56 قتيلاً وعشرات المفقودين جراء فيضانات دمرت مئات القرى والجسور والمحطات الحرارية بجنوب البرازيل

ولاية ريو غراندي دو سول تشهد «أسوأ كارثة مناخية في تاريخها»

المركز التاريخي في بورتو أليغري العاصمة الإقليمية (أ.ف.ب)
المركز التاريخي في بورتو أليغري العاصمة الإقليمية (أ.ف.ب)
TT

56 قتيلاً وعشرات المفقودين جراء فيضانات دمرت مئات القرى والجسور والمحطات الحرارية بجنوب البرازيل

المركز التاريخي في بورتو أليغري العاصمة الإقليمية (أ.ف.ب)
المركز التاريخي في بورتو أليغري العاصمة الإقليمية (أ.ف.ب)

الفيضانات وانزلاقات التربة الناجمة عن الأمطار الغزيرة التي ضربت جنوب البرازيل لعدة أيام أودت بحياة 56 شخصاً، على الأقل، وتسببت في فقدان العشرات، كما أعلن الدفاع المدني، السبت. وتسبب ارتفاع منسوب المياه في ولاية «ريو غراندي دو سول» إلى قطع طرق وأضرار بالغة في عاصمة الولاية بورتو أليغري، حيث أمرت السلطات بإخلاء بعض الأحياء التي غمرتها المياه.

وتتركّز الأضرار البشرية والمادية الكبيرة بشكل خاص في المنطقة الوسطى من هذه الولاية الحدودية مع الأرجنتين والأوروغواي.

رجل يقف خارج منزل متضرر من الفيضانات في ريلفادو في ريو غراندي دو سول (رويترز)

وقال الدفاع المدني في وقت متأخر، الجمعة، إن أكثر من 24 ألف شخص نزحوا من منازلهم جراء الفيضانات التي ضربت مئات البلدات في الولاية البرازيلية المنكوبة. وأضاف أن 68 شخصاً ما زالوا في عداد المفقودين في الولاية التي تضررت تقريباً نصف مدنها البالغ عددها 497 مدينة.

وقال إدواردو ليتشي حاكم الولاية للصحافيين، كما نقلت عنه «رويترز»: «هذه الأعداد قد تتغير بشكل كبير خلال الأيام التالية عندما نتمكن من الوصول إلى مزيد من المناطق». وأضاف إدواردو ليتشي في بث مباشر على وسائل التواصل الاجتماعي: «هذا ليس وضعاً حرجاً آخر فحسب، لكن ربما يكون أخطر موقف تتعرض له الولاية». وأضاف أن عدد القتلى سيرتفع على الأرجح؛ لأن السلطات لم تتمكن من الوصول إلى مناطق معينة.

صورة بطائرة من دون طيار تظهر المركبات في المنطقة المتضررة من الفيضانات في إنكانتادو (رويترز)

وتُعد مهمة عناصر الإنقاذ للبحث عن ضحايا وناجين محتملين شاقّة؛ إذ باتت مدن بكاملها معزولة عملياً، ويتعذّر الوصول إليها بسبب استمرار اجتياح الفيضانات لهذه الولاية منذ أيام، وحيث يُتوقّع أن تهطل الأمطار حتى الأحد على أقل تقدير.

وبدأت الأمطار، يوم الاثنين، وتسببت في انهيارات أرضية في بعض المناطق، وتضررت المنازل والجسور، ولا يمكن استخدام كثير من الطرق حالياً. وانهار سد جزئياً، الخميس.

وقد غرقت مناطق سكنية بكاملها، بينما دُمّرت طرق، وجُرفت جسور بسبب الكارثة. والأضرار البشرية والمادية كبيرة، وتتركز خصوصاً في المنطقة الوسطى من هذه الولاية الحدودية.

وأوضح الدفاع المدني في «بورتو أليغرا» عاصمة ولاية جوايبا، أن بحيرة تشكلت بسبب تدفق مياه عدة أنهار، ووصلت لمستوى قياسي بلغ 4.77 متر، مساء الجمعة. وتجاوز هذا الرقم القياسي الذي تحقق في 1941 بسنتيمتر واحد.

