بريت ستيفنز
خدمة «نيويورك تايمز»
TT

هل يعاقب أحد إيران على حملتها القاتلة؟

كُتب كثير من المقالات عن المعنى الأوسع للهجوم الذي وقع هذا الشهر على سلمان رشدي، والذي اُتهم فيه متعصب ديني بمحاولة قتله. غير أنه لم يُقَل ما يكفي عن شر النظام الذي يُفترض أنه الملهم لتلك الفعلة وغيرها الكثير - أو ما يُقال عن الحكمة من محاولة التوصل إلى اتفاق نووي مع ذلك النظام.
لم تُعلن إيران المسؤولية عن محاولة قتل رشدي. لكن الفتوى التي أصدرها الخميني عام 1989 بشأن رواية «آيات شيطانية» لا تزال سارية، وفي عام 2007 أفاد رشدي بأنه في يوم 14 فبراير (شباط) من كل عام يتلقى «بطاقة معايدة» من إيران تُذكره بوعدها باغتياله. كما أن طهران ليست مُتحفظة بشأن محاولات مماثلة تجري على الأراضي الأميركية والأوروبية ضد بعض الشخصيات الأدبية أو السياسية.
كشفت وزارة العدل الأميركية في 10 أغسطس (آب) عن اتهامات جنائية بحق شهرام بورسافى، العضو في «الحرس الثوري» الإيراني، لمحاولته تدبير عملية اغتيال مستشار الأمن القومي الأسبق جون بولتون. كما ذكر مايك آلن، من موقع «أكسيوس» الإخباري، في اليوم نفسه أن إيران خصصت مكافأة قدرها مليون دولار لاغتيال وزير الخارجية السابق مايك بومبيو.
كما أدانت محكمة بلجيكية، العام الماضي، الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي المقيم في فيينا، وثلاثة شركاء بلجيكيين إيرانيين، في محاولة لتفجير تجمع لشخصيات معارضة إيرانية في باريس عام 2018.
في العام الماضي أيضاً، كشفت رويا هاكاكيان، الكاتبة الإيرانية الأميركية، أنها تلقت تحذيراً من المباحث الفيدرالية بأنها كانت هدفاً لعملاء إيرانيين في الولايات المتحدة.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، كشفت وسائل الإعلام النرويجية أن السلطات اتهمت السكرتير الأول السابق في السفارة الإيرانية في أوسلو بأنه العقل المدبر لمحاولة اغتيال ويليام نيغارد، ناشر رواية سلمان رشدي في عام 1993.
وأحبطت السلطات الدنماركية، عام 2018، محاولة الاستخبارات الإيرانية لاغتيال منشق هناك. وفي عام 2011، تآمر عملاء إيرانيون لقتل السفير السعودي لدى الولايات المتحدة بنسف مقهى ميلانو في واشنطن.
وقد وجه قائد المؤامرة التعليمات لشركائه قائلا: «تنفيذ الاغتيال ضروري وحتمي، حتى وإن كان سوف يسفر عن خسائر جماعية»، بحسب مستندات المحاكمة.
المقصد من هذه القائمة المختصرة أن محاولة طعن سلمان رشدي، حتى وإن كانت مستلهمة من طهران وليست موجهة منها، لم تكن شيئاً استثنائياً. بل على العكس، كانت أمراً نموذجياً تماماً.
تباشر إيران منذ أول أيام الجمهورية الإسلامية حملة ممنهجة لاغتيال وخطف وترويع منتقديها. وهناك من يزعمون أن هذه العمليات ليست سوى رد فعل من إيران على الأخطاء المرتكبة في حقها - على سبيل المثال، اغتيال إدارة ترمب للجنرال قاسم سليماني قائد «الحرس الثوري» عام 2020 - وأنها استجابة عكسية طبيعية لتلك الأخطاء.
كيف يؤثر كل ذلك على المفاوضات الجارية بشأن البرنامج النووي الإيراني؟ الحكمة التقليدية تقول إنه لا تأثير، وإن سجل إيران من التعصب والقتل لا علاقة له برغبتها في الحد من طموحاتها النووية في مقابل الحوافز الاقتصادية!
بيد أن هذا الطرح يتغافل عن نقطتين رئيسيتين؛ أولاً، ما الرسالة التي تتلقاها إيران بأننا لن نفعل أي شيء لمعاقبتها، وأننا سوف نواصل التفاوض معها، حتى مع سعيها لقتل الرعايا الأميركيين على أراضينا، بما في ذلك كبار المسؤولين السابقين؟ الإجابة هي: الضعف البيّن. ثانياً، ما الذي تكشفه المخالب الإيرانية القاتلة عن طبيعة النظام؟ الإجابة هي: لا يوجد ما يُوقفه أو يردعه. وبوسع أنصار الاتفاق النووي القول لأنفسهم إن إيران سوف تحظى بضمانات كافية للتحقق من الالتزام. إلا أن إيران قد وجدت بالفعل سبلاً عديدة للغش، ورفع العقوبات من شأنه أن يُدر عليها أرباحاً مالية هائلة سوف تستغلها فوراً في تنفيذ مقاصدها الخبيثة.
منذ محاولة اغتيال رشدي، سعى الكُتاب، والنشطاء، والمشاهير إلى رفع راية حرية التعبير. هذا جيد بقدر ما يقتضيه الأمر. لكنها جهود لن تذهب بعيداً بما فيه الكفاية إلى أن يجد العالم الحر الجرأة اللازمة للتصدي للنظام البغيض الذي أثار الغضب في كل مكان.
* خدمة «نيويورك تايمز»