8 سنوات من التحوّل... تفاصيل من الحقبة السعودية الخضراء

زراعة أكثر من 49 مليون شجرة... واستصلاح ما يزيد على 94 ألف هكتار

عمليات تشجير في طريق الملك فهد بالعاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
عمليات تشجير في طريق الملك فهد بالعاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
TT

8 سنوات من التحوّل... تفاصيل من الحقبة السعودية الخضراء

عمليات تشجير في طريق الملك فهد بالعاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
عمليات تشجير في طريق الملك فهد بالعاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

عبر الحفاظ على الموارد الطبيعية، وحماية الغطاء النباتي وتنميته، وتقليل التعديات عليه، واستعادة التنوع الأحيائي وتعزيز نمائه وازدهاره، وحماية الموائل الفريدة والمحميات الطبيعية، الأمر الذي يسهم في التخفيف من آثار التغير المناخي، والحد من التصحر؛ أظهرت السعودية أن خطواتها في طريق التحول إلى الاستدامة البيئية كانت تسير وفقاً لخطط مدروسة مبنية على التوجهات التي رسمتها «رؤية 2030».

ورصدت «الشرق الأوسط» أرقاماً حديثة تظهر مستوى التقدّم في مشاريع البيئة والطبيعة منذ إعلان «رؤية 2030»، لتشمل زراعة أكثر من 49 مليون شجرة في مختلف مناطق البلاد، واستصلاح أكثر من 94 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة، و18.1 في المائة من المناطق البرية أصبحت محميّات طبيعية، و6.49 من المناطق البحرية أصبحت محميّات طبيعية، وإعادة توطين 1660 حيواناً مهدّداً بالانقراض، بالإضافة إلى ولادة 7 من صغار النمر العربي على أرض المملكة.

ونتيجةً للعمل على التحول في الغطاء النباتي، يبرز أحد الأرقام المهمة، الذي يظهر أن مساحة الغطاء النباتي المعاد تأهيله بنهاية العام الماضي، بلغت 192.4 ألف هكتار لتطغى على المستهدف الذي كان 69 ألف هكتار، بالإضافة إلى أكثر من 975 هكتاراً من مدرجات زراعية في الجنوب الغربي للبلاد مؤهّلة ومجهزة بتقنيات حصر مياه الأمطار، فضلاً عن غرس أكثر من 3 ملايين شتلة برية.

أكثر من 975 هكتاراً من مدرجات زراعية في الجنوب الغربي للبلاد مؤهّلة ومجهزة بتقنيات حصر مياه الأمطار (الشرق الأوسط)

مؤسسات ترسخ التغيير

شأنه شأن القطاعات التنموية الرئيسية في التنمية التي تشهدها السعودية، انطلقت مسيرة التحول في القطاع البيئي منذ عام 2016 تقريباً؛ إذ تم إصدار عدة أنظمة وتشريعات داعمة، بدأت بالأمر الملكي بتغيير اسم وزارة الزراعة لتصبح «وزارة البيئة والمياه والزراعة»، ونقل المسؤولية عن البيئة والمياه إليها.

وفي العام نفسه، تم تنفيذ «مبادرة برنامج الملك سلمان للتوعية البيئية والتنمية المستدامة»، التي تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة، وتعزيز التنمية المستدامة، كما أنشئ برنامج وطني لبناء قدرات الجهات الحكومية في رصد وقياس مؤشرات توطين التنمية المستدامة في المملكة، إضافةً إلى تدشين الاستراتيجية الوطنية للبيئة، التي كانت بمثابة خريطة طريق نحو التطوّر في القطاع البيئي.