متطوعون من عمال البلدية يستخدمون زورق صيد لإنقاذ الحيوانات من الغرق في ولاية ريو غراندي دو سول (أ.ف.ب)

وقالت ماريا لويزا (51 عاماً) التي تعيش في ساو سيباستياو دو كاي، إحدى المناطق الأكثر تضرراً من الفيضانات: «هنا بيتي، وأشعر بألم شديد. قلبي يعتصر ألماً».

وفي بورتو أليغري، العاصمة الإقليمية التي تقطنها نحو 1.5 مليون نسمة، ستكون الكارثة «غير مسبوقة»، وفق ما قال الحاكم إدواردو ليتي. والجمعة، غمرت المياه شوارع في وسط المدينة التاريخي بسبب الفيضان الاستثنائي لنهر غوايبا، حسب مشاهدات «وكالة الصحافة الفرنسية». وتُقدّر السلطات أن مستوى غوايبا قد يبلغ 5 أمتار في الساعات المقبلة، في حين أن الرقم القياسي التاريخي الذي يرجع إلى عام 1941 بلغ 4.71 متر. ووفقاً للحاكم، فإن ولاية ريو غراندي دو سول تشهد «أسوأ كارثة مناخية في تاريخها».

منازل غارقة بالمياه في ولاية ريو غراندي دو سول (رويترز)

وحذرت السلطات المحلية من أن 4 سدود على الأقل تشهد «وضعاً طارئاً، في ظل وجود خطر بأن تنفجر». في كابيلا دي سانتانا، شمال بورتو أليغري، قال راوول ميتزل إن جيرانه اضطُروا إلى التخلي عن مواشيهم. وأضاف: «هم لا يعرفون إذا كانت المياه ستواصل الارتفاع أو ما الذي سيحدث للحيوانات. قد تغرق قريباً». وأنقِذت 4 نساء حوامل في منطقة أغودو، ونُقِلن بهليكوبتر إلى أحد المستشفيات. ومنذ أيام، شهدت أكثر من 250 منطقة رعداً وعواصف مدمرة. ووفقاً لآخر إحصاء أجرته السلطات، تضرر نحو 351 ألف شخص. وأجبر ما مجموعه 23600 شخص على مغادرة منازلهم.

وزار الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا المنطقة، الخميس، واعداً بتوفير «الموارد» البشرية والمادية اللازمة لمواجهة المأساة. ووصف لولا دا سيلفا الكارثة بأنها أحد أسوأ الفيضانات في تاريخ البلاد.

شارع غارق بالمياه في بورتو أليغري بولاية ريو غراندي دو سول (أ.ف.ب)

وغمرت المياه الشوارع تماماً، ودُمرت طرق وجسور في مدن كثيرة. وتسببت العاصفة أيضاً في حدوث انهيارات أرضية وانهيار جزئي لهيكل سد في محطة صغيرة للطاقة الكهرومائية.

وقالت السلطات إن سداً آخر في مدينة بينتو جونكالفيس مُعرَّض أيضاً لخطر الانهيار، وأمرت الأشخاص الذين يقطنون بالقرب منه بإخلاء منازلهم. وتقع الولاية في نقطة جغرافية تلتقي فيها الأجواء الاستوائية والقطبية، ما خلق نمطاً مناخياً تتخلله فترات من الأمطار الغزيرة وأخرى من الجفاف. ويعتقد علماء محليون أن هذا النمط يفاقمه تغير المناخ.

أثرت الفيضانات بشكل رئيسي في ولاية ريو غراندي دو سول بما في ذلك بورتو أليغري العاصمة الإقليمية ما أجبر أكثر من 30 ألف شخص على مغادرة منازلهم (إ.ب.أ)

وهطلت أمطار غزيرة على ريو غراندي دو سول في سبتمبر (أيلول) الماضي حين تسبب إعصار فوق مداري في فيضانات أسفرت عن مقتل أكثر من 50 شخصاً. وجاء ذلك بعد أكثر من عامين من الجفاف المستمر بسبب ظاهرة «النينا» مع ندرة في الأمطار.

