بعد العثور على مواد بلاستيكية دقيقة في دماغ البشر... إلى أي مدى يجب أن نقلق؟

يرجح أن تكون دخلت الجسم من خلال الأنف

مواد بلاستيكية دقيقة (أرشيفية - د.ب.أ)
مواد بلاستيكية دقيقة (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

بعد العثور على مواد بلاستيكية دقيقة في دماغ البشر... إلى أي مدى يجب أن نقلق؟

مواد بلاستيكية دقيقة (أرشيفية - د.ب.أ)
مواد بلاستيكية دقيقة (أرشيفية - د.ب.أ)

تتخلل المواد البلاستيكية الدقيقة البيئة، ويتعرض البشر لها بشكل متكرر. ويجري البحث حول كيفية تراكم المواد البلاستيكية الدقيقة في البشر والمخاطر الصحية المرتبطة بها. وأكدت دراسة حديثة أن المواد البلاستيكية الدقيقة يمكن أن تكون موجودة في بصيلات الشم في الدماغ لدى البشر، بناءً على تحليلهم لـ 15 شخصاً متوفى.

في حين أن المزيد من الأبحاث يمكن أن تساعد في تأكيد هذه النتائج، فإن النتائج تدعم أن المسار الشمي، الذي يتعلق بالرائحة، يمكن أن يكون وسيلة لدخول المواد البلاستيكية الدقيقة إلى الدماغ.

وتشير الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي إلى أن «المواد البلاستيكية الدقيقة عبارة عن قطع بلاستيكية صغيرة يقل طولها عن خمسة ملليمترات».

كما تشير الأدلة إلى أن المواد البلاستيكية الدقيقة قد تنتقل إلى عدة مناطق من جسم الإنسان، مثل مجرى الدم والقولون. ومع ذلك، كما لاحظ الباحثون في هذه الدراسة، «بينما تم اكتشاف المواد البلاستيكية الدقيقة في أنسجة بشرية مختلفة، لم يتم توثيق وجودها في الدماغ البشري».

كانت هذه الدراسة فرصة للبحث عن وجود جزيئات بلاستيكية دقيقة في بصيلات الشم في الدماغ البشري. وتعد بصيلات الشم عنصراً أساسياً في قدرة الناس على الشم. ولاحظ باحثو هذه الدراسة أن المسار الشمي من الخلايا العصبية في الأنف إلى الدماغ يمكن أن يسمح لبعض المواد بالدخول إلى الدماغ.

في هذه الدراسة، فحص الباحثون بصيلات الشم لخمسة عشر فرداً متوفى تتراوح أعمارهم بين ثلاثة وثلاثين ومائة عام. قبل الوفاة، كان جميع الأفراد مقيمين في ساو باولو لأكثر من خمس سنوات، وخضعوا جميعاً لتشريح الجثث.

جمع الباحثون بيانات عن الأمراض الكامنة وما فعله المشاركون للعمل من أقرب أقاربهم. استبعد الباحثون الأفراد الذين خضعوا لجراحة الأعصاب. وبين المشاركين، أظهر اثنان أدلة على السكتة الدماغية الإقفارية السابقة، وكان لدى أحدهم ورم دموي بسبب تمدد الأوعية الدموية.

استخدم الباحثون عدة طرق لتجنب التلوث الخارجي للعينات بالبلاستيك الدقيق. بشكل عام، حدد الباحثون وجود البلاستيك الدقيق في 8 من الأفراد الخمسة عشر. كان النوع الأكثر شيوعاً من البوليمر الذي حددوه هو البولي بروبيلين، وكانت الجسيمات هي الشكل الأكثر شيوعاً.

وعلقت الدكتورة تريسي وودروف، أستاذة ومديرة مركز البحوث البيئية والترجمة من أجل الصحة في جامعة كاليفورنيا، سان فرنسيسكو، والتي لم تشارك في الدراسة، بأفكارها حول الدراسة لموقع «ميديكال نيوز توداي»، وقالت عن الدراسة: «لقد كانت شاملة للغاية. لم تكن كبيرة جداً... لذا فهي ليست كبيرة مثل بعض الدراسات الأخرى. إنه لأمر مقلق حقاً أننا نرى البلاستيك الدقيق يتم قياسه في أنسجة المخ، وليس كل أنسجة المخ، ولكن لا ينبغي أن نتفاجأ نظراً لأن البلاستيك الدقيق تم قياسه في جميع الأنسجة البشرية الأخرى التي تم فحصها حتى الآن». وأردفت وودروف: «البلاستيك الدقيق موجود في كل مكان وهو موجود أيضاً داخل أجسامنا».

