عبير مشخص
صحافية وكاتبة سعودية في مجال الفنون والثقافة
TT

في أوروبا.. البيت بيتك؟

هربًا من ارتفاع درجات الحرارة وجو الصيف الخانق، يهرب آلاف المصطافين العرب كل عام لأوروبا وأميركا بحثًا عن مناخ معتدل ورؤية أماكن جديدة. وتنتظر تلك البلدان قدوم السياح بشوق، فهم فعليا الأكثر إنفاقًا وعليهم تعتمد منشآت ومحلات وأسواق وأصحاب عربات إيجار وشقق وغيرها. ولكن مع مجيء السياح، تأتي الشكاوى التي يتكرر نشرها عامًا بعد عام على صفحات الصحف. ففي بريطانيا تبدأ تغطيات الموسم السياحي بإفراد صفحات للسيارات الفاخرة التي يحضرها بعض الأثرياء معهم إلى بريطانيا، وتتوسع التغطيات، بعد ذلك، لتشمل بعض المظاهر الفردية السلبية. ويجب القول إن التغطية الإخبارية المتكررة للسلبيات مستحقة والاستهجان أيضًا مستحق في كثير من الحالات وليس كلها، خصوصًا أن بعض التصرفات قد تنجم عن عدم معرفة بطبيعة المجتمع الأوروبي.
مبدئيًا، هناك إحساس لدى البعض بأن إحضار السيارات الفارهة آلاف الأميال عبر المحيط والبحار أمر مهم جدًا، وعمومًا فكل إنسان له الحق في تقدير احتياجاته في السفر، ولكن المشكلة هي في استخدام تلك السيارات لمخالفة قوانين المرور في بريطانيا أو إزعاج السكان، وهو ما يحدث بشكل مستمر. فالبعض يستخدم السيارات الفيراري والبورش كأنما يشارك في سباق صيفي في شوارع نايتسبريدج وماي فير. وتورد الصحف عامًا بعد عام أن سكان تلك المناطق يضجون بالشكوى من أصوات السيارات المسرعة والتي تنطلق منها موسيقى عالية. هناك أيضًا من يخالف نظام إيقاف العربات في الأماكن المخصص لها رغم تحرير المخالفات لهم في كل مرة، وهو ما دعا بلدية لندن هذا العام إلى إصدار قانون جديد لفرض غرامات واعتبار مخالفة قوانين المرور بمثابة تهمة جنائية.
في النمسا والتشيك مشكلات أخرى، طالعتنا بها بعض المواقع على «يوتيوب» و«فيسبوك». وحسب تقارير إخبارية، فإن هناك شكاوى متعددة من سوء استخدام السياح العرب للمنشآت والحدائق، وهو ما في خلق مشاعر معادية لهم لدى البعض. وفي العام الماضي أصدرت النمسا كتيبًا باللغة العربية فيه بعض النصائح للسياح العرب، وفي الحقيقة وجدت ذلك الكتيب فجًا ومتعاليًا، فهو في بعض فقراته ينصح السياح العرب بالابتسام في وجه مضيفيهم، وفي مكان آخر يطلب من النساء عدم تغطية الوجه، بل ويقدم لهم نصائح حول الملبس ويعرج إلى سكان الفنادق طالبًا منهم عدم تناول الطعام على الأرض. وحين أثار ذلك الكتيب الاستياء قالت مسؤولة في وزارة السياحة إن الكتيب موضوع للسياح الأجانب عامة. وأيًا ما كان فالكتيب يعكس واقعًا مؤسفًا نجم عن مخالفة السائح العربي للقوانين الخاصة بالنظافة والضوضاء والمساومة في الشراء، ولكن من الجانب الآخر فهو أيضًا يعكس سوء نية وعنصرية، وقد يكون في الأمر تصيد متعمد لأخطائهم.
ما يعنينا هنا هو أن مواطنينا يعتبرون «البيت بيتهم» وأكثر قليلاً مما ينبغي، معتمدين على أنهم ينفقون مبالغ طائلة في مختلف الأماكن السياحية. الأمر الذي يجب علينا تذكره، هو أننا لا نغفر للسياح الأجانب مخالفتهم لتقاليد بلادنا أو تعديهم على القوانين، ولهذا لا يمكننا توقع غير ذلك منهم فالمساواة مطلوبة.