اكتشاف مذهل...العواصف تجدد الأكسجين بأعماق المحيطات !

توصل بحث جديد لاكتشاف مذهل مفاده ان العواصف الصيفية العنيفة لها دور سرّي في الحفاظ على توازن الأشياء في المحيط. حيث تعج أعماق المحيطات بعالم غامض غير معروف لمعظمنا نحن سكان الأرض. لكن هذا النظام البيئي الدقيق معرض للتهديد؛ فالمياه الدافئة الناجمة عن تغير المناخ تحتوي على كمية أقل من الأكسجين؛ إنها أزمة للحياة البحرية، التي تحتاج إلى الأكسجين للبقاء على قيد الحياة، مثلنا تمامًا. ولكن من أين يحصل أعماق البحار على الأكسجين، ولماذا ينفد؟

ويوضح البروفيسور توم ريبيث بجامعة بانجور «ان هناك قلقا متزايدا بشأن صحة محيطاتنا الساحلية مع ارتفاع درجة حرارة المناخ لأن المياه الدافئة تحتوي على كمية أقل من الأكسجين. حيث تعتمد الكائنات الحية في المحيط على الأكسجين للبقاء على قيد الحياة بنفس الطريقة التي تعتمد بها الحيوانات على الأرض. ويستخدم الأكسجين أيضًا عندما تتحلل المواد المتعفنة في أعماق المحيط. وهذا يخلق نقصًا بالأكسجين بفصل الصيف في أعماق البحار حول المملكة المتحدة. ولسوء الحظ، مع ارتفاع درجة حرارة مناخنا، من المتوقع أن ينمو هذا العجز؛ ففي أشهر الصيف، تعمل طاقة الشمس على تدفئة الطبقات السطحية للمحيطات. والماء الدافئ هو بطبيعة الحال أقل كثافة من الماء البارد. وهذا الاختلاف في الكثافة يخلق حاجزًا يمنع الخلط بين الطبقتين. وتسمى هذه العملية التي تتشكل فيها كتل مائية ذات خصائص مختلفة الطبقات بـ(التقسيم الطبقي). إنه يشبه إلى حد ما فصل الزيت عن الماء في كوب، فلا يختلطان بسهولة بسبب اختلافات الكثافة. فتتفاعل الطبقة العليا الأكثر دفئًا والأقل كثافة من المحيط مع الغلاف الجوي، وتمتص الأكسجين لاستخدامه في الحياة البحرية. ومع ذلك، تبقى هذه المياه الغنية بالأكسجين بالقرب من السطح بسبب التقسيم الطبقي؛ وهو الفصل الطبيعي لمياه المحيط إلى طبقات أفقية حسب الكثافة. فلا تستطيع طبقة المحيط العميقة، المعزولة عن السطح والغلاف الجوي، تجديد الأكسجين. بالإضافة إلى ذلك، فإن العمليات البيولوجية مثل تحلل المواد العضوية تستهلك المزيد من الأكسجين الموجود داخل هذه الطبقة العميقة». وذلك وفق ما نقل موقع «earth.com» العلمي عن مجلة «نيتشر كوميونيكيشنز» المرموقة.

العواصف الصيفية واختلاط المحيطات

قد لا تعتقد أن العواصف مفيدة، لكن علماء من جامعة بانجور وجامعة ليفربول والمركز الوطني لعلوم المحيطات، وجدوا أنها تلعب دورًا غير متوقع.

فللوهلة الأولى، تبدو العواصف مدمرة. ومع ذلك، فإن الرياح والأمواج القوية المرتبطة بالعواصف الصيفية تقلب سطح المحيط بشكل كبير. وهذا الاضطراب يعطل التقسيم الطبقي. حيث ان طاقة العاصفة لا تؤثر فقط على السطح؛ فهي تخترق العمق فتجبر المياه السطحية الغنية بالأكسجين مع الاختلاط بالطبقات المستنفدة للأكسجين أدناه. ويساعد هذا الخلط على تجديد الأكسجين في أعماق المحيطات، ومكافحة انخفاض الأكسجين الطبيعي الذي يحدث خلال فصل الصيف.

ما مدى فعالية هذا؟

يظهر البحث الجديد أن هذه العواصف يمكن أن تبطئ تفاقم نقص الأكسجين في أعماق البحار بنسبة هائلة تصل إلى 50 في المائة.

العواصف الصيفية والمحيطات... توازن معقد

ويؤكد الاكتشاف الجديد مدى ارتباط الأحداث التي تبدو معزولة (مثل العواصف البعيدة في البحر) بشكل معقد بسلامة النظم البيئية بأعماق البحار. كما يوضح أن التغيرات في أنماط الطقس وشدة العواصف، والتي من المحتمل أن تتأثر بتغير المناخ، لها تأثير مباشر على سلامة البيئة البحرية الشاسعة والحياة داخلها.

مصادر الطاقة المتجددة

وتثير الدراسة أيضًا بعض الأسئلة المثيرة للتفكير وتسلط الضوء على أهمية التخطيط الدقيق بينما نتطلع إلى تسخير مصادر الطاقة المتجددة؛ ففي حين نستكشف حلولًا مستدامة مثل مزارع الرياح العائمة، يسلط هذا البحث الضوء على الحاجة إلى فهم تأثيرها المحتمل على ديناميكيات المحيطات مثل الخلط وتوزيع الأكسجين. حيث سيساعد هذا الفهم باتخاذ قرارات مستنيرة بشأن أفضل موضع وتصميم لهذه الهياكل.

