أحمد الغمراوي
طبيب وصحافي مصري مختص بالشؤون السياسية والعلمية
TT

أبناء الدواعش

أنشغل كما ينشغل العالم كله شرقا وغربا بما تفعله عصابة داعش من جرائم وحشية وأفعال شائنة بحق الإنسانية جمعاء.. أرى الهمج يعيثون في الأرض فسادا، فينكسر قلبي كما تنكسر قلوب الملايين من أصحاب المروءة حول العالم.
أشعر بالغضب وأنا أرى المفسدين يشوهون ديني وهويتي؛ ليس فقط أمام العالم، ولكن أمام أنفسنا حين يسعون لزعزعة ثقة عدد من ضعاف الإيمان في دينهم وهويتهم العربية؛ بما يدعونه زورا وكذبا وافتراء على هذا الدين وهذه الهوية.
ثقتي في الله كبيرة أن ننجح في التخلص من البلاء.. وهكذا قال التاريخ مع كل دعاة الهمجية.
لكن هاجسا فاجأني منذ أيام فأضاف ما يمنع عن عيني - المؤرقتين بالفعل بما يكفي - النوم.. كانت ابنتي تلهو بجهاز تحكم التلفاز بحثا عن قناة أطفال تناسب عمرها، لكن الجهاز اللعين يبدو أن بطاريته قررت التوقف عن العمل، فتوقف البحث عند قناة تعيد إذاعة المشهد البشع لإحراق الأسير  العربي الأردني معاذ الكساسبة.
لم أدر بنفسي إلا مندفعا نحو التلفاز لأغلقه بعنف كاد يهشمه قبل أن تتملى عيني ابنتي بهذا المنظر الفائق البشاعة.. وبعد استجواب طويل من جهتها لي حول تصرفي والذي حاولت أن أبرره بما تيسر مما تستوعبه من منطق، سبحت في أفكاري المتسائلة حتى غرقت فيها.
كان التساؤل الصادم الذي يوجهه ضميري: «ماذا عن أطفال الدواعش؟».. «كيف سيكون مصيرهم؟».
نعلم من خلال علوم النفس أن الإنسان ابن خبرات حياته، ويتبنى شخصيته وتكوينه النفسي ويشب على ما تعلمه في الصغر. فكيف يكون حال هؤلاء الأطفال المساكين بعد أن يتخلص العالم بإذن الله من أولئك الهمج؟
هل نحن مستعدون لتلك اللحظة؟ هل نتأهب بخبراء علم النفس لعلاج أطفال يشاهدون آباءهم يسلخون ويذبحون ويحرقون وربما يأكلون البشر؟
آمل أن نضع ذلك في الاعتبار قبل أن يداهمنا الوقت لنجد أمامنا جيلا من الأطفال راضعي الإرهاب والهمجية لا ندري ما نفعل به.. فقط آمل ذلك.. لأنني أب، وأعي معنى ذلك.