هل يمكن أن تؤثر المواد البلاستيكية الدقيقة على صحة الدماغ؟

وأفاد الموقع الطبي بأن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم الآثار الصحية الكاملة للتعرض للمواد البلاستيكية الدقيقة وتأثيرها على الدماغ.

وعلقت الدكتورة هيذر أ. ليزلي، وهي عالمة مستقلة متخصصة في تحليل وحل مشاكل المواد البلاستيكية النانوية والميكروبلاستيكية ومقرها أمستردام، والتي لم تشارك أيضاً في الدراسة، بأن العثور على مادة بلاستيكية دقيقة واحدة أو اثنتين في أجزاء من الدماغ لا يثبت بشكل مباشر وجود آثار صحية في مجموعة سكانية معينة، ولكن هذه البيانات تثير المزيد من التساؤلات، ويتطلب قياس التأثيرات الصحية عملاً إضافياً لجمع بيانات التأثير السام التي تخبرنا بالجرعات الخطيرة وغير الخطيرة.

ومع ذلك، يمكن أن يساهم التعرض للمواد البلاستيكية الدقيقة في بعض القضايا المتعلقة بالدماغ، إذ يلاحظ مؤلفو الدراسة أن بعض المواد البلاستيكية الدقيقة مرتبطة بالجسيمات، وأن التعرض للمواد الجسيمية يمكن أن يساهم في مشاكل مثل الخرف. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي التعرض للمواد الجسيمية والبلاستيك الدقيق إلى مشاكل في نمو الدماغ.

وتضيف وودروف: «يتكون أحد مكونات تلوث الهواء بالجسيمات بالتأكيد من البلاستيك الدقيق. نحن نعلم أن التعرض لتلوث الهواء بالجسيمات مرتبط بالتأثيرات التنكسية العصبية. [هناك] دراسات مختلفة تُظهر أنه يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض التنكس العصبي مثل الزهايمر». وتابعت وودروف: «إن حقيقة أننا نجد جزيئات بلاستيكية دقيقة في الدماغ تعني أن ذلك يمكن أن يزعج وظائف المخ مما قد يزيد من خطر الإصابة بالاضطرابات العصبية التنكسية».

كما شملت الدراسة عدداً صغيراً فقط من المشاركين، وكانت الغالبية العظمى من المشاركين من الذكور، وهو ما يحد من النتائج. من المحتمل أن الظروف الصحية والحياتية الفريدة لهؤلاء الأشخاص قد أثرت على النتائج. كما قد تكون التقارير الواردة من الأقارب غير دقيقة أيضاً.

كما شملت الدراسة البالغين في فئة عمرية محددة فقط، لذا فإن إجراء بحث إضافي مع فئات عمرية أخرى قد يكون مفيداً. نظراً لأن هذه الدراسة ركزت على منطقة محددة، فقد يكون من المفيد أيضاً البحث عن البلاستيك الدقيق في مناطق أخرى من الدماغ.

وأضافت ليزلي: «أتوقع إجراء أبحاث أكثر شمولاً حول تراكم البلاستيك الدقيق في العالم الحقيقي في الدماغ في السنوات القادمة. إذا وجد أن البلاستيك الدقيق منتشر على نطاق واسع في الدماغ، فأنا متأكدة من أنه سيحفز أيضاً المزيد من الأبحاث السمية العصبية. يجب تطبيق تقنيات الكشف الأكثر حساسية ومراقبة الجودة الصارمة في المستقبل لمعرفة ما إذا كان من الممكن تكرار هذه النتائج».


مقالات ذات صلة

منظمة الصحة العالمية تعلن خلو مصر من الملاريا

صحتك أحد العاملين بالمجال الصحي يملأ محقناً بلقاح الملاريا (رويترز)

منظمة الصحة العالمية تعلن خلو مصر من الملاريا

أعلنت منظمة الصحة العالمية، الأحد، خلو مصر من مرض الملاريا، ما يمثل القضاء على مرض استوطن في البلاد منذ زمن بعيد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الفراولة غنية بالمواد الغذائية المفيدة (جامعة كاليفورنيا)

تناول الفراولة يومياً يخفض الكوليسترول

كشفت دراسة أميركية أن الفراولة ليست فقط لذيذة الطعم، ولكنها تلعب أيضاً دوراً مهماً في تعزيز صحة القلب، وتحسين مستويات الكوليسترول في الدم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك العناية بصحتك الإدراكية يجب أن تكون أمراً بديهياً (أ.ف.ب)

لصحة عقلك... 7 أشياء احرص على فعلها يومياً

كشف عدد من الخبراء لمجلة «التايم» الأميركية عن 7 أشياء يجب أن يحرص الشخص على فعلها يومياً للحفاظ على صحة عقله.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك طبيب يفحص أشعة على المخ لأحد المرضى (أرشيف - رويترز)