إن الحاجة إلى الطاقة المتجددة واضحة، لكن هذا البحث يذكرنا بأن أفعالنا يمكن أن تكون لها آثار بعيدة المدى؛ فهو يشدد على أهمية الدراسة الشاملة لكيفية تفاعل تدخلاتنا مع الدورات الطبيعية من أجل الحفاظ على صحة المحيطات.

عواصف الصيف وأنفاس المحيط

بالحديث عن الطاقة المتجددة، هناك تطور آخر إذ إن تطوير مزارع الرياح العائمة لديه القدرة على تعزيز صحة المحيطات؛ فتدفق المد والجزر الذي يمر من توربينات الرياح العائمة المقترحة سيولد أثرًا مضطربًا سيخلط الأكسجين في الصيف.

وفي هذا يقول البروفيسور ريبيث «سيؤدي هذا التأثير الإيجابي إلى تحسين صحة المحيطات؛ حيث يمكن لهياكل مزارع الرياح العائمة أن تكون بمثابة خلاطات عملاقة، ما يزيد من توزيع المياه المؤكسجة».

ومع ذلك، ينبه ريبيث إلى أننا بحاجة إلى النظر بعناية في كيفية تصميم هذه المزارع ووضعها لتحقيق التوازن الصحيح.

الإجراءات لها عواقب

تلفت الدراسة الانتباه إلى حقيقة أنه حتى عندما نهدف إلى القيام بشيء إيجابي، مثل الانتقال إلى الطاقة النظيفة، فقد تكون هناك عواقب غير مقصودة داخل الأنظمة المعقدة لكوكبنا. وهذا يسلط الضوء على الحاجة إلى الاستثمار في البحث العلمي الشامل وتطوير نماذج شاملة.

إن الفهم العميق لكيفية تفاعل الأنظمة الطبيعية المختلفة، بما في ذلك الغلاف الجوي والمحيطات الشاسعة، أمر بالغ الأهمية. عندها فقط يمكننا أن نتوقع ونأمل أن نخفف من العواقب السلبية المحتملة لأفعالنا.

نحو كوكب مستدام

بينما نعمل من أجل مستقبل أكثر اخضرارًا، من الضروري فهم الأعمال المعقدة للأنظمة الطبيعية.

ولا يمكن فصل سعينا لتحقيق كوكب أكثر استدامة عن جهودنا لفهم الشبكة المعقدة من التفاعلات التي تحكمه.

إن الاستكشاف العلمي ليس مجرد مشروع جانبي؛ فهو جزء لا يتجزأ من اتخاذ خيارات مستنيرة تعزز الرفاهية البيئية الحقيقية على المدى الطويل.

وتوضح لنا هذه اللمحة الصغيرة عن العالم الخفي لأعماق البحار مقدارا لا يزال يتعين علينا أن نتعلمه عن الكوكب المذهل الذي نسميه وطننا.

أطنان النفايات البلاستيكية في قاع المحيط تهدد البيئة البحرية

توصلت دراسة هي الأولى من نوعها في العالم إلى أن قاع المحيط أصبح «خزّاناً» للتلوث البلاستيكي، ما يهدد النظم البيئية البحرية.

وأشار الباحثون في وكالة العلوم الوطنية الأسترالية وجامعة تورنتو في كندا إلى وجود ما يصل إلى 11 مليون طن متري من التلوث البلاستيكي في قاع المحيط، وفق نتائج الدراسة التي نشرت، الخميس، بدورية «Deep Sea Research Part».

وذكرت أن كل دقيقة تمر، تشهد دخول ما يعادل كمية البلاستيك الموجودة في شاحنة القمامة إلى المحيط. ومع توقع تضاعف استخدام البلاستيك بحلول عام 2040، فإن فهم كيفية انتقاله أمر بالغ الأهمية لحماية النظم البيئية البحرية والحياة البرية، وفق الباحثين.

ويشكل التلوث البلاستيكي تهديداً خطيراً على الحياة البحرية، حيث يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الاختناق، والتسمم، والجوع، بالإضافة إلى تأثيراته على التكاثر، والنظم البيئية.

للوصول إلى النتائج، استخدم الفريق البحثي البيانات العلمية لبناء نموذجين تنبؤيين، لتقدير كمية البلاستيك في قاع المحيط.

وكشفت التقديرات وجود ما بين 3 إلى 11 مليون طن متري من التلوث البلاستيكي في قاع المحيط.

وأضافت أن ما يقرب من نصف الكتلة البلاستيكية، أي نحو 46 في المائة في قاع المحيط العالمي، يقع على عمق يزيد على 200 متر، بينما تحتوي أعماق المحيطات، من 200 متر إلى 11000 متر، مما تبقى من الكتلة البلاستيكية المتوقعة بنسبة 54 في المائة.

وأشار الباحثون إلى أن تقدير التلوث البلاستيكي في قاع المحيط يمكن أن يصل إلى 100 مرة أكثر من كمية البلاستيك العائمة على سطح المحيط، بناءً على التقديرات الأخيرة.

ومن جانبها، قالت الباحثة الرئيسية للدراسة في وكالة العلوم الوطنية الأسترالية الدكتورة دينيس هارديستي إن نتائج دراستهم تعد التقدير الأول لكمية النفايات البلاستيكية التي ينتهي بها الأمر في قاع المحيط، حيث تتراكم قبل أن تنقسم إلى قطع أصغر، وتختلط في رواسب المحيط.

وأضافت عبر موقع الوكالة: «نحن نعلم أن ملايين الأطنان من النفايات البلاستيكية تدخل محيطاتنا كل عام، ولكن ما لم نكن نعرفه هو مقدار هذا التلوث الذي ينتهي به الأمر في قاع المحيطات».

