عبير مشخص
صحافية وكاتبة سعودية في مجال الفنون والثقافة
TT

طعم الحرية... بطات باريس وماعز ويلز تخرج للنزهة في المدن الخالية

في مدينة بمقاطعة ويلز وجدت قطعان ماعز برية الميدان فارغاً من السكان ونزلت من التلال إلى الشوارع والحدائق، وجدت مقاهي فارغة فتجولت فيها، ودخلت إلى حديقة فندق خال من السكان، وتجولت بين المقاعد والطاولات، ثم انحنت لتتذوق النباتات والزهور في الأحواض المحيطة. وشوهدت أعداد منها تتجول في الشوارع بجانب واجهات محال مغلقة، وبدا أن المدينة بأسرها أصبحت ملكاً لها بينما جلس السكان في بيوتهم واكتفوا بالنظر من النوافذ للزوار الجدد لمدينتهم. يقول أحد السكان، إن الماعز عادة تهبط للمدينة فقط للاحتماء من الأحوال الجوية السيئة، وتحرص على أن تكون زياراتها ليلية، لكن فيروس «كورونا» أمدها بالشجاعة وأخلى لها الطريق من الناس الذين يخيفونها في العادة لتصبح المدينة متنزهاً خاصاً لها. وقالت عمدة المدينة لـ«بي بي سي»، «الماعز فضولية، وأعتقد أنها تتساءل عن سبب اختفاء البشر»، لكنها أضافت أنها وسكان المدينة وجدوا في مشاهدة الماعز وهي تأكل الأزهار والحشائش والنباتات المختلفة، أو وهي تتسلق الاسوار المنخفضة بحثاً عن نباتات هنا وهناك، تسلية لهم وهم في العزلة المنزلية.
وليست الماعز في ويلز وحدها التي قررت الاستفادة من غياب الإنسان للمشي والتنزه بحرية في الشوارع، فقد نشرت وكالة «الصحافة الفرنسية» مقاطع لبطات تتنزه في شوارع باريس بحرية وثقة، لم تخفها امرأة مرت هناك أو رجل قرر التوقف لتصوير المشهد الطريف، استمرت البطات في المشي المتمهل أمام واجهات مسرح «كوميدي فرانسيز» ومنه إلى ساحة واسعة بسطت ذراعيها للزائرات القادمات من ضفاف نهر السين. وللحق فلم تبدِ البطات نزعات استهلاكية مثل الإنسان، وبالتالي لم تتوقف أمام واجهات المحال المغلقة، هي هنا للتنزه فقط والاستمتاع بخلو الساحة لها في مدينة النور.
من جانبها، لم تتقاعس بطات روما عن النزول للنوافير العامة والسباحة بهدوء من دون وجود سياح وضجة سيارات ومارين وبائعين، النوافير أصبحت ملكاً لها وهي ستستمتع بهذه المنحة المفاجئة حتى يعود الإنسان مرة أخرى.
لكن هناك وجهاً آخر لتراجع البشر خلف جدران بيتوهم، فهناك حيوانات برية كانت تعتمد على الإنسان في طعامها، مثل نوع من الغزلان المرقطة في اليابان التي كان السياح يطعمونها ويلتقطون معها الصور السيلفي؛ ولأجل الطعام تعلمت أن تحني رأسها حسب الأمر. وجدت تلك الغزلان نفسها في موقف جديد؛ إذ يجب أن تعتمد على نفسها في العثور على الطعام، لن ينفعها جمالها أو طاعتها لليد الممدودة برقائق بسكوت الأرز والذرة التي تباع في الحديقة خصيصاً لإطعام الغزلان، وما كان منها إلى أن خرجت إلى الشوارع والمحال بحثاً عن طعامها. وظهرت صور لعدد منها يتجول في شوارع المدينة ومحطات القطارات ويعبر إشارات المرور بتهور، كما شوهد البعض الآخر وهو يلتهم نباتات المنازل الموضوعة في أصص عوضاً عن رقائق الأرز الفاخرة التي كانت تلقى لهم. من قال بأن الحرية بلا ثمن!