رصد تغيرات خلوية بأدمغة مرضى ألزهايمر قبل ظهور الأعراض

حددت دراسة جديدة التغيرات الخلوية التي تحدث في أدمغة الأشخاص المصابين بألزهايمر، وذلك في المراحل الأولى للمرض قبل ظهور الأعراض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة نشرتها شركة "لومينيت" للخوذة الجديدة

خوذة تمنع تساقط الشعر الناتج عن العلاج الكيميائي للسرطان

ابتكرت مجموعة من الباحثين خوذة قد تساعد في منع تساقط الشعر أثناء علاج السرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الأطعمة المُعالَجة ترفع مستويات السكر في الدم

الأطعمة فائقة المُعالَجة مرتبطة بزيادة مستويات السكر التراكمي في الدم (جامعة تكساس)
الأطعمة فائقة المُعالَجة مرتبطة بزيادة مستويات السكر التراكمي في الدم (جامعة تكساس)
TT

الأطعمة المُعالَجة ترفع مستويات السكر في الدم

الأطعمة فائقة المُعالَجة مرتبطة بزيادة مستويات السكر التراكمي في الدم (جامعة تكساس)
الأطعمة فائقة المُعالَجة مرتبطة بزيادة مستويات السكر التراكمي في الدم (جامعة تكساس)

توصّل باحثون في جامعة تكساس الأميركية إلى أنّ الأنظمة الغذائية الغنيّة بالأطعمة فائقة المُعالَجة مرتبطة بزيادة مستويات السكر في الدم لدى المصابين بمرض السكري من النوع الثاني.

وأوضحوا أن هذه النتائج تعزّز من فهم المخاطر المرتبطة بالنظام الغذائي، وتُساعد في تحسين استراتيجيات إدارة مرض السكري من النوع الثاني. نُشرت النتائج، الخميس، في دورية «Journal of the Academy of Nutrition and Dietetics».

وتشمل الأطعمة فائقة المُعالَجة مجموعة واسعة من المنتجات، مثل المشروبات الغازية، والوجبات الخفيفة المعلَّبة، والحبوب المُعالَجة التي تحتوي غالباً على مستويات مرتفعة من السكريات المضافة والملح والدهون غير الصحّية، بالإضافة إلى المواد الحافظة والملوّنات الاصطناعية.

ولهذه الأطعمة تأثير سلبي على الصحة، خصوصاً لدى مرضى السكري من النوع الثاني، إذ يمكنها أن تؤدّي إلى زيادة مقاومة الأنسولين وتفاقم أعراض المرض، مما يعزّز المخاطر الصحّية المرتبطة بالسكري، مثل مشكلات القلب والأوعية الدموية، وأمراض الكلى، ومضاعفات الأعصاب.

واعتمدت الدراسة على بيانات من تجربة سريرية جارية شملت 273 بالغاً مصاباً بمرض السكري من النوع الثاني، فرصد الباحثون تأثير تناول الأطعمة المُعالَجة على متوسّط مستويات الغلوكوز في الدم على مدار أشهر، وهو ما يُعرَف بتحليل السكر التراكمي «HbA1C».

وقدَّم كل مُشارك سِجلّين غذائيين لمدّة 24 ساعة، بالإضافة إلى عيّنة دم لتحليل السكر التراكمي.

وأظهرت النتائج أنّ زيادة استهلاك الأطعمة فائقة المُعالَجة مرتبطة بارتفاع مستويات السكر التراكمي في الدم لدى هؤلاء المرضى، ما قد يؤدّي إلى مضاعفات صحّية خطيرة مرتبطة بالمرض.

وأظهرت دراسات سابقة أنّ استهلاك هذه الأطعمة يزيد أيضاً معدلات الإصابة بأمراض القلب والسمنة واضطرابات النوم والقلق والاكتئاب، مما يعزّز الحاجة إلى تعديل النمط الغذائي للأفراد المصابين بالسكري.

ورغم أنّ الأطعمة فائقة المُعالَجة تحتوي عادةً على كميات عالية من السكر المضاف والصوديوم، خلص الباحثون إلى أنّ الزيادات في مستويات السكر التراكمي لا ترتبط فحسب بهذه المكوّنات، وإنما قد تلعب المكوّنات الاصطناعية مثل النكهات والألوان الاصطناعية، والمستحلبات، والمحلّيات الاصطناعية، دوراً مهماً في هذا الأمر.

ونصحوا بضرورة زيادة تناول الأطعمة الطبيعية، مثل الخضراوات والفاكهة والبقوليات، والابتعاد عن الأطعمة المُعالَجة، إذ يمكن أن يسهم هذا التوجُّه في تحسين التحكُّم بمستويات السكر في الدم وتعزيز الصحة العامة للمرضى.