وتابعت: «لقد اكتشفنا أن قاع المحيط أصبح خزاناً لمعظم التلوث البلاستيكي، بداية من شباك الصيد، وانتهاءً بالأكواب والزجاجات والأكياس البلاستيكية».

ووفق الباحثين، فإن هذه النتائج تساعد في سد فجوة معرفية طويلة الأمد حول حجم البلاستيك ومدى تأثيره في البيئة البحرية، ما يساعد على توجيه جهود المعالجة البيئية، وبالتالي تقليل المخاطر التي قد يشكلها التلوث البلاستيكي على الحياة البحرية.

حرارة المحيطات تسجل مستوى قياسيا في فبراير

قالت خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي، يوم الخميس، إن درجة حرارة المحيطات سجلت مستوى قياسيا في فبراير (شباط)، ليبلغ متوسط ​​درجة حرارة سطح البحر عالميا 21.06 درجة مئوية.

وتخطى هذا المتوسط ​الرقم القياسي السابق البالغ 20.98 درجة مئوية، والمسجل في أغسطس (آب) 2023، وفق بيانات يعود رصدها إلى عام 1979. وجاء الرقم القياسي البحري المثير للقلق خلال فبراير (شباط) الأكثر سخونة أيضا.وحذر علماء بحار هذا الأسبوع من احتمال وقوع رابع حدث عالمي لإبيضاض واسع النطاق للشعاب المرجانية في نصف الكرة الجنوبي نتيجة ارتفاع درجة حرارة المياه والذي قد يكون الأسوأ في تاريخ الكوكب، وفقا لوكالة «رويترز».

ويفقد المرجان لونه تحت الضغط الحراري الذي يطرد الطحالب الملونة المفيدة التي تعيش في أنسجة الشعاب ويتركها هيكلا عظميا شاحبا. وهذا قد يؤدي إلى انهيار النظم البيئية الهشة للشعاب المرجانية لتترك السواحل دون حماية من عوامل النحر والعواصف ويضر بمصائد الأسماك.

ظاهرة النينيو

وتنتج زيادة الحرارة عن ظاهرة النينيو الناجمة عن ارتفاع حرارة مياه سطح البحر أكثر من المعتاد في شرق المحيط الهادي إلى جانب تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري.

وقال عالم المناخ ريتشارد آلان من جامعة ريدينج «الأكثر إثارة للدهشة هو أن درجات حرارة سطح البحر وصلت إلى مستويات قياسية في مناطق بعيدة عن مركز ظاهرة النينيو، مثل المنطقة الاستوائية من المحيط الأطلسي والمحيط الهندي».

وأضاف أن هذا يشير إلى التأثير القوي لارتفاع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي.ويستثني المتوسط ​​العالمي لدرجة حرارة سطح البحر المحيطات القطبية لكن الأمور في هذه المحيطات في حالة سيئة أيضا.

فقد وصل الجليد البحري في القطب الجنوبي إلى الحد الأدنى السنوي في شهر فبراير (شباط)، مسجلا ثالث أدنى مستوى له، منكمشا 28 بالمئة عن المتوسط.

وقالت خدمة كوبرنيكوس إن ظاهرة النينيو تضعف الآن في المنطقة الاستوائية من المحيط الهادي، لكن درجات حرارة الهواء فوق المحيطات ما زالت عند مستوى مرتفع استثنائيا.

ماذا سيحدث إذا اختفت جميع الأسماك من المحيطات؟

المحيط ضخم جدا ويغطي معظم سطح كوكبنا. وبالإضافة إلى حجمه، فهو مليء بالحياة، بدءًا من التنوع المذهل للنباتات والميكروبات والديدان والمرجان وسرطان البحر إلى الحبار والحيتان وحتى الأسماك. فالمحيط مليء بالأسماك، لدرجة أنها تشكل ثاني أكبر كمية من الكربون (المادة التي تشكل الكائنات الحية) في المملكة الحيوانية بعد مجموعة الحشرات والقشريات.

ويتفاعل معظم الناس مع المحيط فقط من الشاطئ أو في القارب، لذلك قد يكون من الصعب معرفة عدد الأسماك الموجودة فيه بالفعل. لكن المحيط يعج بها من سطحه إلى أعماقه.

وتأتي هذه الأسماك أيضًا بجميع أنواعها وأشكالها وأحجامها، بدءًا من أسماك السردين الصغيرة وأسماك الجوبي والبليني التي قد تراها على الشعاب المرجانية إلى أسماك التونة الضخمة وقرش الحوت التي قد تجدها في المحيط المفتوح.

وتؤدي هذه الأسماك جميع أنواع الأدوار في أنظمتها البيئية التي تدعم حياة الكائنات الحية الأخرى من حولها. فإذا اختفت يومًا ما، فسيبدو المحيط مختلفًا تمامًا. وفق ما ذكر تقرير جديد نقله موقع «ساينس إليرت» العلمي عن «The Conversation» المرموق.

السمك غذاء

تلعب الأسماك أدوارًا مهمة كحيوانات مفترسة وفريسة أيضا في النظم البيئية للمحيطات.

وتعتمد آلاف الأنواع في جميع أنحاء المحيطات والنظم البيئية الأرضية على الأسماك في الغذاء؛ بمن في ذلك البشر؛ ففي النظم البيئية للشعاب المرجانية، تأكل الأسماك الكبيرة والحيوانات البحرية الأخرى الأسماك الصغيرة؛ وهذا يعني أن الأسماك الصغيرة تشكل قاعدة الشبكة الغذائية، فهي توفر الطاقة للأسماك الأكبر حجمًا والمخلوقات الأخرى.

