إميل أمين
كاتب مصري
TT

ما السبيل إلى ردع طهران؟

هل كان العالم عامة والمملكة العربية السعودية بنوع خاص في حاجة إلى تأكيد وتحديد جهة من يقف وراء الاعتداءات التي جرت على منشآت أرامكو النفطية في سبتمبر (أيلول) الماضي؟
تبقى القاعدة اللاتينية الحاكمة هي CUI PRODEST، أي: «من المستفيد؟»، وبنظرة أولية سريعة يمكن القطع بأنه ما من أحد سوى إيران لها مصلحة في إصابة الاقتصاد العالمي في شريان الحياة أي النفط من ناحية، ومن جهة ثانية الاعتداء على المملكة ضمن سيرة ومسيرة إيرانية لم تعرف إلا تصدير الإرهاب إلى جوارها الإقليمي منذ أربعة عقود وحتى الساعة.
غلبت الدبلوماسية السعودية العقل والحكمة، وكان لها بحكم القانون الدولي أن تباشر رداً ساحقاً ماحقاً لو أرادت دفاعاً عن أراضيها ومواطنيها عطفاً على مصالحها، لكنها فضلت أن تمضي التحقيقات في أفق وأطر دولية لتكون النتيجة جازمة وحاسمة لا تصد ولا ترد.
مساء الخميس الماضي كانت البعثة الأميركية في الأمم المتحدة تؤكد أن إيران هي المسؤولة عن اعتداءات أرامكو، وذلك استناداً إلى ما أورده فريق الخبراء الدوليين المعنيين بملف اليمن.
لم تنطلِ المراوغات الإيرانية الأصلية التي حاولت إلصاق الاتهام بميليشيات الحوثي الإرهابية، على المجتمع الدولي، وعلى فريق خبراء مجلس الأمن الذين قطعوا بأن الحوثيين لا يمكنهم بحال من الأحوال شن هجوم كهذا، مما يعزز استنتاج الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة أن إيران هي التي تتحمل المسؤولية بشكل كامل وشامل.
لا تعرف إيران سوى لغة العنف والتصعيد، وهناك من القرائن بل والأدلة الثبوتية ما يشير إلى أن الإيرانيين هم من استخدموا الصواريخ الباليستية للاعتداء على أرامكو، بجانب الطائرات المسيّرة، وهي أسلحة نوعية متقدمة لا يحوزها سوى «الحرس الثوري» الإيراني.
قبل أقل من أسبوعين كانت إيران تتخفى وراء ستار الأقمار الصناعية، وتسعى في طريق تجريب صاروخ باليستي جديد، يضاف إلى ترسانتها الصاروخية.
يحار المرء في صبر العالم على إيران، لا سيما وكأن التاريخ يعيد نفسه من جديد، أي استنساخ التجربة الألمانية في زمن النازي، وانتظار أوروبا أو تقاعسها في حقيقة الحال عن مواجهة هتلر، الأمر الذي كلف المسكونة سبعين مليون قتيل وست سنوات من الحرب الضروس.
صواريخ إيران ليست لإطلاق الأقمار الصناعية، بل لتهديد القاصي والداني، والجيران في المقدمة، ورغم فشل التجربة إلا أن إيران تمضي قدماً صاروخياً ونووياً في أثر ما نطلق عليه التجربة اليابانية، أي حيازة التكنولوجيا على الصعيدين، وفي غفلة من الانتباه الأممي لسبب أو لآخر، يمكنها الولوج إلى النادي النووي، والذي سيضحى لاحقا من اليسير أن يحمل على الصواريخ التي تسعى إيران في طريقها.
لن يكون الاعتداء الإيراني على أرامكو أو غيرها من المنشآت النفطية والاستراتيجية الخليجية الأخير إن استمر الإذعان لإيران، أو الغزل على متناقضات سياساتها لا سيما من الجانب الأوروبي، الذي تحمل مواقفه علامات استفهام جذرية، إذ كيف للأوروبيين محاولة استنقاذ الإيرانيين في الوقت الذي يتم فيه وعلى الملأ ضبط سفن إيرانية تحمل صواريخ للحوثيين، منها ما هو بعيد المدى.
خيّل للناظر أنه بعد القصفات الصاروخية التي تعرضت لها المنشآت العسكرية الأميركية في العراق أنه ستكون هناك وقفة أممية مع برامج إيران المختلفة من الصاروخية إلى النووية، ومن حرب الوكلاء، إلى تهديد أمن العالم وسلامه، غير أن هذا لم يحدث بعد، ما يعود بنا من جديد إلى التساؤل ثانية عمن له مصلحة من ميوعة الوضع الحالي واستمراء إيران إرهابها.
حسناً يتحدث وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بوصفه إيران بأكبر راع للإرهاب في العالم، لكن ماذا بعد ذلك؟ لا تحمل هذه السطور رغبة في إشعال الحروب، ولا تهديد السلم العالمي، بل تدفع في طريق البحث عن موقف أممي موحد، وكلمة سواء قاطعة، لا سيما من روسيا والصين اللتين ستطالهما صواريخ طهران عند لحظة زمنية بعينها.
الخلاصة... الصبر الاستراتيجي على إيران حان كتابة نهاية سطوره.