ذلك: مُنح ما يقرب من 10 آلاف شخص - يعتبر دخولهم إلى الولايات المتحدة خطرا للغاية بسبب الاشتباه في نشاطهم الإرهابي أو انتمائهم لتنظيم إرهابي - عن طريق الخطأ تأشيرات دخول قانونية إلى البلاد. فقد تمكنوا بنجاح من اختراق دفاعاتنا، وهزموا نظام الفحص والتدقيق الخاص بنا، وحصلوا على تأشيرات دخول إلى الأراضي الأميركية.
والأسوأ من ذلك أنه بعد أن أدرك المسؤولون خطأهم وألغوا التأشيرات بعد فوات الأوان، فقدوا أثر حاملي التأشيرات. توجه جيسون شافيز، رئيس لجنة الرقابة والإصلاح الحكومي في مجلس النواب الأميركي، بسؤال لميشيل بوند، نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون القنصلية، لتوضيح ما حدث للـ9500 شخص. فأجابت: «لا أعرف».
لا نعرف مكان هؤلاء الـ9500 شخص، ولا كم منهم - إن وجدوا - لا يزالون موجودين في الولايات المتحدة حاليا.
هذا أمر سيئ بما فيه الكفاية. لكن القصة تزداد سوءا.
ووجد جاستن لانغ، الباحث في معهد «أميركان إنتربرايز»، في فحص أجراه على سجلات وزارة الخارجية الأميركية، أنه منذ عام 2001 رفضت الوزارة تأشيرات 2231 شخصا فقط، للاشتباه في امتلاك طالب التأشيرة علاقات أو أنشطة إرهابية. ومع ذلك، أثناء الفترة ذاتها، منحت الوزارة تأشيرات لـ9500 شخص اكتشفت لاحقا أنهم يشكلون تهديدا إرهابيا على البلاد - وأنه ينبغي عليها التراجع وإلغاء تأشيرات هؤلاء الأشخاص بأثر رجعي.
وهذا يعني أن نظام الفحص والتدقيق لدينا سيئ للغاية، لأنه سمح بدخول أكثر من أربعة أضعاف نسبة المشتبه بهم بالإرهاب الذين منعهم النظام من الدخول. وإذا سمح حارس مرمى دوري الهوكي الوطني بدخول أهداف في شباكه أربعة أضعاف نسبة الكرات التي صدها، فإنه سيُفصل من عمله.
دعنا نكن واضحين: إن هؤلاء الـ9500 شخص الذين ألغيت تأشيراتهم ليسوا سوى المشتبه بهم بالإرهاب الذين نعرفهم. فكم عدد الإرهابيين الذين اخترقوا نظام الفحص لدينا أيضًا دون أن يدرك المسؤولون خطأهم ويلغوا تأشيراتهم؟
يمكنني تسمية حالة واحدة على الأقل، وهي تشفين مالك؛ فلم تُلغ تأشيرتها أبدا، ولم نعرف أنها كانت إرهابية إلا بعدما قتلت هي وزوجها 14 شخصا في مقاطعة سان برناردينو بولاية كاليفورنيا. لقد هزمت نظام الفحص الأميركي، ودخلت بلادنا، ونفذت هجوما إرهابيا.
وكذلك الحال بالنسبة لعمر الفاروق عبد المطلب، ويطلق عليه المفجر السري، الذي حاول تفجير طائرة فوق مدينة ديترويت بولاية ميشيغان في يوم عيد الميلاد (الكريسماس) عام 2009. ذهب والده إلى السفارة الأميركية وأبلغ عن تورط نجله مع إرهابيين. ومع ذلك، تشير صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن وزارة الخارجية «لم تلغ تأشيرته بعد أن حذر والده المسؤولين الأميركيين من التطرف المحتمل لنجله». فكم إرهابيا يحمل تأشيرة أميركية مثل تشفين مالك وعمر الفاروق عبد المطلب حاليا؟
إن نظام الفحص الأميركي محطم للغاية، ولدينا إدارة تهتم بفرض الصحة السياسية أكثر من حماية الشعب. نعلم أن الإرهابيين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الدعاية، وتجنيد العناصر، والتخطيط لشن هجمات. ومع ذلك، ذكرت شبكة «إم إس إن بي سي» أنه في عام 2011 اقترح المسؤولون في وزارة الأمن الداخلي سياسة فحص وسائل التواصل الاجتماعي لطالبي التأشيرات للبحث عن وجود علاقات إرهابية. واستغرقت مراجعة المقترح عاما كاملا، وكان على وشك الإصدار كسياسة رسمية - عندما ألغاه كبار المسؤولين. لذلك، عندما تسمع ادعاء المسؤولين في إدارة الرئيس باراك أوباما أنهم ينفذون «إجراءات فحص وتدقيق مكثفة»، تذكر أنهم درسوا ورفضوا سياسة فحص حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لطالبي التأشيرات للكشف عن علاقات إرهابية. هذا لم يكن خطأ غير مقصود، وإنما كان قرارا واعيا.
ورغم هذه السجلات، يقول الرئيس أوباما إن الجمهوريين «يخونون قيمنا» لترددهم في السماح بدخول 10 آلاف لاجئ سوري إلى الأراضي الأميركية. وربما ينبغي عليه ضبط غضبه الأخلاقي حتى تعثر إدارته على ما يقرب من 10 آلاف إرهابي مفقود - وأيضًا يصلح نظام الفحص الذي يسمح بدخول الإرهابيين أكثر مما يمنعهم.
* خدمة «واشنطن بوست»