ان الشبكة الغذائية المفاهيمية للنظام البيئي للشعاب المرجانية تحدد المجموعات الوظيفية الرئيسية. إذ تأكل العديد من الطيور والثدييات والزواحف الأسماك وتعتمد عليها كمصدر أساسي للبروتين. وحتى النباتات البرية يمكن أن تستفيد من وجود الأسماك. فعلى الساحل الغربي للولايات المتحدة، يعمل سمك السلمون العائد إلى الجداول الصغيرة بعد قضاء عدة سنوات في البحر كحزام ناقل للمغذيات. حيث لا تتغذى الحيوانات على سمك السلمون فقط مثل الدببة، ولكن أيضًا على النباتات التي تحد مجاري المياه؛ فقد أظهرت الدراسات أن بعض النباتات تحصل على 70 % من النيتروجين من سمك السلمون الذي يموت على ضفاف النهر أو بالقرب منه.

ويعتمد البشر أيضًا على الأسماك كمصدر للغذاء. إذ تعد الأسماك ومنتجات المأكولات البحرية الأخرى مصدرًا مهمًا للبروتين لنحو 3 مليارات شخص.

لقد كان البشر يأكلون ويتبعون الأسماك في جميع أنحاء العالم منذ آلاف السنين.

وتحافظ الأسماك على موائلها هي أيضًا؛ فعندما تبحث الأسماك نفسها عن الطعام، يمكنها إنشاء موائل مهمة للكائنات الحية الأخرى والحفاظ عليها. ففي النظم البيئية للشعاب المرجانية، تتحكم الأسماك التي تأكل النباتات في نمو الطحالب عن طريق رعيها باستمرار. فبدون مساعدة هذه الحيوانات العاشبة، أو الأسماك التي تأكل النباتات، ستنمو الطحالب بسرعة وتخنق المرجان، وتقتله فعليًا. وهناك نوع واحد من الأسماك العاشبة هو (السمك الببغائي) يتغذى مباشرة على الشعاب المرجانية.

وقد يبدو هذا سيئًا بالنسبة للشعاب المرجانية، لكن الرعي الذي تقوم به الأسماك الببغائية يمكن أن يزيد في الواقع معدل نمو مستعمرة المرجان؛ فقد تبين أن البراز الناتج عن السمك الببغائي مغذٍ بشكل خاص للشعاب المرجانية. إذ يشكل براز سمك الببغاء أيضًا جزءًا من الشواطئ الرملية البيضاء الجميلة التي قد نستمتع بها.

وهناك موائل لأسماك وكائنات تختبئ في الرمال يمكن اكتشافها عند تحريك الرمال، وهي مصدر آخر لتغذية الأسماك والحيوانات الأخرى.

وعلى الرغم من أن العديد من أنواع الأسماك تقتصر على المحيط، إلا أنه يمكن الشعور بوجودها في العديد من الموائل. ويمكن أن تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على حياة الكائنات الحية التي تعتمد عليها في الغذاء والمأوى. فبدون الأسماك، ستفقد الأرض تدريجيًا شواطئها ذات الرمال البيضاء الجميلة، وستمتلئ النظم البيئية للشعاب المرجانية بالطحالب، ولن يجد الكثير من الناس الطعام ليأكلوه، وسنفقد بعضًا من أروع المخلوقات على هذا الكوكب.

هل يؤدي تحمّض المحيطات لاختفاء الطحالب ؟!

أوضحت مجموعة من الباحثين بشؤون البيئة بجامعة غوتنبرغ السويدية، أن تحمّض المحيطات يمكن أن يؤدي إلى اختفاء الطحالب. وأن اختفاءها قد يؤثر في المستقبل على حالة النظم البيئية الساحلية فيتغير محيط الكائنات البحرية، وذلك وفق ما أفادت مجلة «كارنت بايولوجي» العلمية.

فقد اكتشف العلماء أن الزيادة في حموضة المحيطات نتيجة لتغير المناخ ستؤدي إلى تسريع عملية إزالة الكالسيوم من سيقان الأعشاب البحرية المسماة «فوكس»، ما يجعلها أكثر هشاشة.

وأفاد الباحثون في دراستهم الجديدة «اكتشفنا أن عملية تحمض المحيط العالمي تؤثر على قوة وبنية سيقان الطحالب، ويمكن أن تؤثر بشكل جذري على حالة النظم البيئية الساحلية. إذ يمكن لهذه العمليات أن تقلل إلى حد بعيد من مساحة القعر المغطى بالنباتات، ما سيؤثر سلبا على الكائنات الحية الاخرى التي تستخدم الطحالب كمأوى ومصدر للغذاء».

وفي هذا الاطار، توقع فريق الدراسة الذي كان بقيادة البروفيسور هنريك بافيا الاستاذ بالجامعة، أثناء رصد كيفية استجابة الطحالب البنية من نوع Fucus vesiculosus لزيادة نسبة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الماء «أن تنشأ مثل هذه الظروف مع بداية القرن المقبل». ومن أجل ذلك قاموا بزراعة الطحالب في بيئة مماثلة، ثم قاموا بدراسة بنيتها.

