علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

قلب المعادلة

اعتدنا في سوق الأسهم السعودية أثناء طرح الشركات في السوق الأولية للاكتتاب العام، أن تطرح الشركة 30 في المائة من أسهمها، يخصص 20 في المائة من الأسهم لاكتتاب المؤسسات المالية لبناء الأوامر بحكم أنها مؤسسات مالية محترفة تستطيع تحديد سعر السهم العادل، ويخصص 10 في المائة لاكتتاب الأفراد.
والشركات المطروحة لا تخلو من أمرين؛ إما أن تكون شركات أفراد أو شركات تابعة للحكومة بشكل أو بآخر. وأتفهم السبب الذي يجعل هيئة سوق المال تفرض على شركات الأفراد الاحتفاظ بنحو 70 في المائة من أسهم الشركة المطروحة، وطرح 30 في المائة فقط من أسهم الشركة مع فرض فترة حظر على الملاك، ونقصد في فترة الحظر أن يمنع الملاك من بيع أسهمهم مدة سنة أو سنتين أو خمس، وذلك حتى يبقى الملاك في الشركة ويديروها بشكل سليم يحقق الربحية لهم وللمساهمين الجدد، بحكم أن الملاك الذين طرحوا أسهم الشركة يملكون أسهم الأغلبية، لذلك يهمهم أن تربح الشركة ويكون أداؤها جيداً على الأقل مدة الحظر، كما أن هذا الطرح المربح قد يغريهم بإنشاء شركات جديدة ومن ثم طرحها للسوق، وبالتالي سيديرون الشركة بكفاءة عالية حتى يكسبوا ثقة عالية تجعل جموع المكتتبين تثق بطرحهم الجديد، وهذه أسباب منطقية تجعل الجهة المشرفة على السوق تفرض على الملاك الاحتفاظ بحصة 70 في المائة من الأسهم وطرح 30 في المائة فقط.
في الجانب الآخر، هناك شركات حكومية أو شبه حكومية تطرح في السوق الأولية للاكتتاب وتكون في الغالب ملكيتها موزعة بين عدة جهات حكومية مثل صندوق الاستثمارات العامة وجهات حكومية أخرى وشركات مساهمة تملك الحكومة فيها حصة الأسد، وعلى سبيل المثال لا الحصر، شركة مرافق التي يعتزم طرح نحو 30 في المائة من أسهمها للاكتتاب العام يخصص 20 في المائة للمؤهلين و10 في المائة للأفراد.
مثل هذه الشركات ثبت نجاحها؛ فلماذا لا نقلب المعادلة؟ ونطرح 70 في المائة من أسهمها تقسم بين المكتتبين الأفراد والمؤهلين.
أما لماذا؟ فلعدة أسباب أولها أن مثل هذه الشركات عاملة منذ سنوات وثبت نجاحها، لذلك لا خوف من التلاعب بميزانياتها أو تجميلها، ثانياً أن نشاطها أصبح واضحاً وربحيتها باتت شبه مضمونة، ولو أن لا شيء مضموناً في قطاع الأعمال.
ثالثاً، أن لدى الحكومة القدرة على توظيف الأموال المتوفرة من الطروحات الأولية - الاكتتابات - في مشاريع لا يستطيع الأفراد اقتحامها لضخامة مبالغها، ولعلّ أفضل مثل لذلك شركة «سافي».
رابعاً، أن القائمين على هذه الشركات في الأغلب موظفو الحكومة، والذين إن كان يهمهم النجاح فهو على الأقل ليس بالقدر الذي يطمح إليه الملاك بحكم أن نجاح الشركة سيعود على الملاك عبر الربح الموزع عليهم نهاية كل سنة أو كل فصل، لذلك سيبذلون جهداً مضاعفاً في تحسين أداء الشركة.
إذن لماذا لا نفكر بقلب المعادلة؟ خصوصاً في شركات الحكومة، لأن من سيسعى لتملك أسهم هذه الشركات رجال أعمال متخصصون يبحثون عن الفرصة ويغتنمونها، وسيسعون لتطوير هذه الشركات، كما أن الحكومة أو صندوق الاستثمارات العامة قادران على طرق فرص جديدة لا يستطيع الأفراد خوضها. ودمتم.