> «عندما تصبح الأسطورة حقيقة، اطبع الأسطورة»، تردُ هذه العبارة في فيلم جون فورد «الرجل الذي قتل ليبرتي فالانس» عام 1962.
> للعبارة معنيان: الأول هو أنّ الأسطورة هي أكثر متعة وترفيهاً وإثارة، بينما الحقيقة مملّة وقد تكون مؤذية. المعنى الثاني هو أنْ لا أحد يريد الحقيقة لأنها قد تكون مؤلمة. يفضّل عليها الكذبة.
> هذا المبدأ له وجوه أخرى. مثلاً اصنع فيلماً جاداً يطرح قضية أساسية، تجد أنّ عدد مشاهديه في الصالات (إذا عرف طريقه إليها)، لن يتجاوز ربع مشاهدي أفلام المتعة والترفيه السخيفة والرديئة المعروضة بتواصل في تلك الصالات.
> وجه آخر يتلقّفه الناقد السينمائي لهذه الأفلام: عدد كبير من مهرجانات السينما العالمية يفضّل استقبال الصحافيين على استقبال النقّاد. الصحافي لن يُقيّم الأفلام، بل سيكتب عن الاحتفالات والحفلات، ولن يكترث للحقيقة بالضرورة.
> مثل ذلك بالنسبة إلى اختيار أعضاء لجان التحكيم: كل المهن متوفرة في اللجان عدا مهنة النقد. لا علم لي بالسبب، لكنه إهمال واضح لرهط كبير من نقاد العالم الذين يمارسون مهنة لا يتلقّون في مقابلها كلمة شكر. مهنة تريد الحقيقة وتقدر على توفيرها، إذا ما كان الناقد جديراً بحَمْل هذا الوصف.
> ثم الطامة الكبرى تأتي من قراء الإنترنت. أمس، شكا لي زميل إيطالي أنه إذ عليه أن يذكُر قناعته بالنسبة إلى الفيلم الذي يكتب عنه، بات من المعتاد أن يجد مَن لا يريد نقاشه، بل يعمد فوراً إلى فرض رأيه. قال: «أشكّ أنه شاهد الفيلم الذي كتبتُ عنه. إنه فقط يريد أن يعارض».
> الحال هكذا، بات من الصعب أكثر من أي وقت مضى تداوُل الحقيقة، خصوصاً أنّ مواقع التواصل تطبع منها عشرات النسخ، وكل واحدة منها تدّعي أنها الحقيقة بينما قد لا تكون سوى رأي أو ظلّ لها.