وقد أظهرت الدراسة أن الزيادة الثلاثية بنسبة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الماء أدت إلى تغيرات كبيرة في حياة كائنات الفوكس، وكان بعضها ملحوظا بالعين المجردة. وعلى وجه الخصوص، وجد العلماء أن زيادة نسبة تركيز ثاني أكسيد الكربون تزيد من كفاءة عملية التمثيل الضوئي وتسرّع نمو الكتلة الحيوية للفوكس، بالإضافة إلى زيادة مساحة سيقانها وتغيير بنيتها المجهرية بشكل خطير.

وقد أثرت هذه التغييرات المجهرية سلبا على بقاء النباتات، حيث أصبحت سيقان نبتات الفوكس أكثر هشاشة، ونتيجة لذلك بدأت تنخفض قدرتها على تحمل صدمات الموجات وغيرها من مظاهر الطبيعة. وكان ذلك ينطبق بشكل خاص على الطحالب التي تنمو في الأماكن المفتوحة، حيث انخفضت فرص بقائها على قيد الحياة إلى أكثر من النصف.

كما لاحظ العلماء أن مثل هذه التغييرات، مرتبطة بتحمض المحيط العالمي الذي يسرّع عملية إزالة الكالسيوم والمغنيسيوم من خلايا الفوكس.

جدير بالذكر، تلعب مركبات هذه العناصر الكيميائية دورا مهما في تكوين الألياف التي تشكل أساسا لسيقان الطحالب، لذا فإن نقصها يقلل من قوة سيقانها. وسيحدث شيء مماثل، حسب علماء البيئة، لطحالب أخرى، ما سيؤثر سلبا على بقائها في النظم البيئية الساحلية إذا لم يتم وقف تغير المناخ.

لماذا الطحالب ضرورية لعالم النبات؟

تعتبر الطحالب نباتات صغيرة غالباً ما يجرى تجاهلها أو التعامل معها بصفتها آفة الأعشاب، ومع ذلك فهي تشبه بـ»بطل خارق» لعالم النبات، حسب «صحيفة الغارديان» البريطانية. وتساعد الطحالب في مكافحة تلوث الهواء وأزمة المناخ، والحفاظ على صحة التربة، واستعمار الأرض الجرداء تمهيدا لنمو النباتات الأخرى، ويمكنها أن تعيش في بيئات قاسية تتراوح بين الصحارى والمناطق القطبية.

وتفتقر الطحالب إلى الجذور السليمة وتمتص كل غذائها مثل الإسفنج من خلال أوراقها، مما يجعلها جيدة بصفة خاصة في التغذي بالملوثات والجسيمات الدقيقة من الغبار في الهواء. وهي تمتص ما يصل إلى 20 مرة مثل وزنها في الماء، وعندما يتبخر ذلك فإنها تُبرد الهواء المحيط بها بما يصل إلى 2 درجة مئوية.

الطحالب تساعد في مكافحة تلوث الهواء (شايترستوك)

ووجدت دراسة استقصائية عالمية أجريت أخيراً أنه من المقدر أن تمتص الطحالب كمية من الكربون في طبقة التربة تزيد عن 6.43 بليون طن وتخزنها في بقع مكشوفة من التربة، وهو ما يمثل 6 أضعاف انبعاثات الكربون العالمية السنوية الناجمة عن التغيرات في استخدام الأراضي مثل الزراعة، وإزالة الغابات والتحضر والتعدين على الصعيد العالمي.

وتتسم التربة المغطاة بالطحالب بمستويات أعلى من العناصر المغذية الرئيسية، ومعدلات أسرع لتحلل المواد العضوية، وتربط جزيئات التربة معا لتجنب التآكل، وحالات أقل من الأمراض النباتية التي تنتقل عن طريق التربة في المتوسط مقارنة بالتربة الخالية من الطحالب.

مضادات أكسدة طبيعية مستخلصة من الطحالب الحمراء لعلاج أمراض القلب

أشار بيان للمكتب الإعلامي لوزارة العلوم والتعليم العالي الروسية، إلى أن علماء بمعهد الفيزياء الحيوية النظرية والتجريبية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، اختبروا بنجاح عقارا يسمى «أستاكزانتين» (Astaxanthin) مستخلصا من الطحالب الحمراء، اتضح لهم أنه مضاد طبيعي للأكسدة يساعد على حماية مكون مهم من مكونات الخلية (الميتوكوندريا) ويمكن استخدامه كعلاج إضافي لأمراض القلب.

ومن أجل المزيد من التوضيح، قالت الدكتورة يوليا بابورينا كبيرة الباحثين في مختبر التنظيم الدوائي للمقاومة الخلوية «لقد حددنا البروتينات التي تغير مكوناتها في الميتاكوندريا بقلب الجرذان التي تعاني من قصور القلب (يحدث بسبب حقن الأيزوبروتيرينول). فاكتشفنا أن بروتين البروهيبتين يغير محتواه أثناء الإجهاد التأكسدي الناجم عن الأيزوبروتيرينول. وقد أعاد استخدام الأستاكزانتين مستوى البروتين في الميتوكوندريا إلى ما كان عليه قبل الاختبار. وهذا يدل على أن بروتين البروهيبتين يمكن أن يكون هدفا له»، وذلك وفق ما ذكرت وكالة أنباء «تاس» الروسية.

وأضاف البيان «غالبا ما يلاحظ ضعف الميتوكوندريا في حالة أمراض القلب، ما يؤدي إلى انخفاض إنتاج الأدينوسين الثلاثي الفوسفات (ATP)؛ وهو مادة تعمل بمثابة ناقل للطاقة في الخلية. لذلك، لحماية القلب، من المهم للغاية حماية الميتوكوندريا».