أكبر مشروع إعمار بيئي

لم يتوقف قطار الإنجازات يوماً منذ أن ولَّت المملكة وجهها شطر المجال البيئي فمنحته اهتماماً كبيراً، انعكس جليّاً في المؤسسات والجهات التي كانت دعائم صلبة لعهد جديد وتحول غير مسبوق في القطاع البيئي، فعلى سبيل المثال تم إنشاء «معهد الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء»، الذي يُعَدُّ واحداً من أهم المشروعات النوعية في مجال دعم البحوث العلمية والتطبيقية في مجالات البيئة والمياه والصحراء، إضافة إلى إنشاء صندوق أبحاث للطاقة والبيئة، يدعم البحوث والابتكارات في مجال الطاقة المستدامة وحماية البيئة، كما تُعَدُّ المملكة صاحبة أكبر مشروع إعمار بيئي في التاريخ، وهو المشروع المتعلق بإصلاحات ما بعد حرب الخليج لعام 1990-1991؛ إذ استثمرت أكثر من 1.1 مليار دولار في إصلاح الأضرار البيئية الناجمة عن الحرب.

نجحت السعودية في استصلاح أكثر من 94 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة (الشرق الأوسط)

5 مراكز بيئية

تُوِّجَت جهود الارتقاء بالقطاع البيئي في المملكة بخلق تحوُّل جوهري في الأطر المؤسسية بهدف ضمان جودة التنفيذ والاستدامة، وذلك عبر إنشاء 5 مراكز متخصصة في المجالات البيئية وإنشاء صندوق البيئة والقوات الخاصة للأمن البيئي، وشملت المراكز «المركز الوطني للأرصاد، والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، والمركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي، إضافةً إلى المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، والمركز الوطني لإدارة النفايات».

بيئة متنوّعة لتوازن فعال

صدر أمر ملكي في يونيو (حزيران) 2018، بإنشاء مجلس للمحميات الملكية في الديوان الملكي السعودي، برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وذلك في إطار اهتمامه بالحفاظ على الثروة البيئية والحياة الفطرية في البلاد، والاهتمام بالتنوع البيولوجي وتوفير توازن بين الحياة الحالية ومستقبل البيئة.

حقبة خضراء

بعدما انتهجت السعودية نهج التحول إلى العصر الأخضر، أطلقت مبادرتين خلّاقتين ستغيّران الواقع المحلي والإقليمي فيما يتعلق بالحقبة الخضراء التي يشهدها العالم، وتطمح البلاد من خلالهما إلى أن تقود دفة التغيير عبر «مبادرة السعودية الخضراء» و «مبادرة الشرق الأوسط الأخضر» حمايةً للبيئة والحياة البرية والثروة الحيوانية، وتعزيزاً للاقتصاد الأخضر، ومكافحة التغير المناخي، وتطبيق الاقتصاد الدائري للكربون، والحفاظ على النظم البيئية، وزيادة المساحات الخضراء.

تشجير أحد التقاطعات الرئيسية في الرياض (الشرق الأوسط)

ومن خلال «مبادرة السعودية الخضراء» تشهد البلاد زراعة 10 مليارات شجرة أو ما يعادل إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، وهي خطوة للمحافظة على التنوع البيولوجي وتحسين جودة الأراضي والموارد الطبيعية محليّاً، كما تسعى إلى زيادة نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30 في المائة من مساحة الأرض الكلية، إضافةً إلى ذلك فإنه طبقاً لـ«رؤية 2030» ستتم إعادة تشكيل المدن السعودية وتحويلها إلى مدن خضراء وذكية بطريقة مستدامة، وتوسيع التخضير في المناطق الحضرية لتحسين جودة الهواء، وتشجيع نمط حياة صحي للمواطنين.

مبادرات «الغطاء النباتي»

أطلق «المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر» على التوالي 7 مبادرات طموحة تسعى لتحقيق أهداف «مبادرة السعودية الخضراء»، شملت أراضي الغطاء النباتي الواقعة تحت إشرافه، وهي مبادرة «إدارة وتنمية الغابات» الهادفة إلى زيادة الغطاء النباتي من خلال إعادة تأهيل 300 ألف هكتار من مناطق الغابات المتدهورة، وإعادة تشجير الوديان والمناطق التي تعرضت لقطع الأشجار بشكل كبير، وزراعة 60 مليون شجرة محلية، ومبادرة «الحفاظ على المراعي» التي تهدف إلى إعادة تأهيل 8 ملايين هكتار من المراعي في 26 موقعاً مختلفاً داخل المملكة، والتقليل من تأثير العواصف الرملية وتحسين الصحة العامة، وتوفير حلول قائمة على الطبيعة لاحتجاز الكربون ومكافحة تغير المناخ والتصحر.

