ليونيل لورانت
كاتب من خدمة «بلومبيرغ»
TT

«البريكست» الحكومي لن يفيد البنوك

وجد مصرفيو بنك ليمان براذرز السابقون في لندن، والذين اجتمعوا لتناول الشراب واستلهام ذكريات الماضي، أن المناقشات فيما بينهم تتحول سريعاً نحو الخروج البريطاني من عضوية الاتحاد الأوروبي، وما إذا كان اجتماعهم المقبل سيكون في فرانكفورت الألمانية، أو باريس الفرنسية، أو أي مدينة أخرى. ومع اقتراب الموعد النهائي للخروج البريطاني في مارس (آذار) من العام المقبل، تدخل البنوك المرحلة الأخيرة من الإعداد لأسوأ السيناريوهات من «عدم وجود صفقات». والخسارة القوية لـ«سيتي أوف لندن» لدخول الاتحاد الأوروبي لن تعني فقط مجرد استئجار مكتب جديد لوضع لوحة إعلانية جديدة على واجهته، وإنما سوف يضطر المقرضون إلى تخصيص مليارات الجنيهات الإسترلينية من أجل تمويل شركاتهم الأخرى خارج البلاد.
وصحيح أن السياسات الحالية تبدو أكثر ملاءمة للخروج البريطاني الأكثر سهولة على غرار خطة «تشيكرز» (اسم المقر الريفي للحكومة البريطانية). لكن حتى وإن تمكنت السيدة تيريزا ماي رئيسة الحكومة من إبقاء القطار على قضبانه، فإن المقترح لا يزال يستلزم فقدان ما يُعرف بحقوق «جواز السفر» بالنسبة لمصرفيي لندن من أجل العمل في أوروبا، وهو الأمر الذي تم إنجازه بوتيرة أكثر لطفاً خلال الفترة الانتقالية. ولذلك فليس أمام رؤسائهم من خيار سوى الاستعداد لما هو أسوأ.
يعتبر «البريكست» من الالتزامات الكبرى بالنسبة للصناعة المصرفية، والتي يتعين عليها وضع خططها الخاصة على الملأ، وتخصيص الموازنة لأجلها، وإدارة الموظفين من أجل التنفيذ. وكما قال سيرغيو إيرموتي المدير التنفيذي لمجموعة «يو بي إس» العالمية في مقابلة مع وكالة بلومبرغ الإخبارية مؤخراً: «بصرف النظر عما سيحدث من الآن فصاعداً، فلن تكون هذه التجربة أقل تكلفة بحال». ولن تكون الأعمال التحضيرية غير ذات جدوى، باستثناء الحدث غير مرجح الوقوع - وإن لم يكن مستحيلاً - لإجراء استفتاء آخر يأتي على عكس نتائج الاستفتاء الأول. ولكن، بالنسبة للصناعة التي لا تزال تعاني للخروج من حالة الركود التي أعقبت سقوط بنك ليمان براذرز، فإنها تكلفة يمكنها الاستغناء عنها. ولا بد من رسملة الشركات، قيد الإنشاء، التابعة للبنك. ويقدر السيناريو الأسوأ لاحتياجات رأس المال الإضافية لتلك الصناعة بما يتراوح بين 30 و50 مليار دولار من قبل الاستشاريين لدى مؤسسة أوليفر وايمان، في حين أن تكاليف التشغيل الجديدة قد تصل إلى مليار دولار.
ومن شأن التأثير على الموظفين أن يكون ثقيلاً كذلك. بعد وضع قوائم بأسماء الموظفين المنقولين وأماكن نقلهم، أصبح المديرون الآن يناقشون «البريكست» مع الموظفين الذين أثبتوا أنهم وضع محرج بأكثر من كونها محادثات إضافية تقليدية. وسوف يتعين على بعض المصرفيين القيام برحلات مكوكية كل ستة أشهر، وسوف يتم إرسال آخرين عبر فترات متعددة السنوات، وهناك آخرون سوف ينتقلون إلى الخارج طيلة حياتهم. وبالنسبة للموظفين من لندن وعائلاتهم، فلن يكون ذلك موضع ترحيب على الدوام.
وانخرطت البنوك ضمن الولع بالأماكن السكنية الأوروبية الفاخرة، والمدارس الخاصة الراقية لاسترضاء الموظفين الوافدين في المستقبل. ولكن، مرة أخرى، فإن هذا يعني المزيد من إنفاق الأموال.
والقلق الناشئ الآن يدور حول المنافسة القاسية بين البنوك، والتي سوف تحول المرحلة الأخيرة من سباق الماراثون المحموم قبل «البريكست» إلى سباق عدْو جنوني. ويشعر المديرون بالقلق الشديد من أن الموظفين الساخطين سوف ينسحبون إثر ضغوط المنافسين مع وعود بإعادة التوطين الأكثر سخاء، أو حتى الوظائف التي لا تستلزم تغيير مكان الإقامة على الإطلاق.
وبطبيعة الحال، لا يعرف من أحد حتى الآن ما الذي سيبدو عليه «البريكست» بالفعل. ويرى المتفائلون أن الساسة سوف يسوون خلافاتهم، وأن هناك نوعاً من الصفقات سوف تظهر وتقلل من التكاليف وتوفر الحماية للشركات والموظفين. لكن الخطر الأكبر بالنسبة للمصرفيين أنه بمجرد ما يبدأ المديرون والمساهمون في الاطلاع على أعداد الموظفين وتخصيص الموارد على الأعمال التجارية العالمية، فمن العسير إيقاف تلك العجلة عن الدوران. وربما من النتائج غير المقصودة للخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي هي إدراك أن البنوك يعمل فيها عدد كبير للغاية من الموظفين، وعدد كبير جداً من الشركات.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»