عثمان الذوادي
باحث واستشاري في التسويق ومهتم بقضايا الابتعاث والتحولات الاجتماعية
TT

حقوق المستهلك في ظل احتكار وكالات السيارات

هناك شعور بالارتياح والرضى يسود حوارات المواطنين السعوديين في مواقع التواصل الاجتماعية تجاه ما تقوم به وزارة التجارة من متابعة لأداء وكلاء السيارات. هذا الشعور الايجابي يدل على تغير تدريجي للصورة الذهنية عن الوزارة من وزارة "للتجار" الى وزارة "للتجارة". وهناك خطوات كثيرة ساهمت في خلق هذا الشعور تجاه الوزارة، منها ما تم مؤخراً من إجراء استفتاء بخصوص رضى المستهلكين من أداء وكلاء السيارات في السوق السعودي. أيضاً تواصل الوزارة المباشر مع شركات السيارات حول العالم وحثهم على ان يكونوا موجودين في السوق عن طريق فتح مكاتب لخدمة العملاء ومتابعة أداء الوكيل المعتمد في السوق السعودي.
واذا اعتبرنا أن وكلاء السيارات جادون بالارتقاء في خدمة العملاء وحفظ حقوقهم، فإن جهود الوزارة وعلى الرغم من نجاحها في خلق شعور إيجابي لدى المواطنين، ستأخذ وقتا حتى تحدث تغييرا حقيقيا في السوق. هناك اكثر من معضلة تقف أمام الارتقاء بخدمة العملاء وحفظ حقوقهم، من أهمها سلوك الوكلاء (الشركات) ومناخ العمل الداخل، واحتكار حقوق البيع في السوق السعودي.
فمع مرور الوقت تبدأ الشركات في تبني أسلوب عمل معينا، هذا الاسلوب يتأثر بطريقة إدارة مالك الشركة، كبار الموظفي، بيئة العمل في السوق والنظرة العامة للمستهلك. فخلال العقود الماضية عاش وكلاء السيارات فترة ذهبية كان السوق يتطلع بأمتنان ولهفة لكل سيارة تدخل للسوق. وتشكلت خلال تلك الفترة الطويلة بيئة عمل في هذه الشركات تهتم بالبيع فقط. لذا من الطبيعي ان تجد هذه الشركات صعوبة في التعامل مع مشاكل المستهلك واعطائه حقوقة. لأن الاهتمام والحوافز المادية تتركز على البيع وليس على رضى المستهلك.
ويعطي احتكار العلامات التجارية نوعا من المناعة ضد التغيير ويعرقل أي تحرك حقيقي يتبنى صوت المستهلك داخل هذه الشركات. وقد تجد الشركات التي تحتكر علامات تجارية مرغوبة في السوق صعوبة أكبر في التجاوب مع طلبات وشكاوى المستهلكين في ظل الطلب العالي على سياراتها واحتكارها لعملية البيع. بالتالي تتعامل هذه الشركات بمبدأ خفض التكاليف وتقديم الحد الأدنى من التجاوب مع طلبات العملاء والالتزام بقرارات وزارة التجارة. ولن يكون مستغرباً انه بمجرد ان يحصل تغيير في قيادة الوزارة أو أولوياتها، ان ان تتخلى هذه الشركات عن كل الخطوات التي تمت لحفظ حقوق المستهلك.
لذا فإن إحداث تغيير جذري في سوق السيارات يتطلب مواجهه حقيقية مع أحد أهم أسباب المشكلة، وهو احتكار العلامات التجارية. فبكسر طوق الاحتكار وفتح باب المنافسة يفرض تغيير كبير في سلوك هذه الشركات وترغم على إعادة نظرتها للمستهلك بشكل لا يمكن تحقيقة بأي طريقة اخرى. ايضاً في ظل المسؤوليات المتشعبة للوزارة فإن كسر الاحتكار من شأنه خلق بيئة تنافسية تعني بالمستهلك وتقلل من الحاجه لتدخل الوزارة.