جدير بالذكر، أن الأستاكزانتين يزيد من محتوى بروتين البروهيبتين؛ الذي بدوره يعزز اندماج غشاء الميتوكوندريا الخارجي، مع تحسين الحالة الوظيفية للميتوكوندريا. فيما تشير آلية العمل الوقائي للأستاكزانتين إلى احتمال استخدامه للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية وعلاجها.

كيف نحمي أطفالنا البدناء من الإصابة بأمراض القلب؟

تنتقل السمنة في مرحلة الطفولة وما يصاحبها من مشاكل لمرحلة البلوغ، فالأطفال الذين يعانون السمنة المفرطة أكثر عرضة أيضاً للإصابة بالسمنة عندما يصبحون بالغين بخمس مرات، مقارنة بأقرانهم الذين يتمتعون بصحة جيدة، وفق نتائج وثيقة علمية صادرة عن خبراء أمراض القلب والسمنة، نشرت (الأربعاء) بالمجلة الأوروبية لأمراض القلب.

وكما أفادت الوثيقة التي تم إنتاجها من قبل فريق العمل المعني بصحة الطفولة التابع للرابطة الأوروبية لأمراض القلب (EAPC)، فإن الطفولة فرصة سانحة لعلاج السمنة قبل أن يصبح الضرر الذي تسببه لا رجعة فيه.

وتؤكد الوثيقة على الحاجة لمعالجة السمنة وعوامل الخطر المصاحبة لها معاً، لأن وجود أكثر من مشكلة يزيد من احتمالية الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية (CVD) في مرحلة البلوغ.

وقال الباحث الأول للوثيقة، البروفسور هينر هانسن، من جامعة بازل بسويسرا: «إن السمنة مدفوعة إلى حد كبير بمزيد من الخمول البدني، كما أنها ترتبط بزيادة انتشار ارتفاع ضغط الدم ودهون الدم وجلوكوز الدم في الطفولة».

وأضاف: «هذا المزيج من العوامل الممرضة يرتبط بدوره بتلف الشرايين والقلب، وفي حين يمكن عكسه من خلال ممارسة الرياضة لدى الأطفال، قبل أن تصبح فرص ذلك أقل بكثير عند البلوغ».

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن السمنة في مرحلة الطفولة آخذة في الارتفاع، فبينما كان أقل من 1 في المائة من الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و19 عاماً يعانون السمنة المفرطة عام 1975، كان أكثر من 124 مليوناً (6 في المائة فتيات و8 في المائة من الأولاد) يعانون السمنة عام 2016.

وتنص الورقة البحثية على أن «الوقاية من أمراض القلب التاجية لدى البالغين من خلال التدخلات في مرحلة الطفولة تدعمها حقيقة أن العادات الغذائية والتفضيلات الغذائية تتشكل بوقت مبكر من الحياة، وأننا نميل للحفاظ على نمط الحياة والعادات الغذائية المرتبطة بالعائلة طوال فترة حياتنا».

توصي الوثيقة أن يمارس الأطفال في سن المدرسة 60 دقيقة على الأقل يومياً من النشاط البدني المعتدل إلى القوي. ويجب أداء أنشطة تقوية العضلات ثلاث مرات على الأقل بالأسبوع، كما يجب أن يكون الوقت المخصص للشاشات محدوداً.

وفيما يتعلق بالنظام الغذائي، تقول الوثيقة إنه يجب على الأطفال تناول وجبة إفطار كافية، وتناول ثلاث وجبات، وتجنب تناول الطعام بين الوجبات، وبما لا يزيد عن وجبتين خفيفتين باليوم، والحد من أحجام الحصص الغذائية، وتجنب الأطعمة الغنية بالطاقة والفقيرة بالمغذيات مثل عصائر الفاكهة أو الوجبات السريعة، وضرورة تناول الفاكهة والخضراوات والحبوب الغنية بالألياف.

سر إصابة شباب أصحاء بأمراض القلب

نجحت دراسة حديثة في تحديد مسار جزيئي جديد يفسر كيف يمكن لطفرة في الجين ACTA2 أن تقف وراء إصابة شباب في الثلاثينات من العمر، ويتمتعون بمستويات طبيعية من الكوليسترول، ولا توجد لديهم عوامل خطر أخرى، بمرض الشريان التاجي.

قالت ديانا ميليويتش، كبيرة باحثي الدراسة وأستاذة ومديرة قسم علم الوراثة الطبية في كلية ماكغفرن الطبية بجامعة تكساس، في تصريحات منشورة على موقع الجامعة، أمس (الجمعة): «لقد كانت مفاجأة عندما اكتشفنا أن الأشخاص الذين لديهم تلك الطفرة الجينية يعانون من تصلب الشرايين في سن مبكرة، رغم أنه ليس لديهم أي عوامل خطر أخرى تتعلق بالمرض».

وكانت دراسة سابقة أجريت عام 2009 وجدت أن عدداً من الطفرات في الجين ACTA2 تزيد من احتمالات إصابة البشر بمرض الشريان التاجي المبكر (30 عاماً أو أصغر).

ووفق الدراسة الجديدة المنشورة في «مجلة القلب الأوروبية»، فإن تصلب الشرايين ينتج عن تراكم للدهون والكوليسترول ومواد أخرى على جدران الشرايين. ويمكن أن يتطور بمرور الوقت، ولا يعرف معظم الناس أنهم مصابون به حتى يُصابوا بنوبة قلبية أو سكتة دماغية.

وتشمل عوامل الخطر التقليدية للإصابة به ارتفاع الكوليسترول وضغط الدم، والسكري، والتدخين، والسمنة، وعدم ممارسة الرياضة، واتباع نظام غذائي غني بالدهون.

