وائل مهدي
صحافي سعودي متخصص في النفط وأسواق الطاقة، عمل في صحف سعودية وخليجية. انتقل للعمل مراسلاً لوكالة "بلومبرغ"، حيث عمل على تغطية اجتماعات "أوبك" وأسواق الطاقة. وهو مؤلف مشارك لكتاب "أوبك في عالم النفط الصخري: إلى أين؟".
TT

لا يزال الطريق طويلاً أمام الإعلام البترولي الخليجي

من المفترض أن تعقد دول مجلس التعاون الخليجي هذا العام الملتقى الرابع للإعلام البترولي الخليجي والذي يعقد كل سنتين. وكان من المفترض أيضاً أن تكون الدوحة هي الحاضنة للمؤتمر بحسب الإعلان الصادر خلال النسخة الثالثة من الملتقى والذي عقد في أبوظبي في 2017. ولكن مع التطورات الأخيرة منذ ذلك الحين يبدو أن الحدث ستحتضنه مدينة أخرى أو سيكون له صورة أخرى غير الصورة الأصلية.
قد لا يعرف الكثير من القراء عن هذا الملتقى وأهدافه وأهميته، ولا ألومهم في ذلك، فحتى المختصون لا يتذكرونه إلا عند حدوثه، ولا يرون أيا من التوصيات التي يخرج بها في كل عام على أرض الواقع.
لقد بدأ الملتقى الخليجي للإعلام البترولي اجتماعه الأول في الكويت في عام 2013. وأعطى الوزراء الخليجيون دعماً كبيراً للمؤتمر على مدى اليومين اللذين انعقد فيهما، تم تقديم العديد من التوصيات ومناقشة العديد من مشاكل الإعلام الخليجي البترولي.
ومنذ ذلك التاريخ وفي كل نسخة للملتقى، يتكرر نفس النقاش عن نفس المشاكل والتحديات وتكون التوصيات تقريباً متشابهة.
وفي النسخة الثالثة، تم الإعلان عن مجموعة من الأهداف للملتقى تبدو جيدة في ظاهرها، ولكنها لم تترجم إلى حقيقة على أرض الواقع حتى الآن، أو لعل بعضها ترجم إلى واقع ملموس ولكننا لا ندري عنه أو نسمع به وهذا تقصير إعلامي في ملتقى الهدف منه زيادة التواصل الإعلامي مع كل المهتمين.
وكان أبرز هذه الأهداف كالتالي:
* تعزيز صورة قطاع النفط والغاز على الصعيد المحلي والخليجي والدولي.
* تطوير وتعزيز الثقافة البترولية في الإعلام المحلي وقطاعي الإعلام والاتصال الاستراتيجي.
* بناء شراكات استراتيجية وتعزيز التواصل بين الجهات المعنية في قطاع النفط والغاز محليا وخليجيا وإقليميا.
* عقد وتنظيم ورش عمل ودورات تدريبية تخصصية تهدف إلى تمكين العاملين في مجال النفط وتطوير مهاراتهم الاتصالية.
* رفع مستوى الوعي بأهمية الثقافة البترولية لدى العاملين في المجال الإعلامي.
وفي الحقيقة هذه الأهداف لا تختلف كثيراً عن التوصيات التي تم تقديمها في النسخة الثانية من الملتقى والذي انعقد في الرياض في 2015.
إن ما نسمعه من توصيات وأهداف جميل جداً وبناء، لكن لا نراه يتحقق... وهنا يأتي السؤال لماذا؟ وهنا أقدم بعض الآراء الشخصية للإجابة على هذا السؤال. وسأحاول اختصارها لأن الأسباب أكبر بكثير من قدرتي على سردها في مقال واحد.
أولاً إن القائمين على الموضوع هم في الغالب جهات إعلامية في وزارات النفط في دول الخليج، وغالبية هؤلاء لم يمارسوا العمل الإعلامي أو الصحافي ولكنهم مارسوا العلاقات العامة، وهناك فرق كبير بين التخصصين.
ثانياً، في كل نسخة من المؤتمر الخليجي لا يتم تقديم صحافيين أو إعلاميين نفطيين خليجيين أو إبرازهم.
ففي النسخة الأولى والثانية تم الاحتفاء بالكتاب في الصحف بعضهم تنفيذيون سابقون والآخرون أكاديميون. كتاب الصحف في الغالب ليسوا إعلاميين ولا يخاطبون العالم الغربي أو الأسواق وما يكتبونه مجرد رأي. إن الإعلامي هو شخص يمتهن الإعلام كمهنة وليس مساهما فيها من على بعد. ومن هنا لم تصل هذه التوصيات إلى واقع ملموس في صناعة الإعلام الخليجي لأن الصحافي الذي يغطي الأخبار اليومية والذي ينقل للعالم ما يجري في الخليج ليس المستهدف.
ثالثاً، منذ انعقاد المؤتمر الخليجي الأول في 2013 إلى يومنا هذا لم يتم تقديم أو الاستثمار في خليجي واحد كي يكون إعلامياً نفطياً محترفاً، وهذا لا يصب في مصلحة تطور صناعة الإعلام البترولي الخليجي. هناك قلة من الصحافيين النفطيين الخليجيين لم يجدوا دعماً ولا تدريباً تقنياً احترافياً يؤهلهم للوصول إلى العالمية في صناعة الإعلام البترولي.
رابعاً، انشغال القائمين على الإعلام البترولي في الخليج بالعمل اليومي والتحضير للاجتماعات والمؤتمرات التي لا تنتهي، ولهذا لا توجد مساحة لمتابعة التوصيات الكبيرة والهائلة التي يخرج بها كل ملتقى.
خامساً، تغير العديد من الأسماء المشرفة على القطاع الإعلامي البترولي منذ 2013 إلى الآن بسبب التقاعد أو أسباب أخرى.
سادساً، عدم فهم دور الإعلام وكيفية العمل في القطاع من قبل الجهات الإعلامية نفسها وذلك بسبب عدم ممارسة المسؤولين مهنة الإعلام. ولهذا هناك فجوة في الاتصال بين الطرفين.
وسأتوقف هنا لعدم الإطالة ولكن أتمنى أن تكون النسخة الرابعة من الملتقى عملية أكثر وتخرج بخطوات يتم تطبيقها، حتى لو كان عددها أقل، لأن العديد من التوصيات السابقة لم يتم تنفيذه حتى الآن. وأتمنى مشاركة وزراء الإعلام الخليجيين كذلك حتى يسمعوا بأنفسهم القصور ويعرفوا مواطن الخلل. ويجب دعوة كبار المسؤولين عن شركات الإعلام في العالم حتى يكون هناك حوار مؤسساتي ولا يقتصر الملتقى على صحافيين يبحثون عن تصريحات على هامش الملتقى.