هل يتمتع بعض الأطفال باستعداد وراثي لمشاكل النوم؟

الأطفال الذين لديهم استعداد وراثي للأرق يعانون من مشاكل النوم مثل صعوبة النوم أو الاستيقاظ المتكرر أثناء الليل (رويترز)
الأطفال الذين لديهم استعداد وراثي للأرق يعانون من مشاكل النوم مثل صعوبة النوم أو الاستيقاظ المتكرر أثناء الليل (رويترز)
TT

هل يتمتع بعض الأطفال باستعداد وراثي لمشاكل النوم؟

الأطفال الذين لديهم استعداد وراثي للأرق يعانون من مشاكل النوم مثل صعوبة النوم أو الاستيقاظ المتكرر أثناء الليل (رويترز)
الأطفال الذين لديهم استعداد وراثي للأرق يعانون من مشاكل النوم مثل صعوبة النوم أو الاستيقاظ المتكرر أثناء الليل (رويترز)

يعد إنشاء عادات صحية ترتبط بالنوم لطفلك في وقت مبكر أمراً حيوياً إذا كان أحد الوالدين على الأقل يعاني من صعوبات مزمنة في النوم، كما يقترح بحث جديد حول علم الوراثة واضطرابات النوم لدى الأطفال، وفقاً لشبكة «سي إن إن».

تم العثور على استعداد وراثي لمشاكل النوم مثل الأرق مراراً وتكراراً في الدراسات التي أجريت على البالغين، مما جعل العلماء يتساءلون عما إذا كانت نفس الظاهرة تحدث بين الأطفال.

هذا ما يقوله الخبراء الذين قاموا بالدراسة الأولى، ويقدمون دليلاً على أن القابلية الوراثية لكونك «قليل النوم» يمكن العثور عليها أيضاً في وقت مبكر من الحياة.

والأطفال الذين لديهم استعداد وراثي للأرق يعانون من مشاكل النوم المرتبطة بالأرق مثل صعوبة النوم أو الاستيقاظ المتكرر أثناء الليل، وفقاً للدراسة التي نشرت أمس (الأربعاء).

قال الدكتور يوس فان سومرين، رئيس قسم النوم والإدراك في المعهد الهولندي لعلم الأعصاب في أمستردام، عبر البريد الإلكتروني، إن النتائج قد تكون «مفاجأة بالنسبة لمعظم الناس».

وتابع: «نحن نميل إلى الاعتقاد بأن الأرق يتطور في وقت لاحق من الحياة، ولكن هنا نظهر بوضوح أن العلامات الأولى لخطر الأرق في مرحلة البلوغ موجودة بالفعل في مرحلة الطفولة المبكرة».

ويقول الخبراء إن الاستعداد الوراثي لمشاكل النوم ليس سوى جزء من اللغز، لذا فإن الحفاظ على جدول النوم المنتظم الخاص بطفلك يمكن أن يحدث فرقاً.

تقييم الأرق عند الأطفال

قام الباحثون بدراسة 2458 طفلاً أوروبياً، نصفهم تقريباً من الفتيات، شاركوا في دراسة الجيل R، التي شملت نساء حوامل لديهن تاريخ ولادة بين عامي 2002 و2006 حتى يمكن قياس صحة أطفالهن من الحياة الجنينية حتى مرحلة البلوغ. في دراسة الجيل R، جمع الخبراء عينات الحمض النووي من دم الحبل السري أو من الأطفال عندما كانوا في سن 6 سنوات.

عندما كان عمر الأطفال سنة ونصف و3 و6 أعوام وبين 10 و15 عاماً، شاركت أمهاتهم تفاصيل حول صحة نومهم، مثل ما إذا كانوا يعانون من صعوبة في النوم، أو كانوا ينامون أقل من معظم الأطفال، أو غالباً ما يستيقظون طوال الليل. كما ارتدى بعض المشاركين - 975 منهم - ساعات لتتبع النوم لمدة تسعة أيام مرتين بين سن 10 و15 عاماً.

وجد الباحثون أن الاستعداد الوراثي لتطور الأرق لدى الأطفال كان مرتبطاً بأعراض شبيهة بالأرق أبلغت عنها أمهاتهم، لكن هذه الأعراض لم يتم اكتشافها بواسطة آلات تتبع النوم، التي تعدُّ أكثر موضوعية.

قد يكون ذلك بسبب أن بعض الأشخاص - في هذه الحالة الأمهات اللاتي يتتبعن نوم أطفالهن - لديهم تصور للأرق حتى عندما لا يفتقرون فعلياً إلى النوم من حيث الكمية، كما تقول الدكتورة أميتا سيغال، مديرة علم الأحياء الزمني وأبحاث النوم في معهد النوم التابع لكلية الطب بجامعة بنسلفانيا. وقد لا تكون نوعية النوم مريحة بما فيه الكفاية.

ومع ذلك، فإن الاستعداد الوراثي للنوم لفترة أطول كان مرتبطاً بالنوم لمدة ثلاث دقائق أكثر في المتوسط من خلال القياس الموضوعي للمتعقب، ولكن ثلاث دقائق إضافية من الراحة للمشاركين في الدراسة ترافقت أيضاً مع الاستيقاظ لمدة أقل من دقيقة واحدة إجمالاً أثناء الليل.

وقالت سيغال، وهي أيضاً أستاذة في علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة بنسلفانيا: «لم يكن مفاجئاً بالنسبة لي أن يكون هناك تحديد وراثي للنوم عند الأطفال كما هو الحال عند البالغين... قد تعتقد أنه، بالتأكيد، إذا كان محدداً وراثياً، فلماذا لا يظهر في وقت مبكر من الحياة؟».

