عبير مشخص
صحافية وكاتبة سعودية في مجال الفنون والثقافة
TT

الكعك.. والاقتصاد

لم يسامح التاريخ ماري أنطوانيت ملكة فرنسا عندما قالت: «إذا لم يكن هناك خبز للفقراء.. دعهم يأكلوا كعكا»، ولكن تلك المقولة قد تلقى رواجا اليوم خاصة في بريطانيا.. ولكل شيء سبب! المتابعون لبرامج الواقع التي تقدمها «بي بي سي» سيعرفون بالطبع، فهناك برنامج أثر بشكل كبير على المشاهدين من عدة نواح وتنامى تأثيره ليصبح أحد عوامل محاربة الركود الاقتصادي. البرنامج «ذا غريت بريتيش بيك أوف» (المخبوزات البريطانية) وهو يعني بالمسابقات كغيره من برامج الواقع ولكن المسابقات هنا هي في الخبز والعجن، فالمتنافسون يتبارون فيما بينهم لتحضير أفضل كعك وخبز وحلويات وفي كل حلقة يجري اختيار أفضل الوصفات لتساعد صاحبها للانتقال للمرحلة التالية وهكذا حتى يصل العدد إلى أربعة خبازين يتوج أحدهم في نهاية الموسم بلقب الخباز الأفضل. البرنامج في حد ذاته يمنح المشاهدين وقتا من المشاهدة الممتعة فهو يصور في حديقة شاسعة ملحقة بأحد القصور الريفية، ولا يخفى على أحد أيضا جاذبية الموضوع، فمن منا لا يحب الحلويات أو المخبوزات.
ولكن إلى جانب طبقات الكيك وحبات الفراولة والعجائن الهشة أثبت البرنامج أنه علاج لحالة الاكتئاب التي أصابت البريطانيين بسبب سياسات التقشف في البلاد. فعلى سبيل المثال توقف الكثير من الناس عن تناول الطعام خارج المنزل بسبب التكلفة المرتفعة، ووجدوا في فكرة البرنامج حلا بديلا. فخرجت الطناجر وصواني الخبز من دواليب المطابخ وتحول كثيرون إلى كتب الطهي وإلى وصفات البرنامج لإعداد الطعام في المنزل. الأمر هنا أصبح مفيدا من أكثر من جانب فهو مربح اقتصاديا، حيث يوفر الكثير من المال الذي ينفق في المطاعم، ولكنه أيضا يوفر هواية ممتعة وفي متناول اليد، وأصبحت الحفلات المنزلية أو حتى العائلية التي تعتمد على المخبوزات المنزلية صيحة جديدة في بريطانيا. وبالنسبة للبعض تحول الخبز إلى وظيفة بدأت من خبز كعك الكب كيك في المنزل وانتهت بافتتاح محال تجارية تبيع الحلوى.
وحسب تقرير لصحيفة «ديلي ميل» ففي العام الماضي وحده استهلك البريطانيون أكثر من 110 ملايين قطعة من الكب كيك. كما ارتفعت نسبة الأشخاص الذين بدأوا في الخبز بالمنزل إلى 58 في المائة بعد أن كانت 27 في المائة في عام 2011، كما ارتفعت مبيعات محال أدوات الخبز والعجن. ونقلت الصحيفة عن مدير تحرير مجلة «الخباز البريطاني» قوله: «الكعك يعتبر رفاهية في متناول اليد، فعوضا عن الاستمتاع بتناول وجبة في المطعم أصبحنا نستبدلها بتناول الكيك والشاي، كما أن الخبز في المنزل يتواءم مع سياسة تقليل النفقات التي اضطررنا إليها بسبب الظروف الاقتصادية، ولا ننسى أن خبز الكعك تحديدا هو أمر مسل وسهل ويبعث على السعادة».
وفي النهاية لا نملك إلا أن نحلم ببرنامج تلفزيوني عربي يملك مثل هذا التأثير والجاذبية.