خالد البسام
كاتب ومؤرخ بحريني
TT

مسترد.. ولا مستعاد

أنشد الشاعر العظيم المتنبي بيتا جميلا من الشعر يقول «وما ماضي الشباب بمسترد.. ولا يوم يمر بمستعاد». وهذا الكلام الجميل ليس شعرا عذبا فقط، بل كله حكمة لا تنتهي.
وهناك حكمة صينية جميلة تقول: «لماذا نلقي بأنفسنا في الماء قبل أن تغرق السفينة؟»، والمقصود هنا هو اليأس، بمعنى أن علينا ألا نيأس قبل الأوان.
وإذا كان اليأس هو انتحار القلب، فماذا نقول اليوم في سن اليأس عند الرجال؟
قبل سنوات كانت سن اليأس عند الرجال هي مجرد كلام، ثم تم التأكد من وجودها في النواحي النفسية على الأقل. وأثبتت الدراسات النفسانية أن سن اليأس عند الرجال تبدأ بحدوث تغيرات هرمونية ونفسية وكيماوية عند جميع الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و45 عاما.
بشكل عام فإن سن اليأس هذه يمكن أن تتسبب في إحساس الرجال بالخوف والضجر والقلق، فضلا عن الأعراض الشائعة لمشكلات منتصف عمر الحياة الزوجية.
ولعل أطرف ما وجدته الدراسات الحديثة حول الموضوع، والتي أجريت على عشرات الرجال، هو أنهم جميعا يحلمون بقيادة سيارات رياضية والحصول على زوجة شابة!
إذا وصل الرجل إلى سن اليأس فلا أظن أنه ستفيده سيارة رياضية ولا زوجة شابة، ولكن بضع نصائح مفيدة، منها مثلا: الاعتماد على الأغذية الجيدة بتناول الحبوب وقدر كبير من الخضراوات مع تقليل اللحوم وتفادي منتجات الألبان، وفي هذا المجال فإن الغذاء الآسيوي التقليدي المتكون من الأرز والخضراوات يعتبر نموذجا جيدا للأكل الصحي. ومع ذلك، فمن الضروري تناول الفيتامينات والمواد الأخرى المقاومة لليأس، كذلك فحص الهرمونات عند الأطباء بصورة مستمرة، والأهم هو تهيئة الرجال المصابين باليأس للدخول في مرحلة الكبر والتأقلم معها، وذلك من خلال الانضمام إلى جماعة من الكبار يعملون في نشاط حياتي معين.
التفاؤل خير حل. غير أن الأهم من التفاؤل هو الإيمان به واللحاق بركبه. كذلك رؤية الأيام المقبلة من حياة الإنسان على أنها مستقبل جيد خال من المشكلات والتعقيدات والأزمات.
أعتقد أن الرجال لا ينقصهم - خاصة هذه الأيام - يأس، فأغلب الظن أن الكثير منهم يائسون من أشياء كثيرة، وبما أنني لا أريد اليوم أن أزيد من يأس أحد، لا من الرجال ولا النساء، فإنني فقط أقول إن هناك حكمة خالدة مشهورة تقول: «لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس»، وأعتبرها كافية لبراءة ذمتي من كل شيء!