عمليات تشجير في طريق مطار الملك خالد الدولي بالرياض (الشرق الأوسط)

بالإضافة إلى مبادرة «تطوير 50 متنزهاً وطنيّاً» بهدف تقليل انبعاثات الكربون بمقدار 4 ملايين طن ومكافحة التصحر، واستعادة التنوع البيولوجي. وتأتي مبادرة «زراعة 7 ملايين شجرة بالمحميات الملكية» لتستهدف التعاون مع المحميات الملكية لزراعة ملايين الأشجار البرية في المحميات الملكية، والتقليل مِن انبعاثات الكربون بمقدار 2.8 مليون طن، والمساعدة على تحسين نوعية الحياة ودعم السياحة البيئية.

وتهدف مبادرتان أخريان إلى «إشراك القطاعين العام والخاص في التشجير» بغرض المبادرة إلى زراعة وحماية 18 مليون شجرة محلية في المناطق التابعة للقطاع العام على مدى 10 سنوات، بهدف تقليل انبعاثات الكربون بمقدار 7.2 مليون طن، وتوفير حلول قائمة على الطبيعة لاحتجاز الكربون ومكافحة تغير المناخ، علاوةً على زراعة وحماية 40 مليون شجرة محلية على مدى 10 سنوات بالمناطق التابعة للقطاع الخاص، لتقليل انبعاثات الكربون بمقدار 16 مليون طن، والحفاظ على الأنظمة الإيكولوجية والتنوع البيولوجي.

تشجير تقاطع طريق الملك سلمان مع طريق الملك خالد (الشرق الأوسط)

«الرياض الخضراء»

يبرز برنامج «الرياض الخضراء» كأحد مشاريع الرياض الكبرى، التي تستهدف زيادة الغطاء النباتي في الرياض من 1.5 في المائة إلى 9 في المائة؛ ما يعادل 541 كيلومتراً من مساحة العاصمة السعودية، ورفع نصيب الفرد من المساحات الخضراء، وتحسين جودة الهواء، والحد من نسبة التلوث وثاني أكسيد الكربون، وخفض درجة الحرارة، وتخفيض وهج الحرارة المنعكس من سطح الأرض حتى 15 درجة مئوية، عبر زراعة 7.5 مليون شجرة، وتشجير 120 حياً سكنياً في الرياض، وإنشاء وتطوير مشاتل تتجاوز طاقتها الإنتاجية 3 ملايين شجرة وشجيرة، والعديد من العوامل الأخرى. وقد حقّق البرنامج تقدّماً في المستهدفات التي جاءت ضمن معايير دقيقة لاختيار الأشجار والشجيرات، وانعكست بأثر بيئي واجتماعي واقتصادي، يظهر من خلال الصور التالية:

من عمليات التشجير في طريق الملك خالد (الشرق الأوسط)


مقالات ذات صلة

«البحر الأحمر» يستقبل 2000 فيلم وتكريم خاص لمنى زكي وفيولا ديفيس

يوميات الشرق جانب من المؤتمر الصحافي لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر» يستقبل 2000 فيلم وتكريم خاص لمنى زكي وفيولا ديفيس

أطلق مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي نسخته الرابعة بحلة جديدة تحت شعار «للسينما بيت جديد» من قلب مقره الجديد في المنطقة التاريخية بمدينة جدة.