يوجد الجين ACTA2 عادةً في خلايا العضلات الملساء التي تبطّن الشرايين وتسمح لها بالانقباض للتحكم في ضغط الدم وتدفقه. وجد باحثو الدراسة أن البروتين المُشَفر بواسطة هذا الجين لا يتم طيُّه بشكل صحيح بسبب هذه الطفرة الجينية، ويؤدي إلى إجهاد في خلايا العضلات الملساء، ما يجبر الخلايا على إنتاج المزيد من الكوليسترول بغض النظر عن مستويات الكوليسترول في الدم، ما يقود إلى تشكيل لويحات تصلب الشرايين.

تعلق ميليويتش على الأمر بقولها: «هذا الاكتشاف فريد من نوعه؛ إذ إنه يفسر لماذا تحمي العقاقير المخفضة للكوليسترول الأشخاص من النوبات القلبية، حتى أولئك الأشخاص الذين تكون مستويات الكوليسترول في الدم لديهم طبيعية».

وتشدد على أنه «يمكن أن تكون تقنيات تصوير الكالسيوم القلبي لدى الأفراد المصابين بتلك الطفرات أداة تشخيصية مبكرة مفيدة لمراقبة تطور تصلب الشرايين المبكر لدى هؤلاء الأشخاص، وهذا من شأنه أن يسمح للأطباء بأن يقرروا في أي عمر يبدأ هؤلاء المرضى في تناول العقاقير المخفضة للكوليسترول».

مناجم في المحيطات

في رواية «عشرون ألف فرسخ تحت الماء» للكاتب الفرنسي جول فيرن، أعلن الكابتن نيمو عن وجود مناجم من الزنك والحديد والفضة والذهب في أعماق المحيط «سيكون استغلالها سهلاً للغاية». وبينما كانت تقديرات جول فيرن محقّة حول وفرة الموارد البحرية، إلا أن الحصول عليها ليس بالأمر البسيط وقد يكون ثمنه فادحاً.

يتطلّب تحقيق أهداف اتفاقية باريس المناخية زيادة إنتاج الليثيوم والكوبالت والغرافيت بمعدل 5 أضعاف بحلول 2050. وقد يكون من الصعب على مناجم اليابسة تلبية هذا الطلب، ما سيجعل التعدين في البحار أكثر احتمالاً. ومع سعي الشركات لتلبية الطلب المتزايد على هذه المعادن، التي تدخل في صناعة البطاريات والألواح الشمسية، بدأ سباق عالمي محموم للحصول على حقوق التعدين في المحيطات. ويصِف كثيرون هذا السباق على أنه «حمّى ذهب» جديدة ستكون على حساب الطبيعة.

ومنذ ستينات القرن الماضي، ازداد الاهتمام بمعادن المحيطات، حيث أُطلقت الدعوات للتعامل مع الموارد البحرية العميقة بوصفها «تراثاً مشتركاً للبشرية»، وطالبت بوجود نظام مراقبة دولية للحيلولة دون قيام الدول المتقدمة بالسيطرة على هذه الموارد واحتكارها، بما يعود بالضرر على الدول النامية. وفي السبعينات أدى انهيار الأسعار العالمية للمعادن، وسهولة الحصول على المعادن من الدول النامية، إلى تراجع الاهتمام باستخراج المعادن من المحيطات.

وفي عام 1994 تأسست «الهيئة الدولية لقاع البحار»، بموجب اتفاق أممي تحت مظلة اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. وتتمثّل المهمة الأساسية للهيئة في تنظيم استكشاف واستغلال المعادن في قاع البحر العميق خارج حدود الجرف القاري والمناطق الاقتصادية الخالصة للدول. وبموجب هذا التعريف تشمل وصاية الهيئة ما يزيد قليلاً على نصف مساحة البحار على وجه الكوكب. وخلال السنوات القليلة الماضية عاد الاهتمام من جديد بثروات قاع البحار بفضل التقدم التكنولوجي في عمليات استخراج ومعالجة المعادن البحرية، والنمو المتوقع في الطلب على المعادن وتعقيدات الحصول عليها.

ويركّز الاهتمام التجاري حالياً على 3 أنواع من الرواسب المعدنية البحرية. وتشمل المركّبات العديدة المعادن، ومنها المنغنيز والحديد والنحاس والنيكل والكوبالت والرصاص والزنك والموليبدينيوم والليثيوم والتيتانيوم والنيوبيوم وغيرها، وهي مدفونة غالباً في الرواسب الناعمة. وأهم مواقعها منطقة «كلاريون كليبرتون زون» في شرق المحيط الهادئ، على أعماق تتراوح بين 3500 و5500 متر، التي تحتوي على رصيد من النيكل والمنغنيز والكوبالت قد يفوق مجموع ما هو موجود منها على الأرض.

وتشمل الرواسب المعدنية البحرية أيضاً الكبريتيدات المتعددة المعادن، وهي غنية بالنحاس والحديد والزنك والفضة والذهب، وتوجد على حدود الطبقات التكتونية وفي المناطق الناشطة بركانياً على عمق نحو 2000 متر. وتحتوي هذه المناطق على أنظمة المداخن البركانية الحارّة، التي تعتمد فيها البكتيريا على كبريتيد الهيدروجين كمصدر للطاقة، وتشكّل أساساً للهرم الغذائي، الذي يضم مجموعة متنوعة من الديدان الأنبوبية العملاقة والقشريات والرخويات وغيرها، وهي ذات قيمة إحيائية فريدة.