وقال الخبير في الشؤون المناخية فرنسيسكو إيليزو أكوينو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، إن العواصف المدمّرة التي تضرب جنوب البرازيل هي نتيجة «مزيج كارثي» من الاحتباس الحراري وظاهرة «إل نينيو» المناخية.

إنقاذ العشرات من المركز التاريخي في بورتو أليغري العاصمة الإقليمية (أ.ف.ب)

وفي سياق متصل، بحث رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا مع الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا معالجة التغير المناخي، في ضوء استضافة البرازيل مؤتمر الأمم المتحدة حول التغير المناخي (كوب 30) العام المقبل. واتفق كيشيدا ولولا على خطة للمساعدة في إنقاذ منطقة الأمازون، بما في ذلك اتخاذ تدابير لمنع إزالة الغابات، واستصلاح الأراضي المتدهورة.

شوارع بورتو أليغري العاصمة الإقليمية (أ.ف.ب)

واتفق الجانبان على إطار عمل ثنائي جديد يهدف إلى مساعدة العالم في جهود إزالة الكربون. وسوف تستفيد اليابان من الوقود الحيوي الذي تنتجه البرازيل والموارد الطبيعية الوفيرة. وستستفيد البرازيل من التكنولوجيات اليابانية المتقدمة، بما في ذلك المحركات الهجينة. يذكر أن البرازيل الواقعة في أميركا الجنوبية بها أكبر عدد في العالم من الأشخاص من أصل ياباني خارج اليابان، ويقدر عددهم بـ2.7 مليون شخص.


مقالات ذات صلة

31 قتيلاً في اليمن جراء السيول وانفجار صهريج غاز

المشرق العربي قتلى ومفقودون إثر انجراف منازلهم بسبب السيول غرب محافظة ذمار اليمنية (إكس)

31 قتيلاً في اليمن جراء السيول وانفجار صهريج غاز

لقي 28 يمنياً حتفهم جراء سيول ضربت غرب محافظة ذمار الخاضعة للحوثيين، كما أدى انفجار صهريج غاز في مدينة عدن، حيث العاصمة المؤقتة للبلاد، إلى مقتل 3 أشخاص.

«الشرق الأوسط» (عدن)
بيئة من أمام مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (رويترز)

منظمتان غير حكوميتين تقاضيان الاتحاد الأوروبي بسبب أهدافه البيئية

قررت منظمتان بيئيتان رفع دعوى قضائية ضد المفوضية الأوروبية لأنها حددت أهدافاً مناخية «غير كافية» للدول الأعضاء في انتهاك لالتزاماتها بموجب اتفاق باريس المناخي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
يوميات الشرق الجزيئات النانوية الذكية تتمتع بخصائص فريدة لامتصاص الغازات الدفيئة وتخزينها (بي بي سي)

تقنية واعدة للحد من الاحتباس الحراري

طوّرت شركة لتكنولوجيا المناخ بالمملكة المتحدة جزيئات نانوية ذكية يمكن «برمجتها» لامتصاص الغازات الدفيئة وتخزينها، بهدف الحد من تأثيرات تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الثلج متنفَّس أيضاً (أ.ف.ب)

مدريد تتيح التزلُّج على وَقْع الصيف الحارق

فيما تتجاوز الحرارة في مدريد 30 درجة، يرتدي عدد من رواد منتجع التزلّج الداخلي «سنوزون» بزات التزلّج وينتعلون الأحذية الخاصة ويضعون القفازات، متجاهلين قيظ الصيف.