النوم الصحي للأطفال

لا يزال هناك أمل في صحة نوم طفلك. وقالت المؤلفة الأولى للدراسة الدكتورة ديسانا كوسيفسكا، عالمة النوم في قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين في مركز إيراسموس الطبي في روتردام بهولندا، إن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لتحديد العمليات الكامنة وراء هذه النتائج، «إلى جانب الاستعداد الوراثي للسمات السلوكية والنفسية الأخرى».

ولكن بما أن «نتائج دراستنا قد تشير إلى أن أطفال الآباء الذين ينامون بشكل سيئ قد يكونون معرضين بشكل خاص لمشاكل النوم»، كما تقول كوسيفسكا، فإن «ممارسات النوم الصحي والمنظم منذ سن مبكرة قد تكون ذات أهمية خاصة لهذه المجموعة».

من جهتها، قالت سيغال، إنه يجب المحاولة قدر الإمكان التأكد من انتهائهم من تناول الطعام قبل ساعات قليلة من موعد النوم وإطفاء الأنوار في غرفة نومهم بحيث يشعرون بالارتياح.


مقالات ذات صلة

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

العالم إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مُقترَحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم

لا يعاني الأطفال الذين يعيشون في بلدان مزقتها الحرب من نتائج صحية نفسية سيئة فحسب، بل قد تتسبب الحرب في حدوث تغييرات بيولوجية ضارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي أرشيفية لجندي إسرائيلي يتخذ من طفل فلسطيني درعا بشرية في غزة

نحو 700 طفل فلسطيني يحاكَمون في محاكم عسكرية إسرائيلية

قالت هيئات فلسطينية، اليوم (الأربعاء)، إن نحو 700 طفل فلسطيني يحاكمون في محاكم عسكرية إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
آسيا نيلا إبراهيمي ناشطة في مجال حقوق الفتيات الأفغانيات تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال (أ.ف.ب)

فرت وعائلتها هرباً من «طالبان»... أفغانية تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال

فازت فتاة مراهقة فرت مع عائلتها من أفغانستان بعد عودة «طالبان» إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، بجائزة «كيدز رايتس» المرموقة لنضالها من أجل حقوق المرأة.

«الشرق الأوسط» (كابل - أمستردام)

دراسة: الحروب تلحق أضراراً بالحمض النووي للأطفال

أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
TT

دراسة: الحروب تلحق أضراراً بالحمض النووي للأطفال

أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

خلصت دراسة جديدة إلى أن الأطفال الذين يعيشون في بلدان تمزقها الحروب لا يعانون فقط من مشكلات في الصحة النفسية بل من المحتمل أيضاً أن يتعرضوا لتغيرات بيولوجية في الحمض النووي (دي إن إيه) يمكن أن تستمر آثارها الصحية مدى الحياة.

وأجرى الباحثون تحليلاً للحمض النووي لعينات لعاب تم جمعها من 1507 لاجئين سوريين تتراوح أعمارهم بين 6 أعوام و19 عاماً يعيشون في تجمعات سكنية عشوائية في لبنان، وراجعوا أيضاً استبيانات أُجريت للأطفال والقائمين على رعايتهم شملت أسئلة عن تعرض الطفل لأحداث مرتبطة بالحرب.

وظهرت في عينات الأطفال الذين تعرضوا لأحداث الحرب تغيرات متعددة في مثيلة الحمض النووي، وهي عملية تفاعل كيميائي تؤدي إلى تشغيل جينات أو تعطيلها.

وقال الباحثون إن بعض هذه التغيرات ارتبطت بالجينات المشاركة في وظائف حيوية مثل التواصل بين الخلايا العصبية ونقل المواد داخل الخلايا.

وقال الباحثون إن هذه التغيرات لم تُرصد لدى مَن تعرضوا لصدمات أخرى، مثل الفقر أو التنمر، ما يشير إلى أن الحرب قد تؤدي إلى رد فعل بيولوجي فريد من نوعه.

وعلى الرغم من تأثر الأطفال من الذكور والإناث على حد سواء، ظهرت في عينات الإناث تأثيرات بيولوجية أكبر، ما يشير إلى أنهن قد يكن أكثر عرضة لخطر التأثيرات طويلة الأمد للصدمة على مستوى الجزيئات.

وقال مايكل بلوس، رئيس الفريق الذي أعد الدراسة في جامعة سري في المملكة المتحدة، في بيان: «من المعروف أن للحرب تأثيراً سلبياً على الصحة النفسية للأطفال، إلا أن دراستنا خلصت إلى أدلة على الآليات البيولوجية الكامنة وراء هذا التأثير».

وأشار بلوس أيضاً إلى أن التعبير الجيني، وهو عملية منظمة تسمح للخلية بالاستجابة لبيئتها المتغيرة، لدى الأطفال الذين تعرضوا للحرب لا يتماشى مع ما هو متوقع لفئاتهم العمرية، وقال: «قد يعني هذا أن الحرب قد تؤثر على نموهم».

وعلى الرغم من محاولات الباحثين لرصد تأثيرات مدى شدة التعرض للحرب، خلصوا في تقرير نُشر يوم الأربعاء في مجلة جاما للطب النفسي إلى أن «من المرجح أن هذا النهج لا يقدر تماماً تعقيدات الحرب» أو تأثير أحداث الحرب المتكررة على الأطفال.

وتشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إلى أن نحو 400 مليون طفل على مستوى العالم يعيشون في مناطق صراع أو فروا منها.