أما النوع الثالث من الرواسب المعدنية البحرية فهي قشور الكوبالت، التي تتشكّل من ترسب معادن مياه البحر على عمق ما بين 400 و7000 متر، وتحتوي على الحديد والمنغنيز والنيكل والكوبالت والنحاس والعديد من المعادن النادرة. وهي موجودة على نحو خاص في سلاسل الجبال البحرية في ماجلان في المحيط الهادئ، وشرق اليابان، وجزر ماريانا.

تعدين بحري في غياب التشريعات

بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، لا يجوز القيام بالتنقيب عن معادن قاع البحار واستغلالها إلا بموجب عقد مبرم مع الهيئة الدولية لقاع البحار. وقد قامت الهيئة بوضع لوائح أولية، تلحظ فقرات تتعلق بحماية البيئة، لتنظيم عمليات التنقيب. وأصدرت حتى الآن 31 تصريحاً للتنقيب في المحيط الهادئ والمحيط الهندي والمحيط الأطلسي، ومن المتوقع أن تبدأ عمليات التعدين في «كلاريون كليبرتون زون» مع نهاية 2024.

وتخطط الشركات لتعدين عقيدات الفلزات في «كلاريون كليبرتون زون» عن طريق شفطها في آلات تعدين بحجم حافلة تسير على قاع البحر وتضخ العقيدات إلى السطح. لكن عملية «الحصاد» هذه تبدو من العشوائية بأنها قد تدمّر موائل الكائنات الحية في المنطقة التي تضم أنواع الإسفنج المختلفة، والديدان المتعددة الرؤوس، والشعاب المرجانية، ومخلوقات أعماق البحار.

ويقول علماء إن عمليات التعدين غير المنظمة يمكن أن تسبب ضرراً لا رجعة عنه للموائل، لأن العقيدات تستغرق ملايين السنين لتتشكل عبر ترسيب المعادن الذائبة، وسيؤدي التعدين إلى اندثار المخلوقات التي تعيش على العقيدات. كما ستتسبب العملية في إثارة أعمدة الرواسب التي ترتبط بالمعادن، وتوليد ضوضاء وضوء يمكن أن يمتد أثره الضار إلى أماكن تبعد كثيراً عن مواقع التعدين.

وتسببت خطط التعدين في «كلاريون كليبرتون زون» بمطالبات لوضع لوائح نهائية للتعدين تراعي الاعتبارات البيئية. وبدأ هذا مع طلب الدولة الجزرية الصغيرة ناورو، التي تعمل كراعٍ لإحدى شركات التنقيب، إذن تعدين في أعماق البحار عام 2021. وتنص فقرة في القانون الدولي على قيام الهيئة الدولية لقاع البحار باستكمال لوائح التعدين الخاصة بها خلال سنتين من طلب الإذن، وفي حال تعذّر ذلك يجب على الهيئة الموافقة مؤقتاً على منح التصريح التجاري.

وفي 9 يوليو (تموز) انقضى الموعد النهائي الذي فرضته ناورو للوصول إلى توافق دولي على اللوائح النهائية للتعدين، ما سيجعل عمليات التعدين في قاع البحر تبدأ من دون وجود تشريعات دولية فعّالة. ويضع فشل المفاوضات الهيئة الدولية لقاع البحار في موقف حرج إزاء تعريض صحة النظم البيئية في أعماق البحار للخطر، لا سيما أن أكثرها غير مستكشف ولا يزال مجهولاً.

وتشير ورقة بحثية إلى أن آلاف الأنواع في منطقة صدع كلاريون كليبرتون في شرق المحيط الهادئ لا تزال غير مصنّفة. ويخلص فحص نحو 100 ألف سجل من العيّنات التي جرى جمعها أو مراقبتها خلال الرحلات الاستكشافية في المنطقة إلى وجود 436 نوعاً حياً فقط جرى تحديدها وتسميتها رسمياً، فيما لا يزال هناك أكثر من 5500 نوع بحاجة إلى تعيين وتوصيف.

وتهتم دراسة أخرى، نشرتها أخيراً مجلة «كارينت بايولوجي»، بالآثار المتبقية للتعدين في أعماق البحر بعد مغادرة المستثمرين. وتتناول هذه الدراسة تجربة التعدين في عام 2020 التي أجرتها هيئة المسح الجيولوجي اليابانية في عمق البحر على مسافة 1900 جنوب شرقي طوكيو، وذلك باستخدام آلة تعدين صغيرة لمدة ساعتين. وقد وجدت هذه الدراسة أن الأسماك والكائنات المتحركة الأخرى كانت لا تزال أقل وفرة بنسبة 43 في المائة في منطقة التعدين، و56 في المائة في المناطق المجاورة حتى 150 متراً، رغم مرور أكثر من سنة على التجربة القصيرة.

إن النظم البيئية البحرية تواجه حالياً تهديدات تفوق قدراتها، من تغيُّر المناخ وتحمُّض المحيطات إلى التلوُّث والحفر البحري، إلى جانب ضغوط الشحن وصيد الأسماك. وتتعرض عوالم ما تحت الماء بالفعل لمخاطر لا حصر لها ناتجة عن النشاط البشري، وقد تكون عمليات التعدين الوشيكة قاصمة للنظم البيئية والكائنات البحرية التي لا يزال أكثرها مجهولاً. لكن التخريب ليس قدراً محتوماً، إذ يمكن تجنبه من خلال تشريعات تفرض ضوابط على عمليات التعدين البحري، بحيث توازن بين استثمار الموارد الضرورية للتنمية على نحو مستدام يحفظ سلامة البيئة البحرية.