براين تشابتا
TT

لماذا يبدو الاقتصاد الأميركي نشطاً؟

إن تدفق أكثر من تريليون دولار خلال 12 شهراً كفيل بأن يقلب حال أي قطاع من قطاعات المال في العالم. بالنسبة للصناديق الكبيرة، فقد بدا الأمر لقطاع من سوق المال الأميركي الذي يعمل بأصول بقيمة 1.4 تريليون دولار وكأنه ضربة قاصمة.
لكن بعد قرابة عامين من الوصول إلى أدنى نقطة، شهدت الصناديق الكبرى التي تشترى شهادات إيداع وسندات الدين ما يشبه الطفرة المفاجئة. فقد اجتذبت تلك الصناديق تدفقات نقدية لعشرة أسابيع متتالية، وهي الفترة الأكبر منذ بداية عام 2009، بحسب بيانات «معهد الاستثمار» حتى 12 سبتمبر (أيلول) 2009، وبقيمة 534 مليار دولار، لا تزال تلك الصناعة مجرد شريحة بسيطة مقارنة بالحال قبل التغييرات الكبرى التي طرأت على سوق المال الأميركي الذي شهد هروباً جماعياً لرأس المال مع نهاية عام 2015، لكن تيار المال الذي يتحرك بوتيرة ثابتة يسير إلى الأمام.
هؤلاء الذين يسيرون خلف أسواق الدخل الثابت قصير الأجل ليسوا واثقين بالإجراءات الواجب اتخاذها. فقد أفاد الخبراء الاستراتيجيون في أسواق «بنك مونتريال» الشهر الماضي بأنهم توقعوا أن تمر الصناديق الكبرى بمرحلة تدفق نقدي بدءا من سبتمبر (أيلول) حتى ديسمبر (كانون الأول)، من وجهة نظرهم، فإن الشركات التي أعادت المال إلى بلادها كانت مسؤولة بدرجة كبيرة عن التدفقات النقدية وربما تستخدم المدخرات في سداد الضرائب.
صحيح أن الصناديق التأسيسية الكبرى قد أتمت تدفقاتها النقدية الصغيرة في غضون أربعة أسابيع، لكن يبدو أن المستثمرين الفرديين يرغبون في الإمساك بزمام الأمور. فقد أضافوا جميعاً أموالاً لمدة 16 أسبوعاً متتالياً، وهي الفترة الأكبر منذ عام 2007.
ومع قيادة المستثمرين الصغار للمسيرة، فإن تفسير حالة الانتعاشة التي طرأت على الصناديق الكبرى هو أنها كانت في أمس الحاجة إلى المال. وكما كتبت في يونيو (حزيران) الماضي، فإن الناس تتدفق على أسواق المال لأنهم يدفعون أكثر مما تحصلوا عليه في سنوات. ولو أننا عدنا إلى تلك الفترة، فإن ما يطلق عليه العائدات الحقيقية على سندات الخزينة ذات العامين (العائد الذي يتجاوز مستوى التضخم) كانت 0.72 في المائة، وهي الفترة الأعلى منذ عام 2009، وبعد ذلك تخطت حاجز 1 في المائة.
إن عائد سندات الخزانة ذات العامين ليس مثل عائد الصناديق الكبرى، لكنه لم يبتعد كثيراً. فصندوق «فان غارد ماني ماركت»، على سبيل المثال، يعطي عائداً 2.1 في المائة. وقد زادت المكاسب بواقع 364 في المائة خلال السنوات الثلاث الماضية، وبواقع 91 في المائة في الشهور الاثني عشر الأخيرة فقط.
تعطي الصناديق الكبرى عائدات أكبر من تلك التي تستثمر في سندات الخزائن السيادية وفي غيرها من الديون الأميركية قصيرة الأجل. فصندوق «فانغارد تريشير موني ماركت»، على سبيل المثال، يعطي عائداً 1.96 في المائة. وقد وجهت القوانين المال تجاه المحافظ الحكومية، في محاولة للحد من المخاطر في أكثر مناطق السوق أمناً.
كانت الصناديق الكبرى تتعامل بسعر دولار للسهم كسعر ثابت، ما أعطى انطباعاً بأنها في مثل ثبات الحسابات البنكية، لكن قيمهم يمكن أن تطفو الآن، وإن كان السعر في صندوق «فانغارد» لم يتخط دولاراً واحداً حتى الآن، بحسب بيانات حصلت عليها وكالة «بلومبرغ».
ويمكن لأي منا أن يخمن ما إذا كانت الصناديق الكبرى ستعود إلى حجمها السابق. في الحقيقة، فإن الكثير من الأمور تعتمد على عدد المرات التي رفع فيها بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة وما إذا كان الاقتصاد الأميركي سيتحمل ذلك الوقت العصيب.
ستجتذب العائدات المرتفعة قصيرة الأجل المستثمرين، لكن في حال كان هناك شعور بتراجع أموال الشركات، سيتسبب ذلك في الاتجاه مجدداً إلى صناديق المال الحكومي. وفي الوقت الحالي، يبدو الاقتصاد نشطاً، وقد ازدادت ثقة التجار بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيرفع من سعر الفائدة مرتين قادمتين العام الحالي، ما يعنى أن المجال بات ضيقاً أمام عودة الصناديق الكبرى غير المتوقعة.

* بالاتفاق مع «بلومبرغ»