سعيد الأبيض (جدة)
الخليج الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء السعودي في الرياض (واس)

السعودية تجدد دعوتها دول العالم للانضمام لتحالف «حل الدولتين»

جدد مجلس الوزراء السعودي، الثلاثاء، التأكيد على وقوف بلاده إلى جانب الأشقاء في فلسطين ولبنان، لتجاوز التبعات الإنسانية الكارثية جراء العدوان الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق يشارك في المعرض 17 فناناً سعودياً من أجيال مختلفة (هيئة المتاحف)

البرازيل تحتضن أوّل معرض متجوّل للفن السعودي المعاصر

معرض «فن المملكة» أوّل معرض متجوّل للفن السعودي المعاصر الذي أطلقته «هيئة المتاحف السعودية» في أروقة القصر الإمبراطوري في البرازيل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص نائب وزير الخارجية الإندونيسي محمد أنيس متى (تصوير: تركي العقيلي)

خاص إشادة إندونيسية بمخرجات قمة الرياض العربية - الإسلامية

شدّد محمد أنيس متى، نائب وزير الخارجية الإندونيسي، على أن القمة العربية الإسلامية جاءت على قدر تطلّعات المشاركين.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
الخليج صورة للقادة المشاركين في القمة العربية والإسلامية (د.ب.أ)

محمد بن سلمان: جرائم إسرائيل تقوّض السلام في المنطقة

الرياض: غازي الحارثي وعبد الهادي حبتور وجبير الأنصاري وإبراهيم أبو زايد

غازي الحارثي (الرياض) عبد الهادي حبتور (الرياض) جبير الأنصاري (الرياض) إبراهيم أبو زايد (الرياض)

أذربيجان تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «كوب 29»

أشخاص يمرون أمام مقرعقد مؤتمر «كوب 29» في باكو (أ.ب)
أشخاص يمرون أمام مقرعقد مؤتمر «كوب 29» في باكو (أ.ب)
TT

أذربيجان تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «كوب 29»

أشخاص يمرون أمام مقرعقد مؤتمر «كوب 29» في باكو (أ.ب)
أشخاص يمرون أمام مقرعقد مؤتمر «كوب 29» في باكو (أ.ب)

تستضيف أذربيجان «مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ» (كوب 29)، الذي ينطلق الاثنين ويستمر حتى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.

ويتوافد دبلوماسيون من أنحاء العالم على العاصمة باكو لحضور القمة المناخية التي تعقد سنويا، لمناقشة سبل تجنب التهديدات المتزايدة التي يفرضها التغير المناخي.

كانت باكو المكان الذي شهد تطوير أول حقول النفط في عام 1846 عندما قادت أذربيجان العالم في مجال إنتاج النفط عام 1899.

وقالت كيت ووترز، المديرة التنفيذية لمنظمة «كرود أكونتبليتي»، التي تراقب القضايا البيئية إن منطقة بحر قزوين مهددة بيئياً، وأضافت أن المراقبة البيئية في أذربيجان ضعيفة.

وقبل الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022، كانت موسكو تورد نحو 40 في المائة من حاجات أوروبا من الغاز الطبيعي عبر أربعة خطوط أنابيب، وقد جرى تعطيل معظم هذه الإمدادات.

وصبت هذه التطورات في مصلحة أذربيجان ومنحتها فرصة دسمة. وقد أبرم الاتحاد الأوروبي صفقة معها في وقت لاحق من ذلك العام لمضاعفة وارداته من الغاز الأذري لتصل إلى عشرين مليار متر مكعب سنويا بحلول 2027. لكن هناك تساؤلات بشأن قدرة أذربيجان على الوفاء بذلك الطلب والخلافات بشأن مدة الصفقة.

وقال مسؤولون في أذربيجان أنه ليس من الإنصاف انتقاد باكو لإنتاجها مزيداً من الوقود الأحفوري في ظل وجود طلب عليه من أوروبا، فيما تسعى الحكومات الوطنية لإبقاء أسعار الوقود في متناول المواطنين.

وكانت الأمم المتحدة قد دعت قبل أيام إلى تكثيف عاجل لجهود التكيف المناخي في قمة باكو، بدءًا بالالتزام بتعزيز تمويل عمليات التكيف.

ويُفترض أن يختتم المؤتمر مع هدف جديد للمساعدات المالية للدول النامية، حتى تتمكن من الحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة المسببة للاحترار المناخي العالمي والتكيف مع تغير المناخ.وسيحل الهدف الجديد مكان الهدف المتمثل بمائة مليار دولار الذي حُدد عام 2009 وتحقق بصعوبة عام 2022.