«الشرق الأوسط» (أرويومولينوس إسبانيا)
يوميات الشرق يتميّز الجل الجديد بأنه آمن وغير سام (جامعة ستانفورد)

جِل يحمي المباني من حرائق الغابات المتاخمة

طوّر باحثون في جامعة «ستانفورد» الأميركية جلاً مائياً جديداً يمكنه أن يُحدث ثورة في مجال حماية المباني خلال حرائق الغابات المتاخمة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تدوم 100 ألف عام... فنلندا ستدفن النفايات النووية في «مقبرة جيولوجية»

حفرة بعمق 8 أمتار حيث سيتم وضع كبسولة نحاسية للوقود النووي المستنفد في منشأة «أونكالو» بفنلندا (رويترز)
حفرة بعمق 8 أمتار حيث سيتم وضع كبسولة نحاسية للوقود النووي المستنفد في منشأة «أونكالو» بفنلندا (رويترز)
TT

تدوم 100 ألف عام... فنلندا ستدفن النفايات النووية في «مقبرة جيولوجية»

حفرة بعمق 8 أمتار حيث سيتم وضع كبسولة نحاسية للوقود النووي المستنفد في منشأة «أونكالو» بفنلندا (رويترز)
حفرة بعمق 8 أمتار حيث سيتم وضع كبسولة نحاسية للوقود النووي المستنفد في منشأة «أونكالو» بفنلندا (رويترز)

قررت فنلندا البدء في طمر الوقود النووي المستنفد في أول مقبرة جيولوجية بالعالم، حيث سيتم تخزينه لمدة 100 ألف عام، بحسب شبكة «سي إن بي سي».

حاز المشروع الرائد الترحيب باعتباره لحظة فاصلة للاستدامة طويلة الأجل للطاقة النووية و«نموذجاً للعالم بأسره».

وفي مرحلة ما إما في العام المقبل أو في أوائل عام 2026، ستتم تعبئة الوقود النووي المستنفد عالي الإشعاع في عبوات محكمة الغلق وإيداعه في صخور تحت الأرض على عمق أكثر من 400 متر تحت غابات جنوب غرب فنلندا.

سيتم عزل العبوات النحاسية المتينة وفصلها عن البشر وإبقاؤها تحت الأرض لآلاف السنين.

«أونكالو»، وهو الاسم التجاري للمنشأة، هي الكلمة الفنلندية للكهف الصغير أو الحفرة. وهو اسم مناسب للمستودع الذي يقع فوق شبكة من الأنفاق بجوار ثلاثة مفاعلات نووية في جزيرة أولكيلوتو، على بعد نحو 240 كيلومتراً من العاصمة هلسنكي.

تأسست شركة «بوسيفا» في عام 1995، وهي مكلفة مسؤولية التعامل مع عملية التخلص النهائي من الوقود النووي المستهلك.

قال باسي توهيما، مسؤول التواصل في «بوسيفا»، لشبكة «سي إن بي سي»: «في الأساس، يتمثل مشروع (أونكالو) في بناء منشأة للتخلص من الوقود المستنفد. وهذا ليس حلاً مؤقتاً، بل هو للأبد».

وأوضح توهيما أن منشأة التخلص الجيولوجي الأولى من نوعها حظيت باهتمام كبير من جانب الجهات الفاعلة في الصناعة، مستشهداً بما وصفه بـ«النهضة» النووية في السنوات الأخيرة وأزمة الطاقة التي عصفت بأوروبا وأجزاء من آسيا من منتصف عام 2021 حتى أواخر عام 2022. وأضاف: «إن إيجاد حل للتخلص النهائي من الوقود المستهلك كان بمثابة الجزء المفقود من دورة الحياة المستدامة للطاقة النووية».

وقد أثار مشروع «أونكالو» جدلاً حول ما إذا كان بإمكان أي شخص ضمان السلامة طويلة الأجل للنفايات النووية المستهلكة، ومدى استخدام الطاقة النووية في مكافحة أزمة المناخ.

توفر الطاقة النووية حالياً نحو 9 في المائة من كهرباء العالم، وفقاً للجمعية النووية العالمية.

ونظراً لأنها منخفضة الكربون، يزعم المدافعون أن الطاقة النووية لديها القدرة على تأدية دور مهم في مساعدة البلدان على توليد الكهرباء، مع خفض الانبعاثات والحد من اعتمادها على الوقود الأحفوري.

ومع ذلك، تقول بعض الجماعات البيئية إن الصناعة النووية تشكل خياراً مكلفاً وضاراً للبدائل الأرخص والأنظف.